kolonagaza7
د. مصطفى يوسف اللداوي
يستشيط الإسرائيليون وحلفاؤهم الأمريكيون ودول الإتحاد الأوروبي غضباً وحنقاً وثورة، عندما يطالب العرب والمسلمون أن يكون الإسلام هو مصدر التشريع، أو المصدر الأساس للتشريع، ويتهمون الشعوب التي تطالب بذلك بالغلو والتطرف والإرهاب والانعزال والرجعية والانغلاق والعنصرية، وأنهم يدعون إلى الكراهية والحرب والقتل، وأنهم يرفضون السلام والعيش المشترك، وأنهم يشكلون خطراً على العالم والبشرية، ويلحقون خطراً على القيم الحضارية ومفاهيم الحداثة والتطور، ويتهمونهم بأنهم يعتدون على الحريات الفردية والعامة، وأنهم يفرضون على المجتمع مفاهيم أحادية، ومعتقداتٍ قسرية، وأنهم يكرهون المجتمع على سلوكياتٍ خاصة، وممارساتٍ محددة، وأنهم سيعيدون الناس قروناً إلى الماضي، بمفاهيمه وتصوراته وسلوكياته وهيئاته ومفرداته العامة والخاصة.
نسي الذين ارتفعت عقيرتهم بحقدٍ وكرهٍ وجهالة وهم ينتقدون الشعوب العربية والإسلامية التي تريد أن تكون منسجمة ومتصالحة مع قيمها وحضارتها ودينها وتاريخها، أن الإسلام دينٌ يدعو إلى التسامح والتصالح، وأنه دين العدل والمساواة، وأنه يرفض الظلم ويحارب المعتدين، ويتبنى الحق ويسعى لإنصاف المظلومين، وأنه دين الأمانة والسلامة، لا يضام فيه أحد، ولا يظلم فيه غريب، ولا يعتدى فيه على ضعيف، وأنه دينٌ عاش في كنفه الآخرون، ونعموا فيه بالأمن والطمأنينة والسلام، فما شكوا من ظلمٍ، ولا عابوا على المسلمين جوراً أو اعتداءاً، فأمنوا في رحابه على حياتهم وممتلكاتهم، وتفيئوا في ظلال عدله وسماحته، وشهدوا على ذلك بأنفسهم، وسجلوا شهادتهم في كتبهم، ورفض كثيرٌ منهم محاولات التشويه والإساءة، شاهدين على عدالة الإسلام، وسمو قيمه ومفاهيمه.
أما أن يعلن الإسرائيليون أن اليهودية هي مصدر التشريعات، وأن فلسطين هي أرضٌ يهودية، وأنها دولةٌ لليهود دون غيرهم، فهي وعد الله للشعب المختار، وهديته لهم بعد التيه والضياع، وهي أرض الأجداد، وإرث الأنبياء، وحصة داوود، وأن اللغة العبرية هي اللغة التي يجب أن تسود، فهي اللغة السامية، التي ينطق بها الساميون النبلاء، فلا مكان للغاتٍ غيرها، ولا اعتراف باللغة الأصلية لأهل الأرض وسكان البلاد.
تسكت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي وغيرهم أمام الدعوات والأحلام الإسرائيلية، ويجبنون أمامهم، ويعجزون عن رفع الصوت في وجوههم، بل يؤيدون دعوتهم، ويبشرون بها، ويطلبون من العرب والفلسطينيين أن يعترفوا بالحقوق اليهودية، وأن يقبلوا بالدولة اليهودية على الأرض الفلسطينية، وأن ينبذوا شريعتهم الإسلامية، ويحلوا مكانها الشريعة اليهودية، وأن يغطوا الطرف عن لغة الضاد وينسوا خلودها القرآني، لتحل اللغة العبرية مكانها، وتطالبهم بألا يتغولوا على الإسرائيليين، وألا يحرموهم من حقهم في بناء الدولة اليهودية ذات اللغة العبرية والمفاهيم التوراتية والتعاليم التلمودية.
