الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

أبو مازن بين أيلول والمعارك الصغيرة

kolonagaza7

بقلم: محمد أبو مهادي
دائما اقول لكل الاصدقاء بأن اليوم الذي سيخجل فيه أي فلسطيني من قادته قد اقترب، وان كنت اتمنى ان لا يحدث ذلك فليس من السهل بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية أن تصبح هذه القيادة هزيلة وعاجزة وتدير معارك صغيرة وشخصية على حساب قضايا كبرى، وليس من السهل أن يصدم الشعب الفلسطيني والشعوب الصديقة بقزمية هذه القيادة أمام مشروع وطني كبير يفترض ان تمثله قيادة حكيمة ترتقي الى مستوي التحديات الكبيرة والكثيرة امام مشروع احتلالي استيطاني اسرائيلي لن يدخر جهدا في الاستفادة من حالة الانقسام والشرذمة والارتباك في الواقع السياسي الفلسطيني.
بكل تأكيد ليس الشعب هو المسؤول عن هذه الحالة فقد قدم الشعب أفضل ما لديه من ابداعات كفاحية على مدار تاريخه، وكان اسبق من ممثليه في صنع الاحداث الثورية لتلتحق به "القيادة" وتمتطى موجات المد الثوري وتحافظ على اسباب وجودها كقيادة تمثل الشعب.
المراقب للاعلام يشعر بحجم الازمة والارتباك الذي تعيشه مؤسسة الرئاسة برئيسها أبو مازن كانعكاس لازمة داخل الاطار القيادي الاول لحركة فتح بنفس الرئيس، وفي منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية ومجلسيها المركزي والوطني، ازمة خطيرة قد تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني كما عصفت بنظم سياسية قريبة ومشابهة بعد زوال عصمة اي نظام عربي من ربيع قادم وان تبدلت الفصول.
أبو مازن خاض تجربة اوسلوا ومفاوضات التسوية مع اسرائيل وفشل بامتياز امام سياسات اسرائيلية لا تعطي فرصة للسلام تترافق مع اداء فلسطيني رسمي تفاوضي اساء ادارة هذه المفاوضات لدرجة اضرت كثيرا بمستوى هذه المفاوضات وتفاصيلها وصفقاتها التي بدأت اقتصادية في باريس وانتهت أمنية بوثيقة جورج تينت لتحمل السلطة ما لاتحتمل في قضايا امنية اصغرها كانت سيارة عمير بيرس التي اعيدت لصاحبها كاحد انجازات اجهزة الامن الفلسطينية وأكبرها دفعت بعض الوكالات الاعلامية للحديث عنها كمشهد درامي مذهل تدور تفاصيله مع كشك حراسة تابع للسيد محمد دحلان في الوقت الذي كان فيه الفلسطينيين يذبحوا على ايدي القوات الاسرائيلية داخل مخيم قلنديا في اول ايام شهر رمضان !!!
فشل في المفاوضات ان لم يكن فشل لمشروع تفاوضي برمته، وفشل في ادارة شؤون الناس وتوفير الحد الادني لمقومات صمودهم واخضاعهم لمعادلة الابتزاز المالي وهي معادلة خطيرة اذا ما استمرت، وفشل في توفير بيئة اجتماعية فلسطينية تسودها قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة وسيادة القانون والحريات العامة والخاصة والمحاسبة على اسس صحيحة وليست عبر الشائعات التي تطلق في وسائل الاعلام بما تثمله من اساءة لكل الفلسطينيين وتساهم في تكوين رأي عام عالمي حول فساد القيادة السياسية الفلسطينية وبالتالي فهي قيادة غير مؤهلة لان تتحدث باسم الشعب الفلسطيني وينبغي ان لا تحكم هذا الشعب وان تقوم بعمليات اصلاح مالي واداري وقضائي شاملة حتى تكون مؤهلة للقيادة، وللفلسطينيين تجربة مريرة قد تتكرر تشبه تلك التجربة التي تلت تقرير "ميشيل روكار" واغرقت الشعب الفلسطيني بقيادته في عمليات الاصلاح المالي والاداري وصولا الي انتخابات بلدية وتشريعية كانت نتائجه في صالح الاسلام السياسي.
ما شاهدناه جميعا على وسائل اعلام فلسطينية وغير فلسطينية منذ ايام كانت ذروة الاسفاف والتضليل المنظم الذي مارسه مكتب الرئيس أبو مازن بحق شركاء معه في مشروعه السياسي، وهي مقدمات واتهامات مضرة جدا بسمعة الفلسطينيين ولرموز وقادة سياسيين كانوا من اركان ابو مازن الى ان انتقدوه وحاولوا مساءلته وترشيد اداءه على اعتبار انه غير معصوم من الخطأ وتشمله ايضا دائرة المحاسبة كما تشمل اي فلسطيني اخر، ليحولها الرئيس الى معركة شخصية بامتياز يستخدم فيها كل ما في جعبته من اضاليل وصلت الى اعفاء الاحتلال الاسرائيلي من مسؤولياته في حصار واغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، لينقل الى العالم الذي يريد منه الاعتراف بدولته بان الفلسطينيين هم قتلة قادتهم!!!
هذا سلوك غريب ومرتبك ومضر لقائد بمستوى الرئيس عباس الذي تفرض عليه الضرورات ان يكون اكثر حكمة وذكاء في ادارة الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وحزبها الحاكم، ضرورات تقتضي توحيد الشعب الفلسطيني امام تحدي ايلول لنيل الاعتراف بعضوية فلسطين في الامم المتحدة، وتوحيد حركته الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات الفلسطيني واعادة اللحمة الي جناحي الوطن وتنفيذ اتفاق المصالحة على علاته، ومعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بدل استغلال الفلسطينيين في قوت يومهم ورواتبهم وغيرها من تفاصيل كثيرة يطول سردها ولكنها مؤلمة الى حد كبير ومخجل اقل ما يقال عنه بأنه سلوك شاذ لا يجب ان يصدر من رئيس ويجب ان يتوقف قبل فوات الاوان .
mahadyma@hotmail.com

مشاركة مميزة