هي الأَخِيرَة وإن جاءَت مُتَأَخِّرَة
سبتة : مصطفى مُنِيغْ
مرَّت على القضية الفلسطينية العربية والإسلامية أكثر من سبعة عقود ، ولا حَلَّ
في الأفق يُبشِّر أنَّ فلسطين لوَضْعِها الطبيعي الأوَّل ستعود ، بل الأمَرّ من
المرائر مهما كان مصدرها أنها ستظل فاقدة أجزاء كيانها الواحد تلو الآخر ولا أحد
في توقيف ذلك عليها سيجود ، حتى تغَيبَ ما عُرِفت به على امتداد الأزمنة من حدود ،
وكلَّما اقترب الأمل الخيالي من تهدئة الخواطر ابتعد الواقع أزيد من تحقيق وعود ،
حمَلَها ريح السِّياسةِ الإسرائيلية لغاية "أسلو" ثم أعادها لتُضاف
لمجمل البنود ، في اتفاقيات طول كلمات صفحاتها لفَّت الكرة الأرضية لتستقرَّ
في "تل أبيب" على ألْسِنَةِ
جنود ، يتسامرون بفحواها ويسخرون ممَّا يصدِّق المحتلين لتلك الأرض
الفلسطينية إن قابلوا التخلِّي عنها
بالقبول وكأنهم ورثوها عن آبائهم وقبلهم الجدود.
…
الآن نفس القضية في طريقها إلى الاحتضار والدليل موجود ، لا أحد
هناك استطاع إيقاف نزيفٍ أصابَ البدن الفلسطيني من الداخل أساسه فيروس التفرقة حُباً في السلطة وليس في تحرير أي شيء أينما كان الاتجاه نحوه هناك أعلى سدود ، تمنع الحاضر من العبور
للمستقبل ليظلَّ قي مكانه بمن يعيشه يدور كالممعود ، مصاب بضعفِ غذاءِ الحُرِّيةِ
متألِّم من فقدان الدواء الشافي من نِهَمِ الدُّود ، المتربِّص عسى اللحظة تُظهِر
أن كثرة الكلام الفلسطيني لا تُحرِّر البلد ولا قلته تتركه مثل المولود ، التائه
بحثاً عمَّن يحميه باحترام حقوق الإنسان تارة بالبكاء وأخرى بصمت الموؤود ، داخل
حلبة صراع تَحَلَّقَ حولها 22 متفرِّجاً يصرخون بالتأييد للضعيف وهو منهم دينا
ولغة وكل مألوف عند العرب منذ تأسيس كياناتهم إلى اليوم الموعود ، يُتْرَكُون من
طرف الإسرائيليين للتمتُّع بمناظر أشلاء إخوتهم في "رام الله" و"غزة"
تتطاير بفعل أسلحة مُحرَّمة ولا يقدِّمون غير جامعتهم العربية للتنديد بخطب مَن
يُسمِع للغير صوته وهو غير موجود . ليث المعنى يُنقَش فوق العقول الفلسطينية أن
تآكل مصيرهم يتمّ أمام أعينهم من طرف المتحرك على أكثر من مستوى وهو حيالهم ممدود
، مرتاح البال ما دام الأخطر ما في الفلسطينيين داخل سجن بالرصاص والحديد بابه
مسدود ، ما بَقِي مجرَّد واجهة تتسوَّل بها إسرائيل لترحل الملايير لخزائنها بلا
أدنى مجهود ، وهل يتساوى في هذا الزمن الرديء المُثقل بالذهب مع المُفاخر بتاريخ يشيِّد
في الخيال ما يعادل النقود ، ولو كان الأمر كذلك لما نزح الآلاف من الفلسطينيين
يوميا للبحث عن قوتهم وذويهم لدى المحسوبين عليهم بالأقرب مَن فيهم كالأبعد وكأنَّه
العدو اللدود .
حان الوقت للبدء في تخطيط جديد أساسه ترك ما مضى والإقبال على التصعيد
بالصعود ، إذ الإطلالة من فوق تساوي وصول المقذوف
لهدف يعطِّل ما كان يسود ، و ويحتِّم التعجيل بتكسير تلك القيود ، الجاعلة إسرائيل
تتشبَّه بعرين الأسود ، بدل التجلي بحقيقتها الأصليَّة المجسِّدة لحَرابِي عالمها بالخديعة المُلوَّنة مَسْنود .
... بالتأكيد للتَّخطيط المُبتكر ، ميزانيات طائلة عليها أن تحضَر ، وهي
قريبة المنال لتُوضَع بين أيادي الفلسطينيين بلا مقدمات وفي الحال إن وافق طرف
واحد باختصار ، المملكة العربية السعودية لا أقلَّ ولا أكثر ، المهم لن تدفع من
خزائنها أي شيء فقط القبول بمثل القرار ، تحويل إيرادات الحج بكاملها غير منقوصة
لفائدة استقلال فلسطين الأمة وما فوق أرضها من ديار ، لمدة خمس سنوات بعدها لن يكون فوق تلك التربة الفلسطينية
الطاهرة أي استعمار .
مصطفى مُنِيغْ