kolonagaza7
انغير بوبكر
من اجل فهم القوة الاستثمارية القطرية لابد من استحضار عنصرين
العنصر الأول : القوة المالية القطرية المتصاعدة منذ 2003
تاريخ نهاية تسديد ديون قطر.
العنصر الثاني : القوة
الشرائية القطرية للعقارات في الخارج والتي تشكل القوة الضاربة القطرية اليوم على الصعيد
العالمي، المال القطري متمركز حول أربعة أشخاص هم : الخليفة حمد بن خليفة ووزير
خارجيته حمد بن جاسم والشيخة موزة والشيخ تميم بن حمد.
السؤال الذي يطرحه الأربعة الكبار بقطر ماذا سنفعل ب 40 إلى 50
مليار دولار التي يملكونها سنويا وهي عائدات الغاز المصدر الى
والتي لا تدخل إلى ميزانية الدولة كلها،
فأين تصرف إذا هذه الجبال من السيولة المالية؟
الجزء الأعظم من هذه الأموال تضخ في الصندوق السيادي القطري
الذي تشرف عليه إدارة الاستثمار القطرية التي خلقها الأمير حمد بنت خليفة سنة 2005
من اجل استثمار الفائض المالي في مشاريع مستقبلية، لكن تبقى الأرقام المعلنة عن
الفائض المالي بعيدة عن الحقيقة ويشوبها تعتيم شديد.
نهاية سنة 2012 يملك الصندوق السيادي القطري 120 إلى 130 مليار
دولار من الاحتياطي المالي وهو رقم ضعيف مقارنة مع نظيره الإماراتي (627 مليار
دولار ) والنرويجي ( 656.2 ) مليار درهم
لكن الصندوق القطري له خاصية مميزة، انه يرتفع بسرعة كبيرة بما معدله 30 مليار دولار
سنويا، وهو بذلك يتفوق على كل الصناديق السيادية للدول الأخرى المنافسة لقطر، وقد
استثمر منه 17 مليار دولار سنة 2010 وحدها للقيام ببعض المشاريع الصناعية. لمن هذا
الصندوق السيادي القطري؟ هل للدولة أم للعائلة ؟ أو للاثنين معا ؟ هنا أيضا تعتيم
شديد وظلمة حالكة.
الصندوق
القطري يدعم المشاريع التي يقترحها الأمير في إطار إستراتيجية قطر 2030 والتي
تتلخص أهدافها في:
-
تحديث قطر دون المساس بتقاليدها.
-
الاستجابة لحاجيات الأجيال الحالية والمستقبلية.
-
تدبير النمو الاقتصادي وتجنب اختلالات أثمنة
المحروقات ( الغاز ...) وتأثيرها على الاقتصاد الوطني.
-
مراقبة نوعية وكمية اليد العاملة الأجنبية الوافدة
إلى قطر.
-
العمل على تحقيق نمو اقتصادي وتنمية اجتماعية
وحماية البيئة.
بالنسبة لإستراتيجية
قطر 2030 فهي تشمل أهداف داخلية تواصلية واستثمارية تطمئن القطريين على مستقبل بلدهم
وعلى أن الأموال الكبيرة التي تملكها قطر ستكون في خدمة الأجيال المقبلة ، وتشمل إستراتيجية
قطر 2030 أهدافا خارجية وهي :
-
تطوير استثماراتها الخارجية.
-
الاستفادة من التجارب الدولية في مجالات التنمية
البشرية وخاصة في مجالي التعليم والصحة.
