kolonagaza7
على مدار عقود من الانطلاقة إلى يومنا هذا لم تتوقف المطالبات بالإصلاح الداخلي في داخل حركة فتح، بل لم تقف التداعيات المؤثرة على مسيرة هذه الحركة نتيجة تصلب القيادة الفلسطينية في مواقفها وفي برنامجها، فالمركزية الديمقراطية في حركة فتح أصبحت هي أتعس أنواع الدكتاتورية التي مارستها قيادة حركة فتح بدون الرجوع للبنية القاعدية وأخذ آرائها في وضع البرامج الكفيلة بالنهوض بالعمل الحركي، بل أيضاً حسمت القيادة الفلسطينية موقفها بالتناسي الكلي للقاعدة والعبث في شؤونها وتحويلها من إطارات ثورية نضالية إلى إطارات مستنفعة وإلى إطارات شللية تحفظ توازن اللجنة المركزية فقط لا غير.
بلا شك أن الكادر الحركي تواق لأن تعود حركة فتح إلى مجراها الطبيعي وإلى ما أنطيت به من مهمات لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني، ولكن يبدو أن المسألة قد فقدت في حركة فتح منذ عقود، واستباح الفساد كل ما هو يمكن أن يؤمل فيه بعودة الانضباط الذاتي داخل الأطر وداخل القيادة الفلسطينية.
حركة فتح التي بنت وجودها بعد انتصارات حققتها في بداية الأمر على مستوى الكفاح المسلح وبعد عملية تصفيات قام بها العدو الصهيوني ومن تعاون معه لكثير من قياداتها أصبحت تبنى على قيادة الفرد ورأي الفرد وقرار الفرد، وهذا مما استباح الفساد واستبعاد المؤسسة التنظيمية والرقابية عن العمل الحركي.
ربما كان النضال السلبي لحركات التحرر في بعض الأحيان هو مهم جداً لخلق حالة من العزل لقيادة فقدت شعورها واستشعارها بالمهمات المهمة التي يجب أن تؤديها تجاه التنظيم وتجاه الشعب وتجاه المبادئ.
رفع الرايات السوداء احتجاجياً هو عامل من عوامل الإصلاح ووضع المسميات في مكانها التي يحاول أن يختفي وراء بعض منها الفشلة والذين عجزوا عن إدارة هذه الحركة.
بعد ما يسمى بالإنتصار الذي حققه الزعيم الأوحد لحركة فتح والزعيم الأوحد للسلطة والقائد العام لها، وبعد معركة أثبت فيها المقاتل الفلسطيني شجاعة في ضرب الخطوط الحمر للعدو الصهيوني في غزة، تحدثوا جميعاً عن انهاء الإنقسام وما لبث هذا المفهوم إلى أن تحول إلى إدارة المهرجانات وتكييفها شعبياً بما يناسب حماية هذه القيادة أو تلك مع عهر سياسي واضح على الساحة الفلسطينية وتحويل كل شيء إلى انتصار.
لقد فقدت القاعدة النضالية القدرة على التحليل وإن استطاعت التحليل فإنها تقع ضحية وفريسة الإرهاب المادي والمعنوي والأمني، ولذلك كثير ممن صمتوا وكثير ممن لم يجدوا طريقة آمنة للتعبير عن آرائهم وسخطهم على الواقع الفلسطيني.
محادثات ومباحثات من أجل إحياء إنطلاقة حركة فتح في غزة، وتم الإختلاف على الساحة أو المكان الذي يمكن أن يتم فيه هذا المهرجان أو الإحتفال، النضوج الثوري يعني أن كل تلك المحاولات السطحية الهامشية لخلق انتصار وهمي هو فقط للحفاظ على قيادة دكتاتورية ورداءة سياسية وغثيان سلوكي فقط تحت وتيرة العاطفة المحمومة والجبارة لدى أبناء حركة فتح الذين يتوقون لنصر أو لرفع لمعنوياتهم.
في حين لم تقف الإحتجاجات على قيادة حركة فتح وفشلها لدى الشارع الفتحاوي والفلسطيني، بل نطق أحد قادتها بأنها تعاني من الفشل وتعاني من القصور في معالجة القضايا الحركية وحل مشاكلها والنهوض بها
الموقف المتقدم الآن كبوابة للإصلاح هو عزل تلك القيادة معنوياً أولاً، فالأجدر بجماهير حركة فتح عدم الخروج من منازلهم في هذا اليوم أي يوم الإنطلاقة ورفع الأعلام السوداء فوق منازلهم، إن هذا الموقف سيعزل القيادة المتهالكة والمنتكسة والسيئة جماهيرياً وشعبيا وتنظيميا، وهو بداية الإصلاح العملي لكي تفهم تلك القيادة أن مربعها صفر عند الجمهور الفتحاوي وعند الشعب الفلسطيني الذي أعطى كل ما لديه لحركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح ولم يلقى منها إلا قيادة عاجزة واهية أودت بالحركة والتنظيم والبرنامج والأهداف والمنطلقات إلى الهاوية، بل أودت بالحقوق الفلسطينية نتيجة تجاوب تلك القيادة الفاشلة المسلوبة الشخصية والإرادة لسياسة الفرد وبرنامج الفرد الذي لا يخلو من تصور شخصي على الأقل لسلوك غير مقبول وطنيا وعقليا وتاريخيا، ولذلك فالترفع الأعلام السوداء فوق كل المنازل في هذا اليوم، وهو مكمن القوة لوعي وقوة وإرادة أبناء حركة فتح.
بقلم/ سميح خلف