kolonagaza7
الاتجاه الديمقراطي:
بقلم / معتصم حمادة
عودة للصحافة الإسرائيلية، كمرآة عاكسة للرأي العام، وحالة الجدل في صالونات تل أبيب، وخلف الجدران السميكة للمكاتب والدواوين في القدس المحتلة، تقودنا إلى قراءة المزيد من علامات عدم اليقين، وعدم الإحساس بالاستقرار والثقة بالمستقبل ولدى صف جديد من النخب الإسرائيلية.
وإذا كان حاييم رامون قد أحس، عشية ذكرى حرب تشرين، بالخطر الذي يحيق بإسرائيل، وإذا كان قد توصل أن الحل الوحيد للتخلص من هذا الخطر هو في دفع حكومة ننتنياهو إلى الدخول في عمليات سلام مع الدول العربية (دون التخلي عما أسماه مصالح إسرائيل)، فإن جولات العنف التي شهدتها المنطقة، جراء العدوان الإسرائيلي المفاجئ على قطاع غزة، وما استتبعه من ردود الفعل لدى الفصائل الفلسطينية، وفرت فرصة ليطل جنرالات إسرائيل على الرأي العام باقتراحاتهم، في اتجاه معاكس لدعوات رامون.
اللواء (احتياط) إسرائيل زيف (معاريف 30/10/2011) قرأ ما جرى ووجد نفسه كرجل عسكري أمام ضرورة «عملية حسم». فقد اتهم حماس بأنها تمارس لعبة مكشوفة حين تعلن التزامها التهدئة، وتسمح بالمقابل لآخرين قصف الجوار الإسرائيلي ويدعو زيف إلى وضع حد لهذه المناورات من حماس ـ كما يصفها ـ. وأعلن يقينه أن جيش إسرائيل بصدد التحضير لعملية الحسم هذه، وأن السؤال بات محصوراً في معرفة متى ستتم هذه العملية.
وإذا كان إسرائيل زيف غير معروف لكثيرين فإن عوزي ديان، الجنرال الإسرائيلي المعروف، له الرأي نفسه. ديان كان في وقت ما رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل، ويعتبر مستشاراً عسكرياً وسياسياً من الصف الأول لدى مراكز البحث ومراكز القرار في إٍرائيل.
ديان يعتقد (إسرائيل اليوم ـ 30/10/2011) أن حل قضية الصواريخ من غزة لا يكون بـ «القبة الحديدية». بل بـ «القبضة الحديدة». و«القبة الحديدية» هو السلاح الإسرائيلي الذي أدخل مؤخراً إلى الخدمة لمنع صواريخ المقاومة من الوصول إلى أهدافها، والعمل بدلاً من ذلك على تفجيرها في الجو. والقبة الحديدية فشلت هذه المرة، وسقطت الصواريخ على عدد من الأهداف الإسرائيلية، ووقع في صفوف الإسرائيليين خسائر بشرية ومادية، رداً على المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل خلال ساعات في القطاع.
ديان يدعو هو الآخر إلى الحسم العسكري مع القطاع، وإلى تكرار تجربة «حملة الرصاص المصبوب» (2008 ـ 2009) مع التركيز هذه المرة، ليس على تهديم البنية التحتية (إستراتيجية «صاحب الدارجن») بل علي قتل أكبر عدد من القادة في الصف الأول، كما في الصف الثاني، لشل الحالة السياسية والعسكرية في القطاع.
ولا نعتقد أنها الصدفة وحدها جمعت بين إسرائيل زيف وبين عوزي ديان. بل لعل الرجلين يعكسان أجواء معينة تسود أوساطاً غير هامشية في إسرائيل، بدأت منذ الآن تدق طبول الحرب. ولعل هذا ما يدعونا لأن نتساءل مع زيف: مادامت إٍسرائيل قد عزمت القيام بعدوان جديد على القطاع.. يبقى علينا أن نعرف متى سيقع هذا العدوان.. وأن نتأهب له سياسياً وعسكرياً، خاصة وأن إسرائيل، إذا ما نفذت عدوانها، ستجد نفسها طليقة اليد هذه المرة في القصف هنا وهناك. فجلعاد شاليت عاد إلى بيته ولم يعد هناك خطر إصابته بالخطأ.