مجلس إدارة
الصندوق القطري للاستثمارات (QIA) يترأسه الشيخ تميم ويشغل حمد بن جاسم مديره العام، وينقسم الصندوق
إلى قسمين : Qatar ديار وقطر هولدينغ، بالنسبة للأول يشرف على الاستثمارات العقارية
وعلى البنيات التحتية، وهو الذي وقع على سبيل المثال مع المجموعة الفرنسية ( VINCI
) منذ 2011 ، رئيس مجلس الإدارة هو يوسف كمال وزير الاقتصاد وهو رجل ثقة الأمير
حمد بن خليفة والذي يعرف أسرارا كثيرة عن الاقتصاد القطري وعن معاملات الأمير نفسه
، فهو الذي يوقع مثلا حوالات المعارضين السوريين، بالنسبة لقطر هولدنغ فهي تملك
مشاركات إستراتيجية في عدد من الشركات الأجنبية، ويترأس حمد بن جاسم الإدارة. بدأت
قطر هولدينغ في المشاركة في مجموعات بترولية كطوطال وايكسون موبيل وغيرها.
حمد بن جاسم
هو الموجه الرئيسي لكل هذه الاستثمارات الخارجية، باستثناء الاستثمارات الرياضية
التي تكلف بها الشيخ تميم. الاستثمارات الخارجية القطرية تتركز على قطاعات محددة
وهي :
1.
الأبناك :
استثمرت قطر هذه السنتين الأخيرتين ما معدله 25.5 مليار دولار في قطاع الأبناك
، رغم أنه يعرف أزمة مالية ، ومؤسساته مرتبطة بالأزمة المالية التي عرفتها أوربا
منذ 2008.
Crédit suisse : اشترت الدوحة
6.17%
من رأسماله باستثمار يبلغ 8.6 مليار
دولار.
Barclays : اشترت الدوحة 6.8% من رأسماله باستثمار
يبلغ 6.5 مليار دولار، قطر أيضا تدخلت في
رأسمال بنكين يونانيين Euro-bank و Alpha-bank
باستثمار يبلغ 800 مليون دولار.
اشترت قطر كذلك 2.1 % من أسهم البنك الفلاحي الصيني باستثمار يبلغ 2.9 مليار دولار و 5 % من أسهم بنك Banco stntander باستثمار يبلغ 2.7 مليار دولار.
مستفيدة من الأزمة المالية 2008 / 2009 التي عصفت بالقطاع البنكي، اشترت
الدوحة كل القطاعات البنكية المفلسة أو على طريق الإفلاس عبر ضخ أموال بفوائد
كبيرة وشروط تفضيلية لها، كما واصلت قطر مشاركتها في رساميل الشركات الأجنبية التي
تعرف مشاكل مالية.
2.
قطاع الصناعة والطاقة :
27 مليار دولار من
الاستثمارات ، ولكن في تصاعد دائم.
· في إفريقيا :
Voelia : 0.96 مليار دولار
5% من الرأسمال.
Vinci : 1.7 مليار دولار
ما يعادل 5.8 %
من الرأسمال.
Total : 3.5 مليار دولار
ما يعادل 3.8 %
من الرأسمال.
· في اسبانيا :
Iberdrola : 2.8 مليار دولار
ما يعادل 6.16 %
من الرأسمال.
· هولندا :
Shell : 6.2 مليار دولار
ما يعادل 3%
من الرأسمال.
· ألمانيا :
Porshe-Volkswagen
: 10 مليار دولار من الاستثمارات في هاتين الشركتين اللتين اندمجتا أي 17 % من رأسمال Volkswagen و10%
من رأسمال Porshe استفاد القطريون من هذه
الصفقة وأصبحوا يستخدمون هذا النوع من السيارات بكثرة بأثمنة منخفضة، وقد عين الأمير
حمد صهره زوج الأميرة مايسة في مجلس إدارة شركة Porshe-Volkswagen مختلف هذه الاستثمارات توجه بمنطق صناعي بسيط وهو أن تقوم الشركات
المستفيدة من استثمارات قطر بالاستثمار في البنية التحتية القطرية والاستفادة من
الخبرات التقنية والعلمية، وتعويض نقص أطرها من الخبرة والتجربة، فنظريا ستقوم Voelia Vinci بإصلاح
الطرق والطرق السيارة وبناء القناطر والجسور المبرمجة إلى غاية كأس العام 2022 كما
ستساهم شركة Total الفرنسية في إنجاح الاستثمارات القطرية الأخرى في
القارة الإفريقية حيث تملك الشركة الفرنسية تجارب كبيرة.
