
kolonagaza7
. راغب السرجاني / باحث ومفكر إسلاميأردوجان .. والثورات العربية
عندما حدثت المفاجأة وثار المارد العربي، لم يُخَيِّب أردوجان الآمال التي تعلَّقت به، واختار من اللحظة الأولى الانحياز إلى الشعب العربي المسلم وخياراته، وكان موقفه المؤيِّد والمناصر لمطالبهم المشروعة واضحًا وصريحًا من اللحظة الأولى لتفجُّر الثورات العربية، التي بدأت شرارتها من تونس الشقيقة ثم مصر، ثم لتنطلق بعد ذلك لتُصبح عاصفة من الثورات، التي أشكُّ في نجاة أحد الحكام الطغاة بعالمنا العربي من آثارها.
كانت الثورة التونسية البداية..
وكانت محطَّ إعجاب وتقدير الزعيم التركي، ولم يتوقَّف الأمر لدى أردوجان وحكومته عند الدعم المعنوي -على أهميته- بل ذكر "أقين ألجان" سفير تركيا في تونس من أن اللجنة التركية التي وفدت إلى تونس بعد الثورة بمشاركة 20 ممثلاً للوكالات السياحية التركية -وذلك بعد أسبوعين من نجاح الثورة التونسية- قد اتخذت قرارًا بتدعيم قطاع السياحة التونسي[34].
الموقف التركي من الثورة المصرية
أمَّا بالنسبة للموقف التركي من الثورة المصرية فقد كان مبنيًّا على استراتيجية ثابتة وواضحة، لا تضارب فيها ولا تباين، ولقد اتخذت تركيا بقيادة أردوجان موقفًا موحَّدًا وثابتًا أثناء جميع مراحل الثورة في مصر، ألا وهو الانحياز إلى الشعب المصري ومطالبه العادلة.
وبعد أن نجحت الثورة المصرية، وأجبرت الرئيس مبارك على التنحِّي، قال أردوجان في خطاب ألقاه في سقاريا يوم 12 فبراير 2011م، وهو اليوم التالي مباشرة لتنحِّي الرئيس حسني مبارك:
"إننا نعيش مع الشعب المصري أفراحه وأتراحه، وإننا سنتخذ الخطوات اللازمة من أجل مصر، وإن مصر ستخرج من هذه الفترة أقوى وأعظم، فيوجد بيننا وبينهم علاقة أخوة، وإننا سنستمر في دعم الاستقرار والأمن الداخلي في مصر، وأنا من هنا أُرسل سلامي وسلام شعبي من نهر سقاريا إلى نهر النيل، وإلى القاهرة"[35].
ولم تكتفِ تركيا بهذه التصريحات؛ ولكن همَّت باتخاذ خطوات فعلية لتوضيح موقفها من مصر؛ فقد قام رئيس جمهورية تركيا عبد الله جول بزيارة لمصر يوم 4 مارس، وهو أول رئيس جمهورية يزور مصر بعد الثورة، وأكَّد خلال زيارته على أهمية تخطِّي مصر للأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة، واستعادة دورها الإقليمي، كما أكَّد -أيضًا- حرص بلاده على تقديم الدعم القوي لمصر خلال المرحلة الانتقالية، وزيادة آفاق التعاون معها في ظلِّ الصداقة المتميزة التي تجمع الشعبين الشقيقين[36].
وهذا الموقف التركي المؤيد والداعم للثورة التونسية ثم المصرية هو نفسه الموقف المؤيد والداعم بقوة للثورات العربية في اليمن وليبيا وسوريا.
الانتخابات البرلمانية الأخيرة في يونيو 2011
لقد كانت بالفعل الانتخابات التركية نقطة فارقة لأردوجان ولحزب العدالة والتنمية التركي ولتركيا، بل وتتعدَّاهم إلى مستقبل الإسلام في العالم كله..
وفي هذه الانتخابات كان حزب العدالة والتنمية الحاكم واضحًا إلى أقصى درجة؛ حيث صرَّح بأنه في حال تجديد الأتراك لثقتهم فيه لدورة ثالثة فسوف يقوم بإعداد وصياغة دستور جديد!
كذلك تعهَّد أردوجان بجعل تركيا واحدةً من أكبر عشرة اقتصاديات في العالم بحلول عام 2023م، وجعل هذا الأمل هو شعار حملته الانتخابية. كما لم يخلُ المشهد السياسي التركي قُبيل الانتخابات من مدٍّ وجزرٍ بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وبقية أحزاب المعارضة الرئيسية، وأبرزها حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب السلام الديمقراطي الكردي.
