kolonagaza7
معتز فيصل
صدر عن وزارة الداخلية السعودية بيان يمنع التظاهرات في السعودية، ويخضعها للعقوبة وللتعامل القاسي من قبل قوات الأمن، وذلك بحجة أن المظاهرات تخالف الشريعة الإسلامية (المطبقة تماماً في المملكة حتى على الحكام)، كما أن المظاهرات تؤدي اإلى الإخلال بالنظام العام والتعدي على حقوق الآخرين. البيان يؤكد ما كرره علماء السلطان منذ قرون وهو الكلام الذي لم يعد يقنع أحداً: مخالفة الشريعة والفتنة.
ونحن لن نناقش وجهة النظر هذه لأننا كتبنا عنها كثيراً كما أن فتاوى العلماء الحقيقيين الذين يقفون مع شعوب أمتهم بدل الوقوف مع الحاكم الظالم تغنينا عن إعادة وتكرار رأي الإسلام في الموضوع. هذه الآراء التي تبين لنا على الأقل أن في الشريعة الإسلامية التي يدّعون التحاكم إليها مجال يتسع للرأيين وأننا لسنا ملزمين باتباع أحدهما بل نحن مخيرون بحسب الوقائع والأحداث والوضع السياسي في البلد التي نعيش فيها. الأمر الوحيد الذي يمكن أن نشير إليه هنا أن أمر تحليل وتحريم المظاهرات ليس من أمور العقيدة (كما يحلو للبعض أن يؤصل له) وإنما هو اجتهاد فقهي يدور مع الأحكام الخمسة بحسب الحالة والوضع، وفيه مجال كبير للاختلاف وتباين الآراء.
الجميل في الموضوع أن البيان صدر الآن وكأن المظاهرات كانت مسموحة من قبل! فماذا يريد البيان أن يقول لنا والمظاهرات وكل أنواع التعبير عن الرأي المخالف ممنوعة بتاتاً في المملكة منذ عهد عبد العزيز؟ ثم إذا كانت المظاهرت ممنوعة بحجة أن هناك وسائل أخرى للتعبير، فما هي الطريقة المسموحة للتعبيرعن الرأي في السعودية؟ الإعلام بجميع أشكاله يسيطر عليه النظام الحاكم. العرائض والكلام المباشر وغير المباشر مع الحاكم منذ أكثر من ثلاثين عاماً لم تفد شيئاً ولم تغير شيئاً. رفع الصوت بالمطالب يقابل بوعود كاذبة لم يتحقق منها شيء.
هناك خطوط حمراء في كل ما يمس الأسرة الحاكمة والفساد الحقيقي والمال العام والسياسة الخارجية والارتماء في أحضان الأمريكان فكيف بعبر الناس عن أرائهم وأفكارهم وهمومهم؟ الدكتور خالد الماجد أستاذ الفقه في كلية الشريعة جامعة الإمام، كتب مقالاً بعنوان ماذا لو قال السعوديون الشعب يريد تغيير النظام؟ فكانت عاقبته أنه الآن مرمي في السجن مع أنه لم يخرج في مظاهرة بل عبر عن رأيه كما يطلب منه النظام تماماً فلماذا سجن؟ أليس فقيهاً يدرس الفقه للطلاب؟ ألا يعرف الحلال والحرام وما يجوز في حق الحاكم وما لا يجوز؟ أم أنه خرج من الملة لأنه كتب مقالاً؟ معتقلوا الرأي لا يستطيع أن يكتب عنهم أحد، الظلم الاجتماعي والسياسي والطبقي في السعودية ليس له مثيل يذكر بمزارع العبيد في القرون الوسطى (لا يوجد نظام الرق المسمى بنظام الكفيل إلا في السعودية). أموال البترول التي لا تأكلها النيران لا يسمح لأحد بمعرفة مصيرها الحقيقي. الأسرة الحاكمة لا يعرف أحد ميزانيتها الحقيقية.
