kolonagaza7
من الواضح أن هناك استنفارا دوليا مختلفا تجاه ما يحدث
بسوريا، وتحديدا اجتماع باريس الأخير، الذي أبرز مميزاته أنه جاء مختصرا، ولغة
بيانه الختامي جاءت مختلفة، خصوصا عندما اعتبرت مهمة أنان «الفرصة الأخيرة»، لكن
السؤال هو: هل هي فعلا الفرصة الأخيرة التي ستمنح للأسد؟
فحديث وزيرة الخارجية الأميركية في باريس كان مهما،
حيث دعت إلى التحرك مرة أخرى في مجلس الأمن من أجل استصدار قرار جديد خاص بالأوضاع
السورية، وتحت الفصل السابع، وهو ما يعني استخدام القوة العسكرية، وبالطبع كانت
الوزيرة الأميركية واقعية وهي تتوقع أن تقوم موسكو باستخدام الفيتو مجددا، مما
يعني، وبحسب الوزيرة كلينتون، ضرورة تفعيل معاهدة الدفاع المشترك لحلف شمال
الأطلسي، وذلك بسبب القصف السوري «المشين»، بحسب كلينتون، لمنطقة على الحدود مع
تركيا، حيث أعلنت كلينتون أن أنقرة «تفكر رسميا في تفعيل المادة الرابعة من معاهدة
الحلف الأطلسي».
وبالطبع فهذا كلام مهم جدا، خصوصا أن هناك جملة
تصريحات صدرت أول من أمس من قيادات عسكرية أميركية بأن كل الخيارات على الطاولة،
وهناك أيضا التصريحات الغربية، ومنها تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي طالب
بتوفير الممرات الآمنة في سوريا، مما يعني أن فرص التدخل الخارجي قد باتت واسعة
الآن، خصوصا أن مهمة أنان غدت فاشلة فعليا، وبحاجة إلى أن تنعى رسميا، لكن بالتأكيد
السؤال الآن هو: هل يفهم الأسد كل هذه التصريحات، ويأخذها على محمل الجد، ويستجيب
للمبادرات الدبلوماسية؟ الإجابة الطبيعية هي لا، فطالما أن لا خطوات حقيقية على
الأرض فإن الأسد لن يلتزم بأي مبادرة، وما يجب أن نتأكد منه هو أنه طالما لم يستمع
الأسد لأزيز الطائرات بسماء دمشق فإنه لن يقدم على أي خطوة جادة لإنهاء العنف،
والجرائم المرتكبة بحق السوريين.
والأمر لا ينطبق على الأسد وحده، بل وعلى الدوائر
المقربة منه أيضا، وأركان أمنه، فطالما أنه لا يوجد تحرك عسكري حقيقي لوقف آلة
القتل، ولا توجد ممرات آمنة، أو مناطق عازلة في سوريا، فمن الطبيعي ألا نرى
انشقاقات «كبرى» في الأسماء أو الرتب بالنظام الأسدي، فالسؤال المنطقي المطروح،
والمكرر، منذ ثلاثة عشر شهرا من عمر الثورة السورية هو: أين يذهب من ينشق من
الوزراء، أو الضباط الكبار، وبالطبع عوائلهم؟ ففي ليبيا كانت هناك بنغازي، أما في
الحالة السورية فها هو الأسد يقوم بقصف حمص يوميا، رغم مهلة أنان، حيث من الواضح أن
الأسد يريد إحراق حمص لكي لا تكون عاصمة الثورة، أو بنغازي السورية.
وعليه، فرغم أهمية كل ما قيل في اجتماع باريس، فإن
بشار الأسد لن يذعن، أو يستوعب، خطورة الموقف، وجدية المجتمع الدولي، إلا إذا رأى
أول اجتماع للناتو يعقد في تركيا، وتحت عنوان الوضع التركي – السوري، حينها سيعي
الأسد أن عجلة التغيير قد انطلقت، وأن اليوم غير الأمس.
هذه هي اللغة الوحيدة التي سيفهمها الأسد، ولا شيء غير
ذلك.
طارق الحميد