kolonagaza7
جيفري وايت
معهد واشنطن - نشرة المجهر السياسي رقم 106, 17 أيلول/سبتمبر 2010
معهد واشنطن
ملخص تنفيذي
شهدت الأشهر العديدة الماضية نقاشاً مكثفاً حول التوترات المتزايدة بين إسرائيل و«حزب الله»، جنباً إلى جنب مع حلفاء هذه الجماعة سوريا وإيران. وإذا أتت الحرب بالفعل إلى الحدود الشمالية لإسرائيل فإنها ستحمل تشابهاً قليلاً مع نزاع عام 2006 في لبنان. وبدلاً من ذلك، من المرجح أن تكون حدثاً تحولياً بل مصيرياً للمنطقة، وبالتأكيد لـ «حزب الله» ولبنان وربما لسوريا ومن المحتمل حتى لإيران. ومن الممكن أن تتعرض إسرائيل ومكانتها الإقليمية لتغييرات كبيرة أيضاً. وتقدم هذه الدراسة ليس تنبؤاً للحرب، بل توقعات لما يمكن أن يكون عليه شكل تلك الحرب. فعلى الأرجح ستكون صراعاً كبيراً حيث سيمتد القتال على مساحات واسعة من لبنان وإسرائيل وربما سوريا، ويشمل مشاركة قوات عسكرية كبيرة تقوم بعمليات معقدة وتؤدي إلى حدوث إصابات كبيرة (بين العسكريين والمدنيين)، فضلاً عن إلحاق أضرار كبيرة في البنية التحتية لجميع البلدان المعنية. ورغم أن الساحة السياسية الدبلوماسية ستكون مهمة إلا أن النجاح في أرض المعركة سيكون محورياً في تحديد النتائج. ونظراً للمخاطر العالية، فإن القتال سيكون كثيفاً ومن المحتمل أن يتصاعد ويتوسع نطاقه. كما أن إسرائيل و«حزب الله» سيشعران بضغوط شديدة لكسب مثل هذه الحرب، وهذه الحاجة ستدفع الإشتباكات إلى مستوى جديد مما سيجر سوريا على الأرجح للمشاركة فيها ويدفع إيران للتورط أيضاً. وسيكون الصراع اختباراً قاسياً لصناع القرار والقوات المقاتلة على كلا الجانبين، وسيشكل تحدياً للعناصر الخارجية الرئيسية الفاعلة وخاصة الولايات المتحدة. وبإمكان عدد من الظروف أن تشعل هذا الصراع. فقد يستنتج أحد الجانبين ببساطة، أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراء ما لسبب أو لآخر. ويمكن أيضاً أن تتطور الحرب بسبب حوادث مختلفة مثل اندلاع العنف على طول الحدود اللبنانية أو في غزة أو في الضفة الغربية. ويمكن لأنشطة أخرى أن تولّد مواقف يمكن من خلالها أن تؤدي التوترات المتصاعدة وسوء تصور نوايا و/أو أفعال الطرف الآخر إلى نشوب صراع.
