kolonagaza7
محمد سيف
الدولة
ثلاثة رجال من الوزن الرسمى الثقيل ،
قبلوا ان يضحوا بسمعتهم ، او ما تبقى منها ، وان يتم استخدامهم وتوظيفهم كأداوات أو
كأكباش فداء لتنفيذ تعليمات غير اخلاقية أوغير قانونية أو غير وطنية اصدرها لهم
مجلس عسكرى يوشك ان يغادر السلطة ويسلمها لحكام جدد .
فلماذ قبلوا ذلك ؟ ووفقا
لاى حسابات ؟
الاول هو المستشار عبد المعز
إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس اللجنة العامة للانتخابات البرلمانية ،
الذي ارتكب فعلا قضائيا فاحشا في الطريق العام على مرئى ومسمع من الجميع ، فساعد فى
عملية تهريب المتهمين الامريكان فى قضية المنظمات الاجنبية ، مرتكبا بذلك عدة
انتهاكات دستورية وقانونية حزمة واحدة ، بدءا بانتهاك استقلالية القضاء على ايدى
السلطة التنفيذية ، وانتهاء بالمشاركة فى انتهاك السيادة الوطنية على ايدى الادارة
الامريكية ، ناهيك عما سببه من جرح بالغ للكرامة الوطنية واستخفاف بالقيم الثورية
الوليدة لجموع المصريين .
والثانى هو اللواء عمر سليمان نائب
رئيس الجمهورية ومدير المخابرات العامة السابق ، الذى قبل ان يكون اداة للمناورة فى
موقف صغير فى انتخابات الرئاسة فرشح نفسه فى الدقائق الاخيرة ، ليثير عاصفة محسوبة
ومتوقعة من الغضب والاستياء ، ثم يتم الاعلان عن استبعاده لسبب تافه هو نقصان 30
توكيل من الثلاثين الف المطلوبين ، فتسود حالة من الارتياح العام المحسوب والمقصود
هو الآخر ، تستخدم لتمرير ، قرارات مماثلة باستبعاد الشاطر و ابو اسماعيل ، و
لامتصاص ردود الفعل المحتملة .
والثالث هو الشيخ الدكتورعلى جمعة
مفتى الديار المصرية الذى قام بزيارة القدس المحتلة بالمخالفة للاجماع التاريخى ،
الوطنى والعربى والاسلامى ، فقبل على نفسه وعلى منصبه الجليل ان يستخدم كاداة طيعة
فى ايدى المجلس العسكرى و آخرين لبدء نوع جديد من التطبيع مع العدو الصهيونى هو
التطبيع الدينى فى اطار الصراع الجارى على السلطة بعد الثورة ، عبر تسابق الجميع
على كسب رضا الامريكان ومباركتهم .
***
والسؤال الذى يتبادر الى الذهن
فورا هو : لماذ تقبل شخصيات بهذا الوزن الوظيفى ، فى نهاية مشوارها الطويل ، ان يتم
حرقها هكذا ، واستخدامها كاداة فى نقلات شطرنجية صغيرة او لتحقيق مكاسب تكتيكية
محدودة لصالح نظام قديم ، قامت ضده ثورة و يوشك ان يذهب الى حال سبيله ؟ خاصة مع
وجود توجهات شعبية قوية لمحاسبة ومحاكمة كل رموزه وانصاره ورجاله ؟
لا يمكن ان تكون الاجابة هى ان اخلاص
ووطنية هذه الشخصيات هى التى دفعتهم الى التضحية بسمعتهم وتاريخهم فى سبيل الوطن
وما يرونه من مصلحة عامة ، لسبب بسيط ومنطقى وهو ان مثل هذه الصفات الوطنية لا يمكن
ان تتوافر فى رجال خدموا نظام مبارك وكانوا شركاءً وشهودا على كل جرائمه ، ولم
يقدموا استقالاتهم او يعترضوا .
كما لا يمكن ان تكمن الاجابة فى الجهل
والخطأ فى الحساب وسوء تقدير العواقب ، وهم من هم ، فى اعلى مراكز الدولة وفى القلب
من مطابخها الرئيسة ، بكل ما يتيحه ذلك من حنكة ودراية ببواطن الامور.
ولكن الاغلب انهم يرون ما
لانراه ، او ما لا نريد ان نراه : يرون النظام القديم قويا ، باقيا ، مستقرا ،
متمكنا ، ما زالت له السيادة والسيطرة والمقدرة على احتواء الثورة او اجهاضها .
فقرروا ان يواصلوا خدمته بنفوس مطمئنة واثقة من انه سيشملهم برعايته وحمايته
وسيكافئهم على كل ما يقدموه له من خدمات .
***
أما نحن فعلينا الا نستهين ابدا
بتحركات ومواقف مثل هذه النوعية من "كبار كبار" رجال دولة مبارك ، فلمواقفهم
وانحيازاتهم الحالية ، دلالات ومؤشرات هامة وكاشفة لما يدور فى بطن الدولة والنظام
الذى لم يسقط بعد .
*****
القاهرة فى 29 ابريل
2012