3.
العقارات :
24 مليار دولار من
الاستثمارات :
استهدفت الاستثمارات القطرية بلدين رئيسيين: فرنسا وبريطانيا، استفادت
قطر من التذبذب الذي عرفته العملة البريطانية في السنوات الأخيرة من اجل شراء
العديد من العقارات مثل :
· Chelsea
Barrack ( 1.5 مليار دولار
)، القرية الاولمبية اللندنية ( 900 مليون دولار ). اعتمدت الاستثمارات العقارية
القطرية على العاصمة لندن، لأن أثمنتها لا تنخفض رغم الأزمات المالية التي تعرفها
بريطانيا. في فرنسا ارتكزت الاستثمارات القطرية على شراء الفنادق الفخمة.
· Royal
Monceau ب 330 مليون دولار
، و Hotel Louvre ، Peninsula Concorde ، Lafayette بباريس و Carlton ( 715 مليون دولار
) بمدينة كان. وأنشأت قطر مؤسسة خاصة بالفنادق تسمى قطرة (Katara
) والمسؤول عنها هو أخ حمد بن جاسم. فالتواجد الاستثماري القطري بفرنسا مشجع كذلك
من طرف الدولة الفرنسية التي عقدت اتفاقيات ضريبية مشجعة وامتيازية مع الاستثمار
القطري خصوصا مع حكومة فرانسوا فيلون سنة 2008 التي أعطت امتيازات ضريبية للشركات
القطرية.
4.
المواد الأولية :
2.3 مليار دولار.
الهدف منها هو خلق اكتفاء غذائي قطري وتأمين حاجيات قطر من المواد الأولية،
ومنها غذائية بأثمنة معقولة، لذلك خلقت قطر فرع الحصاد الغذائي Hassad Food التابع للهيئة القطرية للاستثمار بتمويل مليار دولار من اجل خلق
استثمارات في القطاع الفلاحي وتربية المواشي في أمريكا الجنوبية واستراليا
والسودان، وتطمح قطر إلى تطوير أكثر من 45000 هكتار من
المنتوجات الفلاحية محليا في حدود سنة 2020، كما قام الصندوق الوطني القطري بسياسة
استثمارية شملت قطاع المعادن حيث اشترت أكثر من 9.9 % من رأسمال European Goldfield
المتخصصة في استخراج الذهب.
5.
الاتصالات والإعلام :
2 مليار دولار.
الصندوق القطري للاستثمار QIA بدأ بالاهتمام بهذا
القطاع خاصة في فرنسا حيث في سنة 2011 دخل في رأسمال Vivendi
بمعدل 2 %
أي برأسمال 400 مليون دولار و 1% من آسهم فرانس تيلكوم برأسمال 300 مليون دولار وقوى تواجده بشركة Lagardère ب 12.83 % برأسمال 900 مليون دولار.
إمارة قطر مهوسة بالأمن وواعية بهشاشة موقعها الجيوسياسي المتوتر، لذلك
استجمعت كل عناصر القوة من اجل حماية الأمن القومي القطري. ومن العناصر المهمة
التي اعتمدت عليها قطر في حروبها الخارجية : الإعلام والرياضة والفن، رغم
التعزيزات العسكرية الحديثة التي تتوفر عليها الإمارة إلا أنها واثقة بأن جيرانها أكثر
عددا وعتادا منها وخصوصا العربية السعودية المنافس الشرس للنظام الأميري القطري .
السلاح الخارجي الأول:
قناة الجزيرة :
مباشرة عند وصوله للسلطة عام 1995 عمل الأمير إستراتيجية إعلامية ذكية
بعد تطوير قناة مغمورة في قطر تسمى قناة الجزيرة، هذا المشروع الإعلامي حقق لإمارة
قطر موقعا دوليا متميزا وبينا، وأصبحت قطر معروفة في كل بقاع العالم بفضل قناة الجزيرة.
