kolonagaza7
سري سمور
اعتدنا أن نسمع من خطبائنا وأن نقرأ في صفحات تاريخنا أن شهر رمضان الذي نعيش هذه الأيام أواخر ثلثه الثاني هو شهر الفتوحات والانتصارات،وتمتلئ أوراق وصفحات التقويم بالتذكير بتلك الفتوحات العظيمة والانتصارات الحاسمة الكبيرة في تاريخ الأمة،وحقيقة فإن رمضان كان إضافة لكونه شهر صوم وصلاة نوافل وخير وبر وتجليات روحية،شهرا لانتصارات غيّرت مسار التاريخ أو أعادت كتابته.
بيد أن حال الأمة في رمضان الحالي قد يكون أفضل من الذي يليه العام القادم،وهو حال وبشكل واضح أسوأ مما كان عليه في العام الماضي،وكأننا نسير في مسلسل السيئ إلى الأسوأ على مختلف الصعد،وبات حالنا يشعر عدونا بالتشفي وصديقنا بالحسرة،ونحن نسير بل نتخبط في سيرنا فيما الأمم الأخرى قد أخذت للمسير عدته،ولعلنا بكثرة الحديث عن الأمجاد الغابرة والانتصارات التاريخية نواسي أنفسنا لما حل بنا من هزائم وذل وهوان!
إن العرب هم قلب العالم الإسلامي،وهم في أيامنا من أكثر الأقوام فشلا،ومن أكثر الشعوب مذلة،ولا مجال لتنميق الكلام،وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته؛حكاما ومحكومين،سلطة ومعارضة،أحزابا وقوى مجتمع مدني،فنحن في مركب تتلاطمه الأمواج العاتية ويوشك أن يغرق ونحن جميعا على متنه،أحببنا بعضنا أم كرهنا.
وفي استعراض لمجمل وضع العرب من محيطهم الهادر إلى خليجهم الثائر نجد معالم الفشل والإحباط والذل والهوان في شتى الشؤون والمسائل ومنها:-
أولا:قضية فلسطين
ثلاث وستون سنة تكاد تمر على اغتصاب الأرض الفلسطينية وتشريد معظم شعبها في الملاجئ والمنافي على يد حفنة من الصهاينة لا يبلغ عددهم تعداد سكان مدينة عربية كبيرة،ولاشك أن قضية فلسطين هي المظهر الأوضح والعنوان الأبرز للمشهد العربي القاتم المحزن؛فالعرب عجزوا عن منع اغتصاب معظم فلسطين سنة 1948م بسبب تفرقهم أو ضعفهم أو سلبيتهم أو ثقتهم بغيرهم أو لا مبالاتهم أو تواطؤ بعضهم مع العدو أو لهذه الأسباب مجتمعة،وظلوا يرغون ويزبدون ويهددون،فيما كان الكيان يتقوّى ويكبر ويتضخم ويبني ترسانة عسكرية تجعله قادرا على الضرب حيث شاء،فيما كان العرب ينشغلون أو يشغلهم الآخرون بما لا يساهم في وضع حد لتصاعد قوة الكيان،وبعد أن ابتلع الكيان ما بقي من الأرض الفلسطينية سنة 1967م إضافة للجولان وشبه جزيرة سيناء،بدأ العرب يتحدثون عن السلام والتسوية باسترداد ما ابتلع في تلك السنة،مع مسامحة الغاصب بما تبقى،وقوبلت كل مبادرات العرب بالاستعلاء الصهيوني،وهو استعلاء له ما يبرره،فلماذا يتنازل الكيان عما أخذه بقوة السلاح أمام أناس قد خبر تفرقهم وحالهم جعجعة بلا طحن؟لكنه أعاد سيناء مقابل إخراج مصر من المعركة ليستفرد باللبنانيين والسوريين،وبالفلسطينيين بطبيعة الحال.
واستمر الكيان في الصعود فيما استمر العرب في الهبوط وكلنا يعرف التفاصيل التي لا مجال للخوض فيها،حتى بات العرب مكشوفين للكيان وليس ثمة ما يسترون به عجزهم وفشلهم إلا المبادرة العربية للسلام التي قال عنها شارون بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به،بل رد عليها بحصار مقر الرئيس عرفات وإدخال الجرافات الضخمة لتهدم بيوت مخيم جنين على رؤوس سكانه.