الفساد كشفه الله لنا في طوفانات جدة التي تكررت وستتكرر في الأعوام القادمة بمجرد هطول الأمطار، لأن المشكلة ليست في المجاري بل فيمن يحكم المجاري. شيوخ الإصلاح الذين كتبوا عريضة للملك بعد أحداث سبتمر، سجنوا ولم يخرجوا حتى تعهدوا بتغيير أساليبهم في انتقاد الدولة، وهم الآن حتماً نادمون على أنهم خرجوا من السجون لأنهم لو بقوا لاستطاعوا تحريك الرأي العام قبل عشرين سنة. حاول النظام أن يرشو الشعب بخمسة وثلاثين مليار دولار وهي أكبر رشوة في التاريخ المعروف، وهو ثمن بخس جدا لشعب كريم أصيل لا يمكن أن يشرى بالمال. فمن أين أتى المال؟ ومن أية ميزانية؟ وإذا كان هذا الفائض موجوداً فلماذا لم يوزع قبل ثورة تونس ومصر وليبيا؟ ولماذا يوزع بهذا الشكل البدائي وماذا سيفعل الذين لم يصلهم منه شيء؟ وهل كل هذه الأرقام أصلاً حقيقية؟ وكم سيصل منها فعلاً للناس؟ مئات الأسئلة التي لا جدوى أصلاً من طرحها طالما كان الأصل مفقوداً وهو الشفافية والمحاسبة حتى أعلى المستويات أي مستوى الملك والأمراء والوزاء والعائلة المالكة فمتى سيتم هذا؟ وكيف إذا كان الكلام عنه يقود إلى السجن. هذه الرشوة تدل على أن النظام مازال في القرن الواحد والعشرين يحكمنا بنظريات سياسية من أيام العهد الأموي والعباسي ومن أيام ما قبل الإسلام حتى. نظريات طبقها مؤسس المملكة عبد العزيز ويظن أحفاده أنها مازالت صالحة إلى الآن، كانت السياسة سابقاً تعتمد على الركائز الأربعة المعروفة: القوة العسكرية، المال الذي تشترى به القبائل المخالفة، الزواج والمصاهرة مع القبائل المعادية، وأخيراً الاعتماد على القوات الأجنبية.
فهل تغيرشيء في سياسة المملكة اليوم؟ الأمر الوحيد الذي لم يطبق في عصرنا هو زواج الملك عبد الله من بنات كل العوائل السعودية بحيث يصبح الشعب داخلاً في الأسرة المالكة وبذلك يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه. أما بقية البنود فتطبق بحذافيرها ولكن مع اختلاف الزمان وتغير فهوم الناس وهمومهم ووعيهم وتطلعاتهم وخاصة الشباب منهم، وهم بالمناسبة أقل الناس استفادة من المكرمات الملكية الأخيرة، وهم المرشحون لقيادة الثورة المقبلة، ولكن الحكام لا يعقلون.
النظام السعودي مصمم على الجمود وعدم التغيير، ومستعد أن يضحي بالشعب في سبيل البقاء، سياسته الخارجية خاصة فيما يتعلق بالثورات العربية الحديثة ممقتة وبائسة وسخيفة فهو النظام الوحيد الذي يستقبل المطاريد (رغم النهي الشرعي عن ذلك ولكن أين العلماء؟)، وهو النظام الوحيد الذي أيد المجرمين السارقين في تونس ومصر إلى آخر يوم حتى إنه النظام الوحيد الذي مازال يؤمن باحتمال عودتهم ويساعدهم على ذلك. أما موقفه من المجرم الليبي، رغم العداوة الشخصية بين الملك عبد الله والقذافي، فهو موقف أقل ما يقال عنه إنه دنيء بالنسبة للشعب الليبي العربي المسلم، فهو مازال يريد أن يصالح الشعب مع المجرم بعد كل ما سفك من دماء وكل ما حصل من مآسٍ. يرفض هذا النظام أخذ العبرة من البحرين ومن عمان ومن اليمن ومن التاريخ كله، لذلك لا مناصة من انهياره ولا مفر من سقوطه، حتى لو ظن الكثيرون أن هذا اليوم بعيد، ولكنه أقرب مما يظن الجميع، والوضع هناك كبقية الدول العربية ينتظر شرارة، يراهن الحكام على إمكانية كتمها ووأدها قبل أن تنطلق، وهم واهمون، فمن يستطيع أن يراقب كل عربات الخضار في دولته؟ ومن يستطيع أن يراقب كل صفحات الإنترنيت؟ ومن يستطيع أن يدخل عقول كل شباب الأمة؟ ومن يستطيع أن يحبس الهواء الذي يحمل الأخبار من كل العالم؟ ومن يستطيع قبل كل هذا أن يحول بين الله سبحانه وتعالى وبين دعوة مظلوم؟
ونحن لن نناقش وجهة النظر هذه لأننا كتبنا عنها كثيراً كما أن فتاوى العلماء الحقيقيين الذين يقفون مع شعوب أمتهم بدل الوقوف مع الحاكم الظالم تغنينا عن إعادة وتكرار رأي الإسلام في الموضوع. هذه الآراء التي تبين لنا على الأقل أن في الشريعة الإسلامية التي يدّعون التحاكم إليها مجال يتسع للرأيين وأننا لسنا ملزمين باتباع أحدهما بل نحن مخيرون بحسب الوقائع والأحداث والوضع السياسي في البلد التي نعيش فيها. الأمر الوحيد الذي يمكن أن نشير إليه هنا أن أمر تحليل وتحريم المظاهرات ليس من أمور العقيدة (كما يحلو للبعض أن يؤصل له) وإنما هو اجتهاد فقهي يدور مع الأحكام الخمسة بحسب الحالة والوضع، وفيه مجال كبير للاختلاف وتباين الآراء.
الجميل في الموضوع أن البيان صدر الآن وكأن المظاهرات كانت مسموحة من قبل! فماذا يريد البيان أن يقول لنا والمظاهرات وكل أنواع التعبير عن الرأي المخالف ممنوعة بتاتاً في المملكة منذ عهد عبد العزيز؟ ثم إذا كانت المظاهرت ممنوعة بحجة أن هناك وسائل أخرى للتعبير، فما هي الطريقة المسموحة للتعبيرعن الرأي في السعودية؟ الإعلام بجميع أشكاله يسيطر عليه النظام الحاكم. العرائض والكلام المباشر وغير المباشر مع الحاكم منذ أكثر من ثلاثين عاماً لم تفد شيئاً ولم تغير شيئاً. رفع الصوت بالمطالب يقابل بوعود كاذبة لم يتحقق منها شيء.
هناك خطوط حمراء في كل ما يمس الأسرة الحاكمة والفساد الحقيقي والمال العام والسياسة الخارجية والارتماء في أحضان الأمريكان فكيف بعبر الناس عن أرائهم وأفكارهم وهمومهم؟ الدكتور خالد الماجد أستاذ الفقه في كلية الشريعة جامعة الإمام، كتب مقالاً بعنوان ماذا لو قال السعوديون الشعب يريد تغيير النظام؟ فكانت عاقبته أنه الآن مرمي في السجن مع أنه لم يخرج في مظاهرة بل عبر عن رأيه كما يطلب منه النظام تماماً فلماذا سجن؟ أليس فقيهاً يدرس الفقه للطلاب؟ ألا يعرف الحلال والحرام وما يجوز في حق الحاكم وما لا يجوز؟ أم أنه خرج من الملة لأنه كتب مقالاً؟ معتقلوا الرأي لا يستطيع أن يكتب عنهم أحد، الظلم الاجتماعي والسياسي والطبقي في السعودية ليس له مثيل يذكر بمزارع العبيد في القرون الوسطى (لا يوجد نظام الرق المسمى بنظام الكفيل إلا في السعودية). أموال البترول التي لا تأكلها النيران لا يسمح لأحد بمعرفة مصيرها الحقيقي. الأسرة الحاكمة لا يعرف أحد ميزانيتها الحقيقية.
