kolonagaza7
أعداد مركز صقر للدراسات الإستراتيجية
الأحد، 15 آب، 2010
· محطات الإستراتيجية العسكرية الأمريكية
· مرتكزات استراتيجية -النفط -القواعد -الأسواق -إسرائيل
· انزلاق العراق والكويت لفخ الحرب والعداء
· صناعة الحرب - البرنامج الرمز 1002 / 90 (Tip Fiddle)
غالبا ما تحدد القيادة العسكرية عدد من الأهداف الإستراتيجية, وتطبقها على شكل عمليات حربية في مسارح العمليات المختلفة, لتحقيق الأهداف والغايات المبوبة في الإستراتيجية الشاملة/العليا, وقد حددت مراكز صنع القرار الامريكي نمط وسلوك السياسة الخارجية بلباسها الحربي , وغالبا ما يسيطر المجمع الصناعي العسكري على السياسة الخارجية الأمريكية وكذلك اللوبي الصهيوني, وقد انتخبت أهداف ومحاور إستراتيجية تجسد أهدافها وعلى سبيل المثال:- الاتحاد السوفيتي سابقا والاتحاد الروسي حاليا – الصين –كوريا الشمالية- أوربا الشرقية قبل تفتيتها - جنوب شرق آسيا- الباسيفيك – العالم العربي بمحاوره( المشرق العربي -الخليج العربي – المغرب العربي - كتف الأحمر العربي) – شريط الدول الإسلامية( الباكستان –أفغانستان-تركيا- إيران)- أفريقيا – أوروبا- روسيا- كومنولث الدول المستقلة- أمريكا اللاتينية- الحروب الخاصة , إضافة الى استراتيجية الاقتراب الغير مباشر عبر الانقلابات والنزاعات الطائفية والعرقية, وقد أشارت إستراتيجية "الأمن القومي 200 " التي أعدها كيسنجر عام 1974 وصادق عليا الكونغرس الأمريكي عام1975إلى عدد من الأهداف الإستراتيجية الطويلة الأمد وبمراحل متداخلة لصناعة بيئة الأحداث وفق تكتيكات وصراعات سياسية وعسكرية مفبركة .
محطات الإستراتيجية العسكرية الأمريكية
تشير الوقائع وملامح السلوك السياسي الامريكي وفق المنحى الاستراتيجي, بتبني نهج استراتيجي (استراتيجية التواجد في منابع النفط),وقد جرى تقسيم استراتيجية التواجد الى ثلاث مراحل أساسية, وقد خصصت قوات التدخل السريع الأمريكية الفرقة83 المحمولة جوا كقوات تمهيدية , وبعد حرب الخليج الأولى"الحرب العراقية الإيرانية" تمكنت من الوصول الى مياه الخليج عام 1981 والتي تعد المرحلة الأولى من الإستراتيجية , وكانت الحرب في أفغانستان قد ساقت الى تفكك الإتحاد السوفيتي مع مخطط تفتيت أوربا الشرقية ,وقد مكنت أمريكا من تسلق سلم القوى الأولى في العالم (قطبية الصراع), وبذلك فعلت المرحلة الثانية من التواجد بصناعة بيئة النزاع بين العراق والكويت, وقد انزلاق البلدين الى الحرب على اثر اجتياح العراق للكويت , ويعد اكبر خطا استراتيجي ارتكبه البلدين , وعلى أثرها شنت حرب الخليج الثانية, وحققت أمريكا التواجد العسكري في المنطقة وخصوصا الكويت[1] ,وأعقبتها سطوة القوة خارج القانون في حرب البلقان , ثم تفعيل نقل الرقعة المتقدمة نحو ممرات نقل الغاز ونفط بحر قزوين والمخدرات لتحقيق الموقع المتقدم في أفغانستان, تحت ذريعة 11 أيلول المثيرة للجدل وبيافطة "الحرب العالمية على الإرهابGWOT"[2]وتمخض عنه غزو واحتلال أفغانستان عام 2001 , وفي عام 2003 شنت العدوان على العراق - المرحلة الثالثة من استراتيجية التواجد .