المقاتلون
إن التهديد الحالي لإسرائيل هو تقليدي في جوهره – فقوات قذائف وصواريخ «حزب الله» وتلك المضادة للدبابات هي تقليدية إلى حد كبير في هيكلها وأغراضها، وهو الأمر بالنسبة للجيش السوري. وقد أعدت إسرائيل قواتها التقليدية لهذا التهديد، بما في ذلك إدخال تعزيزات في أنظمة الجو والأرض والبحرية والقيادة والسيطرة والإستخبارات وجاهزية القوات ودفاع القذائف/الصواريخ النشطة والدفاع المدني. وعلى الرغم من أنه لا ينبغي الإستهانة بتحدي اندلاع حرب مع «حزب الله» وحلفائه، إلا أن استعداد "جيش الدفاع الإسرائيلي" اليوم هو أفضل بكثير مما كان عليه في عام 2006. وفي صراع من النوع المبيّن هنا، سوف تهدف إسرائيل إلى عمل تغيير جذري في المعادلة العسكرية مع عواقب وخيمة للموقف السياسي. ورغم أن هذا قد لا يرقى إلى درجة "نصر نهائي" إلا أنه من المرجح أن يكون حاسماً في الإدراك العملياتي العسكري. وستتركز الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على استخدام عمليات جوية أرضية بحرية مشتركة واسعة النطاق للقضاء على وجه السرعة على قوات القذائف والصواريخ التابعة لـ «حزب الله» وتدمير قواته البرية في جنوب لبنان وايقاع أضرار شديدة بأنظمة التحكم والقيادة التابعة له وتدمير البنية التحتية في جميع أنحاء لبنان. وربما ستحاول إسرائيل منع الصراع من التصاعد إلى حرب شاملة مع سوريا عن طريق استخدام التهديدات والتعبئة وعمليات نشر القوات والتمركز. ومع ذلك، ستكون في الوقت نفسه مستعدة لتلك الحالة الطارئة. ومن المرجح أن يتم استهداف أية قوات أو بنية تحتية سورية تدعم «حزب الله»، كما أن أية عناصر إيرانية تدعم هذه الجماعة ستكون عرضة للهجمات أيضاً. وفي غضون ذلك، ستحاول إسرائيل ردع الهجمات الإيرانية المباشرة على أراضيها من خلال إعطاء التحذيرات وإعداد أصول ضربة استراتيجية، بما في ذلك القوات الجوية والصاروخية والبحرية. وتهدف استعدادات «حزب الله» لحرب مستقبلية إلى ردع إسرائيل وتغيير التوازن العسكري لصالح الجماعة وتعزيز أهدافها السياسية. وتمثل أنشطة الحزب الأخيرة تخطيطاً خطيراً للحرب، كما أن التأثير التراكمي لهذه الأنشطة كان زيادة ثقة الجماعة بنفسها وربما تقليص الردع الإسرائيلي. لقد كان «حزب الله» ناجحاً بصورة كبيرة في التعاطي مع حرب عام 2006 وهو يهدف إلى تكرار ذلك النجاح في أي صراع مستقبلي. وإذا اندلعت حرب جديدة ستتركز الجهود العسكرية لـ «حزب الله» على الاستراتيجيات التالية:
■■ هجومياً: شن هجمات ضخمة بالقذائف/الصواريخ على أهداف عسكرية ومدنية بهدف إلحاق خسائر وأضرار كبيرة
■■ دفاعياً: مقاومة العمليات الجوية والبرية والبحرية الإسرائيلية داخل لبنان باتخاذ إجراءات عدائية، مما يبطئ أي تقدم في حين يتم إلحاق خسائر وإصابات هائلة بقدر الإمكان، وفي الوقت نفسه الحفاظ على قواته
وسوف تهدف الجماعة إلى مواصلة العمليات طالما ترى نفسها في موقف متميز، مما يسمح لها بإنزال أشد الأضرار السياسية والإقتصادية والعسكرية والإجتماعية على إسرائيل. ومن جانبهما فإن سوريا وإيران ستوفران -- كحد أدنى -- الإتصالات والقيادة والسيطرة والمعلومات الإستخباراتية ومساعدات إعادة التجهيز في محاولة لإبقاء «حزب الله» في القتال. وسوف تقاوم عناصر الدفاع الجوي السوري أي "اختراقات" لمجالها الجوي وربما تشتبك مع الطائرات الإسرائيلية فوق لبنان، نظراً لصغر مساحة العمليات، ومقربة دمشق من منطقة القتال. ومن غير الواضح ما هو الدور المحتمل لإيران بالإضافة إلى دعمها الأساسي (تقديم المشورة والأسلحة والاستخبارات، على سبيل المثال). لكن في ظل صراع واسع النطاق، قد تقرر طهران المشاركة بصورة أكثر مباشرة من خلال توفير قوات مشاة خفيفة أو قوات خاصة في لبنان، وربما قوات دفاع جوي وصاروخي داخل سوريا. ومن المرجح أن تشعر كل من دمشق وطهران بضغوط لزيادة دوريهما كلما تصاعدت الحرب، ويعود ذلك جزئياً إلى علاقاتهما بـ «حزب الله» وتعهداتهما للمنظمة. وإذا أصبحت سوريا ضالعة بشكل مباشر في صراع مع إسرائيل خلال الحرب في لبنان سوف تشمل أهدافها ما يلي:
■■ الحفاظ على النظام وأصوله الرئيسية (الأمنية والعسكرية والإقتصادية)
■■ الحفاظ على وضع «حزب الله» في لبنان وقدرته على تهديد إسرائيل
■■ إعادة ترسيخ الوجود العسكري السوري في لبنان
■■ إلحاق الهزيمة بإسرائيل بما يكفي لخلق ظروف ملائمة لاستعادة مرتفعات الجولان وفي إيران يمكن أن يقرر النظام اتخاذ خطوة أو أكثر ضمن خطوات عديدة على نطاق تصاعدي للمشاركة في الصراع:
■■ تقديم المزيد من الأسلحة لـ «حزب الله» وسوريا
■■ تقديم مستشارين أو فنيين أو قوات مقاتلة خفيفة
■■ تنفيذ هجمات غير متكافئة على مصالح إسرائيلية (أعمال من نوع إرهابي، على سبيل المثال)
■■ الضلوع في مشاغبة إقليمية (زيادة حدة التوتر في مضيق هرمز، على سبيل المثال)
■■ شن هجمات صاروخية على إسرائيل
وعلى الساحة الفلسطينية، من المرجح أن يحد قادة «حماس» من مشاركة الحركة ويقصرونها على اتخاذ إجراءات رمزية مصحوبة بخطابات داعمة. وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يُفاجأ أحد إذا شملت حرب جديدة في الشمال "توغلاً في غزة". فقد تقرر «حماس» دخول الصراع بأسلوب خطير يتمثل بإطلاق كثيف للصواريخ واستخدام أسلحة بعيدة المدى. وبدلاً من ذلك، قد تقرر إسرائيل إنهاء المهمة التي بدأتها في عملية "الرصاص المصبوب" في الفترة 2008-2009.
التصعيد وعدم اليقين
ستمثل الحرب المبينة هنا موقفاً خطيراً حيث أن أنواعاً مختلفة من الضغوط والديناميات ستدفع بهذه الحرب إلى التصاعد. كما أن مسار القتال والإستراتيجيات الهجومية للمقاتلين والأساليب الأيديولوجية وعمق استعداداتهم للحرب، وتوقعاتهم بأن يستخدم الطرف الآخر قوة هائلة والمزايا المتصورة للإستباق ستعزز جميعها قيام صراع أوسع نطاقاً وأكثر خطورة. وهناك بعض العوامل التي ستساعد على الحد من الأعمال العدائية مثل التدخل السياسي الخارجي أو التوقعات بوقوع خسائر هائلة أو هزيمة وشيكة. ومع ذلك، فمن باب التوازن، من المرجح أن تفوق الضغوط لتصعيد [العمليات القتالية] على آليات السيطرة عليها، مما ينتج عنه تكثيف سريع للحرب. وسوف تنشأ فترة من الخطر المحدق في وقت مبكر عندما تبرز مزايا كسب خطوة على الخصم بصورة أكثر وضوحاً. كما سيكون صناع القرار من قبل جميع الأطراف تحت ضغط شديد للعمل بسرعة من أجل تحقيق أهدافهم وحماية أصولهم وسكانهم. ومن المؤكد أن هناك العديد من الشكوك حول صراع من هذا النوع والنطاق، مثل قوة إرادة القادة الرئيسيين أو الطبيعة الحقيقية للعلاقة العسكرية بين «حزب الله» وسوريا وإيران، وتأثيرات التدخل الخارجي قبل القتال، وظروف بداية الحرب والسرعة اللاحقة، والمواقف الشعبية تجاه القتال، والاستخدام المحتمل لأسلحة كيماوية أو بيولوجية ودور الصدفة. ويمكن أن تؤثر هذه الشكوك وغيرها على مجريات الحرب، حيث ستطيل أو تقصر أو توسع أو تضيق من نطاقها، وتزيد أو تنقص من كثافتها.
النتائج
إذا توضع الشكوك جانباً، من المرجح أن تبقى الخطوط العريضة التي نوقشت سابقاً على ما هي عليه في حرب مستقبلية: وسوف يكون صراعاً شديداً على نطاق واسع بين إسرائيل ومجموعة تضم «حزب الله» وحلفائه، وتجري أعماله القتالية داخل وفوق إسرائيل ولبنان وسوريا وسيستمر أسابيع. وفي النهاية من المرجح أن تسود الظروف التالية:
■■ سوف يحتل "جيش الدفاع الإسرائيلي" بعض وربما أجزاء كبيرة من لبنان وربما كل غزة.
