الخميس، 13 يونيو 2013

المصداقية قبل المديونية يا حكومتنا الجديدة !

kolonagaza7
بقلم: محمد أبو مهادي
في أول إجتماع لها عقد الثلاثاء 11 يونيو 2013 في رام الله  حذرت الحكومة الفلسطينية الجديدة على لسان نائب رئيس وزرائها من تفاقم الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، وتحدث عن ديون داخلية وخارجية بقيمة 4.2 مليار دولار.
نائب رئيس الوزراء أبقى على الرقم المذكور رقماً مبهماً لم يحدد أسبابه ولا المتسببين فيه وكأنه يهرب من تبعاته ليحميل الحكومة السابقة برئاسة د. سلام فياض مسؤولية تلك المديونية ، ومسؤولية العجز المتراكم في الموازنات العامة وعدم توفير التمويل المطلوب لاستمرار عمل السلطة والايفاء بإلتزاماتها اتجاه المواطنين والموظفين.
جميعنا يدرك أن تمويل السلطة كمشروع هو تمويل مشروط سياسياً منذ أن تشكلت السلطة بموجب اتفاق أوسلو حتى الآن، والأزمة المالية بدأت تتدرج بعد فشل محادثات السلام في كامب ديفيد الثانية عام 2000 وبعد الفشل زادت الشروط عالمياً وارتبطت بمدى إيفاء السلطة لإلتزامتها الأمنية ومقدار الإصلاح المالي والإداري الذي تقوم به، وقدرتها إدارة المجتمع الفلسطيني بطريقة تحقق أهداف أوسلو.
لقد أسقط نائب رئيس الوزراء عمداً تاريخ تلك المديونية التي تراكمت عبر سنوات السلطة، في نفس الوقت تجاهل في لعبة الأرقام أن عبء المديونية في العام 2007 كان يعادل 79% من حجم الإقتصاد (الناتج المحلي) بينما مثّل في بداية عام 2013 40% فقط  من الناتج المحلي أي بفارق 39% .
نائب رئيس الوزراء الذي بشّرنا بإستمرار الأزمة المالية المترافقة مع المديونية لم يحدثتنا عن طبيعة الإجراءات التقشفية التي سيقوم بها، وإذا ما كانت هذه الاجراءات سوف تطال راتبه ورواتب الوزراء وكبار موظفي السلطة ونفقات مكتب الرئاسة، أم أن تلك الإجراءات ستطال جوانب أخرى من موازنة السلطة كرواتب الموظفين من أبناء قطاع غزة، واستمرار مصادرة الاستحقاقات المالية لهؤلاء الموظفين، وقد تكون إنهاء الإلتزامات كاملة تجاه أبناء قطاع غزة في مختلف المجالات بما فيها استحقاق فاتورة الكهرباء.
نعلم أن نائب رئيس الوزراء قد شغل رئيس أهم مؤسسة إستثمارية فلسطينية (صندوق الإستثمار الفلسطيني) ولكنه في مؤتمره الصحفي لم يعلن إذا ما كان سيستمر رئيساً لصندوق الاستثمار براتبه الضخم الذي تحدثت بعض المصادر انه تجاوز المليون دولار سنوياً، أم سيترك هذا العمل كرئيس للصندوق دون أن يخبر المواطنين الفلسطينيين عن مبلغ المليار ومئتي مليون دولار المختفية دون أن تعلم مكانها أي جهة رقابية فلسطينية .
كنت أتوقع من الحكومة الجديدة أن تبدأ أولى خطوات بناء الثقة مع المواطنين الفلسطينيين كإعلان الذمة المالية لكل وزرائها، وعن خطة لبناء إقتصاد وطني حقيقي، وسلسلة مشروعات تنموية تساهم في خفض معدلات الفقر والبطالة وإنصاف موظفي 2005 بعد ثماني سنوات من مصادرة حقوقهم، وأن تعلن عن احترامها للحريات السياسية والمدنية والتزامها بالقوانين والتشريعات الفلسطينية وخضوعها جماعة وأفراد للقانون وسلطته القضائية بدلاً من الخروج الجديد بفزاعة المال كمحاولة جديدة لفرض سيطرتها على الناس عبر قلق مستمر لا تعرف نهايته.
شعبنا الفلسطيني سئم الإنتظار القلق على مستقبله السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفي كل محطة جديدة ينتظر من يجيب عن أسئلة الغد، لا يوجد مفاوضات وإن حصلت فهي لن تكون بالشروط الفلسطينية المعلنة، وقد تحدث إرضاءاً لأطراف دولية وعربية، ولا يوجد مقاومة حقيقية للاحتلال ومستوطنيه وتتصدى لجرائمه اليومية، ويتم الاجهاز على كل محاولة تمكن شعبنا من السير في الطريق الحقيقي في العلاقة مع الاحتلال عبر مواجهة مستمرة بأهداف تحررية مجمع عليها أو على الحد الأدنى منها، ولا يوجد مصالحة فلسطينية تنهى سنوات من العذاب المستمر وانتهاك الحريات العامة والخاصة وإدارة الظهر للمواطنيين وعدم الاستجابة للتحركات المنادية بإنهاء الإنقسام.
أي حكومة فلسطينية  تبدأ خطواتها بتضليل الناس في ظل مجتمع يعاني من أزمات مختلفة، بكل تأكيد مآلها الى الفشل، يزيد من ضعفها وإبتعاد الناس حولها، ستضمر قاعدتها الشعبية الى أن تقف عارية بدون جماهيرها صمام أمانها وعونها في الشدائد والأزمات.
يجب أن لا يغيب عن ذهن الحكومة ووزرائها أننا شعب لا زالنا تحت الاحتلال، وأن شعبنا الفلسطيني لن يقبل بسلام إقتصادي تحت ترهيب المال والوظائف، وان السلطة إذا أصبحت مشروعاً اقتصادياً لتكريس الإحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر، فسرعان ما ينهار هذا المشروع في أول مواجهة ساخنة قد تحدث صدفة على حاجز إسرائيلي.




مشاركة مميزة