الناصر خشيني
لا يمكن للمتابع العادي عندما يلاحظ خريطة الوطن العربي الا ويكتشف أنه قد اقتطعت منها أجزاء لفائدة دول الجوار العربي مغربا ومشرقا سواء بافريقيا أو بآسيا علما أن الكيان الصهيوني ليس بعيدا عن كل هذا تآمرا و تحريضا ومساعدة لدول الجوار حتى تحتفظ بما استولت عليه من الوطن العربي حتى يشغل الأمة العربية عن احتلال فلسطين و يشتت جهودها في التحرر و الوحدة .ففي المغرب العربي لا تزال اسبانيا تحتل مدينتي سبتة و مليلة المغربيتين المطلتين على مضيق جبل طارق الاستراتيجي والغريب في الأمر أن النظام المغربي لا يركز على هذه القضية بقدر تركيزه على قضية الصحراء الغربية فهل نقبل بضياع الأندلس عن الخارطة العربية منذ خمسة قرون ثم نسكت عن ضياع مدينتين عربيتين تحت الهيمنة الأجنبية .كما أن كلا من موريتانيا و ليبيا و الجزائر تعاني من دول الجوار على الحدود سواء بتسرب الجماعات المسلحة وقيامها بتهديد الأمن في هذه الدول اضافة الى عمليات التهريب سواء للسلاح أو السلع أو المخدرات وما يشكل مثل هذه الأمور من تهديد جدي لأمن هذه البلدان .واذا انتقلنا الى دول المشرق العربي وانطلاقا من مصر التي تفتقد السيادة على سيناء بحكم اتفاقية كامب داود الموقعة مع العدو الصهيوني كما أن مصر النظام تساهم في حصار قطاع غزة و تدفع من استقلالها الكثير لقاء المعونات الأمريكية الى الحد الذي تسكت فيه عن اجتياح لبنان عام 1982 وطرد المقاومة من هناك عام 1983 و السماح للأساطيل و الجيوش المتوجهة للعراق لاحتلاله المرور من قناة السويس بل و المشاركة بقوات مقاتلة ضده في الحرب الأمريكية عليه وقتها وتكرر نفس السيناريو عام 2003 دون مشاركة مباشرة في الغزو كما أن مصر في حالة تطبيع مع الكيان الصهيوني سياسيا و اقتصاديا بعكس الارادة الشعبية الرافضة لمثل هذا الخنوع الى حد بيع الغاز المصري لقتلة الفلسطينيين بأسعار دون الأسعار العالمية حيث تستعمل معظمها للأغراض العسكرية كما يصل النظام الى حد السكوت عن عدوان الكيان الصهيوني على لبنان 2006 وعلى غزة 2009 وكأن الأمر لا يعني مصر العربية وحتى بعد الثورة لاتزال العلاقات الديبلوماسية قائمة مع العدو الصهيوني وامداد الغاز مستمر وحصار غزة لم يتم فكه بعد .وأما السودان فأوضاعها الأمنية غير مستقرة منذ أكثر من عقدين من الزمن حيث التدخلات الأجنبية سواء من الدول الكبرى في العالم أو من دول الجوار حيث تؤجج الصراع بين الفرقاء في السودان حيث تجد بعض الأطراف الملاذ الآمن في دول الجوار و لا يزال الجرح السوداني ينزف سواء في دارفور شمالا أو في الجنوب حيث حصل الانفصال بما يجعل الجنوب بؤرة معادية لامتها العربية وصديقة للصهيونية والاستعمار و يظل المواطن السوداني الذي يخترق أرضه نهر النيل ومع ذلك يعاني من الجوع والفقر و المرض و الجهل و يظل حبيس سياسات و أطماع خارجية دولية أو من المحيط الذي يحيط بحدود أرضه وفي الصومال حيث لا تزال أثيوبيا تحتفظ باحتلالها لمنطقة الأوغادن الصومالية منذ أكثر مكن ثلاثة عقود كما اجتاحت الصومال في السنوات الأخيرة و احتلتها بضوء أخضر من القوى الغربية الكبرى ولكنها انسحبت منها بفعل المقاومة الصومالية الباسلة ولكن التدخل الأجنبي في شؤون الصومال لا يزال يوقد نار الحرب بين أهلها الى الآن .