kolonagaza7
بقلم:سمر الأغبر
لا زلنا نُفجع بأبشع الجرائم بحق الانسانية شكلا ومضمونا،بعد ما طالعناه
على المواقع الاخبارية من واقعة مقتل امرأة من منطقة طلوزة بنابلس على يد شقيقها
امام أعين والدته وزوجته واطفال اخيه،بعد مشاده كلامية بسبب الميراث،أدت الى قتل
"امل" بعدة طعنات بسكين المطبخ وسط صراخ الاطفال ورجائهم لعمهم ان لا يقتل
عمتهم.الخبر الذي تناقلته وسائل الاعلام في البداية منقوصا من توضيح الاسباب
والمبررات لتتلاقفه بعض النفوس المريضة ظاهرا والبشعه مضمونا على انه جريمة قتل
دفاعا عن ما يسمونه "شرف العائله" ،مستندين الى الحالة الاجتماعية للضحية كونها
امرأة مُطلقه،ما يُتيح لهم ضمن ثقافة المجتمع وثقافتهم المهترئة الصاق ما يحلوا لهم
من التهم التي تُريح ضمائرهم ،دون التحلي بأي مسؤولية اخلاقيه او قانونية
وانسانية.
أمل الضحية والتي قتلت بداية بنظرة المجتمع لها بسبب حالتها الاجتماعية
مما اضطرها لخدمة اخوتها لمدة عشر سنوات،وقُتلت ثانية عندما حُرمت من ميراثها لأنها
امرأة وبثقافة المجتمع من العار ان تطالب بحقها في الميراث،مما ادى لقتلها على يد
اخيها،علما ان قضايا الميراث هي من اهم الاسباب التي تقتل فيها النساء ليختبىء
الجاني ويبرر جريمته خلف مفاهيم"العار والشرف"،للحصول على الاقل على شرعية وتبرئة
من المجتمع على ما قام به من جريمه، ولم يكتفي المجتمع بعدد المرات التي قتلت فيها
أمل،ليقتلها ذات المجتمع بطعنات أشد ايلاما بعد انتهاك حُرمة حياتها وانسانيتها،
عندما تناول البعض من المبررات والاسباب ما يكفي لتصويرمن قتلها بالضحية المُدافعة
عن شرفها وشرف العائلة.
ظاهرة قتل النساء في المجتمع الفلسطيني ، على خلفيات مُختلفة ومتعددة في
تزايد ملحوظ،رغم الاجراءات القانونية ، التي من المفترض ان تحُد من
هذه الظاهرة،منها قرار الرئيس ابو مازن بعد مقتل آية برادعية بتعطيل العمل بالماده
340 من قانون العقوبات الاردني الساري المفعول بالضفه، والذي يلغي الحكم المخفف على
قضايا قتل النساء، الا انه ومن وجهة نظري لا زال منقوصا ويحمل بين نصوصه مسؤولية ما
تعاني منه النساء من تمييز وعنف ظاهر او مستتر وبأشكال مختلفه، وخاصة اذا ما
انطلقنا من واقع وجوب تكامل المنظومة التشريعيه والقانونية لحماية النساء من
التمييز والعنف الممارس ضدهن،بدأ بقانون الاحوال الشخصية الناظم الرئيس لحياة
المرأة والاسرة وكم المواد والنصوص التمييزية والتي تؤكد جميعها على الانتقاص من
انسانية المرأة بعدم تملكها لنفسها وحقها في تحديد مصيرها وخياراتها في حياتها،وليس
انتهاءا بقوانين العقوبات والعمل وغيرها.
مع ادراكي للدور المفصلي الملقى على عاتق الاحزاب والفصائل كأدوات
للتغيير المجتمعي،والمتقاعصة لغاية اللحظة عن وضع قضايا النساء على طاولة بحثها
ونقاشها العام ، وحملها كمهمه وطنية وسياسية، وعدم الاكتفاء بطرحها ضمن الاطر
النسوية كمهمة نسوية يجب على النساء حمل العبىء الأكبر فيها. كما تتحمل المسؤولية
مجموع البرامج والمشاريع التوعوية المقدمة من مؤسسات المجتمع المدني سواء النسوية
او غيرها،والتي لم تعالج قضايا العنف والتمييز ضد المرأة، من جذورها الطبقيه
الاقتصادية،الاجتماعية والدينية،واكتفت بما يُمليه عليها الممول من برامج وسياسات
تعالج قشور قضايا المرأة في محاولة لترميمها وترقيعها حسب ما يُملية عليها الممول
.
أمل كما سوسن وآية وغيرهن الكثير من النساء في مجتمعنا
الفلسطيني،ضحايا ثقافة مجتمع يُجبرهن على تحمل مسؤولية النظرة الدونية لجنسهن،كما
تحمل مسؤولية موروث ثقافي ثقيل تحمله النساء دون غيرها من أفراد المجتمع،ولا اعتقد
اننا سنتمكن من الخروج من دائرة العنف المسلط على النساء دون قوانين خاليه من جميع
مظاهر التمييز ،مقرونه بحملات توعية وبرامج وسياسات من الاحزاب والفصائل كما من
مؤسسات المجتمع المدني،في محاولة للتأثير على الوعي الجمعي فيما يخص قضايا النساء
ومكانتهن في المجتمع.
*عضو لجنة مركزية لحزب الشعب الفلسطيني