kolonagaza7
بقلم/ توفيق أبو شومر
إنها مفاوضات بنكهة جديدة، لها مذاق العلقم، ورائحة البارود، إنها مفاوضات دون كيشوت لسيرباتس، هذه المفاوضات هي ولادة عقيمة لمسلسل طويل من عمليات التخصيب والتلقيح الفاشلة، هذا ما أكدته مصادر البيت الأبيض في واشنطن!
نقلتْ الأخبارُ الإسرائيلية أنَّ (دون كيشوت) جون كيري أُصيب بصدمة، عندما أبلغ إدارة أوباما بنجاحه في مهمته، وأنه استطاع أخيرا أن ينجح! وسبب الصدمة أنه لم يلمح علامات التشجيع لهذا الخبر، لا من أوباما، ولا من إدارته!
يُرجع المحللون وفقهاء السياسة سبب ذلك إلى أن أوباما وإدارته يعرفون بأن أية مهمة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي مهمة مستحيلة، فقد جرَّبت الإدارة الأمريكية كل السبل، ولم تفلح، فقد استعان أوباما في فترة حكمه الأولى بأحد أبرز خبراء العالم في النزاعات، وهو الذي ساهم في حل مشكلة إيرلندا(جورج متشل) ولكن هذا الأخير حمل عصاه واستقال ورحل بعد عام ونصف من مصارعة طواحين الهواء!
غيَّر الوسطاء خيولهم عشرات المرات، واستقدموا عشرات الخبرات، وكذلك فعل الإسرائيليون، أما نحن فخيولنا العربية الأصيلة ما تزال تتحدى حتى اليوم، وأظنها ستبقي ما بقيتْ على قيد الحياة!
ظلتْ ليفني هي حصان طروادة لإسرائيل في الخارج، أعادوها لتعيد قطيع أوروبا الناشزة عن إسرائيل وأمريكا، ويبدو أنها ستنجح في تجميد كل الإجراءات التي كان الاتحاد الأوروبي ينوي فرضها على إسرائيل.
لقد ملَّ الأوروبيون العناد الإسرائيلي، وقرروا أن ينافسوا أمريكا على ملف الصراع، فقد أبعدتهم أمريكا واستأثرت بخيرات المنطقة، وتمكنت من جعلهم جوقة مغنين في فرقة العزف الأمريكية الكبرى، وهذا هو السبب الحقيقي للتمرد الأوروبي، وليس السببُ الرئيس هو إيمان أوروبا بعدالة قضيتنا، ونجاح دبلوماسيتنا العربية والفلسطينية!
إن أبرز نجاح يمكن أن يُصدِّره الإعلام الغربي، هو الصورة التي ستجمع بين المفاوض الإسرائيلي والفلسطيني، مع العلم بأن نتنياهو كعادته وبإيعاز من زوجته (سارة) فرضت عليه أن يُرسل مع ليفنى مخبرا خاصا رقيبا عليها، وهو إسحق مولخو، صاحب المهمات والملفات السرية والخطيرة!إن الصورة التي سيسوقها الإعلامُ الإسرائيلي والغربي، والتي ستكون في أول نشرات الأخبار هي أبرز وأهم الرسائل الإعلامية التي تحتاجها إسرائيل اليوم.
ومن الرسائل الإعلامية المشجعة لحكومة إسرائيل القوية:
الرسالة الأولى:هانحن نُعيد الفلسطينيين إلى طاولتنا من جديد بلا شروط، فقد أعدناهم بشروطنا، حتى ولو ادعوا بأنهم قد عادوا بضمانة الوسيطُ الأمريكي، على أن نقدم (تنازلات)! وأن نَمُنَ على الفلسطينيين بإطلاق سراح أبنائهم الأسرى بشروطنا أيضا، فلن نطلقهم إلا في وجبات منفصلة، نحن معتادون في شهر رمضان أن نقدم للفلسطينيين منحة من لحومهم، فنفرجُ كالعادة على بعض أسراهم ،أما الأسرى القدامى فإننا سنفرج عنهم بحسب تقدم المفاوضات التي لن تتقدم! وأن نضمن ألا يلجأ الفلسطينيون للأمم المتحدة للضغط علينا وطلب عضوية دولة فلسطين المستقلة كاملة العضوية في شهر سبتمبر القادم، فإذا التزموا ولم يتقدموا بطلب، ورأينا أنهم جادون فلنطلق دفعة أخرى من الأسرى.