ولسان حال الكيان يقول:إذا كان العرب يعدون بالسلام والتطبيع مقابل الأرض فإنه قادر بسبب هلع العرب من الأمريكيين وسلبيتهم وتفرقهم وعدم وحدتهم في الموقف تجاهه من الحصول على التطبيع دون أن يتزحزح عن شبر من الأرض،ولطريقة تفكيره هذه مسوغاتها خاصة وأننا نعرف أن زمن مقاطعة إسرائيل أصبح من التاريخ، وأن العديد من الدول العربية تقيم علاقات وبأشكال مختلفة مع الكيان فوق الطاولة وتحتها.
والمشهد العربي الرسمي الذي يلوح أحيانا بسحب المبادرة ثم يتراجع حتى عن مجرد هذا التلويح الغير جدي أصلا يبدو كاريكاتوريا مضحكا مبكيا يشعرنا بعجزنا وهواننا،أما القول بأن إسرائيل مدعومة من الغرب فلا داعي له فكل ما تحصل عليه إسرائيل لا يساوي نزرا يسيرا من عائدات النفط فهذه حجة مردودة على أصحابها.
وحال العرب مع الشعب الفلسطيني مؤلم أيضا؛فالشعب الفلسطيني في الداخل قام بانتفاضتين خلال 13 عام وقدم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى والبيوت والمنشآت المدمرة وكان حال العرب دوما هو انتظار الأمريكيين حتى يتدخلوا ،واستخدام العبارات المكرورة عن الخطر الذي يتهدد عملية السلام والشجب والاستنكار والتنديد وما إلى ذلك.
ولا أريد الإسهاب كثيرا في حال الفلسطيني عند شقيقه العربي فيكفينا التذكير أنه فقط منذ أيام حصل اللاجئ الفلسطيني على بعض الحقوق في لبنان،وأن الدول العربية ضاقت بما رحبت عن استقبال اللاجئين الفلسطينيين الذين ذبحوا ونكّل بهم في العراق دون ذنب إلا لأنهم فلسطينيون،وكيف أن البرازيل فتحت أبوابها لاستقبالهم،وأحد الفلسطينيين المقيمين في العراق من القابضين على جمر انتظار فرج الله،رجاني أن أكتب عن حالهم وكيف أنهم يذبحون ويختطفون ويعذبون من الميليشيات الطائفية،وليت الكتابة تدفع الضرر عنهم،وما كان هؤلاء ولا آباؤهم يستبدلون ظل شجرة زيتون في حيفا أو اجزم أو عين غزال بالدنيا وما فيها،ولكن المجرمين لا يعلمون،أو يعلمون فيتعمدون الإمعان في جريمتهم،وقد وقع بين يدي كتاب يوثق الجرائم بحق فلسطينيي العراق فيه من التوثيق والصور ما يدمي القلب،وهذا ذكرني بمجازر صبرا وشاتيلا على يد عصابات طائفية مدعومة من إسرائيل،فهل كتب على الفلسطيني الذل والذبح والتنكيل بين كل فترة زمنية وأخرى في بلاد العرب،فيما يعامل كإنسان له حقوق في بلاد الغرب الذي تسبب أصلا بنكبته؟!
قد يرى البعض في هذا تجنيا ونكرانا للجميل،لأنه إذا كان هناك مظاهر تقصير في التعامل مع الفلسطيني في بعض بلاد العرب فإن هناك الكثير من المظاهر الايجابية؛صحيح،وأنا كابن مخيم جنين لا أنسى كيف وقف المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وقام بأعمار المخيم وأخرجه من بين الركام، وكذلك وقفة الرئيس المرحوم صدام حسين وأمور أخرى كثيرة ووقفات جليلة مع الشعب الفلسطيني من مصر ودول المغرب العربي واليمن والخليج والسودان وسوريا والأردن.
لكن هذا لا ينفي وجود تقصير تجاه الإنسان الفلسطيني من إخوانه العرب لا سيما وأن الفلسطيني هو رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيوني ولو أن المشروع الصهيوني شطب الإنسان الفلسطيني أو نجح بتحييده،أو إقناعه بلعب دور حصان طروادة،لكان الحال مما يرتعب المرء لمجرد التفكير فيه.