وأما فلسطين و الجولان وأجزاء من لبنان فلا تزال محتلة من قبل الكيان الصهيوني المدعوم من الغرب ولن تعرف منطقة "الشرق الأوسط" الأمن و الاستقرار الا بزوال الاحتلال الصهيوني وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي أجبروا على مغادرتها بالقوة الاجرامية الغاشمة ولا بد من عودة الصهاينة الى بلدانهم الأصلية التي انطلقوا منها للعدوان على الأراضي العربية ولن يكون هذا بالطرق السلمية و المفاوضات لأن المحتل الغاشم و الممعن في اجرامه لن يفهم بغير لغة المقاومة والصمود و التصدي وعدم تمكين الصهاينة من احراز الأمن و الاستقرار على الأرض حتى التحرير الكامل واذا انتقلنا الى سوريا فلها مشكل مع تركيا يتمثل في احتلالها لواء الاسكندرونة وهي منطقة عربية لا بد من تحريرها و عودتها الى الوطن الأم كما أن تركيا يمر منها نهر الفرات حيث أنشأت عليه في السنوات الأخيرة سلسلة من السدود من شأنها اضعاف حصة كل من سوريا و العراق .أما العراق فهو حاليا محتل أمريكيا وصهيونيا و فارسيا بالرغم من وجود حكومة عراقية ولكنها بالاسم فقط لأنها خاضعة للأجندات الدولية و الاقليمية ونأمل أن تواصل المقاومة العراقية الباسلة ضرباتها الموفقة لقوى الاحتلال لغاية التحرير الكامل للعراق و عودته كما عهدناه عربيا اسلاميا حرا أبيا له اسهاماته في الدفاع عن الأمة العربية ككل لا مفكك الأوصال تنخره الاصطفافات الطائفية على حساب انتمائه القومي و الحضاري .واذا انتقلنا الى الخليج فان ايران لا تزال تحتل الجزر الاماراتية الثلاثة طنب الكبرى و طنب الصغرى و أبو موسى منذ سنة 1970 وقد استبشرت الجماهير العربية عند اندلاع الثورة الاسلامية سنة 1979 بايران أملا في أن تنهي هذه الثورة هذا الاحتلال.. أما اليمن فانها تشهد صراعا داخليا جنوبا حيث الحراك الجنوبي يريد التراجع عن الوحدة وفي الشمال الحوثيون يحاربون الحكومة المركزية منذ سنوات وفي بعض القبائل التي تحتضن عناصر من القاعدة بحيث المحصلة النهائية أن استقرار هذا البلد خاضع للأجندات الأجنبية بعد انخراط النظام اليمني في الحرب على الارهاب والتداعيات الخطيرة لمثل هذا المسار الذي لن يخدم سوى المصالح الأمريكية ولكن مسار الثورة اليمنية على النظام هناك حتى بعد ما حصل للرئيس من عدم القدرة الجسدية لمواصلة الحكم فان هذا البلد لم يستقر بعد والتدخلات الخارجية والاقليمية في شؤونه على اشدها.وازاء هذا الواقع المؤلم المحيط بأمتنا العربية و الذي لن نجد له البلسم الشافي الا في اطار سياسة عربية واحدة بعيدة عن الانقسامات و التجاذبات نحو هذا المحور أو ذاك بل لا بد أن ينبع الموقف من المصلحة العليا للأمة على المستوى الاستراتيجي و بعيد المدى و بدون ذلك ستظل أوضاعنا تراوح مكانها بل ستنحدر نحو الأسوا ان لم ننقذ أنفسنا بعمل وحدوي يكون في مواجهة العدو الصهيوني باستعمال كافة أساليب المقاومة العسكرية و المقاطعة الاقتصادية و الثقافية و الاعلامية و زعزعة أمن الصهاينة حتى يخرجوا من أرضنا ويعود اليها سكانها الذين طردوا منها بقوة السلاح .وأما بالنسبة لبقية دول الجوار الأخرى فان وحدة الموقف العربي حكومات و شعوبا فهي كفيلة بدفع هذه الدول الى التراجع عن خطواتها التوسعية خاصة اذا رأت أن مصالحها يمكن أن تهدد لو لم تلتزم بالمعايير الأخلاقية و القانونية لحسن الجوار .
