داخل العراق يَتِمُّ الفراق
برشلونة : مصطفى منيغ
التمرّد غير القائم على شروط مِنْ عُرْفِ النِّضال الحَقِّ مطرود ، مفعوله ظرفي وتأثيره ولو اليسير غير موجود ، إن كان الهدف منه الاتجاه المعاكس انحيازاً لمُحرّكٍ خارج الحدود ، مادام العراق له ما يكفي فلا داعي لمن يعكّر فيه الإقبال على الانشغال الموعود ، أوَّله نبذ العنف وتاسِعه النَّأي عن حماسٍ موجّهٍ عن بُعْد، أما عاشِره تنفيذ إرادة شعب في انتقاء أفراد منه جُدُد ، على خدمة الوطن تفرزهم صناديق اقتراع حر نزيه ، وفق برنامج يُناقش إتّباعاً لنظام مُحددٍ مُسبقاً بهدف سعيه محدود ، في وضع قاطرة من صنع عراقي على سِكَّتَي حديد عراقيةٍ ناقلة لركاب عراقيين في رحلة لزيارة مستقبل مفعم بكل ما هو محمود.
...التمرّد لغاية ليس للعراق الدّولة أي خير فيها سوى تحريك ما تحت الرماد لا زال مشتعلاً مرفوض ، فكرةً وشكلاُ ومضموناً لا قيمة له إلاّ لدى مَمْعُود، يعوّض خلل أمعائه بصراخ مع السراب ممدود ، فكان الأجدر تنظيمه في طهران بدل بغداد باعتبار القائمين به أنصار تدخل الدولة الفارسية في شؤون العراق بأسلوب فوضوي منبوذ ، لنشر الفتنة وتكريس شيم الانحراف عن واجب الوطنية الصادقة مشدود ، عِلماً أن الزّحف الشعبي لا يتم وراء من يريد الهاء العراق عن أداء المنتظر منه بالسكينة والتجلّد ومقومات الموزون من الصمود ، الزحف الشعبي الحقيقي يتم جنباً لجنب مع الشرعية الموكول لها إخراج الوطن العراقي من التوترات العقيمة المقصودة والمدفوعة الأجر لكل عصابات تحمل السلاح لقتل العراقيين الأبرياء لأمر يُفَسَّر في "قم" الفارسية بثورة ، وما هي في الواقع سوى مسخرة ، يدردش بها رواد خمارات الغرب للتسلية ولو بأوصاف تدين سياسة إيران في محيط الشرق العربي مبعثِرة .
... فكّ اللغم الملتحم مع السفينة الحاملة لعلم ليبريا الذي كان انفجاره موجهاً لإلحاق الضرر البالغ بالعراق ساحلا وتسويقا للنفط ، وأيضا لإشعال حرب تُخرج إيران من صمتها المُعلّل بصعوبة الظروف الاقتصادية التي تعاني منها نتيجة ما تتحمله من نفقات لإبقاء ملشياتها المسلحة بأثقل ألأسلحة ، والمتطورة في جزء منها ، المنتشرة في العراق ، وجنوب لبنان واليمن وأمكنة أخرى تخص دول افريقية وجنوب أمريكية ، لم يحن الأوان على كشفها بالكامل ، فك ذاك اللغم من طرف خبراء مختصين تابعين للجيش العراقي ، مَثَّلَ صفعة قويّة لواضعه بتلك الطريقة المعقَّدة المحتاجة لاحترافية كُبرى وإمكانات تفوق قدرات جماعة إرهابية معينة ،اللهم إن كانت تابعة لدولة . طبعا العراق لا زال مستهدَفاً لجعله مُنطلقاُ لصراع قابل لجل الاحتمالات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية ، وما التمرّد الفوضوي المستغل ذكرى مقتل جنرال فيلق القدس الإيراني ، الواصل شغبه مداخل مطار بغداد ومباني محيطه ، سوى اختبار لقوات العراق الأمنية ، وإدراك لإمكاناتها الحقيقية ضبط سيطرتها على الوضعية كدولة قادرة قولاً وفعلاً على حماية مواطنيها قلباً وقالباً بالمفهوم الصحيح ، المنافي للعقل مع العراق والقلب مع إيران .
قد يكون ما حدث ويحدث اليوم الثالث من مطلع السنة الجديدة ، مناسبة لمدخل "الكاظمي" مرحلة الجدّية القصوى ، المبرهن من خلالها أن كلامه مترجم على أرض الواقع بتكنيس بغداد برمتها ، وليست المنطقة الخضراء وحدها ، مِن أوساخ عصابات إيران ناشرات الهلع في الفّارين بأنفسهم إلى "اربيل" الآمنة ، بل وتجريد هؤلاء الممثلين لمعدن القلاقل السائدة ، من سلاحهم المستورد من دافِعَتِهم نحو ارتكاب ما ارتكبوه ، وبذلك يحصل على بطاقة الشعب العراقي الخضراء ، أينما لوّحَ بها قُُوبِِلَ بالاحترام ، والإصغاء بانتباه شديد لتعليماته الإصلاحية المُرتقبة منه وحكومته ، وبدون ذلك سيُلحق كغيره لقائمة عَنْوَنَها التاريخ ، "بلا فائدة تناوبوا على القيادة". أملُنا أن يحقق العراق ، أول فِراق مع قِوى العمالة و الارتزاق ، ليطمئِنّ في إٌعادة ما ساده من أمان وعزة نفس و سمو أخلاق.
مصطفى منيغ
kolonagaza7