■■ أينما تسير مجريات ونتائج الحرب بصورة سيئة -- من هزائم وإصابات مدنية هائلة ودمار شامل -- ستكون هناك أزمات سياسية.
■■ سوف يظهر العديد من المتطلبات الملحة: التعامل مع المدنيين المرحلين وإعادة بناء وإمداد القوات العسكرية وإصلاح البنية التحتية المتضررة.
وسيتطلب الموقف قدراً كبيراً من الوقت واستثمارات سياسية واقتصادية جادة قبل حدوث استقرار.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي نوع الحرب المذكورة هنا إلى إعادة تشكيل البيئة السياسية والعسكرية للمنطقة. وستكون بالتأكيد أخطر حرب خاضتها إسرائيل منذ عام 1973، والتي سيكون لزاماً على "جيش الدفاع الإسرائيلي" كسبها. ونظراً للتكاليف السياسية والعسكرية والإقتصادية المحتملة ستواجه إسرائيل عواقب وخيمة إذا فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية بشكل يمكن إثباته.
وعلى النقيض من ذلك، إذا تصرفت إسرائيل بشكل حاسم، وتكون مستعدة لدفع التكاليف بالإصابات والأضرار مع الاستمتاع بنجاح عسكري، ففي ذلك الحين بإمكان الحرب الجديدة أن تضعف خصومها بشكل كبير بالطرق التالية:
■■ سينكسر «حزب الله» كعامل عسكري في لبنان ويضعف سياسياً.
■■ سيتم إضعاف النظام السوري بهزيمة عسكرية وخسارة أصول أمنية وعسكرية مهمة.
■■ سوف يتم حصر أنشطة إيران في المنطقة بهزيمة حلفائها. وإذا فشلت طهران في مساعدتهم أثناء الصراع فإنها ستخسر نفوذها أيضاً.
■■ ستخسر «حماس» (على افتراض أنها ستشارك مباشرة في الحرب) قوتها العسكرية في قطاع غزة وعلى الأقل بعض قوتها السياسية.
الدور الأمريكي
معهد واشنطن - نشرة المجهر السياسي رقم 106, 17 أيلول/سبتمبر 2010
معهد واشنطن
ملخص تنفيذي
شهدت الأشهر العديدة الماضية نقاشاً مكثفاً حول التوترات المتزايدة بين إسرائيل و«حزب الله»، جنباً إلى جنب مع حلفاء هذه الجماعة سوريا وإيران. وإذا أتت الحرب بالفعل إلى الحدود الشمالية لإسرائيل فإنها ستحمل تشابهاً قليلاً مع نزاع عام 2006 في لبنان. وبدلاً من ذلك، من المرجح أن تكون حدثاً تحولياً بل مصيرياً للمنطقة، وبالتأكيد لـ «حزب الله» ولبنان وربما لسوريا ومن المحتمل حتى لإيران. ومن الممكن أن تتعرض إسرائيل ومكانتها الإقليمية لتغييرات كبيرة أيضاً. وتقدم هذه الدراسة ليس تنبؤاً للحرب، بل توقعات لما يمكن أن يكون عليه شكل تلك الحرب. فعلى الأرجح ستكون صراعاً كبيراً حيث سيمتد القتال على مساحات واسعة من لبنان وإسرائيل وربما سوريا، ويشمل مشاركة قوات عسكرية كبيرة تقوم بعمليات معقدة وتؤدي إلى حدوث إصابات كبيرة (بين العسكريين والمدنيين)، فضلاً عن إلحاق أضرار كبيرة في البنية التحتية لجميع البلدان المعنية. ورغم أن الساحة السياسية الدبلوماسية ستكون مهمة إلا أن النجاح في أرض المعركة سيكون محورياً في تحديد النتائج. ونظراً للمخاطر العالية، فإن القتال سيكون كثيفاً ومن المحتمل أن يتصاعد ويتوسع نطاقه. كما أن إسرائيل و«حزب الله» سيشعران بضغوط شديدة لكسب مثل هذه الحرب، وهذه الحاجة ستدفع الإشتباكات إلى مستوى جديد مما سيجر سوريا على الأرجح للمشاركة فيها ويدفع إيران للتورط أيضاً. وسيكون الصراع اختباراً قاسياً لصناع القرار والقوات المقاتلة على كلا الجانبين، وسيشكل تحدياً للعناصر الخارجية الرئيسية الفاعلة وخاصة الولايات المتحدة. وبإمكان عدد من الظروف أن تشعل هذا الصراع. فقد يستنتج أحد الجانبين ببساطة، أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراء ما لسبب أو لآخر. ويمكن أيضاً أن تتطور الحرب بسبب حوادث مختلفة مثل اندلاع العنف على طول الحدود اللبنانية أو في غزة أو في الضفة الغربية. ويمكن لأنشطة أخرى أن تولّد مواقف يمكن من خلالها أن تؤدي التوترات المتصاعدة وسوء تصور نوايا و/أو أفعال الطرف الآخر إلى نشوب صراع.
