kolonagaza7
الشعب أمام خيارين
الأول: إجراء انتخابات نيابية فورية تحصل فيها الأغلبية على
السلطتين التشريعية والتنفيذية
الثانى: دماء - حرب أهلية - فوضى مفتوحة - مجتمع دون رئيس أو سلطة
تشريعية
يا شعب مصر العظيم:
لا يزال القرار فى يدك.. وسيظل القرار فى يدك.. ما بقيت الدنيا.. وما
بقيت مصر. ولذلك لا أقلق أبدا، فبعد الإيمان بالله وقدره بخيره وشره الذى ينزل
السكينة على كل مؤمن، فإن البلد ملك للشعب المصرى هو صاحبها، إن أراد حافظ عليها
وإن أراد فرط فيها، وإن أراد اهتم بإصلاحها، وإن أراد تركها وهاجر (حاليا 8 ملايين
وهذا رقم قياسى منذ نشأة مصر حتى الآن). الشعب هو الذى صبر على الحكم العسكرى 60
سنة، وهو الشعب الذى صبر على المخلوع 30 سنة، رغم أنه بفطرته السليمة وصفه منذ
اليوم الأول بأنه (البقرة الضاحكة)؛ أى أنه محدود الفهم وأنه لايفكر إلا فى نفسه،
وهو وصف دقيق لشخصيته أكدته 3 عقود. الشعب المصرى صبور ولا يثور على الحاكم الفاسد
أو الظالم سريعا، يعطيه فرصة ويبحث عن انتزاع حقوقه بالوسائل الناعمة. ولكنه مستعد
عند الضرورة للثورة. فى 25 يناير أصر الشعب على إنهاء حكم مبارك وكان له ما أراد.
منذ ذلك الوقت يعانى الشعب من صراع جناحى النخبة: الجناح العلمانى
والجناح الإسلامى، ولكنه انتخب الإخوان وأصبحوا فى السلطة، وبالتالى يحملهم
المسئولية الأولى والأساسية عن تدهور أحوال البلاد، وعدم جنى أى ثمرات ملحوظة
للثورة. والشعب محق فى هذا الموقف لأسباب شرحناها مطولا فى مقالات سابقة. ولكننا
نريد التركيز الآن على 30 يونيو.
من المفترض ألا تنقسم البلاد بين الإسلاميين والعلمانيين لأننا
جميعا فى بلد واحد ومن شعب واحد، ولا أريد أن أحمل المسئولية لطرف دون آخر الآن. فليكن
المسئول الأول من يكون. ولكننا توصلنا أخيرا إلى آلية انتخابية سليمة يعبر الشعب
من خلالها عن رغباته، ويثبت من يريد فى الحكم ويعزل من يريد. فلماذا إذن المواجهات
واحتمالات الصدامات الدموية، رغم أن البعض كان يبالغ فى التوقعات كل مرة ولا تحدث
أحداث بالغة الخطورة، وتمر الأحوال بسلام نسبى. ولكن ما أغنى البلاد عن كل هذه (الخضّات).
ويكفينا 33 عاما من الضياع المتواصل. وأكرر ما قلناه مرارا للشعب المصرى: أنت أمام
خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الأول:
هو الذى اخترته أنت من قبل فى 19مارس 2011؛ انتخاب مجلس الشعب (وهذا
حدث وتحدتك المحكمة الدستورية وحلته!) - انتخاب مجلس الشورى (لا يزال على قيد
الحياة بصعوبة!) - انتخاب جمعية تأسيسية (قتلت أول مرة بحكم قضائى لم يراع موقف
الاستفتاء ونجت من الموت بأعجوبة فى المرة الثانية ولكنها لم تنجُ من التجريح) - قيام
الجمعية التأسيسية بصياغة الدستور وهذا تم - الاستفتاء على الدستور وهذا تم بنسبة
الثلثين تقريبا - انتخاب رئيس الجمهورية وهذا تم قبل الجمعية والدستور وكان ملحمة
لا مثيل لها فى تاريخ مصر. وكان من المفترض أن ننتخب مجلس نواب ثم مجلس شيوخ وفقا
للدستور الجديد لنعيش حياة طبيعية مثل خلق الله فى البلاد المستقرة. ولكن تحالف
العلمانيين والثورة المضادة وأجهزة الأمن يريد أن نعيد اللعبة (وكأنها لعبة) من
الأول خوفا من استقرار الإسلاميين فى الحكم، ولا يفكرون فى مصير بلد وشعب. إن فشل
الإخوان أو انخفاض أدائهم لا يبرر استمرار البلاد فى حالة مستمرة من الفوضى: حالة
انتقالية لا تنتهى. حيث لا نعرف رئيسا مستقرا ولا برلمانا مستقرا ولا سلطة قضائية
مستقرة، وبالتالى لا شعب مستقر ولا اقتصاد مستقر.
