الجمعة، 23 سبتمبر 2011

الدولة الفلسطينية.. في الوقت بدل الضائع ؟

kolonagaza7

د. عادل محمد عايش الأسطل
لا شك أن الرئيس محمود عباس قد سجل نجاحاً، في جعل مسألة عضوية دولة فلسطين الحدث الأكثر اهتماماً في الأوساط الدولية، طيلة الفترة القريبة الماضية، والأبرز في اجتماعات الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قدم الرئيس طلباً لانضمام دولة فلسطينية للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" في 20 من الشهر الجاري، على أن يلقي بعد ذلك كلمة، يدعو فيها دول العالم إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وكان الرئيس قد واصل إصراره على مواصلة مسعاه، ولم يتراجع أمام سيل التهديدات غير المسبوقة، حتى من مسئولين أميركيين كبار، حيث ترفض كل من واشنطن وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، وبعض الدول العربية، بعد أن كانت على اتفاق تام بشأن الطلب إلى المنظمة الدولية للاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية، من خلال لجنة مبادرة السلام العربية المنبثقة عن مجلس الجامعة العربية، بعد تعرضها للضغوط الأمريكية والأوروبية، سعي الفلسطينيين، للحصول على الاعتراف بدولتهم في الأمم المتحدة، حتى باتت الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر ارتياحاً، خاصةً وأن بعض المصادر الإسرائيلية المضطلعة، أكدت إلى أن الطلب الفلسطيني، لن يحظ بالغالبية في مجلس الأمن، حيث لن تكون الولايات المتحدة الأمريكية مرغمة على اتخاذ (الفيتو) ضد مشروع أي قرار قد يتخذ لصالح إعلان الدولة الفلسطينية
وأمام كل التصريحات المسبقة والإعلانات المتتالية، والضغوط من قبل الدول الغربية، وحتى التهديدات من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، وكما أجمع المراقبون، إلاّ أن عباس نجح على الأقل، في أن يصبح حدث تقديم طلب عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، هو الحدث الأبرز لاجتماعات الأمم المتحدة لهذا العام، خاصة وأن مجرد الشروع في مسألة إعلان والتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية الدولة في المنظمة الدولية، قد أثار قلقاً ومخاوف حقيقية في الأوساط الأمريكية والإسرائيلية، من إمكانية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
وكان الرئيس عباس، قد خاض غمار المخاطرة، من خلال الخيار الفلسطيني، الذي حظي بدعم عربي مطلق، بعد أن أقفلت مسارات التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، حول إنهاء القضية الفلسطينية، حيث بدت إسرائيل غير مهتمة بعملية السلام، وبعد أن قدم الفلسطينيون للسلام كل شيء ولم يجدوا تنازلاً إسرائيلياً واحداً، بل جابهت رفضاً إسرائيلياً تاماً للمطالبات الفلسطينية وحتى لما صدر عن المرجعيات الدولية ومنذ قيام الدولة الإسرائيلية، وأدارت ظهرها حتى إلى حليفتها الولايات المتحدة، في كثير من الأحايين وخاصةً في ما يخص مسألة الاستيطان، بل وأجبرت أوباما إلى تغيير سلوكه، منذ خطاب القاهرة، حتى أصبح ينظر إلى القضية الفلسطينية بعيون إسرائيلية، ويعمل في نطاق الرغبة الإسرائيلية، التي تحول دون ما من شأنه التقدم في عملة السلام، وبشأن إعلان الدولة ومعارضتها لذلك، وكانت أفشلت اللجنة الرباعية في وضع الأسس الجدية لمفاوضات حقيقية تفضي لإقامة الدولة الفلسطينية، وحل كافة قضايا الحل النهائي.
ومن ناحيةٍ أخرى فإن التوجه لطلب عضوية دولة فلسطين جاء تتويجاً لجهد وطني فلسطيني بدأ منذ عام 1994 من خلال بناء المؤسسات الفلسطينية والبنية التحتية الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني.