المقاتلون
إن التهديد الحالي لإسرائيل هو تقليدي في جوهره – فقوات قذائف وصواريخ «حزب الله» وتلك المضادة للدبابات هي تقليدية إلى حد كبير في هيكلها وأغراضها، وهو الأمر بالنسبة للجيش السوري. وقد أعدت إسرائيل قواتها التقليدية لهذا التهديد، بما في ذلك إدخال تعزيزات في أنظمة الجو والأرض والبحرية والقيادة والسيطرة والإستخبارات وجاهزية القوات ودفاع القذائف/الصواريخ النشطة والدفاع المدني. وعلى الرغم من أنه لا ينبغي الإستهانة بتحدي اندلاع حرب مع «حزب الله» وحلفائه، إلا أن استعداد "جيش الدفاع الإسرائيلي" اليوم هو أفضل بكثير مما كان عليه في عام 2006. وفي صراع من النوع المبيّن هنا، سوف تهدف إسرائيل إلى عمل تغيير جذري في المعادلة العسكرية مع عواقب وخيمة للموقف السياسي. ورغم أن هذا قد لا يرقى إلى درجة "نصر نهائي" إلا أنه من المرجح أن يكون حاسماً في الإدراك العملياتي العسكري. وستتركز الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على استخدام عمليات جوية أرضية بحرية مشتركة واسعة النطاق للقضاء على وجه السرعة على قوات القذائف والصواريخ التابعة لـ «حزب الله» وتدمير قواته البرية في جنوب لبنان وايقاع أضرار شديدة بأنظمة التحكم والقيادة التابعة له وتدمير البنية التحتية في جميع أنحاء لبنان. وربما ستحاول إسرائيل منع الصراع من التصاعد إلى حرب شاملة مع سوريا عن طريق استخدام التهديدات والتعبئة وعمليات نشر القوات والتمركز. ومع ذلك، ستكون في الوقت نفسه مستعدة لتلك الحالة الطارئة. ومن المرجح أن يتم استهداف أية قوات أو بنية تحتية سورية تدعم «حزب الله»، كما أن أية عناصر إيرانية تدعم هذه الجماعة ستكون عرضة للهجمات أيضاً. وفي غضون ذلك، ستحاول إسرائيل ردع الهجمات الإيرانية المباشرة على أراضيها من خلال إعطاء التحذيرات وإعداد أصول ضربة استراتيجية، بما في ذلك القوات الجوية والصاروخية والبحرية. وتهدف استعدادات «حزب الله» لحرب مستقبلية إلى ردع إسرائيل وتغيير التوازن العسكري لصالح الجماعة وتعزيز أهدافها السياسية. وتمثل أنشطة الحزب الأخيرة تخطيطاً خطيراً للحرب، كما أن التأثير التراكمي لهذه الأنشطة كان زيادة ثقة الجماعة بنفسها وربما تقليص الردع الإسرائيلي. لقد كان «حزب الله» ناجحاً بصورة كبيرة في التعاطي مع حرب عام 2006 وهو يهدف إلى تكرار ذلك النجاح في أي صراع مستقبلي. وإذا اندلعت حرب جديدة ستتركز الجهود العسكرية لـ «حزب الله» على الاستراتيجيات التالية:
■■ هجومياً: شن هجمات ضخمة بالقذائف/الصواريخ على أهداف عسكرية ومدنية بهدف إلحاق خسائر وأضرار كبيرة