وبناء على هذه المعطيات نتوجه الى مجموعة من المختصين العرب كل في مجاله ليشاركوا معنا في هذا الملف الذي انجزه لفائدة صحيفة الكرامة التي تصدر بتونس ونسالهم وتوجهنا الى
المهندس أحمد العسراوي*
*قومي عربي وحدوي ناصري من الساحة السورية , رئيس مجلس إدارة الجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية في سورية , عضو لجنة المتابعة لتجمع لجان نصرة العراق في سورية , عضو المؤتمر القومي العربي , عضو المؤتمر القومي / الإسلامي .
بجملة من الاسئلة عبر البريد الالكتروني بعد التحاور معه بهذا الشان فأجابنا مشكورا بما يلي
الإخوة في صحيفة الكرامة التونسية المحترمين
عناية / الأخ الناصر خشيني المشرف على ملف دول الجوار العربي ومعاناة الأمة العربية
تحية العروبة والتحرير والعدالة والوحدة...وبعد
يشرفني أن يتم اختياري من بين من تم اختيارهم من المشرق العربي للمشاركة في محاور الملف - دول الجوار العربي ومعاناة الأمة العربية - متمنياً أن أكون عند حسن ظنكم وراجياً التوفيق والنجاح لنا جميعاً بعرض ما نؤمن به أو نراه صحيحاً لأبناء امتنا العربية , وقبل المباشرة بالإجابة على أسئلتكم الخاصة بالمشرق العربي وبالأخص الساحة السورية من الوطن العربي أود أن استعرض بعض القضايا القومية المترابطة مع بعض سواء في مشرق أو مغرب أو جنوب وطننا العربي :
أولاً : القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية ومحور الصراع مابين امتنا وغيرنا من الأمم .وان صراعنا مع العدو الصهيوني ومن يدعمه ليس صراعاً على حدود نختلف عليها بل هو صراع على وجودنا أو وجوده فكل منا ينفي الآخر وبما أننا أصحاب الحق فعلينا الدفاع عنه .
ثانياً : دول الجوار الجغرافي للأمة العربية وبالأخص تركيا وإيران وإثيوبيا هي من نسيج المنطقة الطبيعي وكانت تمتلك إمبراطوريات تعمل على استعادتها وهذه الاستعادة تحتاج إلى فضاء جغرافي متوفر لها أو على الأقل هي تقدر ذلك ضمن الجغرافيا للوطن العربي الذي لا يمتلك أي برنامج حتى للدفاع عن حقوقه .
