الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

الـمحــاكـمـة النقد .. والنقد الذاتي

kolonagaza7


بقلم : طارق عبده




قد لا يختلف اثنان على غايات الثورة. ولكنهما يختلفان، ويختلف كثير غيرهم ، في الإجابة على السؤال : كيف تتحقق تلك الغايات ؟ وهذه هي " الثغرة القاتلة " التي قد تفتك بآمال وأحلام الناس. وتبقيها شعاراً مطلقاً من كلمات متراصة تتعثر عندها خطوات من يريدون أن يحققوه في الواقع لأنهم لا يتفقون على " كيف " يتحقق. وهي ثغرة على المستويين الفكري والممارسة كليهما. وهنا لا نركن فقط إلى إصدار وثيقة (تحت / فوق) دستورية فليست العبرة بما يوضع من مواثيق، ولكن العبرة بما يصادق، أو يصيب تلك الأفكار في التطبيق. وتصبح كافة الحقوق والحريات متوقفة في النهاية على كيفية ممارستها وعلى عطائها العيني.. وعندها قد يكلفنا الاختيار" ثورة" جديدة بكل معاني الثورة وأبعادها ..
****
أضف إلى ذلك أعباء متعددة عاقت ثورة 25 يناير. منها ما هو اجتماعي مثل التخلف العلمي والديموقراطي الكامن في الشعب نفسه نتيجة سنوات القهر الطويلة. ومنها ما هو تاريخي مثل قيام الثورة بدون تنظيم شعبي نتيجة لطبيعة النظام الذي كان سائداً قبل الثورة. ومنها ما فرض على الثورة مثل محاولات التآمر عليها. ناهيك عن النخب الحاضرة المشغولة بالجدل والحوار حول أمور تعكس اهتماماتهم الشخصية وفشلها في القيام بمسئولياتها كما ينبغي ، بل القفز والتسلق في بعض الأحيان.
****
إذا كانت محاكمة (مبارك) تسجل ملمحاً تاريخياً فى التاريخ المعاصر، ولكنها حتماً غير منوطة وحدها بصنع المستقبل وهو الأهم ، وعلى الثوار مهمة بالغة فى تحديد اولوياتهم ومعاركهم الرئيسية: وغير مسموح فيه بتشتتهم أو انحراف مسارهم:
· تحديد مواقف الثورة المبدئية، وثوابتها الوطنية في ظل كرامة حرة وسيادة غير منقوصة؟.
· فض النزاع غير الموضوعي بين الهوية والدين ، العروبة والإسلام كمحدد موضوعي لأركان نهضة الأمة.
· الموقف تجاه السياسات الأمريكية التي لا تتوانى لحظة في إرساء قواعد مشروعها، والإنفاق ببذخ لتدعيم هيمنتها، ودعم العدو الصهيوني.
· الموقف من شرعية المحتل الصهيوني؟. والمنطلقات الموضوعية لإدارة الصراع العربي – الصهيوني؟.
· بناء منظومة أمن قومي خارج سياق خيار السلام الاستراتيجي ومظلة الحليف الاستراتيجي؟.
· رؤية إستراتيجية لهدم مخططات التفتيت التي تحاصرنا في السودان الآن، وغداً ليبيا والعراق ولبنان، وقريباً النوبة والعريش؟.
· رؤية ومساراقتصادي واضح لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة والانحياز لهموم الفقراء؟.
· اعتماد مشروعات قومية في الغذاء والتعليم والصحة تلتف حولها الجماهير للنهوض بمصر؟.
****
إن الثورة الحقيقية ما لبثت أن بدأت . ثورة يمارسها الشعب ويحرسها الشعب. ثورة تكون فيها السلطة.. كل السلطة.. للشعب. فمهما يكن مضمون التغيير الذي نريد تحقيقه في الواقع فهو غير قابل للتحقق، ولن يتم إلا إذا- وبقدر ما - شارك الناس في طرح مشكلاتهم ومناقشتها ومحاولة معرفة حلولها الصحيحة والمساهمة في العمل اللازم لحلها. فكل إنسان في المجتمع شريك في صنع المستقبل، حيث الناس هم أداة التطور.
وويل – حينئذ – للذين يتوهمون أن الخبز يغنى عن الحرية..

مشاركة مميزة