■■ دفاعياً: مقاومة العمليات الجوية والبرية والبحرية الإسرائيلية داخل لبنان باتخاذ إجراءات عدائية، مما يبطئ أي تقدم في حين يتم إلحاق خسائر وإصابات هائلة بقدر الإمكان، وفي الوقت نفسه الحفاظ على قواته
وسوف تهدف الجماعة إلى مواصلة العمليات طالما ترى نفسها في موقف متميز، مما يسمح لها بإنزال أشد الأضرار السياسية والإقتصادية والعسكرية والإجتماعية على إسرائيل. ومن جانبهما فإن سوريا وإيران ستوفران -- كحد أدنى -- الإتصالات والقيادة والسيطرة والمعلومات الإستخباراتية ومساعدات إعادة التجهيز في محاولة لإبقاء «حزب الله» في القتال. وسوف تقاوم عناصر الدفاع الجوي السوري أي "اختراقات" لمجالها الجوي وربما تشتبك مع الطائرات الإسرائيلية فوق لبنان، نظراً لصغر مساحة العمليات، ومقربة دمشق من منطقة القتال. ومن غير الواضح ما هو الدور المحتمل لإيران بالإضافة إلى دعمها الأساسي (تقديم المشورة والأسلحة والاستخبارات، على سبيل المثال). لكن في ظل صراع واسع النطاق، قد تقرر طهران المشاركة بصورة أكثر مباشرة من خلال توفير قوات مشاة خفيفة أو قوات خاصة في لبنان، وربما قوات دفاع جوي وصاروخي داخل سوريا. ومن المرجح أن تشعر كل من دمشق وطهران بضغوط لزيادة دوريهما كلما تصاعدت الحرب، ويعود ذلك جزئياً إلى علاقاتهما بـ «حزب الله» وتعهداتهما للمنظمة. وإذا أصبحت سوريا ضالعة بشكل مباشر في صراع مع إسرائيل خلال الحرب في لبنان سوف تشمل أهدافها ما يلي:
■■ الحفاظ على النظام وأصوله الرئيسية (الأمنية والعسكرية والإقتصادية)
■■ الحفاظ على وضع «حزب الله» في لبنان وقدرته على تهديد إسرائيل
■■ إعادة ترسيخ الوجود العسكري السوري في لبنان
■■ إلحاق الهزيمة بإسرائيل بما يكفي لخلق ظروف ملائمة لاستعادة مرتفعات الجولان وفي إيران يمكن أن يقرر النظام اتخاذ خطوة أو أكثر ضمن خطوات عديدة على نطاق تصاعدي للمشاركة في الصراع:
■■ تقديم المزيد من الأسلحة لـ «حزب الله» وسوريا
■■ تقديم مستشارين أو فنيين أو قوات مقاتلة خفيفة
■■ تنفيذ هجمات غير متكافئة على مصالح إسرائيلية (أعمال من نوع إرهابي، على سبيل المثال)
■■ الضلوع في مشاغبة إقليمية (زيادة حدة التوتر في مضيق هرمز، على سبيل المثال)
■■ شن هجمات صاروخية على إسرائيل
وعلى الساحة الفلسطينية، من المرجح أن يحد قادة «حماس» من مشاركة الحركة ويقصرونها على اتخاذ إجراءات رمزية مصحوبة بخطابات داعمة. وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يُفاجأ أحد إذا شملت حرب جديدة في الشمال "توغلاً في غزة". فقد تقرر «حماس» دخول الصراع بأسلوب خطير يتمثل بإطلاق كثيف للصواريخ واستخدام أسلحة بعيدة المدى. وبدلاً من ذلك، قد تقرر إسرائيل إنهاء المهمة التي بدأتها في عملية "الرصاص المصبوب" في الفترة 2008-2009.