والحجة التى سدوا آذاننا بها: وهل سنستمر 3 سنوات أخرى تحت حكم
الإخوان الذى لا يعجبنا ولم يلب طموحات الشعب؟ وقلنا ونكرر مرة أخرى: إن إجراء
انتخابات برلمانية عاجلة وفقا للخطة التى استفتى عليها الشعب منذ عامين يعطى فرصة
للمعارضة أن تفوز بالأغلبية وتفوز بالسلطتين التشريعية والتنفيذية. لأن الدستور
الحالى يعطى للأغلبية البرلمانية حق تشكيل الحكومة والتى تتمتع بصلاحيات كبيرة،
وليس كالحكومات السابقة فى ظل دستور 1971. إذن ما وجه كل هذا الانزعاج والرفض
للانتخابات البرلمانية الفورية.
أما الخيار الثانى أمام الشعب المصرى:
أن يتضامن مع حركة الإنقاذ وأن يشارك بكثافة يوم 30 يونيو للخلاص
من رئاسة "مرسى". وأفراد الشعب لا يعلمون شيئا عن التدبيرات الإرهابية
المعدة لهذا اليوم والتى بدأت بشائرها من مجموعات بلاك بلوك والبلطجية ببعض
الاشتباكات المتناثرة واحتلال وزارة الثقافة فى سابقةٍ لم تحدث منذ بداية الثورة. ومن
ثم فإن هذا الخيار يشتمل على المخاطر الآتية:
أولا: احتمالات نزيف الدماء، وهذا حرام شرعا لأنه لا مبرر له ولا
اضطرار، فلا يوجد عدو فى البلاد يتعين قتله فى اللحظة الراهنة.
ثانيا: توجيه ضربة مؤكدة لاقتصاد مصر العليل، فهذا هو الصدام
الكبير (المليونية) رقم 25 منذ تولى "مرسى" للسلطة أى بمعدل صدامين
كبيرين فى الشهر الواحد، هذا بالإضافة لآلاف الوقفات والاعتصامات وقطع الطرق
والمواصلات والسكك الحديدية. ووصل المعدل فى الشهر الأخير إلى عدد 2 إضراب كل ساعة!!
ورغم معارضتنا الشديدة لسياسات الحكومة الاقتصادية، إلا أنه من الإنصاف أن نقر أن
هذا الكمّ من الاضطرابات لا يمكن إلا أن يؤدى إلى المزيد من هبوط الأداء الاقتصادى.
وكل من سيتولى الحكم بعد الإخوان سيعانى من ذلك. وقد أكد لى رجال البنوك أن كل
دعوة لمليونية تؤدى إلى وقف فورى للائتمانات ولأى اتفاقات جديدة. وتشير أحوال
البورصة فى الأيام الأخيرة إلى أكبر حالة هبوط فى تاريخها، والبورصة عندى غير مهمة
فى حد ذاتها ولكنها تكشف سلوك المستثمرين الأجانب، وتعاطفهم مع تحركات المعارضة،
وحالة التبرم الأمريكية والغربية من حكم "مرسى". المهم أن الشعب يدفع
ثمن هذا التدهور الاقتصادى.
ثالثا: إذا تم إسقاط الرئيس مرسى فستدخل البلاد فى نفق مظلم طويل
بعد عامين وأربعة شهور من المرحلة الانتقالية البائسة. ولا يمكن التنبؤ بطول المرحلة
الانتقالية لأننا سنبدأ كل شىء من جديد: انتخابات رئاسية + انتخابات برلمانية
بمجلس أو اثنين + جمعية تأسيسية جديدة + دستور جديد + استفتاء على الدستور الجديد +
مع ضرورة البداية باستفتاء جديد يلغى استفتاء 19 مارس 2011. وسيسبق كل ذلك عام أو
عامان بمجلس رئاسى مدنى عسكرى (حسب أقوال جهابذة الإنقاذ) بل ربما يسلمون البلاد
طواعية للقوات المسلحة فيعود حكم المجلس العسكرى. وهذه الخطة ستحتاج إلى 4 سنين
على أقل تقدير ستكون البلاد دون أى سلطات تشريعية أو تنفيذية أو قضائية أو دستورية
مستقرة. وإذا أضيفت إلى عامين و4 شهور يكون المجموع 6 سنوات ونصف مرحلة انتقالية. وستدخل
ثورة 25 يناير موسوعة جينيز فى باب الغباء؛ لأنها ستكون أطول فترة انتقالية فى
التاريخ، والتى لا تزيد عادة عن عام واحد. ونحن لا نخشى من موسوعة جينيز ولكن نخشى
من الآثار الكارثية لهذه المرحلة الانتقالية الطويلة التى ستسهم فى تفكيك ما تبقى
من أواصر البلاد. أما فى الخيار الأول فسنحتاج إلى أقل من عام لإجراء انتخابات
غرفتى البرلمان.
