kolonagaza7
|
رام الله / سما /
تعيش فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هذه الايام هاجس وضع خالد مشعل رئيس المكتب
السياسي لحماس عينه على رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة بدعم دول عربية
مؤثرة.
ويدور خلف كواليس الفصائل سواء التابعة لمنظمة التحرير او الساعية للانضمام اليها بواسطة الانتخابات المرتقبة للمجلس الوطني مثل حركتي حماس والجهاد الاسلامي امكانية ان يتولى مشعل رئاسة اللجنة التنفيذية القادمة للمنظمة، الامر الذي يدفعه للتمسك بعدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي لحماس مرة اخرى. وفيما يلقى مشعل دعم دول عربية - وفق ما قالت صحيفة القدس العربي الثلاثاء من مصادر فلسطينية مطلعة - لتولي قيادة منظمة التحرير خلال السنوات القادمة، تراهن حركة 'فتح' على التعاون مع رفاق الدرب من فصائل المنظمة للاحتفاظ برئاسة اللجنة التنفيذية التي احتفظت بها منذ انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1968. وحسب المصادر 'فان استنجاد فتح بباقي فصائل المنظمة' لن يسعفها بالاحتفاظ برئاسة المنظمة اذا ما جرت انتخابات للمجلس الوطني الذي يمثل كل الفلسطينيين في الداخل والخارج في المرحلة القادمة، وفق اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة والقاضي باعادة بناء منظمة التحرير واجراء انتخابات للمجلس الوطني وفق نظام التمثيل النسبي الكامل. ورجحت المصادر بأن حركة حماس ستقود منظمة التحرير خلال السنوات القادمة اذا ما جرت انتخابات المجلس الوطني، والذي بدوره سينتخب اللجنة التنفيذية للمنظمة، منوهة الى ان هناك العديد من الدول العربية تدعم فكرة ان يتولى مشعل قيادة المنظمة خلال السنوات القادمة وان اختلفت اهداف تلك الدول حول ضرورة تولي حماس دفة القيادة الفلسطينية في المرحلة المقبلة. ويسود اعتقاد في اوساط فلسطينية رفيعة المستوى تستعد لحزم حقائبها للرحيل عن الساحة السياسية الفلسطينية بانه اذا ما جرت انتخابات للمجلس الوطني خلال المرحلة المقبلة فان بعض الدول العربية وخاصة الاردن وقطر تسعى لجر حماس من خلال قائدها البارز خالد مشعل للدخول في دوامة قيادة المنظمة التي اعترفت باسرائيل ووقعت معها اتفاق اوسلو الشهير الذي اقيمت بموجبه السلطة الفلسطينية. ويدور في اوساط النخبة السياسية الفلسطينية التي سيطرت على المشهد الفلسطيني لعقود بان تولي مشعل رئاسة المنظمة المعترفة باسرائيل سيدخل حماس في اللعبة السياسية والتفاوض مع اسرائيل لاقامة الدولة الفلسطينية على حدود الاراضي المحتلة عام 1967، والاعتراف باسرائيل من قبل 'المعظم' الفلسطيني وعلى رأسهم حماس التي يدعو نظامها السياسي الداخلي لازالة اسرائيل وتحرير فلسطين من النهر للبحر. وحسب ما يدور خلف الكواليس فان اسرائيل معنية بتوقيع اتفاق سلام ينهي الصراع مع الفلسطينيين مع حماس الاسلامية التي تطالب بتحرير فلسطين من النهر للبحر كون 'فتح' ستكون مؤيدة لذلك الاتفاق القاضي باقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967، وناضلت سنوات طويلة لتحقيق ذلك الهدف واعترفت باسرائيل ووقعت الاتفاقات معها خلال قيادتها للمنظمة. والمحت المصادر التي تتابع التحركات الجارية على الساحة السياسية بالمنطقة بان الذي يجري حاليا هو ادخال حماس الى المعترك السياسي في المنطقة، وذلك من خلال رئاستها للمنظمة المسؤولة عن كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج والتفاوض مع اسرائيل للوصول الى دولة فلسطينية على حدود الاراضي المحتلة عام 1967. وحسب مصادر فلسطينية اخرى فان لقاء مشعل بالملك الاردني عبد الله الثاني الاثنين في عمان جاء في اطار التحرك الاقليمي والاردني على وجه الخصوص لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية للوصول الى اتفاق سلام على اساس حدود عام 1967، وضرورة التزام حماس التي تسيطر على قطاع غزة بضرورة القبول بالاتفاق المرتقب لانهاء الصراع على اساس حدود عام الـ 67 مع اجراء بعض التعديلات على تلك الحدود من خلال اجراء تبادل للاراضي بين دولتي فلسطين واسرائيل. وفيما تشهد المنطقة اتصالات وتحركات لدمج حماس في المعترك السياسي بالمنطقة يجري التحضير في اروقة فصائل منظمة التحرير للتوجه للقاهرة الشهر المقبل لحضور اجتماع الهيئة القيادية العليا للمنظمة التي تضم حركتي حماس والجهاد الاسلامي ممثلتين في خالد مشعل وعبدالله رمضان شلح الامين العام للجهاد الاسلامي. وفي ظل التحضيرات لعقد اجتماع الاطار القيادي للمنظمة بالقاهرة وفق اتفاق المصالحة لانهاء الانقسام تجري مشاورات لامكانية اضافة اعضاء مستقلين في صفوف الاطار القيادي للمنظمة حيث يجري تداول اسماء النائب في المجلس التشريعي الدكتور زياد ابو عمر والنائب المهندس جمال الخضري وهما نائبان مستقلان عن مدينة غزة للانضمام للاطار القيادي للمنظمة. وعلى ضوء الاستعدادات الجارية لعقد اجتماع للاطار القيادي للمنظمة في القاهرة لبحث اجراء انتخابات المجلس الوطني، وتفعيل مؤسسات المنظمة يبقى هناك عوامل عديدة قد تعوق سعي حماس لتولي قيادة المنظمة من خلال الانتخابات التي ستجري للوطني وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، خاصة وان الوطني عليه ان يضم في صفوفه ممثلين عن 'العسكر' - قوات الامن التابعة للمنظمة- والتي في معظمها تابعة لفتح اضافة الى المنظمات الشعبية وتمثيلها في الوطني، وهي بمجملها محسوبة على فتح، وذلك اضافة لوجود ممثلين عن المستقلين والفصائل الفلسطينية في المجلس. وفي النهاية لا بد من الاشارة الى ان وضع مشعل عينه على رئاسة المنظمة سيواجه عراقيل كثيرة تحول دون وصوله لرئاسة المنظمة من خلال الانتخابات للمجلس الوطني الذي يجب ان تكون المنظمات الشعبية والاهلية والعسكر ممثلين فيه وفق العرف والتقاليد التي كانت سائدة في المجلس منذ عقود مضت رغم محاولات سابقة من بعض الدول العربية التأثير في تركيبة المجلس الوطني الذي ينتخب بدوره اللجنة التنفيذية التي تنتخب هي بنفسها رئيسها. وفيما فشلت العديد من المحاولات العربية التدخل في تركيبة المجالس الوطنية الفلسطينية السابقة يبقى الحديث عن رغبة قطر في تولي مشعل رئاسة اللجنة التنفيذية مجرد رغبة ستكون الايام والشهور القادمة كفيلة بالبرهان على تحقيق تلك الرغبة او فشلها. ويدور بالاوساط الفلسطينية بان الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني عبر للرئيس الفلسطيني محمود عباس الرافض الترشح للرئاسة الفلسطينية في الانتخابات القادمة عن رغبته بتولي مشعل رئاسة المنظمة في أعقاب حصول دولة فلسطين على صفة مراقب غير عضو في الامم المتحدة، وذلك بحجة ان مشعل قادر على ملئ الفراغ الذي قد ينشأ على صعيد القيادة الفلسطينية اذا ما اصر عباس على عدم الترشح لرئاسة دولة فلسطين القادمة. |
فضيحة : إسرائيل تعترف بحقن النساء الأثيوبيات بمادة خطيرة لمنع الحمل
- 2013-01-28
أرض كنعان/ متابعات/ (يو بي
اي): اعترف مسؤول في
كيان العدو الاسرائيلي رفيع المستوى، أن سلطات اسرائيل درجت وبشكل مكثف على إعطاء
العديد من النساء الأثيوبيات حقن (ديبو بروفيرا) وهي وسيلة منع حمل بالغة التأثير
وتبعاتها قد تشكل خطرا على حياة النساء.
وقالت صحيفة (هآرتس) الأحد، إن مدير عام وزارة الصحة
الإسرائيلية البروفيسور روني غَمزو، بعث رسالة إلى أربعة صناديق مرضى قبل عدة أيام،
وتضمنت هذه الرسالة تعليمات تقضي بالتوقف عن حقن النساء الأثيوبيات بماداة (ديبو
بروفيرا) بشكل أوتوماتيكي.