التصعيد وعدم اليقين
ستمثل الحرب المبينة هنا موقفاً خطيراً حيث أن أنواعاً مختلفة من الضغوط والديناميات ستدفع بهذه الحرب إلى التصاعد. كما أن مسار القتال والإستراتيجيات الهجومية للمقاتلين والأساليب الأيديولوجية وعمق استعداداتهم للحرب، وتوقعاتهم بأن يستخدم الطرف الآخر قوة هائلة والمزايا المتصورة للإستباق ستعزز جميعها قيام صراع أوسع نطاقاً وأكثر خطورة. وهناك بعض العوامل التي ستساعد على الحد من الأعمال العدائية مثل التدخل السياسي الخارجي أو التوقعات بوقوع خسائر هائلة أو هزيمة وشيكة. ومع ذلك، فمن باب التوازن، من المرجح أن تفوق الضغوط لتصعيد [العمليات القتالية] على آليات السيطرة عليها، مما ينتج عنه تكثيف سريع للحرب. وسوف تنشأ فترة من الخطر المحدق في وقت مبكر عندما تبرز مزايا كسب خطوة على الخصم بصورة أكثر وضوحاً. كما سيكون صناع القرار من قبل جميع الأطراف تحت ضغط شديد للعمل بسرعة من أجل تحقيق أهدافهم وحماية أصولهم وسكانهم. ومن المؤكد أن هناك العديد من الشكوك حول صراع من هذا النوع والنطاق، مثل قوة إرادة القادة الرئيسيين أو الطبيعة الحقيقية للعلاقة العسكرية بين «حزب الله» وسوريا وإيران، وتأثيرات التدخل الخارجي قبل القتال، وظروف بداية الحرب والسرعة اللاحقة، والمواقف الشعبية تجاه القتال، والاستخدام المحتمل لأسلحة كيماوية أو بيولوجية ودور الصدفة. ويمكن أن تؤثر هذه الشكوك وغيرها على مجريات الحرب، حيث ستطيل أو تقصر أو توسع أو تضيق من نطاقها، وتزيد أو تنقص من كثافتها.
النتائج
إذا توضع الشكوك جانباً، من المرجح أن تبقى الخطوط العريضة التي نوقشت سابقاً على ما هي عليه في حرب مستقبلية: وسوف يكون صراعاً شديداً على نطاق واسع بين إسرائيل ومجموعة تضم «حزب الله» وحلفائه، وتجري أعماله القتالية داخل وفوق إسرائيل ولبنان وسوريا وسيستمر أسابيع. وفي النهاية من المرجح أن تسود الظروف التالية:
■■ سوف يحتل "جيش الدفاع الإسرائيلي" بعض وربما أجزاء كبيرة من لبنان وربما كل غزة.
■■ أينما تسير مجريات ونتائج الحرب بصورة سيئة -- من هزائم وإصابات مدنية هائلة ودمار شامل -- ستكون هناك أزمات سياسية.
■■ سوف يظهر العديد من المتطلبات الملحة: التعامل مع المدنيين المرحلين وإعادة بناء وإمداد القوات العسكرية وإصلاح البنية التحتية المتضررة.
وسيتطلب الموقف قدراً كبيراً من الوقت واستثمارات سياسية واقتصادية جادة قبل حدوث استقرار.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي نوع الحرب المذكورة هنا إلى إعادة تشكيل البيئة السياسية والعسكرية للمنطقة. وستكون بالتأكيد أخطر حرب خاضتها إسرائيل منذ عام 1973، والتي سيكون لزاماً على "جيش الدفاع الإسرائيلي" كسبها. ونظراً للتكاليف السياسية والعسكرية والإقتصادية المحتملة ستواجه إسرائيل عواقب وخيمة إذا فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية بشكل يمكن إثباته.
وعلى النقيض من ذلك، إذا تصرفت إسرائيل بشكل حاسم، وتكون مستعدة لدفع التكاليف بالإصابات والأضرار مع الاستمتاع بنجاح عسكري، ففي ذلك الحين بإمكان الحرب الجديدة أن تضعف خصومها بشكل كبير بالطرق التالية:
■■ سينكسر «حزب الله» كعامل عسكري في لبنان ويضعف سياسياً.
■■ سيتم إضعاف النظام السوري بهزيمة عسكرية وخسارة أصول أمنية وعسكرية مهمة.
■■ سوف يتم حصر أنشطة إيران في المنطقة بهزيمة حلفائها. وإذا فشلت طهران في مساعدتهم أثناء الصراع فإنها ستخسر نفوذها أيضاً.
■■ ستخسر «حماس» (على افتراض أنها ستشارك مباشرة في الحرب) قوتها العسكرية في قطاع غزة وعلى الأقل بعض قوتها السياسية.
الدور الأمريكي