
kolonagaza7
لعل الخلاصة الكامنة والأبرز لتقرير الحريات الدينية حول المغرب لسنة 2010 والصادر عن
وزارة الخارجية الأمريكية ضمن تقريرها السنوي العالمي، هي أن المغرب في حالة حرب على التنصير وأن الولايات المتحدة هي ملجأ المنصرين لمواجهة الإجراءات المغربية وأن القضية أصبحت أولوية السفارة الأمريكية بالرباط» مما يؤكد التفاصيل التي جاءت بها وثائق ويكليكس في الموضوع، وهي خلاصة متوقعة بالنظر لما عرفته سنة 2010 من احتكاكات مع شبكات التنصير الموجهة نحو الأطفال والقاصرين، وخاصة بعد تفكيك شبكة عين اللوح قرب أزرو، مما يعطي لتقرير هذه السنة موقعا خاصا ستكون له آثاره في العلاقة مع أعضاء الكونغريس المناصرين لشبكات التنصير الإنجيلي في العالم ولاسيما المعروفون بدعمهم لانفصال الصحراء مثل «فرانك ولوف» بمجلس النواب أو «جيمس إنهوف» بمجلس الشيوخ. جاء التقرير غنيا بمعطياته الرقمية وخاصة ما هم عدم السماح بالدخول وترحيل المغرب لـ150 منصرا ومسيحيا من 19 دولة طيلة السنة منهم 114 في شهر مارس 2010 ضمنهم 34 أمريكيا، أو أن نسبة المسيحيين بالمغرب تجاوز نسبة اليهود لتصل إلى 1.1 في المائة من عدد سكان قدره التقرير ب 34 مليون نسمة، فضلا عن تقديرات ما وصفهم التقرير بقادة مسيحيين محليين والتي تتحدث عن 8000 مسيحي مغربي وما يعنيه من التمهيد لطرح موضوع « الأقلية المسيحية المضطهدة» بحسب هؤلاء القادة، كما يقدم التقرير جردا بمجموع أحداث التوتر والتي تكررت بشكل شبه شهري طيلة السنة، وبمعطيات شملت عدد المنصرين الأجانب والحاضرين لأنشطتهم من المغاربة وأماكن الاحتكاكات والتي امتدت على طول التراب المغربي من الشمال في السعيدية إلى الجنوب في أمزميز مرورا بعين اللوح بأزرو والبيضاء، مما دل على الانتشار الزمني والجغرافي للحملة. من الواضح أن المغرب استفاق في سنة 2010 على امتداد غير مسبوق للتنصير الموجه للأطفال، إلا أن تحركه تمت مواجهته بمعارضة شديدة ومنظمة استغلت ورقة التسامح والحرية الدينية وإكراهات بلادنا الخارجية المرتبطة بقضية الصحراء، ورغم ما قد يثار من ملاحظات أو ثغرات قانونية في الحملة ضد المنصرين إلا أن استشعار المسؤولية إزاء هذا التحدي يقتضي تثمينه ورفض كل ابتزاز خارجي لا علاقة له بموضوع الحريات الدينية، لاسيما وأن الموضوع لا علاقة له بحرية المعتقد مادام يستهدف أطفالا قاصرين في وضعية هشاشة اجتماعية وفقر شديد، بحيث أن أشد الدول علمانية كفرنسا لا تقر الحق في استهداف القاصرين بأنشطة دينية أجنبية بل وتحظره بشدة وذهبت حد منع ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية العمومية باعتباره رمزا دينيا. في المقابل وبحسب التقرير فإن سلوك الدولة بقي حذرا يسعى لاحتواء المشكل وعدم السماح بامتداده إعلاميا وقضائيا وسياسيا، تكون مصدرا لحملات ضغط وتشهير وابتزاز خارجي، وهو ما يعني السعي لتدبير توازن حرج بين صيانة مقتضيات الهوية الإسلامية للمغرب دولة ومجتمعا والتي جرى تكريسها بقوة في المراجعة الدستورية الأخيرة، وبين التكيف مع استحقاقات الشراكات الجديدة للمغرب ذات العلاقة بنظام الهوية والقيم، مما جعل المغرب يحاصر الحملات لما قد ينتج عنها من استفزاز داخلي يمس بالأمن الروحي والاستقرار وفي الوقت نفسه عدم نقل هذه الحملات إلى درجة فتح محاكمات وملاحقات قضائية، ونعتبر أن هذا الاختيار يجعل المغرب يخرج بأقل الخسائر على المستوى الخارجي.
مصطفى الخلفي