حزب العدالة والتنمية يفوز بالأغلبية الثالثة
جاء يوم 12 يونيو 2011م ليُحَقِّق حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا بقيادة أردوجان فوزًا سهلاً في الانتخابات التشريعية؛ ليفوز بولاية ثالثة بحصوله على قرابة 50.56٪ من أصوات الناخبين الأتراك، وذلك في اقتراع بلغت نسبة الإقبال عليه معدل 86.7٪!
وقد تعهَّد أردوجان بأن تعمل حكومته لصالح جميع الأتراك من كافَّة الأطياف السياسية والعرقية والطائفية؛ فقال مخاطبًا الأتراك جميعًا: "سواء أدليتم بأصواتكم لحزب العدالة والتنمية أم لا... فإن الفائز الحقيقي في انتخابات 2011 هي تركيا"[37].
ثم يُهدي نصره إلى الشعوب الإسلامية والأراضي المحتلة، فيقول: "بقدر ما انتصرت إسطنبول انتصرت سراييفو، وبقدر ما انتصرت أزمير انتصرت بيروت، وبقدر ما انتصرت أنقرة انتصرت دمشق، وبقدر ما انتصرت ديار بكر انتصرت رام الله ونابلس وجنين والضفة الغربية والقدس وغزة، وبقدر ما انتصرت تركيا انتصر الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وأوربا"[38].
أردوجان في عيون العالم
نجح أردوجان على مدار السنوات العشر السابقة في إثارة إعجاب شعوب العالم بكامله على اختلاف أعراقهم وأديانهم وتوجهاتهم الفكرية، بل ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية..
ففي عام 2006م حصل أردوجان على "وسام التتار" من رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، وفي فبراير 2007م حاز جائزة "رعاية الحوار بين الثقافات" من الرئيس التتري منتيمير شايمييف[39]. وفي أكتوبر 2009م حصل أردوجان على وسام "الشرف الرفيع" من دولة باكستان، كما حاز في مارس 2010م على جائزة "الحريري" من جمعية رفيق الحريري اللبنانية[40].
كذلك فقد منحته المملكة العربية السعودية "جائزة الملك فيصل" العالمية لخدمة الإسلام لعام 2010م، وهي الجائزة التي نالها العديد من كبار العلماء والمفكِّرين في عالمنا العربي والإسلامي.
أمَّا على الصعيد الإعلامي فما زال أردوجان منذ تولِّيه يُعَدُّ من نجوم الإعلام، ولا نقول في عالمنا العربي والإسلامي فقط، بل على مستوى وسائل الإعلام العالمية أيضًا؛ فقد اختِير رئيس الوزراء التركي -رجب طيب أردوجان- ليكونَ رجلَ عام 2010م بغالبية ساحقة؛ وذلك في نتيجة تصويت أجراه موقع وكالة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، وقالت الشبكة في تعقيبها على نتيجة الاستبيان: إن اختيار أردوجان يعكس المزاج العام للشارع العربي، الذي يشهد صعود نجم أردوجان والدبلوماسية التركية عمومًا، لا سيما منذ أحداث الهجوم على "أسطول الحرية"..
كما اختارته مجلة "تايم" الأمريكية في عام 2010م -للمرة الثانية- من بين أكثر 100 شخصية نفوذًا في العالم[41].
لقد استطاعت تركيا الحديثة بقيادة حزب العدالة والتنمية أن تحفر لنفسها مكانًا ومكانة معتبرة على الساحة العالمية..
وأردوجان ما زال نجمه في صعود دائم ومستمر..
فإذا أضفنا لذلك ما حبا الله به تركيا من إمكانات هائلة، وموقع جغرافي متميز، وتاريخ مشرِّف، وجذور عميقة جدًّا، فإننا نتوقَّع لتركيا دورًا ملموسًا ومؤثرًا في حياة البشرية بكاملها، ليس على المدى البعيد بل في السنوات القليلة القادمة!!
إن وجود شخصية مثل أردوجان لها كاريزما واضحة، وله مواقف إسلامية بارزة، وجدنا تعاطفًا عربيًّا واضحًا معه من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وقد يكون هذا أحد أهم أسباب التقارب النفسي بين العرب والأتراك.