رابعا: إذا تم إسقاط الرئيس خارج قواعد الشرعية وبنود الدستور
الحالى فسيكون من حق الطرف الآخر أن يستخدم نفس وسائل التمرد، ومحاولة اقتحام
الاتحادية ووزارة الثقافة وغير ذلك من مؤسسات الدولة. وستكون البلاد بصورة مؤكدة
على شفير حرب أهلية لا ضرورة لها. لأن الخلافات بين الطرفين لا تستدعى ذلك،
فالطرفان يخطبان ود أمريكا والغرب، والطرفان مع السياسات الاقتصادية نفسها، والطرف
الإسلامى لم يعد متمسكا بأساسيات الإسلام، والطرف الليبرالى لم يعد ليبراليا بل
أصبح من دعاة الانقلابات العسكرية. ستكون حرب أهلية عبثية دون داع حقيقى إلا
العناد والاقتتال حول السلطة، وستدرك أيها الشعب أنك خدعت نفسك وراء سراب هذه
النخبة. لسنا على الحياد ونحمل المسئولية الأكبر لجبهة الإنقاذ فى الاستهتار
بالشرعية التى صنعتها الثورة.
فى الانتخابات البرلمانية سيكون الخيار بين الإخوان ومن على منهجهم
والإنقاذ والطرف أو الأطراف الثالثة، ونعلن بقوة أننا سنكون ضمن الطرف الثالث إلا
فى حالة وحيدة: إذا غير الإخوان موقفهم من أمريكا والغرب وإسرائيل.
سيكون لديك أيها الشعب هذه الخيارات دون دماء وفوضى. أما فى حالة
الخيار الثانى فستدخل فى حيرة لا حد لها لأن قواعد اللعبة لن تكون فى يدك كما كانت
خلال الـ18 يوما فى التحرير. سألت كثيرا من الشباب الذى وقع على وثيقة تمرد: على
من تعتمدون يا شباب فى الانتخابات الرئاسية المبكرة من المرشحين الـ12 الآخرين،
أجمع كل من سألته أنهم غير مقتنعين بأى واحد منهم، وأنهم ليس لديهم مرشح بديل. قلت
لهم أليس من الأفضل إذن الانتظار 3 سنوات للانتخابات الرئاسية، والتركيز الآن على
الانتخابات البرلمانية بالمواصفات التى ذكرتها والواردة فى الدستور الحالى.
وفى حالة اندلاع حرب أهلية بالطوب والشوم والخرطوش والرصاص
والمولوتوف فإن الفترة الانتقالية ستستمر إلى سنوات مفتوحة حتى يتم الحسم العسكرى.
وستكون مصر مزيجا من النموذج السورى والليبى. فستكون بعض الأحياء فى يد التيار
الإسلامى وبعض الأحياء فى يد جبهة الإنقاذ التى ستعتمد على البلطجية لقلة الكوادر
وهو ما سيفتح الأحياء الشعبية والعشوائية لهم. وسيقوم الجيش بمحاولة لفصل القوات،
ولكن اللهجة العنصرية التى ستستخدم فى شبرا ستجعل كتائب من الجيش تنشق وتتمركز فى
المقطم. ولن أسترسل لأننى أرجح أن يوم 30 يونيو سيمر فى النهاية ولن تسقط الشرعية.
ولكن المشكلة أن جبهة الإنقاذ ستواصل الاستعداد للمحاولة الـ26 لإسقاط "مرسى"
بعد رمضان. لأن سب الدين والشتائم البذيئة التى يمارسها البلطجية لا تجوز فى رمضان
(كبرنامج البرنامج).
القرار لك أيها الشعب
أرفض الخروج من الآن حتى إلى ما بعد 30 يونيو لا مع تمرد ولا مع
تجرد
أرسل لنا ولغيرنا بموافقتك على إجراء انتخابات فورية لمجلس النواب
وانتخب من تريد.. ومن سينجح سيشكل السلطتين التشريعية والتنفيذية وبالتالى وضمنا: القضائية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***
الدعارة الإعلامية:
لم أكن أتصور أن يأتى علىّ يوم أرى فيه ضرورة توضيح أكاذيب لمهرج؛
فليس لدىّ وقت للتهريج، ولكن من علامات أزمة البلاد أن الرويبضة (التافه يتحدث فى
شئون العامة) أصبح مصدرا للآراء والأفكار والمعلومات والأخبار. ورغم أنه لا يخفى
أنه مهرج، فإن الجمهور بدأ يثق بأنه مصدر للمعلومات الصحيحة. والعيب ليس عليه ولا
على الجمهور المخدوع به، ولكن العيب على الإعلام الإسلامى الفضائى الفاشل الذى لا
يجيد الرد عليه ولا يجيد تقديم نماذج من البرامج الناجحة الهادفة والترفيهية ولكن
لا تخدش الحياء ولا الحقيقة.