تتألف قناة الجزيرة من الصحفيين المخضرمين الذين اشتغلوا بالبي بيسي (BBC
)، وتحتوي على مختلف الجنسيات ومنهم القطري محمد المري أحد القلائل المشتغلين في
القناة والمقدم لنشرات الأخبار. قناة الجزيرة لم يكن هدفها مخاطبة القطريين وحدهم
بل تعدت ذلك إلى مخاطبة الرأي العام الدولي وأثرت في أحداث كثيرة في العالم، لذلك
لم تسلم القناة من انتقادات الداخل والخارج، ولكن الشيخة موزة لعبت دورا كبيرا في
الدفاع عن الخط التحريري للقناة ضد كل الأصوات المحافظة داخليا والتي تشتكي من
القناة، وخارجيا بدأت القناة تثير حنق وسخط العديد من الأنظمة الدولية ومنها
العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية التي ترى في القناة تحريضا على قتل الأمريكيين
ومناصرة التنظيمات الإسلامية المتطرفة في العالم.
استطاعت قناة الجزيرة أن تزعزع المشهد الإعلامي العربي والدولي الذي بقي
اغلبه تابع للحكومات ومقيد للآراء المعارضة للحكام، فيما الجزيرة تعطي الحرية لكل
الآراء المعارضة للأنظمة باستثناء النظام القطري الذي بقي خارج اهتمامات القناة.
فبرزت الجزيرة بصورة قوية في الهجمات الإرهابية التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية
في 11 شتنبر 2001 ، ونقلت الأحداث باحترافية كبيرة ، وأعطت للإسلاميين فرصة
التعبير عن آرائهم رغم مخالفتها للأمريكيين وللغرب عموما. واستأثرت القناة بالصور
المباشرة والتسجيلات الصوتية وبالصور أحيانا لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن
التي أصبحت الجزيرة المنبر المفضل له لإيصال رسائله إلى العالم، في الغرب بدأت الأصوات
تتعالى مهددة قناة الجزيرة بأنها الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة، مما جعل الأمريكيين
يضربون مقرها في كابول، تغطية قناة الجزيرة للانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 جلب لها نسب مشاهدة قياسية في العالم ، فقد عاش الرأي
العام الدولي مباشرة حلقات المواجهات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من
الرباط إلى دمشق مباشرة بالصوت والصورة، انبهر المشاهدون بقناة الجزيرة ويقضون
ليالي بيضاء لتتبع برامجها المباشرة.
2003 / 2004 كانت مرحلة ذهبية لدى قناة الجزيرة حيث تتبع المشاهدون في
العالم وبنسب كبيرة من المشاهدة الغزو الأمريكي للعراق، وأعطت الجزيرة شهيدا وهو
طارق أيوب الذي قتل في إحدى الغارات الأمريكية على بغداد، رغم أن القناة قد أعطت إحداثياتها
(GPS ) للقوات الأمريكية، وقد فكر في تلك اللحظات الرئيس الأمريكي جورج
بوش في قصف القناة، لكن الوزير الأول البريطاني عارض ذلك مما جعل الرئيس الأمريكي
جورج بوش يعدل عن القرار.
سنة 2003 عين مدير عام جديد للقناة وهو وضاح خنفر وهو من الإخوان
المسلمين الفلسطينيين من جنين بالضفة
الغربية، فقام بأسلمة الخط التحريري للقناة، وبدأت تعطي الكلمة أكثر لحماس والفصائل
الإسلامية وتم إقصاء المسيحيين شيئا فشيئا من إدارة مكاتب الجزيرة مثل أكرم خزام
بموسكو وميشيل الكيك بباريس.
