الجمعة، 27 أغسطس 2010

العراق / ما زال "نزيف الآثار" متواصلا في العراق

جين اوبراين
بي بي سي - واشنطن



تعرض المتحف العراقي للنهب في الايام الاولى للغزو الامريكي
بينما تستعد الولايات المتحدة لسحب آخر قواتها المقاتلة من العراق، حذر خبراء الآثار الدوليون من ان البلاد ما زالت "تنزف" آثارها، وان هذه الآثار التي تمثل مهد الحضارة الانسانية ما زالت في خطر.من العسير تحديد كمية الآثار التي اختفت من العراق لأن معظم ثروة البلاد الآثارية ما زالت دون توثيق. ولكنه من الثابت ان اقل من ثلث القطع الاثرية الـ 15 الفا التي سرقت من المتحف العراقي ببغداد في الايام الاولى من الغزو الامريكي قد اعيدت.لا ان الخبراء يعتقدون ان مئات الآلاف من القطع الاخرى قد سرقت من مواقع العراق الاثرية العديدة التي تعتبر من اهم المواقع في العالم.ويقول البروفيسور جون راسل، المستشار الثقافي لوزارة الخارجية الامريكية، "إن هذه ارقام تقريبية، ولكننا لا نعرف حجم المشكلة بالضبط. فالسارقون يعملون بشكل منفرد، وهم يتسللون الى هذه المواقع ويحفرون ولا يوثقون ما يعثرون عليه. ولا يعثر على القطع التي يسرقونها الا عندما تقع في ايدي الشرطة (خارج العراق) او تظهر في مخازن تجار الآثار."فعلى سبيل المثال، ضبطت سلطات الجمارك في نيويورك مؤخرا شحنة تحتوي على عشرات الالواح المحفور عليها بالخط المسماري وهو اقدم خط معروف على الاطلاق. وحتى العثور على هذه الالواح، لم يكن احد يعلم بوجودها اصلا.وهذه الالواح عينة صغيرة من اكثر من 1054 قطعة اثرية من العراق عثر عليها في الولايات المتحدة فقط. ففي وقت سابق من العام الجاري، اعيدت كمية من القطع الاثرية الى السفارة العراقية في واشنطن تحتوي ضمن ما تحتوي على زوج من الاقراط الذهبية الآشورية التي هي جزء من مجموعة معروفة "بكنوز نمرود".يقول دوني جورج المدير السابق للمتحف العراقي: "إن هذه مشكلة عراقية، وعلى الشعب العراقي والحكومة العراقية ان يأخذا الخطوات الاولى ويبدأا بحماية ارث البلاد الحضاري."وكان دوني جورج قد فر من العراق عام 2005 ابان اعمال العنف التي سادت البلاد، ويعمل الآن مدرسا في جامعة ستوني بروك بنيويورك.ويقول المدير السابق للمتحف العراقي: "إن هذا الارث الحضاري هو ملك للشعب العراقي، وهو يمثل ذاكرة هذا الشعب، ولذا فعلى العراقيين بذل المزيد من الجهد لحماية هذا الارث. ففي كل يوم تنزف البلاد آثارا."تمويليقول البروفيسور راسل إن اسوأ حالات السرقة تقع في جنوب العراق، حيث تعرضت المئات من المواقع للاقتحام. ويقول إن مواقع مهمة كإيسين واما تبدو الآن للناظر كتضاريس القمر ملأى بالحفر


سبب الجيش الامريكي اضرارا كبيرة بمدينة بابل الاثرية

ومن نافلة القول إن جزءا من المشكلة على الاقل يعزى الى الوضع الامني الهش، حيث يقول الخبراء إن ارث العراق الآثاري لا يمكن المحافظة عليه ما لم تكن في البلاد حكومة مركزية قوية ومستقرة ودائرة آثار تدعمها قوة القانون.من جانبها، تبرعت الحكومة الامريكية بمبلغ 13 مليون دولار للمساعدة في تمويل برنامج اطلق عليه "مشروع الارث الحضاري العراقي."والمشروع هذا عبارة عن برنامج امده سنتان تنتهي في ديسمبر/كانون الاول المقبل قام بتأسيس معهد آثاري في اربيل شمالي العراق، واشرف على برامج تدريبية للآثاريين العراقيين وقام بتجديد وتأهيل قاعات العرض والمخازن التابعة للمتحف العراقي.
كما تسلمت مصلحة الآثار العراقية الحكومية مبلغ مليون دولار كمساهمة من الولايات المتحدة لاصلاح ما دمره جنودها في مدينة بابل الاثرية، حيث عسكر الجيش الامريكي داخل اسوار هذا الموقع التاريخي "ظانا انه انما يعسكر خارجها" على حد زعم الامريكيين.ولكنه ليس معلوما ما الذي سيحدث لهذه البرامج عندما تجف منابع التمويل.من ناحية اخرى، لا تبذل الحكومة العراقية ما يكفي من الجهد للمحافظة على ثروة العراق من الفن الحديث والنصب حيث دمر الكثير منها بحجة التخلص من رموز نظام صدام حسين.
تقول البروفيسور ندى الشبوط، الخبيرة في الفن العراقي الحديث والاستاذة في جامعة شمالي تكساس، "تعرض الفن العراقي للتدمير لجملة اسباب، فتارة بحجة اجتثاث البعث وتارة اخرى نتيجة اعمال السلب والنهب. كما دمرت العديد من النصب والقطع الفنية بحجة منافاتها للمشاعر الدينية. مما لا شك فيه ان العديد من النصب والتماثيل كانت قبيحة وانا شخصيا لم احزن لازالتها، ولكنها مع ذلك كانت جزءا من تاريخ البلد." شخصيا لم احزن لازالتها، ولكنها مع ذلك كانت جزءا من تاريخ البلد."


هروب الفنانين
بينما يتركز انتباه الرأي العام - ويتركز التمويل - على اعادة تأهيل الآثار العراقية والمحافظة عليها، لم يحظ المتحف الوطني العراقي للفن الحديث - الذي تعرض هو الآخر للنهب في الايام الاولى للغزو الامريكي - على قدر مساو من الدعم.تقول البروفيسور ندى الشبوط إن المتحف خسر زهاء 1500 من قطعه الفنية الـ 8000 جراء اعمال النهب.وتضيف الخبيرة العراقية بأن العديد من القطع المسروقة تظهر بين الفينة والاخرى في دور المزاد والمعارض الفنية، ولكن يتعذر اثبات كونها مسروقة لأن سجلات المتحف دمرت تماما اثناء فترة السلب.حصلت الشبوط على تمويل من معهد البحوث الاكاديمية الامريكي لاعداد ارشيف للاعمال الفنية العراقية اعتمادا على الصور الفوتوغرافية المتوفرة والذاكرة والبحوث. وقد نجحت بالفعل بتوثيق حوالي 600 عمل فني، ولكن الطريق ما زال طويلا، فالعديد من الفنانين العراقيين غادروا البلاد هربا من العنف ولحماية اعمالهم.وتقول الشبوط: "اتمنى ان اكون متفاءلة، ولكن جزءا مهما من تاريخ العراق قد فقد الى غير رجعة، ولن تنجح المبادرات الخيرة الصغيرة في اعادته.

مشاركة مميزة