الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

الطوارىء والوفاء بالعهود

kolonagaza7



(مجدى أحمد حسين)
أشار المستشار طارق البشرى إلى أن الإعلان الدستورى الذى صدر عن المجلس العسكرى تضمن عدم فرض حالة الطوارىء أكثر من 6 شهور إلا باستفتاء شعبى، بينما أعلن المجلس العسكرى على لسان أحد أعضائه أن حالة الطوارىء ستمتد إلى يونيو 2012. وليست هذه المرة الأولى التى يخالف فيها المجلس العسكرى وعوده وتعهداته المكتوبة بما فى ذلك الإعلان الدستورى. بل لقد خالف المجلس التزامه بالاستفتاء الشعبى فيما يتعلق بالجمعية التأسيسية وكيفية تشكيلها وعملها بكثرة حديثه عن المبادىء الحاكمة للدستور أو معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية.
وليدرك المجلس أننا نعانى من عقود كان الحكام فيها يقولون ما لا يفعلون، وبالتالى فإن الشعب لديه حساسية شديدة لهذا الأسلوب فى ممارسة السياسة وهذا أمر عادل وصحيح. فقد شاع فى العمل السياسى أن من حسن أدائه الدهاء وفسروا الدهاء بأنه (الغاية تبرر الوسيلة) وحولوا كاتب محدود الكفاءة إلى نبى العمل السياسى (مكيافيللى) الذى قال هذه العبارة وشرحها تفصيلا فى كتاب الأمير، وهو أيضا الذى اعتبر الكذب من أهم خصائص السياسى الناجح. بينما فى الإسلام نجد أن من كبريات الجرائم التى يحذر منها، الكذب والإخلال بالعهود، والجريمتان مرتبطتان. وقد يقال أن الإخلال بالعهود قد يرجع إلى ظروف طارئة وليس إلى تعمد الكذب. والحقيقة فإن العقود المكتوبة لا يمكن الإخلال بها إلا بالتفاوض بين الطرفين لتعديلها، وليس بالأمر الواقع أو باستخدام القوة. ومن عظمة الإسلام وعدالته التى يحذر البعض منها باعتبارها من الكوارث المحتملة!! أن الإسلام يؤكد على الوفاء بالعهد مع الأعداء المشركين المحاربين. واعتبر ذلك من علامات التقوى!! وكرر القرآن فى سورة التوبة (إن الله يحب المتقين) مرتين فى معرض التأكيد على الوفاء بالعهد مع المشركين. وقد يتعجب البعض: ما علاقة ذلك بالتقوى؟ علاقته أن المؤمن لابد أن يقدم القدوة والمثل، ولا يرد على الإساءة بالإساءة، ولا يقول ما دام الأعداء يخلون بالعهود فلماذا لا أرد عليهم بالمثل؟ فإذا كان هذا هو المسلك الإسلامى مع الأعداء فكيف يكون مع أهل البلد؟!
كما أن الوفاء بالعهود من أهم متطلبات الاستقرار فى أى مجتمع، وقد أصبح ذلك محاطا بضمانات قانونية ودستورية فى المجتمعات المحترمة.
كما أن الإخلال بالعهود هو الذى يحط من مكانة وهيبة الدولة، أكثر من الإخلال الأمنى. أما من ناحية مضمون القرار، فنقول للمجلس العسكرى لقد قامت الثورة لأن مبارك حكمنا بالطوارىء 30 سنة، فهل يمكن أن نقبل أن نحكم بعد الثورة بالطوارىء؟ بل هل تستطيعون أن تفعلوا ذلك دون رد فعل شعبى مكافىء؟
مجدى أحمد حسين
magdyahmedhussein@gmail.com

مشاركة مميزة