الربيع الديموقراطي كان مناسبة لقطر لاحتلال واجهة الأحداث، لكنها تخلفت
عن البدايات الأولى للثورة التونسية، أي ثورة الياسمين في دجنبر 2010 ولم تكن القناة
تتوقع تغييرا دراماتيكيا جذريا في تونس، وأن إدارة القناة اعتقدت أن قوة بن علي
ستقهر الاحتجاجات، لكن حدسها كان خاطئا، وتماهت مع الثورات فيما بعد. فحاولت
القناة تدارك الموقف فبدأت بتسجيل عدة حوارات مع قيادات إسلامية تونسية كراشد
الغنوشي وغيره من اجل كسب الرأي العام التونسي، وتداركت القناة الأمر أكثر في ثورة
25 يناير 2010 بمصر ، حيث قامة القناة بتغطية كبيرة وواسعة للاحتجاجات الشعبية في
ميدان التحرير وفي كل المدن المصرية . الثورات العربية كانت فرصة قوية للقناة
للتأثير في مجرى الأحداث في المنطقة في تونس ومصر وليبيا التي كانت القناة طرفا في
النزاع ضد القذافي بعد مقتل احد مراسليها من طرف كتائب القذافي، لكن القناة بدأت
بالتقهقر بفعل انقسام الرأي العام في هذه الدول حول أهدافها وخطها التحريري الذي
يعطي للإسلاميين الحيز المطلق.
كما انتقدت بشدة قناة الجزيرة في عدم تغطيتها لانتفاضة الشعب البحريني،
وهو ما سجل عليها من طرف العديد من المتتبعين والمحللين للشؤون السياسية الدولية،
انخفضت نسب مشاهدة القناة بأكثر من 30% ، وبدأت مصداقيتها على المحك ، وأصبحت قنوات أخرى تنافسها
كالعربية والميادين وسكاي نيوز وأبو ظبي وغيرها والقنوات الأجنبية الناطقة
بالعربية كال : (BBC) وfrance 24 وروسيا اليوم والحرة و Deutsche Well بدون الحديث عن منافسة الفايسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي.
لمواجهة المنافسة الجديدة التي تتعرض لها القناة اتخذت خطة لتوسيع التواجد
الجغرافي للقناة وإحداث نشرات باللغات الأجنبية ومنها الانجليزية لذلك انطلقت
الجزيرة الانكليزية في سنة 2006 والهدف منها إيصال صوت الجزيرة إلى أوسع نطاق في
العالم ومنافسة كبريات القنوات العالمية مثل : ( CNN ; BBC ; FOXNEWS ) واستقطبت القناة كبار المعلقين والصحافيين الدوليين، كما اشترت
قناة الجزيرة CURRENT
TV وهي قناة في ملكية نائب الرئيس الأمريكي الأسبق أل
كور بما قيمته 500 مليون دولار، هذا الاستثمار الإعلامي مكن القناة من التخاطب مع
40 مليون أسرة أمريكية، فيما لا تستطيع قناة الجزيرة بالانجليزية مخاطبة أكثر من 5
مليون مشاهد.
في سنة 2011 تم إطلاق قناة
الجزيرة بالبلقان ويتم البث من سراييفو وهي القناة الوحيدة التي تغطي المواضيع الإقليمية
والمحلية في المنطقة منذ انهيار الاتحاد اليوغوسلافي، ليفكر اليوم مدير قناة
الجزيرة في قناة الجزيرة بالاسبانية والفرنسية ، لكن الرئاسة الفرنسية في عهد
ساركوزي سابقا وحاليا في عهد هولند تعارض ذلك خوفا من منافسة قناة الجزيرة ل فرانس
24 ، لكن طموحات إدارة القناة لاتزال قائمة في هذا الاتجاه.
سنة 2009 تم خلق هيئة قطر للإعلام التي تجمع كل الأنشطة الإعلامية لقناة
الجزيرة من اجل تنسيق خطها التحريري بين أقطابها الثلاث ( الإخباري والوثائقي
والرياضي ) الأمير حمد يتكلف بمراقبة الجانب الإخباري والشيخ تميم يتكلف بمراقبة
الجانب الرياضي والشيخة موزة الجانب الوثائقي الجزيرة CHILDREN هي
ثمرة اتفاق بين مؤسسة قطر ومجموعة LAGARDERE الذي تعهدت بموجب
الاتفاق معها بإنشاء قناة الجزيرة للأطفال.