***
وإذا كان زيف وديان، المتقاعدان، مازالا مصرين على ارتداء خوذة الحرب، وتحويل القلم إلى مدفع، فإن حاسة الشم لدى ثلاثة من المعلقين الإسرائيليين، قادتهم إلى الاعتقاد أن حكومة نتنياهو تحضر لعدوان على إيران.
روبين بيرغمان (يديعوت احرنوت ـ 30/10/2011) وأمير اورون (هآرتس 30/10/2011) واتيان هابر (يديعوت أحرونوت 30/10/2011). اتفقوا، دون أن يلتقوا، ودون أن يتشاوروا، أن في الجو رائحة تشي بأن حكومة نتنياهو بصدد التحضير العملي لعدوان على إيران يستهدف صناعتها النووية. فإيران الآن متهمة بالتحضير لمؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. فضلاً عن أنها منشغلة بسلسلة من الخلافات السياسية على المستوى القيادي الأول. وسوريا تعيش وضعاً خاصاً. وحزب الهف لم يعد بإمكانه أن يتحرك دون أن تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تحركه. وعمليات الناتو في ليبيا وصلت إلى نقطة النهاية. إذن، يمكن توجيه الضربة إلى إيران قبل فوات الأوان، وقبل أن يدخل الموعد المفترض (إسرائيلياً) لولادة القنبلة النووية الإيرانية المنطقة الحمراء. هذا التخوف من قبل ثلاثة من كبار المعلقين الإسرائيليين، هو ما دفع وزير حرب إسرائيل ايهود باراك إلى نفي نية حكومته وعزمها توجيه ضربة ما إلى إيران.
وهذا النفي، بالسياسة، يقلق أكثر مما يطمئن. إذا ما الذي يدعو باراك إلى نفي أمر غير موجود. ويعتقد البعض في إسرائيل انه لولا وجود أمر ما في حسابات باراك ونتنياهو لما صدر هذا النفي.
***
هل يمكن الفصل بين الدعوة للعدوان على غزة، وبهدف اقتلاع المقاومة منها (كما يتمنى قادة إسرائيل وجنرالاتها) وبين تحذير البعض من خطورة القيام بعدوان على إيران.
هذا الجدل، إضافة إلى جدل يتناول شؤوناً أخرى، كالسياسة الاقتصادية الواجب إتباعها بعد أن تفجرت الخلافات الاجتماعية داخل إسرائيل، هو ما دفع بعض المعلقين ليرى أن إسرائيل تعيش ـ حقاً ـ حالة قلق، وأن الحل لإخراج الوضع من حالة القلق هذه هو في الدعوة إلى انتخابات مبكرة، بحيث ترحل حكومة نتنياهو، والتي يرى البعض أنها عاشت أكثر مما يجب، وتأتي بدلاً منها حكومة تكون على رأسها رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش. فالحزب، هذا،بدأ، كما تقول الاستطلاعات، يستعيد بعضا من مواقعه التي خسرها في مواجهة الليكود وكاديما، وهناك من يعتقد أن نتنياهو ضائع بين سياسة الرعاية الاجتماعية (الغريبة عن مفاهيمه) وسياسة الخصخصة وتقليص دور الحكومة في دعم الفئات الدنيا والوسطى (وهي السياسة الأثيرة على قلبه منذ أن تولى حقيبة المال في أول حكومة تطأ قدماه سجادها الأحمر). فضلاً عن كونه حائر في حسم مواقفه من عدد من القضايا الكبرى كالمفاوضات مع الفلسطينيين، والموقف من الحراك العربي، وكذلك الموقف من إيران وغزة وحزب الله في لبنان. حتى أن البعض توقع أن يكون شهر أيار (مايو) القادم هو الموعد المرتقب للانتخابات الإسرائيلية المبكرة.