وتأتي هذه الرسالة بعد أن كانت السلطات الإسرائيلية تنفي
باستمرار هذه الظاهرة ورفضت تحمل مسؤوليتها.
وكتب غمزو في رسالته أنه “من دون اتخاذ موقف أو تأكيد
ادعاءات ظهرت مؤخرا، أطلب بهذا توجيه تعليمات إلى جميع أطباء النساء الذين يعملون
في صندوق المرضى أو معه، ألا يجددوا وصفات طبية لديبو بروفيرا للنساء من أصل أثيوبي
أو نساء أخريات اللواتي لا يدركن عواقب العلاج”.
وجاءت رسالة غمزو عقب شكوى قدمتها “جمعية حقوق المواطن في
كيان العدو” باسم عدد من الجمعيات الإجتماعية الإسرائيلية وطالبت بإصدار تعليمات
لصناديق المرضى بالإمتناع عن حقن النساء الأثيوبيات بمادة “ديبو
بروفيرا”.
وطالبت الجمعيات بإجراء تدقيق شامل حول تشجيع السلطات
الإسرائيلية النساء الأثيوبيات على أخذ هذه الحقنة ومعاقبة
المسؤولين.
وكانت القناة التربوية في التلفزيون الإسرائيلي بثت، قبل
شهر ونصف الشهر، تحقيقاً صحافياً، جاء فيه أن منظمة “الجوينت”، وبالتعاون مع وزارة
الصحة الإسرائيلية، شجعت نساء أثيوبيات من طائفة (الفلاشا) في معسكر انتظار في
العاصمة الأثيوبية أديس أباب، على أخذ حقنة “ديبو بروفيرا” وهي وسيلة منع حمل بالغة
التأثير ويستمر مفعولها 3 أشهر.
ووفقا للتحقيق الصحافي، فإن “الجوينت” ووزارة الصحة
الإسرائيلية هددتا هؤلاء النساء لدى وصولهن إلى المعسكر في العاصمة الأثيوبية، بعدم
السماح لهن بالهجرة إلى إسرائيل إذا لم يأخذن هذه الحقنة، وبعد وصولهن إليها استمر
هذا “العلاج”، الذي وصفه التحقيق بأنه يمارس “التطهير العرقي، ولكن من دون دماء
وجثث”.
وتمتنع وزارة الصحة الإسرائيلية عن إعطاء حقنة (ديبو
بورفيرا) للنساء في إسرائيل وأعلنت، من خلال بياناتها الرسمية، عن أنها آخر وسيلة
منع حمل يمكن أن تستخدمها نساء ليس بإمكانهن استخدام وسائل منع حمل
أخرى.
ويأتي هذا التشديد لأن (ديبو بروفيرا) تسبب مضاعفات بصحة
النساء، وحذرت منظمات نسائية من استخدام هذا الدواء وحاربت ضد استخدامه بشكل واسع،
خاصة لدى النساء اللواتي لا يعرفن بوجود أنواع أخرى من وسائل منع
الحمل.
ميشيل كيلو
السفير
27-1-2013
في الفكر الديني، وخاصة السياسي منه، الإنسان مؤمن، ومن
ليس مؤمنا لا يتساوى في قيمته مع المؤمن، فلا حامل للسياسة في نظره غير الإيمان
بوصفه منبع جميع القيم، خاصة السياسية منها. بما أن الإيمان يعد عامل تمييز وليس
عامل تساو بين بني البشر، فإن تعيين السياسة بمفردات الفكر الديني وارتكازها عليه
لا يتوقف عن سوقها نحو نزعات مذهبية تقوم على التفريق بين المؤمن والإنسان، فلا مفر
من ان تفضي إلى نزعة طائفـية تقـتل روح الدين وتـخالف نصـه وتقوض رسالته الإنسانية
وسمـوه، لكونها تنسى أن الله استخلف الإنسان في الأرض ولم يستخـلف المسلم أو
المؤمن، وأن لهذا معنى فلسفيا وعمليا مهما جدا في حياة البشر ونمط تنظيماتهم، يقول
بضرورة إقامتها على المساواة بينهم باعتبار إنسانيتهم سابقة لإيمانهم، الذي لا بد
أن يتحدد بها عوض أن تتحدد هي من خلاله وحده.