مرتكزات استراتيجية -النفط -القواعد -الأسواق -إسرائيل
ترتكز المخططات الإستراتيجية الأمريكية ومنظومتها العسكرية على عدد من العناصر الأساسية, وأبرزها احتكار منابع النفط , وتوسيع شبكة القواعد والتسهيلات العسكرية لبسط النفوذ السياسي, وفتح الأسواق بالقوة لشركاتها المختلفة , والتي تصنع القرار الامريكي في الأروقة الخلفية, وديمومة التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل التي تعده قاعدة عسكرية متقدمة ورقعة مصالح غربية أمريكية وسط العالم العربي, وقد وصفها احد الباحثين بمنجم ذهب استراتيجي[3] , وقد استمر تنفيذ مراحل تحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية ما يقارب ثلاثين عام, وترتبط ارتباطا وثيقا بالفكر السياسي والمنهجية السياسية الأمريكية, كون أميركا دولة مصنعة ومصدرة للسلاح بكافة أنواعه , وتبحث باستمرار عن الحروب لإيجاد سوق تصريف السلاح وسوق استهلاك وعمالة عسكرية( مرتزقة), مع وجوب البحث والحصول على الطاقة أينما وجدت لديمومة تجارة الموت وصناعة الإرهاب وتسويق الأمن التجاري, وتسعى الإستراتيجية العسكرية لتامين التفوق النووي والسيطرة على الفضاء حسب إستراتيجية الأمن القومي2000, في دراسة الرؤيا المشتركة2010(JOINT VISION 2010) وتعتبر تقنيات المعلومات أداة لتحقيق السيطرة الكاملة النطاق.[4]
تؤكد "إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية" على ضرورة الحفاظ على التواجد العسكري ما وراء البحار, وهو جوهر المخطط الاستراتيجي , وأهم عناصر الإستراتيجية العسكرية الأمريكية ,وتعد القواعد العسكرية أداة أساسية لبسط النفوذ الأمريكي, فهي تشكل نقطة الشروع للحملات العسكرية,وتشكل عصا السياسة في الأزمات, إذ تعاني المجتمعات من ضغط التواجد العسكري, وغالبا ما تستخدم مصطلحات "القواعد" أو"التسهيلات العسكرية" أو"استخدام التسهيلات" أو التواجد العسكري أو القوات المتعددة الجنسيات" كمصطلحات عسكرية مترادفة يحل أحداهما محل الآخر, وجميعها تشير الى وجود عسكري محذوراته السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية كثيرة , وهو التنازل عن بقعة ارض وطنية لدولة ما، ومصطلح القاعدة العسكرية الأجنبية[5] يعني منشأة عسكرية تكون السيطرة عليها مطلقة للجانب الأجنبي وينظم بمعاهدة[6], ، ويعني استخدام التسهيلات هو استخدام المنشآت أو أماكن معينة تحت السيادة المطلقة للدولة المضيفة لفترة من الزمن يجري تحديدها ولغرض سياسي - عسكري - اقتصادي، ويعتبر هذا أكثر أنماط القواعد والتسهيلات العسكرية شيوعاً,وهذا النمط الذي يتكون من مجموعة من القواعد المخصصة للتمركز الطويل المدى للقوات والطائرات، وسفن الأسطول, وهذا النمط هو الأقرب إلى الذهن عند الحديث عن 570 من القواعد العسكرية الأمريكية التي انشات في العراق، لبسط وجودها العسكري تحت يافطة الاتفاقية الأمنية.
انزلاق العراق والكويت لفخ الحرب والعداء
تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية عبر منظوماتها المخابراتية, ودوائر العلاقات العامة ,ومؤسساتها الدعائية الضخمة , ومفاصل الحرب النفسية ,ان تسوق بيئة الصراع والحرب بين البلدين(العراق- الكويت) , وكثيرا ما يستفسر العراقيين والعرب عن فخ الكويت وملابسات انزلاق البلدين لهذا الجيب المهلك , رغم سطحية الخلافات والمبررات, وخطورة الدوافع والنتائج, ولغرض الواقعية والابتعاد عن العواطف, لابد من استعراض ومناقشة هذا المتغير الاستراتيجي المحوري , وقد جاء اجتياح العراق الكويت بقرار غير صائب ليعلن شروع المرحلة الثانية لإستراتيجية التواجد الامريكي وخلق الاختلاف العربي الواسع , ويبدوا ان البلدين والعرب قد بلعوا الطعم سواء بعلم او بغير علم , بعد ان تمكنت أمريكا من صناعة بيئة الحرب ومناخ الخلاف العراقي الكويتي[7], لا يمكن القفز على حقيقة ان قرار الاجتياح منافي لحزمة من التحديدات الإستراتيجية ابرزها:-
1. فسح المجال للتدخلات والأطماع الدولية.
2. تعزيز وتوسيع التواجد العسكري الامريكي في المنطقة.
3. غياب قابلية التصور والحدس والتحسب الاستراتيجي للمخططات المشبوهة.
4. بعثرة النسق العربي وخرق معاهدة الدفاع العربي المشترك.