السؤال الأول : كيف ترون وضع سورية حالياً وما السبيل لتحرير أراضيها المحتلة سواء الجولان أو منطقة لواء الاسكندرونة ؟
الجواب الأول : بداية أرجو أن نتفق على التسمية كأن نثبت الساحة السورية – بدل سورية – وهكذا لكل الساحات العربية لان هذه التسميات هي نتاج مؤامرة سايكس / بيكو . أما حول السبيل للتحرير فاستناداً لما تقدم هناك طريقتان للتعامل مع المحتل :
الأولى : تحرير الجولان والتي هي جزء عزيز من أراضي الساحة السورية وبالتالي من الوطن العربي الكبير مثلها مثل غيرها من الأرض المحتلة من الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين بالأساس ومن ثم لبعض الأجزاء من الساحات السورية والأردنية واللبنانية والمصرية والسعودية , هذا التحرير لم ولن يكون إلا عسكرياً وليس هناك أي مجال لحل سياسي فأقصى ما يمكن أن يتنازل عنه – حسب مفهومه – أي حاكم في الكيان الصهيوني هو اقل بكثير مما يمكن أن يقبل به أي مواطن عربي ، فإذا كانت قناعتنا أن فلسطين لنا من البحر إلى النهر ومن الناقورة حتى العقبة فكيف سيكون موقفنا من الأرض المحتلة سواء بالجولان او غيرها . من هنا فان هذه المهمة – التحرير – هي مهمة العرب جميعاً من المحيط الذي كان هادر إلى الخليج الذي كان ثائر – في زمن القائد المعلم جمال عبد الناصر – وهذه المهمة تتطلب العودة لبداية سؤالكم – كيف ترون وضع سورية حاليا – لنقول أن الانتفاضة الشعبية في الساحة السورية اليوم مقدمة للتحرر من الاستبداد الذي بدوره ممهد للاستعمار وان شعبنا مصمم على الحرية والعدالة والتقدم والديمقراطية والوحدة , كما نؤكد على أن شعبنا بكافة أطيافه السياسية والعرقية والمذهبية مع المقاومة والتحرير , وعندما نعود للتحرير الشامل وللمهمة القومية فيجب استجماع كل الإمكانيات العربية من اجل تحرير فلسطين وكل الأرض المحتلة من الكيان الصهيوني وهذا يتطلب إعادة النظر والتفكير من جديد بمشروع الوحدة العربية وسبل تحقيقها .
الثانية : تحرير لواء اسكندر ون والذي هو كالجولان عزيز علينا لكنه محتل من قبل إحدى دول الجوار الجغرافي وقد وهبته فرنسا المستعمرة 1939 لتركيا لتكسب ودها في ذلك الوقت – إحدى نتائج سايكس / بيكو - ومنذ زمن ليس بالبعيد اقر النظام السابق بالتنازل عن حقنا بالمطالبة باللواء وفق اتفاقية خاصة مع النظام السابق او الأسبق في تركيا وهذا ما عقد المشكلة أكثر سياسياً , وهذا يتطلب جهداً اكبر بالحوار مع تركيا لاسترجاع اللواء .
السؤال الثاني : هل ترون أن التحالف مع إيران بالنسبة لسورية يخلصها من الضغط الواقع عليها دولياً ؟
الجواب الثاني : كان التحالف بداية على حساب العراق الشقيق وليس الصديق وخاصة خلال حرب الخليج الأولى ما بين العراق وإيران – التي لم نكن نتوافق معها او مع مبرراتها في حينه – بغض النظر عن وجهة نظرنا وموقفنا من الحكومة العراقية فيما قبل الاحتلال الأمريكي / الصهيوني للعراق , هنا تتعقد المشكلة كثيراً لكن هذا الواقع الذي ننطلق منه . هذا من جهة أما فمن الجهة الأخرى فان إيران تدعم المقاومة اللبنانية ( حزب الله ) والفلسطينية ( حماس والجهاد ) ضد الكيان الصهيوني وبنفس الوقت تدعم النظام العراقي الحالي والذي جاء على ظهر الدبابات الأمريكية / الصهيونية , كما تدعم استمرارية النظام القائم في الساحة السورية على ما فيه من فساد واستبداد متجاهلة مطالب الشعب بالحرية والعدالة والديمقراطية .
وبالنسبة لخلاص النظام وليس سورية من الضغط الواقع عليها دولياً فهذا عائد لمقدار التنازلات التي يستطيع النظام تقديمها لأمريكا وحلفاءها وخاصة بالمشروع الأمريكي / الصهيوني للشرق الأوسط الجديد او الكبير – على ارض الوطن العربي – ودور إيران في رفع هذا الضغط جزئي وليس كلي فهي متعاونة مع المشروع الغربي في بعض أجزاءه ومختلفة معه في أجزاء أخرى .