ترى أيه أحداث ستفاجئنا، من الآن إلى شهر أيار (مايو) القادم.
· كاتب فلسطيني- دمشق.
وإذا كان حاييم رامون قد أحس، عشية ذكرى حرب تشرين، بالخطر الذي يحيق بإسرائيل، وإذا كان قد توصل أن الحل الوحيد للتخلص من هذا الخطر هو في دفع حكومة ننتنياهو إلى الدخول في عمليات سلام مع الدول العربية (دون التخلي عما أسماه مصالح إسرائيل)، فإن جولات العنف التي شهدتها المنطقة، جراء العدوان الإسرائيلي المفاجئ على قطاع غزة، وما استتبعه من ردود الفعل لدى الفصائل الفلسطينية، وفرت فرصة ليطل جنرالات إسرائيل على الرأي العام باقتراحاتهم، في اتجاه معاكس لدعوات رامون.
اللواء (احتياط) إسرائيل زيف (معاريف 30/10/2011) قرأ ما جرى ووجد نفسه كرجل عسكري أمام ضرورة «عملية حسم». فقد اتهم حماس بأنها تمارس لعبة مكشوفة حين تعلن التزامها التهدئة، وتسمح بالمقابل لآخرين قصف الجوار الإسرائيلي ويدعو زيف إلى وضع حد لهذه المناورات من حماس ـ كما يصفها ـ. وأعلن يقينه أن جيش إسرائيل بصدد التحضير لعملية الحسم هذه، وأن السؤال بات محصوراً في معرفة متى ستتم هذه العملية.
وإذا كان إسرائيل زيف غير معروف لكثيرين فإن عوزي ديان، الجنرال الإسرائيلي المعروف، له الرأي نفسه. ديان كان في وقت ما رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل، ويعتبر مستشاراً عسكرياً وسياسياً من الصف الأول لدى مراكز البحث ومراكز القرار في إٍرائيل.
ديان يعتقد (إسرائيل اليوم ـ 30/10/2011) أن حل قضية الصواريخ من غزة لا يكون بـ «القبة الحديدية». بل بـ «القبضة الحديدة». و«القبة الحديدية» هو السلاح الإسرائيلي الذي أدخل مؤخراً إلى الخدمة لمنع صواريخ المقاومة من الوصول إلى أهدافها، والعمل بدلاً من ذلك على تفجيرها في الجو. والقبة الحديدية فشلت هذه المرة، وسقطت الصواريخ على عدد من الأهداف الإسرائيلية، ووقع في صفوف الإسرائيليين خسائر بشرية ومادية، رداً على المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل خلال ساعات في القطاع.
ديان يدعو هو الآخر إلى الحسم العسكري مع القطاع، وإلى تكرار تجربة «حملة الرصاص المصبوب» (2008 ـ 2009) مع التركيز هذه المرة، ليس على تهديم البنية التحتية (إستراتيجية «صاحب الدارجن») بل علي قتل أكبر عدد من القادة في الصف الأول، كما في الصف الثاني، لشل الحالة السياسية والعسكرية في القطاع.
ولا نعتقد أنها الصدفة وحدها جمعت بين إسرائيل زيف وبين عوزي ديان. بل لعل الرجلين يعكسان أجواء معينة تسود أوساطاً غير هامشية في إسرائيل، بدأت منذ الآن تدق طبول الحرب. ولعل هذا ما يدعونا لأن نتساءل مع زيف: مادامت إٍسرائيل قد عزمت القيام بعدوان جديد على القطاع.. يبقى علينا أن نعرف متى سيقع هذا العدوان.. وأن نتأهب له سياسياً وعسكرياً، خاصة وأن إسرائيل، إذا ما نفذت عدوانها، ستجد نفسها طليقة اليد هذه المرة في القصف هنا وهناك. فجلعاد شاليت عاد إلى بيته ولم يعد هناك خطر إصابته بالخطأ.