وبحسب الرؤية الإسرائيلية فإن أية وجبة سيطلق سراحها، سوف تخضع لمواصفات إطلاق السراح المعمول به في إسرائيل، أي بأن يوقِّعَ المُطلق سراحُهم على تعهد يقضي بعدم ممارسة الإرهاب، وأن يوافقوا على النفي، إلى أشهر المنافي (غزة) أو غيرها من البلدان، حتى يظلوا في حالة السجن، ما داموا على قيد الحياة!
والرسالة الثانية في ملف الاستيطان، فقد طوَّعنا جون كيري، وجعلنا الملف بعيدا عن متناول الفلسطينيين!
أما الرسالة الثالثة في ملف الحدود، فلا يمكن أن نوافق على بحث هذا الملف إلا إذا اعترف الفلسطينيون بأن إسرائيل هي الدولة اليهودية أولا، كمقدمة للخوض في قضايا تبادل الأراضي، ونحن نسعى لجعل الاعتراف بنا كدولة يهودية مقدمةًً لإخراج أكبر عدد من التجمعات العربية في إسرائيل، في مقابل المستوطنات الكبرى في أرئيل ومعاليه أودميم وغوش عتسيون وغيرها، أليست إسرائيل هي الدولة اليهودية؟!
الرسالة الرابعة يجب أن نؤكد بأننا لن نُغادر شبرا واحدا بدون أن نضمن أمن إسرائيل إلى أبد الآبدين، إما بنقاط مراقبة في غور الأردن وجبال نابلس والخليل ، وإما ببقاء كتائب أمن وجيش إسرائيلي، ولن نقبل أبدا بأية حماية أخرى!
والرسالة الخامسة إذا كان لا بدَّ من إعلان دولة فلسطين، فلتكن منزوعة الأظافر والعضلات، خالية من السلاح ومن مصادر القوة، كمخزونات المياه والغاز والبترول!
والرسالة السادسة المتعلقة بقضايا اللاجئين، فإذا طرح الفلسطينيون قضايا عودة اللاجئين أو تعويضهم عن ممتلكاتهم، فملفاتنا جاهزة عن لاجئينا اليهود المطرودين من الدول العربية، فالأعداد-بمحض الصدفة- متساوية! فعدد اليهود المهجرين 850000 وهو عدد الفلسطينين المهجرين، والفرق بين لاجئينا ولاجئيهم هو، أننا نملك ملفات كاملة بالخسائر والعقارات، ففي مصر وحدها تقدر العقارات التي كان يملكها اليهود بعشرات المليارات!
أما الرسالة الأخيرة بالنسبة لملف القدس، فهل يُعقل أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة (يهودية) وأن تكون عاصمتها تل أبيب مثلا؟!فالدولة اليهودية ليست لها سوى عاصمة واحدة، وهي القدس ولا شيء غيرها!
ويمكننا أن نقبل بوليسا دوليا مكونا من شرطة أمريكية وشرطة تركية أو سعودية، مع شرطة رمزية فلسطينية وإسرائيلية فقط للإشراف على المسجد الأقصي وتنظيم الزيارات له.
إليكم هذه الحكمة التي قالها أحد اليساريين من دهاقنة اتفاق أوسلو يوسي بيلين:
نتنياهو يبدو مشتاقا للسلام، ولكنه لن يدفع أي ثمنٍ لتحقيقة!