السؤال الثالث : ما مدى حجم التدخل الإيراني في منطقة الخليج – العربي – وباقي الدول العربية وكيف يمكن وقف هذا التدخل برأيك والاتجاه نحو علاقات جيدة مع إيران باعتبارها دولة مسلمة وجارة للعرب ؟
الجواب الثالث : بيننا كشعب عربي وبين إيران كدولة جملة من عدم التوافقات:
أولها : عدم تجاوب الأنظمة المتعاقبة على السلطة في إيران مع مطالب الشعب العربي في الساحة الاحوازية من حيث امتلاك حريته وتقرير مصيره .
ثانيها : استمرار الاحتلال الإيراني لجزر الأمارات العربية المتحدة الثلاث ( طنب الكبرى – طنب الصغرى – أبو موسى ) , كما تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين بتابعية البحرين لإيران , مع أننا كشعب عربي في غالبيتنا مع ثورة شباب البحرين ضد النظام الفاسد والمستبد .
ثالثهما : التدخل الإيراني بشكل سافر في الساحة العراقية ومن كل النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى المذهبية ووقوفها الى جانب المحتل ضد المقاومة العراقية .
رابعها : التسمية المختلف عليها للخليج عربياً ام فارسياً مع ان كامل حدوده الجغرافية تقع ضمن المنطقة العربية وفي مرحلة تاريخية من الزمن اقترح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تسميته بالخليج الإسلامي كحلاً للمشكلة إلا أن الفرس رفضوا الاقتراح وبقيت المشكلة قائمة .
لكن كيف نتمكن من الاتجاه نحو علاقات جيدة مع إيران فان هذا التوجه يعتمد على مدى إمكانية التغيير الجذري بمواقف النظام الإيراني اتجاه الأمة العربية الجارة بما لها من حقوق وما عليها من واجبات
قضية لا بد من الإشارة إليها
تركيا وإيران دولتان مسلمتان مجاورتان للأمة العربية وكل منهما تعمل لمشروع استعادة كيانها كإمبراطورية عظمى – إن جاز المجال او سمح لوجود إمبراطوريات جديدة – وهذا يستدعي وجود مناطق نفوذ حول محيط كل منهما الجغرافي وهو مغلق بوجههما من الجوانب الأخرى ومفتوح باتجاه الوطن العربي لسبب رئيسي وهام ألا وهو افتقاد الأمة العربية لمشروعها الحضاري التحرري النهضوي الوحدوي مما يجعلها عرضة لتدخلات الجوار ولو توحدنا او تشابهنا معهم في الدين او المذهب .
اخلص إلى نتيجة أن المشكلة فينا وليست في غيرنا فعندما نتمكن من استجماع قوانا نتمكن من تحرير أرضنا ويكون لنا دور تحت الشمس .
الدكتور موسى الحسيني
mzalhussaini@btinternet.com30/7/ 2011
العراق تحت الاحتلال والدور التخريبي ل
دول الجوار ، ايران نموذجا
1 كيف ترون وضع العراق في ظل الاحتلال الثلاثي الصهيو صفوي صليبي الواقع عليه وماهي طرق خروج العراق من هذا المازق
ان فهم مايجري في العراق الان ، لايمكن ان يتحقق ما لم يدرك الانسان الاسباب الحقيقة وراء احتلال العراق ، التي لم يكن النفط الا سببا ثانويا فيها . لم يتم احتلال العراق بسبب الخوف من احتمال وجود برنامج نووي ، او العلاقة بتنظيم القاعدة التي يمكن ان تستفاد من هذا البرنامج النووي ، فلقد تكشفت اوهام وزيف كل هذه المبررات . ان احتلال العراق كان بسبب هويته العربية ، والتزاماته القومية في العهود المختلفة . وتطبيقا لمشروع شارون – ايتان الذي نشر وعُرف باستراتيجية اسرائيل لثمانينات وتسعينات القرن المنصرم ، والتي تم تسريبها منذ 1982 ، حيث تعتقد هذين الخبيرين العسكريين في الدولة الصهيونية ، ان صمان حماية دولتهم لايمكن ان يتحقق الا باعادة تقسيم الدول العربية الكبيرة الى مجموعات من الدول الصغيرة المتناحرة ، كانت حصة العراق منها ثلاث دول ، شيعية في الجنوب وسنية في الوسط وكردية في الشمال . يؤكد هذين الخبيرين ان قوة العراق كانت في جيشه ، وثرواته النفطية ، وان تدميرمصدري القوة العراقية هذين سوف يحقق او يسهل من عملية تقسيمه .