أما التقصير فتارة بحجة منع الفلسطيني من نسيان وطنه إذا استقر في بلاد العرب وكأن الطبيب الممنوع من ممارسة المهنة التي درسها لسنوات سيتذكر فلسطين ويتعلق بها إذا عمل في محطة للوقود بينما سينساها إذا عمل في المشفى أو العيادة؛وتارة أخرى بحجة أن على الفلسطيني الاعتماد على نفسه وليس على أشقائه،آه آه..ليتكم تركتم الفلسطيني يعتمد على نفسه في ثوراته على سلطات الانتداب البريطاني وبداية الهجمات الصهيونية للاستيلاء على الأرض،وفي هباته وانتفاضاته على الاحتلال؛وتارة أخرى بحجة الانقسام الفلسطيني وهي حجة على العرب وليست لهم، لأن الانقسام عمرة ثلاث سنوات وليس 63 سنة، ولأن العرب لديهم القدرة على إنهاء الانقسام إذا أرادوا، أو التخفيف من حدته وذلك أضعف الأيمان.
إسرائيل مستمرة في تهويد القدس على مرأى ومسمع العرب ومشروعها الاستيطاني مستمر في الضفة الغربية والنقب(يشكل النقب نصف مساحة فلسطين)، فيما يتعامل العرب مع إسرائيل بما لا يليق بهم وبحجمهم الحقيقي ولا يستخدمون أوراق القوة التي بأيديهم،ويقفون بانتظار رحمة الأمريكي وهذا ما يذكرنا بما قاله أحمد مطر:-
أمريكا تطلق الكلب علينا وبها من كلبها نستنجد!
أمريكا تبعد الكلب عنا وبدلا منه علينا تقعد!
إن الفلسطيني القوي الصامد هو ذخر ودرع للعرب،وليس كما يصوره بعض شياطين الإعلام،ثم إن المشروع الصهيوني في مداه الاستراتيجي له مطامع تتجاوز حدوده الغير مرسومة حتى اليوم.
ولم يسلم العرب رغم سعي البعض منهم لإرضاء الأمريكيين من بوابة الحاجب الإسرائيلي،ورغم إعلاناتهم الخجولة أحيانا والصريحة أحيانا أخرى نفض أيديهم من القضية الفلسطينية من مخططات التقسيم والتمزيق التي تظهر في غير مكان وهذا ما سآتي عليه في الجزء الثاني بمشيئة الله....يتبع.
السبت 18 رمضان/1431هــ، 28/8/2010م
من قلم/سري سمور-جنين-فلسطين-أم الشوف-حيفا
اعتدنا أن نسمع من خطبائنا وأن نقرأ في صفحات تاريخنا أن شهر رمضان الذي نعيش هذه الأيام أواخر ثلثه الثاني هو شهر الفتوحات والانتصارات،وتمتلئ أوراق وصفحات التقويم بالتذكير بتلك الفتوحات العظيمة والانتصارات الحاسمة الكبيرة في تاريخ الأمة،وحقيقة فإن رمضان كان إضافة لكونه شهر صوم وصلاة نوافل وخير وبر وتجليات روحية،شهرا لانتصارات غيّرت مسار التاريخ أو أعادت كتابته.
بيد أن حال الأمة في رمضان الحالي قد يكون أفضل من الذي يليه العام القادم،وهو حال وبشكل واضح أسوأ مما كان عليه في العام الماضي،وكأننا نسير في مسلسل السيئ إلى الأسوأ على مختلف الصعد،وبات حالنا يشعر عدونا بالتشفي وصديقنا بالحسرة،ونحن نسير بل نتخبط في سيرنا فيما الأمم الأخرى قد أخذت للمسير عدته،ولعلنا بكثرة الحديث عن الأمجاد الغابرة والانتصارات التاريخية نواسي أنفسنا لما حل بنا من هزائم وذل وهوان!
إن العرب هم قلب العالم الإسلامي،وهم في أيامنا من أكثر الأقوام فشلا،ومن أكثر الشعوب مذلة،ولا مجال لتنميق الكلام،وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته؛حكاما ومحكومين،سلطة ومعارضة،أحزابا وقوى مجتمع مدني،فنحن في مركب تتلاطمه الأمواج العاتية ويوشك أن يغرق ونحن جميعا على متنه،أحببنا بعضنا أم كرهنا.