الفساد كشفه الله لنا في طوفانات جدة التي تكررت وستتكرر في الأعوام القادمة بمجرد هطول الأمطار، لأن المشكلة ليست في المجاري بل فيمن يحكم المجاري. شيوخ الإصلاح الذين كتبوا عريضة للملك بعد أحداث سبتمر، سجنوا ولم يخرجوا حتى تعهدوا بتغيير أساليبهم في انتقاد الدولة، وهم الآن حتماً نادمون على أنهم خرجوا من السجون لأنهم لو بقوا لاستطاعوا تحريك الرأي العام قبل عشرين سنة. حاول النظام أن يرشو الشعب بخمسة وثلاثين مليار دولار وهي أكبر رشوة في التاريخ المعروف، وهو ثمن بخس جدا لشعب كريم أصيل لا يمكن أن يشرى بالمال. فمن أين أتى المال؟ ومن أية ميزانية؟ وإذا كان هذا الفائض موجوداً فلماذا لم يوزع قبل ثورة تونس ومصر وليبيا؟ ولماذا يوزع بهذا الشكل البدائي وماذا سيفعل الذين لم يصلهم منه شيء؟ وهل كل هذه الأرقام أصلاً حقيقية؟ وكم سيصل منها فعلاً للناس؟ مئات الأسئلة التي لا جدوى أصلاً من طرحها طالما كان الأصل مفقوداً وهو الشفافية والمحاسبة حتى أعلى المستويات أي مستوى الملك والأمراء والوزاء والعائلة المالكة فمتى سيتم هذا؟ وكيف إذا كان الكلام عنه يقود إلى السجن. هذه الرشوة تدل على أن النظام مازال في القرن الواحد والعشرين يحكمنا بنظريات سياسية من أيام العهد الأموي والعباسي ومن أيام ما قبل الإسلام حتى. نظريات طبقها مؤسس المملكة عبد العزيز ويظن أحفاده أنها مازالت صالحة إلى الآن، كانت السياسة سابقاً تعتمد على الركائز الأربعة المعروفة: القوة العسكرية، المال الذي تشترى به القبائل المخالفة، الزواج والمصاهرة مع القبائل المعادية، وأخيراً الاعتماد على القوات الأجنبية.
فهل تغيرشيء في سياسة المملكة اليوم؟ الأمر الوحيد الذي لم يطبق في عصرنا هو زواج الملك عبد الله من بنات كل العوائل السعودية بحيث يصبح الشعب داخلاً في الأسرة المالكة وبذلك يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه. أما بقية البنود فتطبق بحذافيرها ولكن مع اختلاف الزمان وتغير فهوم الناس وهمومهم ووعيهم وتطلعاتهم وخاصة الشباب منهم، وهم بالمناسبة أقل الناس استفادة من المكرمات الملكية الأخيرة، وهم المرشحون لقيادة الثورة المقبلة، ولكن الحكام لا يعقلون.
النظام السعودي مصمم على الجمود وعدم التغيير، ومستعد أن يضحي بالشعب في سبيل البقاء، سياسته الخارجية خاصة فيما يتعلق بالثورات العربية الحديثة ممقتة وبائسة وسخيفة فهو النظام الوحيد الذي يستقبل المطاريد (رغم النهي الشرعي عن ذلك ولكن أين العلماء؟)، وهو النظام الوحيد الذي أيد المجرمين السارقين في تونس ومصر إلى آخر يوم حتى إنه النظام الوحيد الذي مازال يؤمن باحتمال عودتهم ويساعدهم على ذلك. أما موقفه من المجرم الليبي، رغم العداوة الشخصية بين الملك عبد الله والقذافي، فهو موقف أقل ما يقال عنه إنه دنيء بالنسبة للشعب الليبي العربي المسلم، فهو مازال يريد أن يصالح الشعب مع المجرم بعد كل ما سفك من دماء وكل ما حصل من مآسٍ. يرفض هذا النظام أخذ العبرة من البحرين ومن عمان ومن اليمن ومن التاريخ كله، لذلك لا مناصة من انهياره ولا مفر من سقوطه، حتى لو ظن الكثيرون أن هذا اليوم بعيد، ولكنه أقرب مما يظن الجميع، والوضع هناك كبقية الدول العربية ينتظر شرارة، يراهن الحكام على إمكانية كتمها ووأدها قبل أن تنطلق، وهم واهمون، فمن يستطيع أن يراقب كل عربات الخضار في دولته؟ ومن يستطيع أن يراقب كل صفحات الإنترنيت؟ ومن يستطيع أن يدخل عقول كل شباب الأمة؟ ومن يستطيع أن يحبس الهواء الذي يحمل الأخبار من كل العالم؟ ومن يستطيع قبل كل هذا أن يحول بين الله سبحانه وتعالى وبين دعوة مظلوم؟