المهرج باسم يوسف - والمهرج ليست شتيمة إذا كان ملتزما بالتهريج
لإضحاك الناس بشكل برىء ودون التعرض لأمور جنسية مبتذلة. مهرج السيرك مثلا (البلياتشو)
شخص لطيف ومطلوب؛ لأنه يضحك الصغار وأحيانا الكبار أيضا، دون أن يخدش الحياء ودون
أن يدعى أنه فقيه فى السياسة!- المهرج باسم يوسف ادعى كما قيل لى أننى قلت فى لقاء
الرئيس مع قادة الأحزاب: «مش مهم السد العالى». ونص كلمتى لا يزال موجودا على
اليوتيوب. وهذا نموذج للدعارة الإعلامية. أى القيام بمونتاج كاذب يمكن أن يجعل
المتحدث يقول أى شىء بقطع الجملة. باختصار، لقد كنت أتحدث عن رؤية متكاملة
لاستعادة الوجود المصرى فى حوض النيل، وزيادة رقعة التعاون والمصالح المشتركة مع
دول حوض النيل. ووفقا للتقرير المعروض علينا من اللجنة الثلاثية، فقد كان الضرر
المتيقن من سد النهضة الإثيوبى هو انخفاض توليد الكهرباء فى السد العالى بنسبة 18%.
وفى المقابل يعد توليد الكهرباء فى سد النهضة من أكبر مشروعات توليد الكهرباء؛
فإذا كان هناك مشروع للربط الكهربائى بين إثيوبيا والسودان ومصر (بين مصر وإثيوبيا 2000
كيلومتر) نكون نحن الأكثر استفادة من هذه
الكهرباء؛ لأننا الأكثر استهلاكا. وفى هذه الحالة تكون نسبة الكهرباء الضائعة من
السد العالى لا تكاد تذكر، ومن ثم لا يكون مهما نقص توليد الكهرباء من السد
العالى؛ لأننا سنحصل على كميات مضاعفة من الكهرباء من إثيوبيا. فيما أراد المهرج
أن يوحى بأننى أقول: (مش مهم السد العالى) بمعنى تخزين المياه خلفه، وكأننى أطالب
بهدم السد مثلا.
ولم أفكر فى هذا التوضيح إلا بعد إصرار بعض أعضاء حزب العمل على
ذلك؛ لأن الناس يصدقون باسم يوسف مصدرا للمعلومات. وهذه - كما ذكرت - من علامات
مرض المجتمع لفساد الجزء الأكبر من النخبة، فأصبح الناس ينفضّون عنها ليبرالية
كانت أم إسلامية، ويفضلون المهرج باسم يوسف (وهو يرضى غضب الناس من أداء الإخوان)،
والبعض يفضل قنوات عالم الحيوان؛ إذ ثبت أنه أفضل من عالم الإنسان الحالى، والبعض
بدأ يفضل القنوات التى تعرض الأفلام المصرية القديمة ليهرب من هذا الزمن كلية.
لقد اعترف باسم يوسف بأن برنامجه بذىء ومناف للأخلاق حين قرر وقفه
فى شهر رمضان، بالضبط كما تغلق الكباريهات ودور اللهو الحرام والبارات محلاتها
بقرار ذاتى تماشيا مع الشهر الفضيل. ومعروف أن شهر رمضان لا يتطلب أخلاقا من نوع
خاص إلا أخلاق الإسلام المعروفة، ولكن بعض الناس يستحيى من الله، فيتوقف عن
المحرمات، أو يقوم بالصلاة فى الشهر الفضيل.
لقد توقفت عن مشاهدة البرنامج بعد مشاهدة حلقة أخذت وقتا لا بأس به
فى الحديث عن مؤخرة الإنسان.
ترى، ماذا كان يفعل باسم يوسف قبل ثورة 25 يناير؟ عندما كان
المجاهدون يطاردون ويسحلون ويسجنون. لا أعلم أى شىء عن هذا الشخص... إلا أن البيت
الأبيض يتبناه ويدافع عنه، ولكن يتعين عليه أن يحترم نفسه وهو يتحدث عن المجاهدين
الذين دفعوا ثمنا غاليا من أجل الدفاع عن هذا البلد. إنه الآن يسبهم ويحصل على
الملايين من الدولارات. وإذا رأى قطاع من الشعب أن هذا المهرج هو القائد والمعلم
أو حتى مجرد مصدر للمعلومات، فهذا
معناه أن مصر مريضة، وسنعمل إن شاء الله على شفائها