وكل ما نراه اليوم على الارض العراقية يصب في تحقيق ، هذف التقسيم والانقسام . لذلك كان دخول ايران مرحبا به اميركيا واسرائيليا ، ويلاحظ العراق تواجد مقرات الاستخبارات والتخريب الايراني جنبا الى جنب مع مقرات المخابرات الاسرائيلية دون ان تحدث حالة احتكاك او تصادم واحدة بين الاثنين . فتواجد ايران اضافة لما يساهم به من تخريب تمارسه اذرع المخابرات الايرانية نفسها ، فانه سيثير مخاوف بعض العراقيين ، كما سيؤزر من معنويات البعض الاخر ويشجعهم على الاندفاع باللعبة الطائفية ، مما سيصعد من لعبة الاستقطاب والشد الطائفي .
لذلك فان العراق يغيش محنة حقيقية الان ، يساهم بها البعض من ابناءه ، اما بسبب ميول سيكولوجية مريضة ، تتمحور بها الذات حول " انا " مريضة ومضخمة ، تشتت فيها بنى الانا الاعلى فانطلقت بها الغرائز البهيمية لاتعرف رادع ولا حد . لذلك تستفيد قوى العدوان الثلاثي من هؤلاء المرضى في تنفيذ ما تبغاه من تدمير العراق وتفتيت قواه الذاتية ،وانهاك الانسان العراقي .
لا احد يستطيع ان ينكر ان الانسان العراقي يتعرض الانسان لاقسى ةاشرس عملية ابادة جماعية وتشتيت للوعي وغمليات غسيل دماغ لتحويله لانسان معطل الفكر والتفكير والادراك ، مجرد من الاخلاق والقيم . فهو واقع تحت التهديد اليومي بالافناء له ولعائلته من خلال التفجيرات المفتعلة والمنظمة من قبل اعوان الاحتلال ، ومن يسلم من الاذى المباشر ، يقضي وقته مهموما مشغولا بتوفير الحاجلت الضرورية للعيش له ولعائلته فهو يعيش محنة الكهرباء التي تتضاعف الجاجة لها في الصيف حيث درجات الحرارة تتجاوز ال45 درجة مئوية احينا ، اضافة لمحنة الماء والغذاء واللباس . بالمقابل يتم الترويج لانتزاع القيم الاخلاقية والتعميم لقيم الخيانة والانتهازية والسرقة والكذب والنصب والزيف والتزييف على انها منهج جديد لحياة العولمة والديمقراطية والوسيلة الوحيدة للعيش برفاهية ، مزكاة ومدعمة دينيا ، دون خوف من المساس بالقانون . ضغوط من الصعب مقاومتها ، لانها تعني المعاناة من الكثير من الحرمانات والتشرد بل وحتى المحاسبة القانونية ، والتهم بالالحاد او بالمنهج الديني المتزمت اي ما يعرف بالتكفيري .