***
وإذا كان زيف وديان، المتقاعدان، مازالا مصرين على ارتداء خوذة الحرب، وتحويل القلم إلى مدفع، فإن حاسة الشم لدى ثلاثة من المعلقين الإسرائيليين، قادتهم إلى الاعتقاد أن حكومة نتنياهو تحضر لعدوان على إيران.
روبين بيرغمان (يديعوت احرنوت ـ 30/10/2011) وأمير اورون (هآرتس 30/10/2011) واتيان هابر (يديعوت أحرونوت 30/10/2011). اتفقوا، دون أن يلتقوا، ودون أن يتشاوروا، أن في الجو رائحة تشي بأن حكومة نتنياهو بصدد التحضير العملي لعدوان على إيران يستهدف صناعتها النووية. فإيران الآن متهمة بالتحضير لمؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. فضلاً عن أنها منشغلة بسلسلة من الخلافات السياسية على المستوى القيادي الأول. وسوريا تعيش وضعاً خاصاً. وحزب الهف لم يعد بإمكانه أن يتحرك دون أن تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تحركه. وعمليات الناتو في ليبيا وصلت إلى نقطة النهاية. إذن، يمكن توجيه الضربة إلى إيران قبل فوات الأوان، وقبل أن يدخل الموعد المفترض (إسرائيلياً) لولادة القنبلة النووية الإيرانية المنطقة الحمراء. هذا التخوف من قبل ثلاثة من كبار المعلقين الإسرائيليين، هو ما دفع وزير حرب إسرائيل ايهود باراك إلى نفي نية حكومته وعزمها توجيه ضربة ما إلى إيران.
وهذا النفي، بالسياسة، يقلق أكثر مما يطمئن. إذا ما الذي يدعو باراك إلى نفي أمر غير موجود. ويعتقد البعض في إسرائيل انه لولا وجود أمر ما في حسابات باراك ونتنياهو لما صدر هذا النفي.
***
هل يمكن الفصل بين الدعوة للعدوان على غزة، وبهدف اقتلاع المقاومة منها (كما يتمنى قادة إسرائيل وجنرالاتها) وبين تحذير البعض من خطورة القيام بعدوان على إيران.
هذا الجدل، إضافة إلى جدل يتناول شؤوناً أخرى، كالسياسة الاقتصادية الواجب إتباعها بعد أن تفجرت الخلافات الاجتماعية داخل إسرائيل، هو ما دفع بعض المعلقين ليرى أن إسرائيل تعيش ـ حقاً ـ حالة قلق، وأن الحل لإخراج الوضع من حالة القلق هذه هو في الدعوة إلى انتخابات مبكرة، بحيث ترحل حكومة نتنياهو، والتي يرى البعض أنها عاشت أكثر مما يجب، وتأتي بدلاً منها حكومة تكون على رأسها رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش. فالحزب، هذا،بدأ، كما تقول الاستطلاعات، يستعيد بعضا من مواقعه التي خسرها في مواجهة الليكود وكاديما، وهناك من يعتقد أن نتنياهو ضائع بين سياسة الرعاية الاجتماعية (الغريبة عن مفاهيمه) وسياسة الخصخصة وتقليص دور الحكومة في دعم الفئات الدنيا والوسطى (وهي السياسة الأثيرة على قلبه منذ أن تولى حقيبة المال في أول حكومة تطأ قدماه سجادها الأحمر). فضلاً عن كونه حائر في حسم مواقفه من عدد من القضايا الكبرى كالمفاوضات مع الفلسطينيين، والموقف من الحراك العربي، وكذلك الموقف من إيران وغزة وحزب الله في لبنان. حتى أن البعض توقع أن يكون شهر أيار (مايو) القادم هو الموعد المرتقب للانتخابات الإسرائيلية المبكرة.
ترى أيه أحداث ستفاجئنا، من الآن إلى شهر أيار (مايو) القادم.
· كاتب فلسطيني- دمشق.