هنا أيضا، يحدث ما سبق أن رأيناه في مثال الاستبداد
الطائفي العلماني الادعاء، وينقلب وعد الدين السامي بالخير والحق إلى سياسـات
يمليها فكر ديني هو اجتهاد بشري يخال نفسه مقدسا ويجبر الناس على تقديس أفعاله،
يبدأ استبداده عبر علامتين تسمان مواقفه، هما:
- اعتبار أي مسلم إسلاميا بالضرورة والقـطع، اراد ذلك ام
رفضه، وتنطح جماعات السياسة الاسلامية للتعبير عنه بزعم ان الاسلام لا يحتمل قراءة
سياسية غير التي تقدمهـا هي. ومـع ان واقع الامور ينـاقض تماما هذه المغالطة،
ويرينا ان غالبـية المسلمين ليسوا من انصـار الاسلام السـياسي، وان المواطن العـادي
نادرا ما يكون منضويا في جماعـاته او واضـعا مصـيره بـين يدي قـواه المتناقضة
والنّزّاعة اكثر فاكـثر الى عـنف ينحو الى التطرف، بدلالة ما نراه من ممارسات
تخويفـية وقسرية تنتهـجها معظـم الاخـويات الاسلامية في تعاملها مع الرأي العام،
وفي نظرتها الى نفسها، التي يصح تلخيصها على النحو التـالي: شعـبنا في غالبيته
مسلم، وهذا صحـيح، لذلك يجد فينا نحن ممثله السياسي، هذه مغالطة تفضي إلى نتائج
بالغة السوء بالنسبة الى مجمل الحياة المجتمعية، تشحنها بالعنف والروح الفئوية، على
الضد من الاسلام كدين كان على مر التاريخ، وعلى رغم ما مر به من محن واختبارات،
اكبر من اي حزب او جماعة، وبقي وسيظل صرخة مدوية ضد أي عنف وتمييز. ليس إيمان
المسلم العادي خيارا سياسيا كي تصادره جماعات سياسية تنسب نفسها الى الدين، أي تضفي
طابعا دينيا على سياساتها، لتوهم العـامة بوجود طابع خاص لها، روحي وغير سياسي،
تتجلبب به ليمنحها ضربا من العصمة يميزها عن الاحزاب والجماعات السياسية الاخرى،
يترتب عليه بالضرورة تسليم عامة المسلمين بعصمة نهجها، خاصـة ان قـادتها ليسوا
سياسيين بل مرشدين دينيين، تتخطى بصيرتهم الوقائع الى اسبابها العميقة والخفية،
الكامنة في حقائق دينية تعرفها وحدها دون بقية خلق الله.
- ان ما تقوله هو معادل الدين السياسي وما عداه لا يمكن ان
يكون اسلاميا، بل انه قد يكون في اغلب الحالات معاديا الاسلام ومحض كفر. هذه
المغالطة تبعد الساسة عن الدنيا، وتدخلها الى مجال خطير جدا عليها هو مجال المقدس،
الذي يحشر ممثليها في صف المعصومين وجماعاتهم في عداد اصحاب الرسالات المكلفين
بهداية غيرهم، باية وسيلة كانت. هذه المغالـطة تنزل بالدين من عليائه الروحي
والاخلاقي ومن حقائقه الكلية السامية الى عالم مصالح متناحرة لا تهتم كثيرا
بالحقيقة ولا تنطلق منها او ترى فيها مرجعية لها. رغم ذلك، لا ترضى الجماعات
المذكورة أن تكون مواقفها أقل من معادل موضوعي وتام لما يريده الدين، أو لما يمليه
وينبثق عنه، ولا تقبل أن تكون أحكامها بشرية المنطلق والغاية. لذا، نراها تتحدث لغة
غير سياسية انضجتها حاضنة قيمية غير سياسية وغير دنيوية، رغم انها لا تني تؤكد أن
افعالها هي السياسة بامتياز، وانه يتساوى فيها القصد القدسي مع فاعلية الجماعة
البشرية، فلا غرابة أن طالبت الآخرين بمعاملتها كجهة منزهة عن المقاصد الخاصة
والحزبية، وارادت لهم ان يروها باعينها، وإلا اخرجوا من عالم الايمان، المساوي
لعالمها السياسي.