نسيت الإدارة الأمريكية وحكومات الدول الأوروبية وغيرهم أن الدولة العبرية التي ساعدوا في تأسيسها وإعلاء شأنها، وتقوية جيشها، وتحصين صفها، وحمايتها من أصحاب الحق، أنها قامت على أنقاض شعبٍ اغتصبت أرضه وطردته من دياره، وقتلت أبناءه وشردت شعبه، وأنها الدولة التي أرست مفاهيم الظلم والاعتداء والاضطهاد، ووضعت مفردات العنصرية والتطرف والإرهاب، وهي التي ارتكبت المجازر وسفكت الدماء، وبنت السجون والمعتقلات، وصادرت الحقوق والممتلكات، وأنها دولةٌ لا تقيم العدل ولا تعيد الحق، ولا تعترف بالإخاء ولا تقبل بالمساواة، ولا تحترم غير اليهودي ولا ترى في غيره سوى غويم، خلق ليكون خادماً لهم، وحارساً على مصالحهم، وراعياً لحقوقهم، وأنهم لا يعترفون بجيرانهم، ولا يقبلون بشركائهم، ولا يحترمون عهودهم، ولا يحافظون على مواثيقهم، وأنهم أهل الغدر والخيانة، لا يعرفون وداً ولا يكنون حباً، ولا يحبون لغيرهم خيراً، وأنهم لا يقبلون في غيرهم إلاً ولا ذمة، فلا يرحمون صغيراً ولا رضيعاً، ولا يحترمون شيخاً ولا عجوزاً، وأنهم لن يرضوا عن غيرهم حتى ولو اتبع ملتهم.
على المجتمع الدولي أن يتوقع في الفترة القادمة من الكيان الصهيوني المزيد من الظلم والاضطهاد للشعب الفلسطيني، فالكيان الإسرائيلي يحكم الفلسطينيين منذ سنة النكبة بقوانين وأنظمة عسكرية ظالمة وقاسية، ذاق الفلسطينيون مرارتها لسنواتٍ طويلة، وعانوا من قسوتها كثيراً، إذ أنها قوانين تعسفية جائرة، وأحكامٌ مزاجية واستنسابية ظالمة، صنعها الاحتلال، وطبقها ضباطٌ عسكريون غلاظٌ شدادٌ، لا يعصون نظامهم ما أمرهم، فكيف سيكون مصير الشعب الفلسطيني إذا حكمته قوانين يهودية، مستمدة من الشريعة التي ترى في قتل الآخرين عبادة، وفي ظلمهم قربى إلى الرب، وفي طردهم استعجال للوعد الإلهي، والتي ترى أن الروح السامية هي روحٌ يهودية، وأن غيرها روحٌ حيوانية ذليلة، لا حق لها في الحياة إلا أن تكون خادمة وعبداً مطيعاً.
على قادة الغرب وحراس القانون الدولي والإنساني ودعاة حقوق الإنسان أن ينتبهوا إلى خطورة الدعوات الإسرائيلية، وتأثيراتها على سكان المنطقة العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، فالدعوات الإسرائيلية بالاعتراف بيهودية كيانهم، وبأحقيتهم في الأرض الفلسطينية دينياً وتاريخياً، وبأن اليهودية هي مصدر التشريع والقضاء لديهم، وأنه لا مكان لغيرها من العقائد والأديان واللغات، فإنها تعني الاعتراف بالعنصرية والتطرف والإرهاب، والإقرار بسياسة الترانسفير الإسرائيلية، والقبول بوحدانية المفاهيم والعقائد، وإضفاء الشرعية على كل السياسات والممارسات الإسرائيلية، وبجرمية من يخالف ويعاند، وضرورة محاسبة ومعاقبة كل من يعارض ويقاوم، وأنها تعني الاعتراف بالقرارات والأحكام التي تصدرها محاكمهم في حق الفلسطينيين وغيرهم، لأنها أحكامٌ ربانية وقوانين يهودية سامية، وهي بالتأكيد ستكون أشد وأنكى من قوانينهم العسكرية التي وضعوها أو تلك التي ورثوها عن الانتداب قبلهم.
أما الفلسطينيون فإن عليهم ألا يقعوا في هذا الفخ الإسرائيلي، وألا يستجيبوا لشروطهم، وألا يخضعوا لضغوطهم، إذ أن الاستجابة لمطلبهم الخبيث بالاعتراف بيهودية دولتهم، تعني طرد الفلسطينيين من أرضهم، وتنقيتها من غير اليهود، وشطب هويتها العربية والإسلامية، ونزع كل ما يربطها بتاريخها وحضارتها، وإلغاء لغتها العربية، وهدم مساجدها، وتدمير مآذنها، وتغيير أسماء مدنها وقراها، وإلغاء أسماءها العربية واستبدالها بأخرى عبرية، وهي تعني الاحتكام إلى قوانينهم، والقبول بحلولهم وأحكامهم، وهي لن تعني بحالٍ عودة الفلسطينيين إلى أرضهم، وإقامتهم لدولتهم، وتمكينهم من استعادة حقهم، ورغم ذلك فإن فلسطين أرضٌ عربية إسلامية، كانت وستبقى، ولن تغيرها قراراتٌ ولا اقتراحاتٌ إسرائيلية، ولن يشطب عنها هويتها مؤامراتٌ دولية، ومساعي صهيونية.