عندما حدثت المفاجأة وثار المارد العربي، لم يُخَيِّب أردوجان الآمال التي تعلَّقت به، واختار من اللحظة الأولى الانحياز إلى الشعب العربي المسلم وخياراته، وكان موقفه المؤيِّد والمناصر لمطالبهم المشروعة واضحًا وصريحًا من اللحظة الأولى لتفجُّر الثورات العربية، التي بدأت شرارتها من تونس الشقيقة ثم مصر، ثم لتنطلق بعد ذلك لتُصبح عاصفة من الثورات، التي أشكُّ في نجاة أحد الحكام الطغاة بعالمنا العربي من آثارها.
كانت الثورة التونسية البداية..
وكانت محطَّ إعجاب وتقدير الزعيم التركي، ولم يتوقَّف الأمر لدى أردوجان وحكومته عند الدعم المعنوي -على أهميته- بل ذكر "أقين ألجان" سفير تركيا في تونس من أن اللجنة التركية التي وفدت إلى تونس بعد الثورة بمشاركة 20 ممثلاً للوكالات السياحية التركية -وذلك بعد أسبوعين من نجاح الثورة التونسية- قد اتخذت قرارًا بتدعيم قطاع السياحة التونسي[34].
الموقف التركي من الثورة المصرية
أمَّا بالنسبة للموقف التركي من الثورة المصرية فقد كان مبنيًّا على استراتيجية ثابتة وواضحة، لا تضارب فيها ولا تباين، ولقد اتخذت تركيا بقيادة أردوجان موقفًا موحَّدًا وثابتًا أثناء جميع مراحل الثورة في مصر، ألا وهو الانحياز إلى الشعب المصري ومطالبه العادلة.
وبعد أن نجحت الثورة المصرية، وأجبرت الرئيس مبارك على التنحِّي، قال أردوجان في خطاب ألقاه في سقاريا يوم 12 فبراير 2011م، وهو اليوم التالي مباشرة لتنحِّي الرئيس حسني مبارك:
"إننا نعيش مع الشعب المصري أفراحه وأتراحه، وإننا سنتخذ الخطوات اللازمة من أجل مصر، وإن مصر ستخرج من هذه الفترة أقوى وأعظم، فيوجد بيننا وبينهم علاقة أخوة، وإننا سنستمر في دعم الاستقرار والأمن الداخلي في مصر، وأنا من هنا أُرسل سلامي وسلام شعبي من نهر سقاريا إلى نهر النيل، وإلى القاهرة"[35].
ولم تكتفِ تركيا بهذه التصريحات؛ ولكن همَّت باتخاذ خطوات فعلية لتوضيح موقفها من مصر؛ فقد قام رئيس جمهورية تركيا عبد الله جول بزيارة لمصر يوم 4 مارس، وهو أول رئيس جمهورية يزور مصر بعد الثورة، وأكَّد خلال زيارته على أهمية تخطِّي مصر للأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة، واستعادة دورها الإقليمي، كما أكَّد -أيضًا- حرص بلاده على تقديم الدعم القوي لمصر خلال المرحلة الانتقالية، وزيادة آفاق التعاون معها في ظلِّ الصداقة المتميزة التي تجمع الشعبين الشقيقين[36].
وهذا الموقف التركي المؤيد والداعم للثورة التونسية ثم المصرية هو نفسه الموقف المؤيد والداعم بقوة للثورات العربية في اليمن وليبيا وسوريا.
الانتخابات البرلمانية الأخيرة في يونيو 2011
لقد كانت بالفعل الانتخابات التركية نقطة فارقة لأردوجان ولحزب العدالة والتنمية التركي ولتركيا، بل وتتعدَّاهم إلى مستقبل الإسلام في العالم كله..
وفي هذه الانتخابات كان حزب العدالة والتنمية الحاكم واضحًا إلى أقصى درجة؛ حيث صرَّح بأنه في حال تجديد الأتراك لثقتهم فيه لدورة ثالثة فسوف يقوم بإعداد وصياغة دستور جديد!
كذلك تعهَّد أردوجان بجعل تركيا واحدةً من أكبر عشرة اقتصاديات في العالم بحلول عام 2023م، وجعل هذا الأمل هو شعار حملته الانتخابية. كما لم يخلُ المشهد السياسي التركي قُبيل الانتخابات من مدٍّ وجزرٍ بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وبقية أحزاب المعارضة الرئيسية، وأبرزها حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب السلام الديمقراطي الكردي.