هل يمكن ممارسة السياسة كـحاضنة وطنية وانسانية جامعة،
كحقل مشاركة وانتـظام ديمـوقراطي وعدالة ومساواة، في ظل هذا القدر من الابتعاد عن
المعايير العقلانية والتنكر للقـيم التي تحترم الانسان وتقر باولويته ككائن حر
ويتـعين بحريته قبل اي شيء آخر؟ وهل تنتج هذه النظرة الادواتية المغطاة بحمولة
مقدسة مواطنا يقرر بنفسه موقعه من وطنه ومجتمعه، ام تنتج ايديـولوجـية دنيوية جدا
تتلاعب به وتحشره في المكان الذي تريده له والدور الذي تفرضه عليه او تخصه
بممارسته، مع ما يثيره ذلك من توتر مجتمعي وسياسي عام، ويشيعه من اجواء حافلة
بالتناقضات والخلافات، تشمل معظم المواطنين من غير اتباعها او المنضوين في مخططاتها
وانشطتها، الذين لا تعاملهم كمختلفين سياسيا وايديولوجيا، وانما تنظر اليهم كاعداء
للدين وكخارجين عن الايمان: كمرتدين يجب ردهم الى طريق الدين القويم بادوات
السياسة، مع ان جريمتهم ليست سياسية اصلا.
هل هناك حاضنة لاستـنبات الاستـبداد اكثر ملاءمة من هـذه
الحاضـنة، التي ترفض الاقرار بان الإنسان ذات حـرة وتتـعين بحريتـها، وبأنه مواطن
في دولة تقوم على احـترام حـقوقه كانـسان (حريتـه) وكمواطن (مشاركـته في تقـرير
الشأن العام)، فليس مـن الجـائز إلحـاقه بأي شيء عـداه أو خـارجـه، ولا بد من بناء
نظام الدولة والمجتمع على خاصتيه هاتين اللتن لا يستطيع ممارسة إيمانه بدونهما.
تلقيت قبل أسابيع رسالة احتجاجية من صديق إسلامي يستنكر
فيها انتقادي «جهـات اسلامـية تمارس الكـذب طمـعا في السلطـة والجاه». هذا الصديق
اتهمني بمعاداة الاسلام والثـقافة العربيـة الاسـلامـية، وذكـرني بان هذا يغـير
مواقفـي الوديـة مـن المسلمـين والدين الحنـيف. هـنا، في قـول صديـقي، تكمن جذور
الاستبداد المحتمل الذي قد تواجهه سوريا المستقبل، إن اصرت بعض الاخويات الإسلامية
على مماهاة موقفـها مع الدين، واعتبرت اي نقد موجه إليها نقدا له وللثقافة العربيـة
الإسلامـية، مع أن الاخيرة لم تكن من صنع المسلمين وحدهم، بل شارك فيها ابناء اديان
اخـرى نعموا بسماحة الإسلام وسعة صدره. وقد سألت الصديق في ردي: أي حرية ستبقى لنقد
مواقفكم، إن كنتم تعتبرونها الإسلام والثقافة العربيـة الاسلامية؟ وهل سنخرج حقا من
الاستبداد إن تمتعت آراؤكم بقدسية تجـعلها عصية على الخطأ ؟ وماذا يـبقى في هذه
الحال من السياسة كتدبير بشري حمال أوجه، تمليه معايير وقواعد وخبرات طورها بشر
مفعـمون بالعـيوب، لـيس من اجل ان يضفوا العصـمة على اقوالهـم وأفعالهـم، بل ليتعلم
من يمارسونها كيف يديـرون بادنى حد من الأخطاء تناقضات الواقـع التي لا مهرب من
وجودها، ويقلـلون أخطاءهـم ويتعـاملون مــع الدنـيا باعتبارها موضوع فاعلية إنسانية
مفعمة بالنواقص والعثرات، يستحيل أن تبلـغ الكمال، لسـبب بسـيط هو أنها فاعلية
بشرية محكومة بظروف متبدلة ومتناقضة.
لا داعـي للـقول إن هذا الموقـف يحـول الدين إلى مذهب ضيق
خاص بهؤلاء، وينقله من مجاله الروحي إلى مجال أيديولوجي يسوغ نزعة طائفية قد
تتبناها أغلبية تواجه «أقليات «إسلامية وغـير إسلاميـة، تترجم نفسها بصور شتى الى
عراك مذهبي وطائفي ، تحول بين هذه الأغلبية وبين رؤية نفسها ككـتلة وطنية لا بد ان
تتبنى مطالب ديموقراطية تواجـه بها الاستبداد، علما بان طائفيتها المعاكسة تنجب
استبـدادا لا يحول ولا يزول، ينتـجه نظام الانتـخابات الحـرة الذي كفل لها التفوق
العددي في البرلمان وتشكيل حكومات منتخبة من «الشعب»، تسوق كحكومة تعبر عن
ديموقراطية تمثيلية تسـتند إلى إرادة الناخبين، يصعب اعتــبارها ظاهريا من
الاستبداد.