تطورت الوضعية القانونية للقناة من مؤسسة عمومية إلى شبه عمومية، والهدف
من ذلك هو إعطاء القناة حرية اكبر في إطار المنافسة الإعلامية الشرسة التي يعرفها الحقل
الإعلامي. الشيخ حمد هو الذي يعين أعضاء مجلس الإدارة والذي يجمع التناقضات التي
تعتمل داخل الجسد الحاكم بقطر بين الموالين لحمد بن خليفة والموالين لحمد بن جاسم
وللشيخ تميم بن حمد.
الشيخ حمد بن تامر آل ثاني تم تعيينه سنة 2011 خلفا لوضاح خنفر وهو عم الأمير
حمد بن خليفة، وهو مهندس تابع لمؤسسة قطر للغاز وهو قريب من الإخوان المسلمين.
الجزيرة الرياضية واجهة مهمة لتألق القناة فهي تحتوي على 18 قناة رياضية
لها حرية واستقلالية نسبية ، وتم شراء حق بث مباريات العديد من الدوريات والبطولات
العربية والإفريقية والآسيوية والعالمية وتكلف ناصر الخليفي رئيس باريس سان جيرمان
ورئيس الفيدرالية القطرية للتنس منذ سنة 2003 بشراء حقوق بث المباريات الدولية
لفائدة قناة الجزيرة، وأنشأت قطر ماركة رياضية خاصة بها وهي Bein sport
وهي شركة صناعية خاصة باللوازم الرياضية.
الرياضة انعكاس لقوة قطر عالميا، فالقوة الرياضية القطرية تسير جنبا إلى
جنب مع القوة الديبلوماسية، ولكن لمعرفة الإستراتيجية القطرية لابد من معرفة أسرار
المعجزة القطرية والتي بدأت مع اكتشاف الغاز وبعد اكتشافه قامت الأسرة المالكة والأمير
شخصيا باحتكار كلما يتعلق بالغاز من الاستخراج إلى التصدير أي مراقبة جميع مراحل
مرور الثروة الغازية القطرية. لذلك تسعى قطر إلى تطبيق نفس نموذج المراقبة على كل
مراحل تطوير الرياضة القطرية، باعتبار أن الرياضة في قطر يعول عليها هي الأخرى
لتنمية البلاد وإعطاء صورة ناصعة عنها في الخارج، فكأس العالم لسنة 2022 يعول عليه
القطريون ليكون قاطرة للتحديث والتنمية الاقتصادية رغم أن الشيخ حمد لم يكن في
البداية متفقا مع فكرة ترشيح قطر لتنظيم كأس العالم 2022 لكن أبناؤه الأمراء أقنعوه
بالفكرة فانخرط فيها بكل قوة في قطر، يملك الشيخ تميم بن حمد مفاتيح الرياضة
القطرية ، فهو رئيس اللجنة الاولمبية (COQ) ، ورئيس لجنة تنظيم كأس العالم 2022 ، وهو الذي يسهر على ترشيحات
قطر للألعاب الأولمبية 2016 / 2020. في الميدان الرياضي الكل يمر عبر الشيخ تميم
فهو بمثابة وزير للرياضة، فيشرف على الأندية والمنتخب القطري الوطني وعلى جميع
اللقاءات والملتقيات الرياضية، وتتكون لجنة تنظيم كأس العالم من الشخصيات المقربة
للشيخ تميم بن حمد كالشيخ سعود بن عبد الرحمان آل ثاني السكرتير العام للجنة
الاولمبية القطرية وهو أخ رئيس الجزيرة وصديقه ناصر الخليفي الذي يشغل رئيس
الفيدرالية القطرية للتنس ورئيس PSG والمدير العام
للجزيرة الرياضية ولشركة Bein الرياضية وخاصة رئيس الصندوق القطري للاستثمار
القطري (QSI)
الذي هو الذراع المالي والرياضي لقطر في كل الاستثمارات الرياضية.