حزب العدالة والتنمية يفوز بالأغلبية الثالثة
جاء يوم 12 يونيو 2011م ليُحَقِّق حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا بقيادة أردوجان فوزًا سهلاً في الانتخابات التشريعية؛ ليفوز بولاية ثالثة بحصوله على قرابة 50.56٪ من أصوات الناخبين الأتراك، وذلك في اقتراع بلغت نسبة الإقبال عليه معدل 86.7٪!
وقد تعهَّد أردوجان بأن تعمل حكومته لصالح جميع الأتراك من كافَّة الأطياف السياسية والعرقية والطائفية؛ فقال مخاطبًا الأتراك جميعًا: "سواء أدليتم بأصواتكم لحزب العدالة والتنمية أم لا... فإن الفائز الحقيقي في انتخابات 2011 هي تركيا"[37].
ثم يُهدي نصره إلى الشعوب الإسلامية والأراضي المحتلة، فيقول: "بقدر ما انتصرت إسطنبول انتصرت سراييفو، وبقدر ما انتصرت أزمير انتصرت بيروت، وبقدر ما انتصرت أنقرة انتصرت دمشق، وبقدر ما انتصرت ديار بكر انتصرت رام الله ونابلس وجنين والضفة الغربية والقدس وغزة، وبقدر ما انتصرت تركيا انتصر الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وأوربا"[38].
أردوجان في عيون العالم
نجح أردوجان على مدار السنوات العشر السابقة في إثارة إعجاب شعوب العالم بكامله على اختلاف أعراقهم وأديانهم وتوجهاتهم الفكرية، بل ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية..
ففي عام 2006م حصل أردوجان على "وسام التتار" من رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، وفي فبراير 2007م حاز جائزة "رعاية الحوار بين الثقافات" من الرئيس التتري منتيمير شايمييف[39]. وفي أكتوبر 2009م حصل أردوجان على وسام "الشرف الرفيع" من دولة باكستان، كما حاز في مارس 2010م على جائزة "الحريري" من جمعية رفيق الحريري اللبنانية[40].
كذلك فقد منحته المملكة العربية السعودية "جائزة الملك فيصل" العالمية لخدمة الإسلام لعام 2010م، وهي الجائزة التي نالها العديد من كبار العلماء والمفكِّرين في عالمنا العربي والإسلامي.
أمَّا على الصعيد الإعلامي فما زال أردوجان منذ تولِّيه يُعَدُّ من نجوم الإعلام، ولا نقول في عالمنا العربي والإسلامي فقط، بل على مستوى وسائل الإعلام العالمية أيضًا؛ فقد اختِير رئيس الوزراء التركي -رجب طيب أردوجان- ليكونَ رجلَ عام 2010م بغالبية ساحقة؛ وذلك في نتيجة تصويت أجراه موقع وكالة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، وقالت الشبكة في تعقيبها على نتيجة الاستبيان: إن اختيار أردوجان يعكس المزاج العام للشارع العربي، الذي يشهد صعود نجم أردوجان والدبلوماسية التركية عمومًا، لا سيما منذ أحداث الهجوم على "أسطول الحرية"..
كما اختارته مجلة "تايم" الأمريكية في عام 2010م -للمرة الثانية- من بين أكثر 100 شخصية نفوذًا في العالم[41].
لقد استطاعت تركيا الحديثة بقيادة حزب العدالة والتنمية أن تحفر لنفسها مكانًا ومكانة معتبرة على الساحة العالمية..
وأردوجان ما زال نجمه في صعود دائم ومستمر..
فإذا أضفنا لذلك ما حبا الله به تركيا من إمكانات هائلة، وموقع جغرافي متميز، وتاريخ مشرِّف، وجذور عميقة جدًّا، فإننا نتوقَّع لتركيا دورًا ملموسًا ومؤثرًا في حياة البشرية بكاملها، ليس على المدى البعيد بل في السنوات القليلة القادمة!!
إن وجود شخصية مثل أردوجان لها كاريزما واضحة، وله مواقف إسلامية بارزة، وجدنا تعاطفًا عربيًّا واضحًا معه من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وقد يكون هذا أحد أهم أسباب التقارب النفسي بين العرب والأتراك.