نحـن هـنا في مواجـهة نموذج منـتج للاستبـداد يبدأ بتحـويل
الدين إلى فكر سيـاسي يستـخرج خياراته منه ، لا يلبث التمييز ان يتسلل إلى مواقـفه،
لأنــه يعرف الإنسـان كمؤمن، اي كـتابع للدين الذي ينتمي هو إليه، لذلك نـراه يحـول
فـكره الدينــي إلى مذهبــية تضيق إلى أن تصير طائفـية يتم انطـلاقا منـها انتـاج
نظـام سـياسي يــسمى كذبا اسلاميا، رغم تعارض الإسلام كدين سماوي مع الطائفـية
والمذهبية، ورحابته الإنسانية القائمة على استخلاف الإنسان في الأرض. هل يغير شـيئا
من الأمر أن الاستبداد يقوم هنا على الأغلبية الـعددية، الـتي تتحول إلى طائفة
سياسيـة ذات ارضيـة مذهبـية فئوية ما دون مجتمعية، شأنها في ذلك شأن الاستبداد الذي
أنكر المواطنة كمبدأ، واستند إلى طائفة هي أيضا تكوين ما دون مجتمعي؟ ألا نكون على
حق إن نحن تخوفنا من تخلصنا من استبداد أقلية تمسك بالسلطة، او سلطة تستند إلى
أقلية، فوقعنا في استبداد اغلبية تمتلك حكومة برلمانية تنتخب على أرضية مذهبية تضمن
بقاءها في السلطة ما دامت قادرة على إدارة صراعات طائفية في دولة يستحيل أن تكون
ديموقراطية؟
===============================================================
بقلم: سميح القاسم
لفت نظري احد ابنائي إلى إعلان تلفزيوني تبثه احدى
فضائيات الاعراب، الإعلان دعوة إلى الصلاة بكلمات "اقم صلاتك قبل مماتك".. ويدلّ
الاعلان على ان اصحابه لا يثقون بالمؤذنين،
وبالمرات الخمس التي تنطلق فيها
الدعوة إلى الصلاة عبر الاجهزة البشرية والاجهزة الالكترونية آخر موديل. وليس هذا
هو الأمر المهم في هذا الاعلان، الأمر المهم فيه هو الايحاء بأن الكمبيوتر قاتل
ومميت ولذلك فلابد من تجنبه، أو انه رجس من عمل الشيطان وما على المؤمنين سوى
التعوذ بالله منه ومن شروره.
اشك في ان تكون المخابرات الامريكية او الإسرائيلية
أو البريطانية وراء هذا الإعلان، فليس من مصلحة الاجانب ان نظل في قاع التخلف
والجهل والانحطاط، ان اصحاب المصلحة في تخلفنا وجهلنا وانحطاطنا هم أشخاص يبدون
"منا وفينا" ولعلهم من عبيد الطغاة الذين يريدون لهذه الأمة ان تظل امة من العبيد،
ولعلهم الذين يعملون كل ما في طاقتهم لضرب العرب ولابقائهم برسيماً لثيران الشعوبية
ودوابها.
ويتساءل المرء بحرقة ما بعدها حرقة: أإلى هذا الحد بلغ الموات بالعقل
العربي؟ الم يعد هناك مثقف عربي انسان حر وشجاع يوقف هؤلاء عند حدهم، أو يحاول
فضحهم على الاقل بين ضحاياهم من المواطنين العرب المغلوبين على أمرهم تحت نير
الطغاة وعملاء الاستعمار وجواسيسه من جهة ونير الشعوبيين الدجالين الجدد من الجهة
الأخرى؟ القوى الظلامية التي تقف وراء هذا الطراز من الاعلانات ، التي أوصلتنا إلى
ما نحن عليه من انهيار وضياع وترد، وآن الأوان للتصدي المبرمج والمنهجي لقوى الشر
هذه التي تتمتع بعذاب العرب وتتسلى بويلاتهم وتكدس الأرباح من خسائرهم
ومصائبهم.
وليعلم الناس ان الجهل هو مرضنا القاتل، ولاشفاء بغير الكمبيوتر، وما
الذين يحاربون الكمبيوتر، مباشرة أو باللف والدوران، سوى فيروسات بشرية ستتضاعف
خطورتها ما لم تتضاعف جهودنا في مواجهتها!