بيروت في 6/8/2011
نسي الذين ارتفعت عقيرتهم بحقدٍ وكرهٍ وجهالة وهم ينتقدون الشعوب العربية والإسلامية التي تريد أن تكون منسجمة ومتصالحة مع قيمها وحضارتها ودينها وتاريخها، أن الإسلام دينٌ يدعو إلى التسامح والتصالح، وأنه دين العدل والمساواة، وأنه يرفض الظلم ويحارب المعتدين، ويتبنى الحق ويسعى لإنصاف المظلومين، وأنه دين الأمانة والسلامة، لا يضام فيه أحد، ولا يظلم فيه غريب، ولا يعتدى فيه على ضعيف، وأنه دينٌ عاش في كنفه الآخرون، ونعموا فيه بالأمن والطمأنينة والسلام، فما شكوا من ظلمٍ، ولا عابوا على المسلمين جوراً أو اعتداءاً، فأمنوا في رحابه على حياتهم وممتلكاتهم، وتفيئوا في ظلال عدله وسماحته، وشهدوا على ذلك بأنفسهم، وسجلوا شهادتهم في كتبهم، ورفض كثيرٌ منهم محاولات التشويه والإساءة، شاهدين على عدالة الإسلام، وسمو قيمه ومفاهيمه.
أما أن يعلن الإسرائيليون أن اليهودية هي مصدر التشريعات، وأن فلسطين هي أرضٌ يهودية، وأنها دولةٌ لليهود دون غيرهم، فهي وعد الله للشعب المختار، وهديته لهم بعد التيه والضياع، وهي أرض الأجداد، وإرث الأنبياء، وحصة داوود، وأن اللغة العبرية هي اللغة التي يجب أن تسود، فهي اللغة السامية، التي ينطق بها الساميون النبلاء، فلا مكان للغاتٍ غيرها، ولا اعتراف باللغة الأصلية لأهل الأرض وسكان البلاد.
تسكت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي وغيرهم أمام الدعوات والأحلام الإسرائيلية، ويجبنون أمامهم، ويعجزون عن رفع الصوت في وجوههم، بل يؤيدون دعوتهم، ويبشرون بها، ويطلبون من العرب والفلسطينيين أن يعترفوا بالحقوق اليهودية، وأن يقبلوا بالدولة اليهودية على الأرض الفلسطينية، وأن ينبذوا شريعتهم الإسلامية، ويحلوا مكانها الشريعة اليهودية، وأن يغطوا الطرف عن لغة الضاد وينسوا خلودها القرآني، لتحل اللغة العبرية مكانها، وتطالبهم بألا يتغولوا على الإسرائيليين، وألا يحرموهم من حقهم في بناء الدولة اليهودية ذات اللغة العبرية والمفاهيم التوراتية والتعاليم التلمودية.
نسيت الإدارة الأمريكية وحكومات الدول الأوروبية وغيرهم أن الدولة العبرية التي ساعدوا في تأسيسها وإعلاء شأنها، وتقوية جيشها، وتحصين صفها، وحمايتها من أصحاب الحق، أنها قامت على أنقاض شعبٍ اغتصبت أرضه وطردته من دياره، وقتلت أبناءه وشردت شعبه، وأنها الدولة التي أرست مفاهيم الظلم والاعتداء والاضطهاد، ووضعت مفردات العنصرية والتطرف والإرهاب، وهي التي ارتكبت المجازر وسفكت الدماء، وبنت السجون والمعتقلات، وصادرت الحقوق والممتلكات، وأنها دولةٌ لا تقيم العدل ولا تعيد الحق، ولا تعترف بالإخاء ولا تقبل بالمساواة، ولا تحترم غير اليهودي ولا ترى في غيره سوى غويم، خلق ليكون خادماً لهم، وحارساً على مصالحهم، وراعياً لحقوقهم، وأنهم لا يعترفون بجيرانهم، ولا يقبلون بشركائهم، ولا يحترمون عهودهم، ولا يحافظون على مواثيقهم، وأنهم أهل الغدر والخيانة، لا يعرفون وداً ولا يكنون حباً، ولا يحبون لغيرهم خيراً، وأنهم لا يقبلون في غيرهم إلاً ولا ذمة، فلا يرحمون صغيراً ولا رضيعاً، ولا يحترمون شيخاً ولا عجوزاً، وأنهم لن يرضوا عن غيرهم حتى ولو اتبع ملتهم.