وكان الرئيس عباس قد انتقل إلى عواصم الدول العربية والغربية بغية حشد الدعم العربي والدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس، وحتى في الأيام القليلة الفائتة، وأثناء وجوده في نيويورك، مع الوفد الكبير الذي يرافقه، كان التقى عدداً كبيراً من الوفود أبرزهم الرئيس الفرنسي ساركوزي وعدد من الرؤساء والوزراء، بشأن حثهم على تأييدهم الطلب الفلسطيني.
وكان اجتمع الرئيس عشية انعقاد الجمعية العامة، مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث جرى خلال الاجتماع بحث آخر التطورات، في ضوء التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة. وناقشا مشروع بيان اللجنة الرباعية والموقف الفلسطيني منه، الذي انتقد مشروع البيان لأنه لم يلب الشروط الفلسطينية المطلوبة.
وبدوره انتقد أوباما، الخطوة الفلسطينية، على أنها لم تكن في محلها، ورأى أنه لا يمكن فرض السلام على الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، وقال، هذا يجب أن يكون نتيجة للمفاوضات، وأكد لعباس التزامه بحل الدولتين وضرورة إقامة دولة فلسطينية، لكنه شدد على معارضته للذهاب الفلسطيني، إلى مجلس الأمن وطالبه بالعودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل".
وكان ألقى خطاب أمام الدورة 66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أظهر إصراره على تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والخلاص من الاحتلال. ومن جهةٍ أخرى، بالغ في الحديث عن المخاوف الإسرائيلية على أمنها، التي تدعوها للاستمرارية في سياساتها الاحتلالية، في الوقت الذي تحدث فيه عن حرية شعوب المنطقة.
الأمر الذي أبان الهوة الواسعة، التي تفصل بين حديث الرئيس الأميركي في الأمم المتحدة، عن حرية الشعوب العربية ودعوته الفلسطينيين، إلى مفاوضات مع اسرائيل دون تحديد أسس واضحة لها، وكشف بوضوح عن ازدواجية المعايير الأمريكية، عندما يتعلق الأمر بالشأن الفلسطيني، الأمر الذي جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي يعبر عن شكره للرئيس الأميركي لدعمه إسرائيل، بعد دقائق فقط من إلقاء أوباما خطابه أمام المنظمة الدولية.
وكان نتانياهو اجتمع مع أوباما - الذي توترت علاقاته معه – في فترة سابقة، وشكره لدعمه إسرائيل، وأعرب عن أمله في أن يحذو ساسة بارزون آخرون حذو الرئيس الأميركي في الدعوة إلى استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وكان أوباما راضياً تماماً بالرغم من علمه مسبقاً، بأن نتانياهو سيدعو في كلمته أمام الجمعية العمومية، إلى استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين لكنه لن يقدم اقتراحات بعيدة المدى.
وحول إعلان الرئيس الأميركي إلى استخدام حق الفيتو عند الضرورة، ضد المطلب الفلسطيني قال نتانياهو: "أعتقد أن هذا وسام شرف، وأود أن أشكركم على حملكم لوسام الشرف هذا".
وكان وصف أوباما المسعى الفلسطيني، بأنه انحراف عن مسار السلام في الشرق الأوسط، وقال إنه لن يؤدي إلى حل النزاع، وأضاف أن ما يجري في نيويورك قد يجذب الكثير من انتباه الصحافة، ولكنه لن يغير ما يجري على الأرض، طالما أن الإسرائيليين والفلسطينيين لم يجلسوا معاً، حول طاولة المفاوضات، وخلص الرئيس الأميركي إلى أن بلاده ستدعم كل ما من شأنه أن يساعد على إطلاق مفاوضات مباشرة، وتعارض كل ما يمنع حصولها.
وخاصة قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأربعاء أن التحرك في الأمم المتحدة لن يحقق الدولة الفلسطينية وأن الولايات المتحدة سوف تستخدم حق النقض (الفيتو) لإحباط أي تحرك في مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأكد أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه بات على قناعة بعدم وجود طريق مختصرة لإنهاء نزاع قائم منذ عقود، وأضاف إن السلام لا يمكن أن يأتي عبر بيانات وقرارات في الأمم المتحدة، ولو كان الأمر بهذه السهولة لكان أنجز الآن".