التسيير المالي للصندوق القطري للاستثمار في المجال الرياضي لا يبدو
شفافا بل يكتنفه الغموض ، خصوصا وان رئيسه هو نفس الوقت رئيس الجزيرة الرياضية
فيصعب التفريق بينهما، لكن كل هذه العمليات لا يقوم بها ناصر الخليفي إلا بموافقة الأمير
تميم بن حمد الذي يعتبر الرياضة سرا من أسرار الدولة. أهم منجزات الصندوق القطري
للاستثمار الرياضي هو شراء باري سان جرمان الفرنسي بنسبة 100% وهذا الفريق رغم انه ليس في حجم برشلونة أو ريال مدريد أو
مانشيستر سيتي إلا انه مهم بالنسبة لدخول قطر عالم الرياضة الأوروبية, أمام قطر 10
سنوات من اجل تكوين فريق وطني قوي ليخوض نهائيات كأس العالم 2022 بقطر . لهذا
الغرض تم التعاقد مع المدرب المساعد السابق للمنتخب البلجيكي، مهمته هي خلق نخبة
رياضية شابة قادرة على التنافس في نهائيات كأس العالم 2022، وقد أنشأت الاكاديمية
القطرية مراكز تكوين في عدد من البلدان الإفريقية لاستقطاب شباب مؤهل وإعطائه
الجنسية القطرية وتعزيز صفوف المنتخب القطري. كما أن قطر اشترت فريقا من الدرجة
الثانية في البطولة البلجيكية يسمى Aseupen ، اختيار بلجيكا
ليس اعتباطيا بل لأن العلاقات القطرية رياضيا مع بلجيكا ممتدة في التاريخ ، كما أن
حمد وأبنائه يملكون عقارات في هذه المنطقة الناطقة بالألمانية الملحقة ببلجيكا بعد
الحرب العالمية الأولى، فاللاعبين المستقطبين من الدول الإفريقية خاصة من السنغال
يتم تجريبهم في هذا الفريق قبل أن يتم التعاقد معهم للعب مع باري سان جرمان أو
مالكا الاسباني الذي يملكه احد أفراد العائلة الحاكمة في قطر.
قطر اليوم تخوض حربا تنافسية قوية مع جيرانها من الخليجيين على احتضان
التظاهرات الرياضية الدولية وتنفق على الاستثمار والدعاية واستقطاب الرياضيين
الكبار مليارات الدولارات.
هل يجب الخوف من قطر؟
القوة المالية القطرية تمكنها من تحقيق كل الطموحات المشروعة وغير
المشروعة وهذا ما يخيف الغرب، العلاقات القطرية بالعالم الإسلامي تطبعها قطر
بالمال السياسي، وهذا ما يشكل خطر تنامي التطرف الديني المدعوم قطريا. قطر تعتبر
العالم سوقا رائجة، والأفكار سلعا تباع وتشترى، لذلك نرى قطر تشتري كبار المفكرين
والخبراء والرياضيين، وبأثمان فلكية. دعم قطر للإخوان المسلمين في العالم محط تخوف
العديد من السياسيين في العالم.
قطر قوة اقتصادية ومالية صاعدة لكنها ما تزال تعاني من نقص العنصر
البشري، ومن توجس المحيط الإقليمي، وتقلبات السياسة الداخلية، حيث التنافس بين أعضاء
العائلة الحاكمة على أشده. القطريون يحبون جمال أوربا ، ويستثمرون فيها، لكن الأوروبيون
يكرهون قطر، ويخفون ذلك خوفا على هروب أموال قطر من بلادهم.
دمتم في حفظ الله ورعايته
انغير بوبكر
باحث في العلاقات الدولية
ounghirboubaker@yahoo.fr