على المجتمع الدولي أن يتوقع في الفترة القادمة من الكيان الصهيوني المزيد من الظلم والاضطهاد للشعب الفلسطيني، فالكيان الإسرائيلي يحكم الفلسطينيين منذ سنة النكبة بقوانين وأنظمة عسكرية ظالمة وقاسية، ذاق الفلسطينيون مرارتها لسنواتٍ طويلة، وعانوا من قسوتها كثيراً، إذ أنها قوانين تعسفية جائرة، وأحكامٌ مزاجية واستنسابية ظالمة، صنعها الاحتلال، وطبقها ضباطٌ عسكريون غلاظٌ شدادٌ، لا يعصون نظامهم ما أمرهم، فكيف سيكون مصير الشعب الفلسطيني إذا حكمته قوانين يهودية، مستمدة من الشريعة التي ترى في قتل الآخرين عبادة، وفي ظلمهم قربى إلى الرب، وفي طردهم استعجال للوعد الإلهي، والتي ترى أن الروح السامية هي روحٌ يهودية، وأن غيرها روحٌ حيوانية ذليلة، لا حق لها في الحياة إلا أن تكون خادمة وعبداً مطيعاً.
على قادة الغرب وحراس القانون الدولي والإنساني ودعاة حقوق الإنسان أن ينتبهوا إلى خطورة الدعوات الإسرائيلية، وتأثيراتها على سكان المنطقة العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، فالدعوات الإسرائيلية بالاعتراف بيهودية كيانهم، وبأحقيتهم في الأرض الفلسطينية دينياً وتاريخياً، وبأن اليهودية هي مصدر التشريع والقضاء لديهم، وأنه لا مكان لغيرها من العقائد والأديان واللغات، فإنها تعني الاعتراف بالعنصرية والتطرف والإرهاب، والإقرار بسياسة الترانسفير الإسرائيلية، والقبول بوحدانية المفاهيم والعقائد، وإضفاء الشرعية على كل السياسات والممارسات الإسرائيلية، وبجرمية من يخالف ويعاند، وضرورة محاسبة ومعاقبة كل من يعارض ويقاوم، وأنها تعني الاعتراف بالقرارات والأحكام التي تصدرها محاكمهم في حق الفلسطينيين وغيرهم، لأنها أحكامٌ ربانية وقوانين يهودية سامية، وهي بالتأكيد ستكون أشد وأنكى من قوانينهم العسكرية التي وضعوها أو تلك التي ورثوها عن الانتداب قبلهم.
أما الفلسطينيون فإن عليهم ألا يقعوا في هذا الفخ الإسرائيلي، وألا يستجيبوا لشروطهم، وألا يخضعوا لضغوطهم، إذ أن الاستجابة لمطلبهم الخبيث بالاعتراف بيهودية دولتهم، تعني طرد الفلسطينيين من أرضهم، وتنقيتها من غير اليهود، وشطب هويتها العربية والإسلامية، ونزع كل ما يربطها بتاريخها وحضارتها، وإلغاء لغتها العربية، وهدم مساجدها، وتدمير مآذنها، وتغيير أسماء مدنها وقراها، وإلغاء أسماءها العربية واستبدالها بأخرى عبرية، وهي تعني الاحتكام إلى قوانينهم، والقبول بحلولهم وأحكامهم، وهي لن تعني بحالٍ عودة الفلسطينيين إلى أرضهم، وإقامتهم لدولتهم، وتمكينهم من استعادة حقهم، ورغم ذلك فإن فلسطين أرضٌ عربية إسلامية، كانت وستبقى، ولن تغيرها قراراتٌ ولا اقتراحاتٌ إسرائيلية، ولن يشطب عنها هويتها مؤامراتٌ دولية، ومساعي صهيونية.
بيروت في 6/8/2011