وكانت قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إن الفلسطينيين يجب أن يعدلوا عن فكرة الذهاب إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولتهم، معتبرة أن طريق السلام والدولتين، لا يمر بنيويورك، وإنما بالقدس ورام الله".
وقالت كلينتون، نحن مقتنعون بأن الطريق المؤدي إلى السلام وإلى دولتين تعيشان جنباً إلى جنب لا يمر بنيويورك، وإنما بالقدس ورام الله"، في إشارة إلى دعم واشنطن لخيار التفاوض المباشر بين طرفيْ النزاع.
وبرغم كل هذه اللقاءات والاجتماعات، إلاّ أنها لم تفضي إلى شيء، وما زالت السجالات تأخذ دورها، في مثل هذه البيئة المضطربة والمتشابكة، من أوضاع دولية مأزومة سياسياً واقتصادياً.
لماذا الإصرار الفلسطيني على الاعتراف بالدولة ؟
تعتقد السلطة الفلسطينية، في التوجه للأمم المتحدة من شأنه فتح آفاق جيدة للمسار السياسي لكي يحافظ على الانجازات الفلسطينية وان الاعتراف هو بمثابة الفرقان بين السلطة الفلسطينية والدولة الفلسطينية، بالرغم من المعرفة المسبقة، أن الطلب الفلسطيني لن يغير أي شيء على الأرض، لكنه يوفر للفلسطينيين مجموعة من الوسائل القضائية والسياسية الجديدة للدفاع عن القضية الفلسطينية، كما سيعمل الاعتراف على تغيير أسس التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، وسيسمح وضع الدولة للفلسطينيين، حتى وإن كانت غير عضو في الأمم المتحدة، بالانضمام إلى العديد من المؤسسات والمعاهدات الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف، و أن تصبح عضواً كاملاً في المؤسسات التي تشارك فيها بوضع مراقب، خاصة وأن الانتقال من كيان إلى (دولة)، سيفتح أبواباً كثيرة أمام المعاهدات والاتفاقات الدولية". كما أن الهدف من الخطوة الفلسطينية، ليس عودة سريعة إلى المفاوضات، بقدر ما هو الحصول على انخراط دولي أكبر وعلى وسائل سلمية جديدة ضد إسرائيل، أيضاً فإن منظمة التحرير، سيكون بإمكانها مواصلة دورها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وإحدى مزايا السعي لتعديل وضع السلطة إلى "دولة غير عضو" أنه يتطلب أغلبية بسيطة من الدول الأعضاء بالجمعية العامة، وعددها 193، بدل أغلبية الثلثين اللازمة لنيل وضع دولة كاملة العضوية.
ومن المرجح أن يتيح هذا الوضع للفلسطينيين الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وإقامة دعاوى جنائية ضد إسرائيل بشأن حصارها الجزئي لقطاع غزة، وبناء مستوطنات يهودية، وحربها في غزة في ديسمبر/كانون الأول 2008، ويناير/كانون الثاني 2009.
وأيضاً يمنح هذا الوضع الفلسطينيين، بحسب خبراء، أمراً لا يحظون به إلاّ نادراً، ألا وهو يعتبر بمثابة ورقة ضغط على إسرائيل، تنبع من مصدر غير اللجوء إلى إجراءات تتسم بالعنف.
وبالنسبة لعباس فإن رفع الأمر لمجلس الأمن - حتى وإن تعطل هناك لأي سبب- يُبقي بعض أوراق الضغط بحوزته، نظراً لأنه يحتفظ بإمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في المستقبل.
ويأتي توجه السلطة الفلسطينية، إلى السعي للاعتراف الدولي بدولة فلسطينية، يتمثل في اعتبار السلوك الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة غير قانوني، وكذلك الاستيطان الإسرائيلي، الأمر الذي يمكن القانون الدولي من فرض عقوبات على إسرائيل من شأنها العمل على إنهاء الاستيطان.
