تمر مدينة القدس باوقات عصيبة وبمرح لة مصيرية من اخطر مراحلها منذ ان اسسها العرب قبل خمسة الاف سنة ، حيث يجري تهويدها في ظل صمت القيادة الفلسطينية وتخاذل النظام العربي الرسمي مجسدا في الجامعة العربية بالدفاع عن عروبتها ، وسكوت مجلس الامن الدولي عن تنفيذ قراراته والفاتيكان عما يجري من انتهاكات وتدنيس لحرمة المقدسات العربية الاسلامية منها والمسيحية .
يؤدي الصمت والتخاذل الفلسطيني والعربي الرسمي الى تحقيق المخططات والمشاريع اليهودية في تهويد المدينة العربية الاسلامية بشطريها المحتلين ، المدينة التي اسسها العرب قبل ظهور اليهودية والمسيحية والاسلام .
نجح الكيان الصهيوني في تهويد الشطر الغربي من القدس منذ احتلاله عام 1948 ويعمل منذ حرب حزيران العدوانية عام 1967 على تهويد الشطر الشرقي من المدينة العربية المحتلة ، واقامة حي يهودي جديد في البلدة القديمة . وتعمل دولة الاحتلال على تفتيت الاحياء العربية واقامة الاحياء والمستعمرات اليهودية في داخلها . وسخّرت دولة الاحتلال جدار الفصل العنصري لتخرج مئة الف مقدسي من المدينة المحتلة حيث ادى هذا التصرف العنصري البغيض الى التأثير على عدد العرب المتواجدين في مدينتهم العربية .
وتسرع دولة الاحتلال بنشاطاتها العدوانية والاستيطانية لتهويدها وتحويلها الى مدينة توراتية في ظل المتغيرات التي تعصف في المنطقة ووجود مفاوض فلسطيني هزيل وكرزاي فلسطيني وقيادات فلسطينية وعربية ممن اسمتهم رايس بالمعتدلين العرب الذين يعملون على انجاح المشروع الامريكي – الصهيوني .
فبالاضافة الى اقامة عشرات الاحياء والمستعمرات اليهودية في القدس الشرقية ونسف حوالي خمسة الاف منزل للمقدسيين تعمل دولة الاحتلال حاليا على ازالة 6000 معلم عربي اسلامي في نطاق مخططات لتغيير طابع المدينة العربي الاسلامي ،والتي تتضمن هدم بنايات الوقف الاسلامي التاريخية والقصور الاموية وتغيير معالم وبوابات السور ، وتستمر في الوقت نفسه في هدم منازل المقدسيين ومصادرة هوياتهم وطردهم خارج مدينتهم المحتلة في حي الشيخ جراح وباب العامود وحي البستان واقامة بؤر استيطانية يهودية عنصرية واستعمارية داخل الاحياء العربية في البلدة القديمة وزرعها بقطعان المستعمرين اليهود محل المقدسيين .
وتأتي حملات مصادرة الاراضي والاملاك وهدم المنازل الفلسسطينية في خطوات متتابعة مخططة ومدروسة لتغيير الطابع الحضاري والجغرافي والديموغرافي للمدينة العربية خلافا لقرارات الامم المتحدة .
وتظهر هذه الاجراءات غير القانونية وغيرالشرعية والباطلة ان العدو الاسرائيلي غير معني بالانسحاب والسلام في المنطقة ، وانما معني فقط بتهويد القدس المحتلة وفرض الامر الواقع الناتج عن استخدام القوة والتهديد باستخدامها . واتبعت دولة الاحتلال ثلاث مراحل لتحقيق مخططاتها وهي :-
الاولى : تطويق الاحياء العريبة بمستعمرات يهودية ضخمة .
الثاني : زرع بؤر استيطانية في داخل الاحياء العربية .
الثالثة : ربط البؤر الاستيطانية داخل الاحياء العربية بالمستعمرات اليهودية المحيطة بها ، بحيث اصبحت الاحياء العربية كأنها اجزاء صغيرة من احياء استعمارية يهودية كبرى .
وقامت بتهويد حائط البراق وحي المغاربة وبحفريات واسعة تحت اساسات المسجد الاقصى المبارك حتى بلدة سلوان . وبنت فيها وحول المسجد الاقصى العديد من الانفاق والكنس بلغ عددها حتى الان 62 كنيسا ، وتخطط دولة الاحتلال لبناء كنيس النور فوق المدرسة التنكزية داخل ساحة المسجد الاقصى وستنتهي من بنائه في العام 2014 ، مما يشكل تهديدا خطيرا للمسجد الاقصى كمقدمة لهدمة وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه .
وتعمل كمقدمة لفرض السيطرة اليهودية على المسجد الاقصى والتحكم في ساحته بمنع الفلسطينيين من دخوله والسماح للمستعمرين بدخول ساحته وتأدية صلوات تلمودية وهلوسات وثنية لا تمت للمنطق والعقل والواقع بصلة .
وتترافق هذه الانتهاكات الخطيرة مع تغييب دور الاوقاف الاسلامية في شؤون المسجد الاقصى، وتقوم قوات الاحتلال بحماية المستعمرين اليهود داخل ساحة المسجد الاقصى .
وكان مجرم الحرب ايهود باراك قد طرح في مفاوضات كمب ديفيد الثانية في عام 2000 تقسيم السيادة على المسجد الاقصى الى سيادة فوق الارض للدولة الفلسطينية وسيادة تحت المسجدالاقصى للكيان الصهيوني .
وتعمل دولة الاحتلال الى انتزاع موافقة فلسطينية وعربية للاعتراف بحقوق دينية لليهود للسيطرة على المسجد الاقصى لاحقا وتحقيق الاكاذيب والاطماع التي رسخها كتبة التوراة والتلمود والحركة الصهيونية .
واخترقت دولة الاحتلال مؤخرا حي الشيخ جراح بعد سيطرة المستعمرين اليهود على عدة منازل عربية في ظل صمت رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته واستعداد سلام فياض بدفع التعويضات للعلائلات المهجرة .
وتقوم سلطات الاحتلال ببناء مستعمرة فوق منزل الحاج امين الحسيني مفتى القدس وعلى اراض عربية اخرى صادرتها ، وبنت مستعمرة معاليه هزيتيم في حي رأس العامود المحاذي للمسجد الاقصى بعد ان هدمت مخفر الشرطة الاردنية وبنت مكانه العديد من الوحدات الاستيطانية .
ونجحت في زرع عدد من البؤر الاستيطانية داخل البلدة القديمة التي كانت خالية تماما من اليهود ، وذلك لجلب قطعان مستعمرين يهود اليها لزيادة عدد اليهود وانقاص عددالعرب فيها .
ولجأ العدوالصهيوني بالاضافة الى تهويد سكان القدس والابنية والمقدسات الى تهويد المناهج الدراسية في مدارس القدس العربية ، وتعمل دائرة المعارف في بلدية القدس بفرض تعليم المناهج التي توزعها الدائرة على المدارس اليهودية ، وتتضمن الرواية الصهيونية الكاذبة عن فلسطين العربية ومفاهيم صهيونية معادية للعروبة والاسلام وللمواثيق والقرارات الدولية .
وتعمل على نزع الطابع الحضاري العربي الاسلامي للمدينة من خلال تنظيم احتفالات تعطي الانطباع بأن المدينة يهودية وليست عربية اسلامية كاقامة احتفالات عيد الانوار وتهويد الطابع الثقافي للمدينة من خلال تغيير اسماء الاحياء والشوارع والاماكن الى اسماء يهودية ، مما يظهر بجلاء عقلية دهاقنة الاستعمار الاستيطاني اليهودي الاستعمارية والعنصرية ومخططاتهم الاستمرار في تهويد كل ما يمت للعرب والعروبة والاسلام بصلة في المدينة العربية الاسلامية المحتلة .
ادى صمت قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ، والتخاذل العربي والاسلامي الرسمي والعجز العربي والاسلامي الشعبي وتآمر سلطة عباس ولجنة المتابعة التابعة للجامعة العربية وبعض زعماء محورالاعتدال العربي وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسني مبارك ، ووثيقة يوسي بيلين – عباس ومفاوضات ليفني مع قريع وعريقات الى تنازلات خطيرة عن عروبة القدس وصلت الى موافقة السلطة الفلسطينية على بناء كنيس يهودي في ساحة المسجد الاقصى وتهويد حي الشيخ جراح والاعتراف بشراكة اليهود في ادارة المسجد الاقصى.
ان مدينة الاسراء والمعراج تحتاج الى خطة فلسطينية وعربية واسلامية لانقاذها وللدفاع عن عروبتها ، وسيادة الفلسطينيين والعرب والمسلمين عليها ، وتحريرها والقضاء على التغييرات الجغرافية والديموغرافية التي قامت بها دولة الاحتلال خلافا لقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر الاحياء والمستعمرات اليهودية غير شرعية وباطلة وتطالب بإلغائها ، فما بني على باطل فهو باطل مهما طال الزمن .