وفي استعراض لمجمل وضع العرب من محيطهم الهادر إلى خليجهم الثائر نجد معالم الفشل والإحباط والذل والهوان في شتى الشؤون والمسائل ومنها:-
أولا:قضية فلسطين
ثلاث وستون سنة تكاد تمر على اغتصاب الأرض الفلسطينية وتشريد معظم شعبها في الملاجئ والمنافي على يد حفنة من الصهاينة لا يبلغ عددهم تعداد سكان مدينة عربية كبيرة،ولاشك أن قضية فلسطين هي المظهر الأوضح والعنوان الأبرز للمشهد العربي القاتم المحزن؛فالعرب عجزوا عن منع اغتصاب معظم فلسطين سنة 1948م بسبب تفرقهم أو ضعفهم أو سلبيتهم أو ثقتهم بغيرهم أو لا مبالاتهم أو تواطؤ بعضهم مع العدو أو لهذه الأسباب مجتمعة،وظلوا يرغون ويزبدون ويهددون،فيما كان الكيان يتقوّى ويكبر ويتضخم ويبني ترسانة عسكرية تجعله قادرا على الضرب حيث شاء،فيما كان العرب ينشغلون أو يشغلهم الآخرون بما لا يساهم في وضع حد لتصاعد قوة الكيان،وبعد أن ابتلع الكيان ما بقي من الأرض الفلسطينية سنة 1967م إضافة للجولان وشبه جزيرة سيناء،بدأ العرب يتحدثون عن السلام والتسوية باسترداد ما ابتلع في تلك السنة،مع مسامحة الغاصب بما تبقى،وقوبلت كل مبادرات العرب بالاستعلاء الصهيوني،وهو استعلاء له ما يبرره،فلماذا يتنازل الكيان عما أخذه بقوة السلاح أمام أناس قد خبر تفرقهم وحالهم جعجعة بلا طحن؟لكنه أعاد سيناء مقابل إخراج مصر من المعركة ليستفرد باللبنانيين والسوريين،وبالفلسطينيين بطبيعة الحال.
واستمر الكيان في الصعود فيما استمر العرب في الهبوط وكلنا يعرف التفاصيل التي لا مجال للخوض فيها،حتى بات العرب مكشوفين للكيان وليس ثمة ما يسترون به عجزهم وفشلهم إلا المبادرة العربية للسلام التي قال عنها شارون بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به،بل رد عليها بحصار مقر الرئيس عرفات وإدخال الجرافات الضخمة لتهدم بيوت مخيم جنين على رؤوس سكانه.
ولسان حال الكيان يقول:إذا كان العرب يعدون بالسلام والتطبيع مقابل الأرض فإنه قادر بسبب هلع العرب من الأمريكيين وسلبيتهم وتفرقهم وعدم وحدتهم في الموقف تجاهه من الحصول على التطبيع دون أن يتزحزح عن شبر من الأرض،ولطريقة تفكيره هذه مسوغاتها خاصة وأننا نعرف أن زمن مقاطعة إسرائيل أصبح من التاريخ، وأن العديد من الدول العربية تقيم علاقات وبأشكال مختلفة مع الكيان فوق الطاولة وتحتها.
والمشهد العربي الرسمي الذي يلوح أحيانا بسحب المبادرة ثم يتراجع حتى عن مجرد هذا التلويح الغير جدي أصلا يبدو كاريكاتوريا مضحكا مبكيا يشعرنا بعجزنا وهواننا،أما القول بأن إسرائيل مدعومة من الغرب فلا داعي له فكل ما تحصل عليه إسرائيل لا يساوي نزرا يسيرا من عائدات النفط فهذه حجة مردودة على أصحابها.
وحال العرب مع الشعب الفلسطيني مؤلم أيضا؛فالشعب الفلسطيني في الداخل قام بانتفاضتين خلال 13 عام وقدم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى والبيوت والمنشآت المدمرة وكان حال العرب دوما هو انتظار الأمريكيين حتى يتدخلوا ،واستخدام العبارات المكرورة عن الخطر الذي يتهدد عملية السلام والشجب والاستنكار والتنديد وما إلى ذلك.