وأيضاً فإن منح الفلسطينيين دولة، سينزع الشرعية عن التواجد الإسرائيلي على الحدود الدولية لهذه الدولة، وبذلك ستعتبر أي خطوة أمنية إسرائيلية على الحدود غير شرعية وفقاً للقوانين الدولية.
وكذلك ووفقاً لخبراء القانون الدولي، فإن دولة فلسطين سيكون من حقها رفع دعاوى جنائية أمام المحكمة الدولية ضد أي سلوك إسرائيلي، ينتقص من سيادتها ضد القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل.
وبالنسبة لهذا الاعتراف، أشار عباس إلى أن هناك فوائد كثيرة منه، بما في ذلك الفرصة التي سيتيحها للفلسطينيين للمشاركة في أعمال المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، و"هذا ما لا تريده إسرائيل وأميركا".
وبالمقابل يطرح توجه الفلسطينيين، إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية كاملة لدولتهم جملة تساؤلات تتعلق بأراضي 48 وملف اللاجئين، ويعني تلقائياً استبعاد فلسطين التاريخية، وتجاهل حق اللاجئين في العودة، ويرى سياسيون أن الواقع على الأرض لن يتغير في شيء، على أساس أن محور المشروع الوطني، كان التمسك بفلسطين التاريخية، لكن المشروع الحالي يتنازل عن أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين، وبالتالي فقدان حقوق أساسية أهمها حق العودة إلى أراضي عام 1948".
وقد جاء في تصريح للناطق باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، اعتبر فيه أيضاً، أن التفكير في هذه الخطوة غير المدروسة، إنما يعبر عن حقيقة الأزمة، التي يمر بها فريق أوسلو، بداية من فشل المفاوضات، وإطلاق تصريحات لا يوجد فيها أي تقدير لصالح الشعب الفلسطيني.
وبالمقابل فقد سرّع القادة الإسرائيليون، مستفيدين من عدم الاتفاق فيما بين الأوروبيين والدول الأخرى وفيما بين الفلسطينيين أنفسهم، من وتيرة بحثهم عن رد دبلوماسي للتصدي للتوجه الفلسطيني، فيما يستعدون ميدانياً، لاحتمال وقوع أحداث على الأرض، فالخارجية الإسرائيلية حذرت الفلسطينيين، من عواقب وخيمة، تشمل إلغاء كل الاتفاقات المبرمة، وأول المحذرين كان وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي هدد الأربعاء الفلسطينيين بعواقب وخيمة، رافضاً تحديد ماهيتها ومعرباً عن أمله بأن يتم تغليب العقل، ليتبعه نائبه داني أيالون ويلوح بإلغاء كل الاتفاقات المبرمة بين الجانبين، وأضاف للإذاعة العامة بأنه إذا اتخذ الفلسطينيون قراراً أحادياً فسيؤدي ذلك إلى إلغاء كل الاتفاقات وتحرير إسرائيل من كل التزاماتها وسيتحمل الفلسطينيون المسؤولية الكاملة، ولم يتطرق للإجراءات الكثيرة التي كانت إسرائيل تقوم بها من جانب واحد، وبترحيب أمريكي وأوروبي واسعين.
وبحسب مسئول في وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن حملة إسرائيل لإفشال المبادرة الفلسطينية بدأت منذ عشرة أشهر، عندما قام الفلسطينيون بخيار إستراتيجي بعدم الاستمرار في المفاوضات بعد رفض إسرائيلي لوقف الاستيطان أو حتى لتجميده لبضعة أشهر، مفضلين إعلانا أحاديا لدولتهم.
وتتمثل الإستراتيجية الدبلوماسية الإسرائيلية، بحشد دعم الدول التي تتمتع بوزن سياسي ودبلوماسي وخاصة لدى الدول ذات الفاعلية في المجتمع الدولي.
وكان أعلن مسئول في الخارجية الإسرائيلية، أن ما يحاولون فعله هو حشد غالبية معنوية مكونة من عدد جيد من الديمقراطيات الغربية، التي من دونها سيفقد الطلب الفلسطيني كثيراً من شرعيته، وأعلن بعض الإسرائيليين العسكريين استعداد بلادهم، للأسوأ "الحرب والإرهاب" كاشفين عن سعي بلادهم، للحد من احتمالات المواجهة المباشرة.