طبعا ليس هناك من امكانية لخروج العراق سريعا من هذا المازق ، فالاحتلال كاي عملية تجارية تعتمد مبدا الربح والخسارة ، فمتى ما كانت خسائره اكثر من ارباحه يمكن ان ينتهي والعكس صحيح . نتفائل بالمقاومة العراقية وهي الطريق الوحيد للخلاص من الاحتلال او الاحتلالات الثلاثة ، لكن مقاوما بمثل هذه الظروف يحتاج لدرجة من الوعي مميزة وادراك قادر على فهم واستيعاب طبيعة المؤامرة والتصدي لها بعلم وموضوعية ، وقدرة غير طبيعية من التحمل والصبر ، لذلك انهار واستسلم الكثير من ضعاف النفوس ممن التحقوا بالمقاومة ، كما حصل فيما يعرف بجماعة الصحوات والاخرين من ذوي النفوس الضعيفة وقصيري النفس ممن ركض امام اول فرصة للاستفادة. وان كان يمكن النظر للموضوع بمنظار اخر ، وهو نقاء قوى المقاومة واعتمادهل على العناصر النوعية المميزة ، لكن علينا ايضا ان نعترف ان هؤلاء سلموا للمحتلين اسماء الكثير من المقاومين ، واساليب عملهم ، وقواعدهم ، واندفع البعض منهم في عملية خداع للذات ليبرر عمله المشين في الجري وراء النزعات التقسيمية والاستقطابات الطائفية ليجعل منها وكانها قضية العراق الاولى ، ويطمئن سايكولوجيا وخزات الضمير وما تسببه من احساس داخلي بالضعة والخسة والدونية .
لذلك ستطول عملية الصراع بين القوى المناهضة للاحتلال من طرف وقوى الاحتلال من طرف اخر ، مع ترجيح انتصار ارادة الشعب في التحرر والتخلص من الهيمنة الاجنبية . لان ما لاتدركه القوى الظلامية ان القهر عندما يكون بدرجة اشد من قدرة الانسان على التحمل قد يمنح ذلك الانسان القوة والاستعداد المطلق للثورة والتمرد خاصة وان اعوان الاحتلال يعيشون في حالة ازدواجية مطلقة بين ما يدعونه من دين وتعصب طائفي يفترض انه يعكس تمسكا متطرفا باحدى المدارس الفقهية ، وما يمارسونه من زندقة وكفر بل قيم الدين ومدارسه الفقهية . لذلك نقول ان المستقبل هو للمقاومة العراقية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد الملتزم بالمصلحة الوطنية العراقية والامن الوطني العراقي .
2 هل ترون ان ايران يمكن ان تنسحب من الاراضي العربية التي تحتلها كالاحواز والجزر الثلاثة لتبرهن عن حسن نواياها تجاه الامة العربية
عند تركيز الحديث عن الدور الايراني نجد انه يتحمل المسؤولية الاكبر فيما وصلت له حالة العراق اليوم لان ايران تمتلك القدرة اكثر من غيرها للاندساس والتاثير في عقل الانسان العراقي لانها تستعمل نفس اللغة والخطاب الديني الذي يؤمن به الانسان العراقي ما يجعله اكثر عرضة للانخداع بها والوقوع تحت تاثيرها .
عند تعميم الحديث عن دور ايران في العبث بالوطن العربي . فما لايمكن ان ينكره الانسان ان ايران كانت من الامم الحضارية التي لعبت ادوار مميزة بتاريخ المنطقة ،وهي لاتنسى ان العرب هم من قطعوا مسيرتها التاريخية وهددوا ودمروا سلطتها وهيمنتها على المنطقة ، ما يجعل الاجيال المتعاقبة وتحت ضغط المشاعر القومية تحمل كرها غير طبيعيا للعرب والعروبة ، لايختلف الامنر بالنسبة لها في زمن الشاه العلماني عن زمن الخميني او خامئني الاسلامي فكما يؤشر سلوكهم على ان للدين وظيفة ثانوية تاتي بعد الولاء القومي وتخضع لسخرته وخدمته . ولا غرابة ان تتشبث ايران الاسلامية بالجزر العربية الثلاث ، وباحتلال الاحواز العربية ، وليس هناك ما يؤشر الى انها يمكن ان ترعوي لتبادر بالانسحاب من هذه الاراضي المحتلة فهي كاي دولة تحاول استثمار ضعف جيرانها ، لتمضي قدما في قضم المزيد من اراضيه الحيوية والاستراتيجية المهمة ، خاصة وحجم المطالبة الامارتية بالجزر ما زال ضعيفا واقرب لحالة تتسم بالحياء والخجل او اللامبالات . وتعيش القوى السياسية الاحوازية حالة من التشتت والضياع وشيوع التوجهات الذاتية الطامحة لاستثمار القضية الاحوازية في تعزيز المصالح الخاصة ، الى حد ان البعض لايخجل ولا يتردد في التحالف مع العدو الصهيوني او طلب التحالف معه بحجة الاستفادة من كل الظروف من اجل المضي في عملية تحرير الاحواز .متغافلين حقيقة التحالف الاستراتيجي الذي يربط النظامين الايراني والاسرائيلي ، على ارضية ان كل منهما يحتل اراضي عربية ويغتصب حقوقا عربية ، بما يعني ان ظهور اي قوة عربية يمثل تهديدا لطرفي هذا التحالف . في حين تحاول قوى اخرى ان تختزل الحق العربي في الاحواز بالوضع بالنزاعات الطائفية استجداء لاسترضاء وهبات بعض الدول الخليجية وتخدم بذلك مباشرة كل من اسرائيل وايران المستفدتين من حالات الانقسام العربي تحت اي ستار .
