الأربعاء، 10 أغسطس 2011

المغرب / لماذا تلغيم الحياة السياسية؟



kolonagaza7

التجديد

شيئا فشيئا أخذت معالم النظام الانتخابي الجديد تتضح وتكشف عن تدافع ديموقراطي شهده المغرب قبل المراجعة الدستورية وما يزال مستمرا، وذلك في أفق عقد أول دورة استثنائية للبرلمان في عهد الدستور الجديد تضطلع بحسم حزمة القوانين الأولى اللازمة لتنزيله وذلك في مناخ سياسي مشحون بشكل تصاعدي بفعل مفارقة عميقة وحادة تخترقه، وتنتج ألغاما خطرة على مستقبل الإصلاح.مع قانون الأحزاب برزت أولى معارك التأويل الديموقراطي وخاصة ما يهم تأكيد الاختصاص الحصري للقضاء في كل ما يهم إبطال تأسيس أو حل الأحزاب، وهو الأمر الذي تراجعت وزارة الداخلية عنه في النسخة الثانية من المشروع، ثم برزت معركة الوقوف في وجه التسرع في إجراء الانتخابات وما قد ينجم عنها من طبخ تحضيرات لاديموقراطية تطعن في نزاهة هذه الانتخابات وتضرب شفافيتها، وحصل التراجع عن ذلك بعد القبول بمناقشة موضوع لوائح الناخبين، والذي كان أحد حيثيات رفض التسرع بتنظيم الانتخابات قبل افتتاح دورة أكتوبر من الولاية التشريعية القادمة. وهي كلها تطورات تكشف عن زخم التدافع السياسي الحزبي القائم حول الاستحقاقات الانتخابية، وكذا عن التحديات القائمة وخاصة ما يهم عددا من الملفات العالقة كاعتماد معيار صريح وواضح في التقطيع الانتخابي يقوم على المحدد الديموغرافي كمحدد وحيد، أو موضوع التسجيل التلقائي لحاملي البطاقة الوطنية في لوائح الناخبين وذلك بعد ربح معركة اعتبار البطاقة الوطنية مرجع فريد في التسجيل وبالتالي مراجعة وضعية ما لا يقل عن 2 في المائة من المسجلين بالدفتر العائلي، ثم موضوع اللائحة الوطنية ومعها آلية المشاركة الانتخابية ترشيحا وتصويتا للمغاربة المقيمين في الخارج.إلا أن المفارقة العميقة تكمن بين التفاعل الإيجابي رغم محدوديته للدولة مع ملفات الإصلاح الانتخابي من جهة وفي الجهة المقابلة توالي المشوشات الحادة إن على المستوى الحقوقي أو السياسي أو الحزبي التي تسير في الاتجاه المضاد، وتوشك أن تفقد ما يتحقق في مجال الإعداد للانتخابات بل وتتحول هذه المشوشات إلى ألغام وضربات جسيمة لمجموع مسار الإصلاح السياسي الديموقراطي، بحيث لا نصبح معها أمام معضلة التأويل الديموقراطي فقط بل وضمان احترام ما هو صريح في النص الدستوري الجديد.تتعدد هذه المشوشات، وآخرها المعطيات الصادمة عن أوضاع معتقلي ملفات السلفية الجهادية والتي تقتضي فتح تحقيق نزيه وشامل وتفرض على المجلس الوطني لحقوق الإنسان استعمال ما يتيحه له الظهير المنظم من صلاحيات للتدخل والتحقيق وليس البقاء في وضعية التفرج، وفي الوقت نفسه ما نلحظه من عودة تدريجية للتوتر بين الصحافة والدولة في ظرفية لا تحتمل مثل هذه التوترات والتضييقات الجديدة على الإعلام، والأكثر من ذلك أن ملف تغيير الولاة والعمال ممن ثبت تورطهم في العمل لمصلحة تيار سياسي حزبي معين وسقوطهم في الفساد الانتخابي ليصبح بمثابة مقدس جديد، ثم ما بدأ يظهر من عودة تدريجية لمشروع الحزب السلطوي رغم كونه شكل أحد أسباب إرباك المسار السياسي للمغرب، فضلا عما نشهده من معارك استهداف بعض الفاعلين في المحيط الملكي ممن اشتغلوا في مرحلة المراجعة الدستورية.كل ما سبق معطيات عن صعوبات وتحديات ينبغي تجاوزها لصيانة مسار تحول ديموقراطي معقد وبطيء ومحفوف بمخاطر الإجهاض والإرباك، مما يفرض التساؤل عن الحيثيات الكامنة وراء هذا التلغيم الذي سيكون الخاسر منه هو المغرب. مصطفى الخلفي

مشاركة مميزة