وفي هذا السياق، وخوفاً من انزلاق كامل للعملية السلمية، كان دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الفلسطينيين للعودة إلى المحادثات مع إسرائيل، وقال إن توقف عملية السلام يضر بالشرق الأوسط بأكمله.
وقال، أتوجه بالطلب من الفلسطينيين، الدخول في مفاوضات مفيدة، وعلى المجتمع الدولي واجب إيجاد الظروف الملائمة لذلك".
تحركات محمومة لتحويل مسار الخطة الفلسطينية
وللالتفاف على المسعى الفلسطيني، يجري العمل في هذه الأثناء، حثيثاً على بلورة خطة أوروبية، وحتى في الساعات القليلة القادمة، تحول دون الوصول إلى النقطة الحرجة، بشأن الدبلوماسية بين إسرائيل والفلسطينيين، لمنع فشل فلسطيني محبط، أو فشل إسرائيلي- أميركي محرج، ويرى دبلوماسيون أن مثل ذلك العمل الصعب، يتطلب حزماً ودبلوماسية بارعة، لكثرة العوائق التي تقف في وجهه.
وأيضاً في هذه الأثناء تصدر اللجنة الرباعية، التي تضم الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة، بياناً متوازناً، يمنح كل طرف غطاءً سياسياً كافياً، حتى يتم الاتفاق على استئناف محادثات السلام ربما في غضون أسابيع.
وكانت أكدت مصادر دبلوماسية، في الأمم المتحدة عن تقديرها، بأن الرباعية الدولية، ستصدر بياناً، يتضمن خطوط الرئيس الفرنسي ساركوزي العريضة، والذي يدعو من خلالها، لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية خلال شهر من الآن.
ووفقاً لذات المصادر، سيتضمن بيان الرباعية الجدول الزمني الذي طرحه الرئيس الفرنسي ساركوزي يوم الأربعاء الفائت، خلال خطابه أمام الجمعية العمومية، بحيث يتم استئناف المفاوضات خلال شهر من تاريخ صدور البيان، على أن يتفق الطرفان على قضية الحدود خلال ستة أشهر، وخلال عام من إصدار البيان، يتم توقيع اتفاقية سلام فلسطينية- إسرائيلية.
عوائق وصعوبات
تتمثل المشكلة في أن الخطوة الصحيحة المطلوبة، قد يعرقلها عدد لا يحصى من العوامل، مثل العنف على الأرض أو فشل الدبلوماسيين، في صياغة بيان يعيد الطرفين إلى المحادثات التي توقفت قبل نحو عام بسبب استمرار الاستيطان، خاصةً في حال فشل اللجنة الرباعية في الاتفاق على بيان مقبول لدى الطرف الفلسطيني، فضلاً عن بيان يلقى قبولاً من الإسرائيليين والفلسطينيين معاً.
ومن العقبات المحتملة أن لا يرض الفلسطينيون، بأن يكتفي عباس بتقديم طلب العضوية إلى مجلس الأمن، حيث من المؤكد أن يلقى معارضة أميركية، وقد يطالبون بعرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة بكامل هيئتها.
الخطوة التالية
يشغل المسعى الفلسطيني، للتوجه إلى الأمم المتحدة من أجل الحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطينية في المنظمة الدولية، الفضاء السياسي الفلسطيني على وجه الخصوص، وأيضاً العربي والإقليمي والدولي، وسط ترقب للخطوات التالية لهذا المسعى، وما إن كان السيد عباس سيستطيع الصمود أمام التيارات الغربية العاتية، ومن ثم الرسو في مجلس الأمن لطلب عضوية كاملة، حيث ينتظره (الفيتو الأميركي)، أم سيذهب إلى الجمعية العامة لرفع مستوى التمثيل الفلسطيني، إلى دولة غير عضو على غرار الفاتيكان، وعلى أية حال فإن على السلطة الفلسطينية عموماً، تحديد توجهاتها ومواصلة التالي من خيارتها بغض النظر عن نتيجة هذه الخطوة.

مشاركة مميزة