تدرك الحركة الوطنية الاحوازية ممثلة بتجمع الاحزاب الوطنية المنضمة تحت لواء المنظمة الاحوازية للتحرر الوطني( حزم ) .هذه الحقيقة لذلك عملت على ان تحاصر تجار الحركة السياسية الاحوازية وتقطع الطريق عليهم ، رغم انها تعاني من الصعوبات المتمثلة بضعف قوى الثورة العربية عموما . فقضية الاحواز كما هي فلسطين ستظل مرتبطة مصيريا بمدى نجاح قوى الثورة العربية في عموم الساحات العربية والعراق خاصة . الذي كان يمثل قاعدة وارضية صلبة لقوى وتنظيمات الجبهة العربية لتحرير الاحواز في ظل نظام البعث وحتى ماسبقه من انظمة اخرى
3 ما مدى حجم التدخل الايراني في منطقة الخليج وباقي الدول العربية وكيف يمكن وقف هذا التدخل برايك والاتجاه نحو علاقات جيدة مع ايران باعتبارها دولة مسلمة وجارة للعرب
عند انتقال الحديث عن حجم التدخلات الايرانية في منطقة الخليج والدول العربية عامة ، فهذا مرهون بالوضع العربي عامة ، تتصاعد هذه التدخلات بشكل تناسب عكسي مع ارتفاع وهبوط موازين القوة العربية .وتمتلك ايران قدرات غير عادية في استثمار اخطاء بعض الحكام العرب الذين يتصرفون غباء او تمثيلا لتعليمات غربية وصهيونية في عزل بعض من تجمعات شعوبهم على اساس طائفي ، تلتقط ايران واسرائيل وكل اعداء الامة العربية هذه الاخطاء لتجسمها وتضخمها وتلبسها بلبوس الاسلام وحقوق الانسان . ولايمكن معالجة هذه الاخطاء الا بتحقيق الديمقراطية الشعبية ، والالتزام بحقوق المواطن الانسان والتعامل مع المواطنين ككمل على اساسها دون تميز او حسابات لاصوله الدينية او الطائفية
وتظل الحقيقة الاكثر التصاقا بالواقع هي ان موازين القوة تظل تلعب الدور الاكثر تاثيرا في علاقات الدول ومنع او الحد من التدخلات الاجنبية ، ولاتختلف العلاقات الغعربية – الايرانية ، او تشذ عن هذه القاعدة ، فلن تفكر ايران او اي من دول الجوار العربي باقامة علاقات طبيعية ، تعاونية لتحقيق المصالح المشتركة الا اذا ادركوا ان العرب يمتلكون من القوة والاستراتيجيات الكفيلة بردع اي عدوان او تدخل مباشر او غير مباشر .
الناصر خشيني نابل تونسEmail
Naceur.khechini@gmail.com