ولا أريد الإسهاب كثيرا في حال الفلسطيني عند شقيقه العربي فيكفينا التذكير أنه فقط منذ أيام حصل اللاجئ الفلسطيني على بعض الحقوق في لبنان،وأن الدول العربية ضاقت بما رحبت عن استقبال اللاجئين الفلسطينيين الذين ذبحوا ونكّل بهم في العراق دون ذنب إلا لأنهم فلسطينيون،وكيف أن البرازيل فتحت أبوابها لاستقبالهم،وأحد الفلسطينيين المقيمين في العراق من القابضين على جمر انتظار فرج الله،رجاني أن أكتب عن حالهم وكيف أنهم يذبحون ويختطفون ويعذبون من الميليشيات الطائفية،وليت الكتابة تدفع الضرر عنهم،وما كان هؤلاء ولا آباؤهم يستبدلون ظل شجرة زيتون في حيفا أو اجزم أو عين غزال بالدنيا وما فيها،ولكن المجرمين لا يعلمون،أو يعلمون فيتعمدون الإمعان في جريمتهم،وقد وقع بين يدي كتاب يوثق الجرائم بحق فلسطينيي العراق فيه من التوثيق والصور ما يدمي القلب،وهذا ذكرني بمجازر صبرا وشاتيلا على يد عصابات طائفية مدعومة من إسرائيل،فهل كتب على الفلسطيني الذل والذبح والتنكيل بين كل فترة زمنية وأخرى في بلاد العرب،فيما يعامل كإنسان له حقوق في بلاد الغرب الذي تسبب أصلا بنكبته؟!
قد يرى البعض في هذا تجنيا ونكرانا للجميل،لأنه إذا كان هناك مظاهر تقصير في التعامل مع الفلسطيني في بعض بلاد العرب فإن هناك الكثير من المظاهر الايجابية؛صحيح،وأنا كابن مخيم جنين لا أنسى كيف وقف المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وقام بأعمار المخيم وأخرجه من بين الركام، وكذلك وقفة الرئيس المرحوم صدام حسين وأمور أخرى كثيرة ووقفات جليلة مع الشعب الفلسطيني من مصر ودول المغرب العربي واليمن والخليج والسودان وسوريا والأردن.
لكن هذا لا ينفي وجود تقصير تجاه الإنسان الفلسطيني من إخوانه العرب لا سيما وأن الفلسطيني هو رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيوني ولو أن المشروع الصهيوني شطب الإنسان الفلسطيني أو نجح بتحييده،أو إقناعه بلعب دور حصان طروادة،لكان الحال مما يرتعب المرء لمجرد التفكير فيه.
أما التقصير فتارة بحجة منع الفلسطيني من نسيان وطنه إذا استقر في بلاد العرب وكأن الطبيب الممنوع من ممارسة المهنة التي درسها لسنوات سيتذكر فلسطين ويتعلق بها إذا عمل في محطة للوقود بينما سينساها إذا عمل في المشفى أو العيادة؛وتارة أخرى بحجة أن على الفلسطيني الاعتماد على نفسه وليس على أشقائه،آه آه..ليتكم تركتم الفلسطيني يعتمد على نفسه في ثوراته على سلطات الانتداب البريطاني وبداية الهجمات الصهيونية للاستيلاء على الأرض،وفي هباته وانتفاضاته على الاحتلال؛وتارة أخرى بحجة الانقسام الفلسطيني وهي حجة على العرب وليست لهم، لأن الانقسام عمرة ثلاث سنوات وليس 63 سنة، ولأن العرب لديهم القدرة على إنهاء الانقسام إذا أرادوا، أو التخفيف من حدته وذلك أضعف الأيمان.
إسرائيل مستمرة في تهويد القدس على مرأى ومسمع العرب ومشروعها الاستيطاني مستمر في الضفة الغربية والنقب(يشكل النقب نصف مساحة فلسطين)، فيما يتعامل العرب مع إسرائيل بما لا يليق بهم وبحجمهم الحقيقي ولا يستخدمون أوراق القوة التي بأيديهم،ويقفون بانتظار رحمة الأمريكي وهذا ما يذكرنا بما قاله أحمد مطر:-
أمريكا تطلق الكلب علينا وبها من كلبها نستنجد!
أمريكا تبعد الكلب عنا وبدلا منه علينا تقعد!
إن الفلسطيني القوي الصامد هو ذخر ودرع للعرب،وليس كما يصوره بعض شياطين الإعلام،ثم إن المشروع الصهيوني في مداه الاستراتيجي له مطامع تتجاوز حدوده الغير مرسومة حتى اليوم.
ولم يسلم العرب رغم سعي البعض منهم لإرضاء الأمريكيين من بوابة الحاجب الإسرائيلي،ورغم إعلاناتهم الخجولة أحيانا والصريحة أحيانا أخرى نفض أيديهم من القضية الفلسطينية من مخططات التقسيم والتمزيق التي تظهر في غير مكان وهذا ما سآتي عليه في الجزء الثاني بمشيئة الله....يتبع.
السبت 18 رمضان/1431هــ، 28/8/2010م
من قلم/سري سمور-جنين-فلسطين-أم الشوف-حيفا