5. سطحية الخلافات الجانبية وإمكانية الحل باستخدام القوة الناعمة والذكية.
6. حزمة الأخطار والتهديدات الإقليمية التي تعصف بالعراق والمنطقة.
7. غياب فلسفة صيانة القوة العراقية بعد إنهاك وإعياء حرب الخليج الأولى.
8. تفكيك الروابط العربية والإسلامية بين البلدين العربيين.
9. استمرار أنهاك واستنزاف القدرة العراقية.
10. فقدان مبدأ الاقتصاد بالجهد العسكري وتنمية القدرات العربية الشاملة.
11. فقدان الرئة البحرية والبرية الاقتصادية للعراق.
12. التداعيات السياسية والعسكرية والقانونية على العراق والمنطقة.
صناعة الحرب - البرنامج رقم الرمز 1002 / 90 (Tip Fiddle)
خرج العراق بعد حرب الخليج الأولى التي دامت8سنوات منهك اقتصاديا,ومثقل بالة حربية تقليدية كبرى توسعت لضرورات الحرب, ناهيك عن الآثار النفسية والاجتماعية للمجتمع العراقي الذي عانى ضراوة الحرب وإرهاصاتها, وكان العراق يؤمل كثيرا على بعده العربي بصيانة قدرته, وتقدير أهميتها ضمن معادلة التوازن العربي ,كون القدرة العسكرية العراقية حجر الزاوية في القدرة العربية الصلبة, ولا يمكن ان نغفل حقيقة ان أمريكا قوة عالمية تجيد الولوج الى المفاصل اللينة وتهويل الاختلافات العربية وصناعة بيئة الحرب.
أشارت عدد من المصادر العسكرية الأمريكية أن سيناريو حرب على العراق أعد منذ عام 1989م قبل اجتياح العراق الكويت، حيث عكف فريق (بوش الأب) وأقرب مستشاريه على دراسة القيام بعملية عسكرية فـي الخليج تمهيداً للتدخل ضد العراق، وكان الجنرال "كولن باول" و"نورمان شوارزكوف" على علم بهذه الخطة، التي كانت تتضمن حشد آلاف العسكريين الأمريكيين, وقد قام الجنرال "باول" و"شوارزكوف" بمراجعة الخطة الموضوعة، واتخذ الرئيس الأمريكي قراره بزيادة عدد القوات الأمريكية فـي الخليج, حيث يقول "اريك لوران" ((كانت الأجهزة العملاقة تعمل يومياً وعلى مدار الساعة فـي مقر قيادة (شوارزكوف) العامة فـي (ماك ديل) وهي تستلم دون انقطاع المعلومات الجديدة، وكان قيد الإعداد مخطط معلوماتي باسم رمزي غامض (TPFD) ويعني " Deployment Force Phase Time"[8]، وقد تدرب فـيه أكثر من مليون عنصر عسكري أمريكي, وقد وضعت خطط لجميع الاحتمالات منها متطلبات الدفاع الجوي، أجهزة الاتصالات الضرورية,التفاصيل اللوجستية المتعلقة بالأفراد والعتاد والأرزاق والسكن وطرق تسييرها لتنسيق هذه العملية)) وفقاً لطبيعة العمل لصحراوية , وحمل هذا البرنامج رقم الرمز 1002 / 90 وتسمية (Tip Fiddle) وكانت العمليات تجري بسرية تامة باستثناء البنتاغون كان يعرف بوجود هذه الأعداد.
