الكاتب علاء الريماوي
تستعر حمى اللحظة الأخيرة من الانتخابات في دولة الاحتلال ، حيث يلقي كل طرف ما لديه من أوراق قوة للتأثير على رأي الناخب الإسرائيلي الذي بات ووفق بعض التحليلات الصهيونية مضطربا ومتوجسا في حسم خياراته خاصة ونحن نشاهد موجة من استطلاعات الرأي المتذبذبة وأن إتفقت على أغلبية لليمين،  وحضور كبير للعمل الذي كان في عداد الأموات السنة الماضية .
في متابعة الحراك المجتمعي وتوجهاته السياسية في ( إسرائيل) كان لافتا غياب الفكر عن هيكلية الأحزاب المؤثرة في المجتمع الإسرائيلي بل غياب حالة الفرز بين هذه الأحزاب على هذه القاعدة ، هذه الحقيقة سيختلف معي البعض المتابع فيها لكن أحببت في مقالي الافتتاحي اليوم عن الانتخابات الإسرائيلية التأكيد على هذه القضية من خلال جملة من المتغيرات الداعمة لهذه (الفرضية) لتكون دليلا منضبطا لتوجهات الكتابة خلال الأيام القادمة عن الانتخابات والتي يمكن تلخيصها على النحو الآتي .
1 . ظهور الشخصية السياسية على مفهوم الحالة الحزبية : هذا الحديث يمكن مشاهدته من خلال اندثار حزب( كاديما شارون ) وعودة حزب العمل إلى الواجهة من خلال رئيسته الجديدة تشيلي ، وتبلور ما يعرف بتيار النخبة بقيادة لابيد ، وظهور حزب البيت اليهودي اليميني الأقرب للبرجوازية المتطرفة بقيادة بينيت ، هذه الفسيفساء الحزبية كلها تؤشر على أن انهيارا حقيقيا أصاب التكوين الحزبي( المؤدلج ) لصالح الشخصيات اللامعة .
2. الانقسام حول شعار المرحلة والهدف الرئيس : في قراءة البرامج السياسية للأحزاب الإسرائيلية ، وفي متابعة خطاب الزعماء الجدد في إسرائيل غاب مفهوم الشعار الجامع في التأثير على الجمهور الإسرائيلي وإنتقل سحرة السياسة الحديثة في الكيان إلى مخاطبة الفئات والطوائف ، مثال ذلك ليبرمان خطاب القبيلة ، الليكود خطاب الهاجس ، العمل خطاب الطبقة المسحوقة والمتوسطة ، لبيد حديث النخب اللامعة، البيت اليهودي نوازع التطرف ، هذا الحديث لم يكن من قبل في الانتخابات الإسرائيلية من حيث الوضوح على هذا النحو .
3. الارتباك ومجسات التهور : في قراءة أوراق الإعلام الإسرائيلي يغلب الحديث اليوم على حديث النخب السياسية تحليل الشخصيات لقادة الأحزاب الإسرائيلية خاصة عند الحديث عن الملفات الساخنة والإستراتيجية ، حيث بات واضحا ومنذ السنة الماضية خشية النخب المؤثرة من المستوى المتدني للقيادة السياسية في إسرائيل والتي بات الجمهور الإسرائيلي يتفاعل معها  بشكل كبير من خلال رسم تصوراته عبر معايير للتفاضل عند اختيار قائمته المفضله .
4. الأحزاب الدينية والفرز والاجتماعي : برغم ميل الجمهور الإسرائيلي نحو اليمين من حيث الغلبة (التصويتية ) إلا أن مؤثرات المرحلة الماضية من فشل كتل اليمين في التعاطي مع الإحزاب الدينية ولد حالة من النقمة على اليمين مما أدى إلى عودة كثير من الناخبين إلى كتل اليسار والوسط وهذا ما يفسر حالة الانتعاش في التأييد لحزب العمل بحسب إستطلاعات الرأي .
5. عجز اليسار وفساد النخب : حالة العجز في أحزاب اليسار والوسط في إسرائيل لم تكن ولدية اللحظة بل سبق ذلك منهجية من الفساد الكبير لنخب اليسار الإسرائيلي ، خاصة في النقابات ومؤسسات العمل الاجتماعي لذلك أورثت هذه الحالة  بروز قيادات غير قادرة على التحالف مغلبة حالة التناحر في قيادة هذا المحور غير المتعافي .
هذه النقاط الخمس ستكون المحدد الرئيس لما سنتناوله في مقال الغد حول الأحزاب الإسرائيلية الرئيسية المتنافسة وأهم ملامح خطابها للجمهور الإسرائيلي بقليل من التفصيل لتمهيد الحديث عن نتائج الانتخابات في الأيام القادمة إن شاء الله .