أطلق "شوارزكوف" فـي بداية شهر شباط 1990 م، عملية صورية واسعة بواسطة المعلوماتية( لعبة حرب)[9]، ليقيِّم فاعلية المعطيات التي تجمعت بهذا الشكل وإمكانية اشتغالها وكان السيناريو المختار C. P. E والمسمى بتمرين مركز قيادة- Exercises Command Post, بنفس الوقت باشرت الدوائر السياسية والأستخبارتية والإعلامية الأمريكية لتهيئة بيئة الحرب ومناخ الصراع ومبرراته المفبركة والمنحوتة بعناية ,وبأقل من ثلاثة أسابيع لاحقة أصبحت هذه اللعبة واقعاً حقيقياً, وكانت أمام العراق هواجس ومخاوف وحقائق من وجود تلك القوات والتمارين التي نفذت , ولعل ابرز تهديد يفكر به هو غزوه واحتلاله من قبل قوة عظمى, واعتقد أن الرئيس العراقي قد اختار الضربة الأجهاضية أو الحرب الاستباقية الدفاعية, وهو قرار يشوبه الكثير من التسرع وقلة الاستعداد وحساب العواقب الإستراتيجية, وقد استدرج الى الفخ الاستراتيجي الذي أعدته الإدارة الأمريكية "منطقة القتل" , وغاب عن متخذ القرار العراقي ان تلك المناورات والتمارين العسكرية تدخل ضمن "حافة الحرب" للضغط السياسي العسكري لتحقيق أهداف وغايات استراتيجية, ورافقتها مطالبة الكويت بتسديد الديون العراقية من جراء الحرب العراقية الإيرانية, والعراق كان يعتقد أنها منح لا تستحق التسديد على الأقل في الوقت القريب- وبرزت فضيحة سرقة النفط من حقول جنوب العراق – ورافقتها خفض أسعار النفط العالمية – تلك الحوادث كانت استفزازية شكلت مناخ عداء مركب ومباغت, ولكنها لا تسوق لاتخاذ قرار مصيري يقود الى جيب مهلك, هذا ما حاولت صنعه أمريكا سياسيا لاستدراج العراق للحرب ضد دولة عربية , وبذلك تعزل العراق عن محيطه العربي , وتشرعن عمل عسكري حربي ضده دوليا , وكانت سفـيرة الولايات المتحدة فـي بغداد "ابريل غلاسبي" التي قابلت الرئيس الراحل "صدام حسين" فـي "بغداد" قد أعطته ضوءاً اخضراً لتنفيذ عمل عسكري ضد الكويت وقالت "هذا شان عربي داخلي ليس للولايات المتحدة دخل فيه"؟, سارت الأمور كما رسمتها الإدارة الأمريكية وفـي 2 أب 1990م اجتاح العراق الكويت ليبدأ تطبيق المرحلة الثالثة من إستراتيجية التواجد, كما خطط لها .
تمكنت أمريكا وباستخدام سطوتها الأممية من فرض خطوط حضر الطيران وتقسيم العراق الى ثلاث مناطق شمال ووسط وجنوب , مع الحصار الاقتصادي الذي استنزف قدرته الشاملة, وكانت الجو العراقي وفضائه تحت المظلة الأمريكية الجوية والفضائية طيلة 12 عام, وشهد العراق ضربات مركزة وهجمات جوية متواصلة تؤكد ان العراق تحت الضربات الجوية والصاروخية, تمهيدا لغزوه وفق مبررات كاذبة ومضللة, وارتكبت أمريكا جريمة حرب بحق العراق وشعبه, وقد حطمت دولته ومؤسساته , ونسفت قدرته البشرية, وقسمت العراق الى طوائف واثنيات وأعراق, وسعت بقوة لإلغاء هويته الحضارية العربية الإسلامية, وبددت أموال العراق, وجعلته اكبر ميدان للنهب الحر في هذا الكوكب,ويعصف به الفساد الإداري والمالي والسياسي, وسعت لإبادة شعبه بين مهجر ومقتول ومعتقل وعاطل وجائع ومريض, هكذا خططت أمريكا لتحطيم العراق, وتصفير القدرة العربية وفق فلسفة اللعبة الصفرية , وقد نسفت معادلة التوازن العربي والإقليمي والنسق الدولي, بعد ان صنعت بيئة الحرب وتحولت اليوم من الحرب التقليدية الى الحرب المركبة وفق متطلبات تجارة الأمن ومكافحة الإرهاب والتي تدر أرباح خيالية تفوق أرباح النفط والذهب, وخسر العراق والكويت والعرب نسقهم الموحد.
· محطات الإستراتيجية العسكرية الأمريكية
· مرتكزات استراتيجية -النفط -القواعد -الأسواق -إسرائيل
· انزلاق العراق والكويت لفخ الحرب والعداء
· صناعة الحرب - البرنامج الرمز 1002 / 90 (Tip Fiddle)
غالبا ما تحدد القيادة العسكرية عدد من الأهداف الإستراتيجية, وتطبقها على شكل عمليات حربية في مسارح العمليات المختلفة, لتحقيق الأهداف والغايات المبوبة في الإستراتيجية الشاملة/العليا, وقد حددت مراكز صنع القرار الامريكي نمط وسلوك السياسة الخارجية بلباسها الحربي , وغالبا ما يسيطر المجمع الصناعي العسكري على السياسة الخارجية الأمريكية وكذلك اللوبي الصهيوني, وقد انتخبت أهداف ومحاور إستراتيجية تجسد أهدافها وعلى سبيل المثال:- الاتحاد السوفيتي سابقا والاتحاد الروسي حاليا – الصين –كوريا الشمالية- أوربا الشرقية قبل تفتيتها - جنوب شرق آسيا- الباسيفيك – العالم العربي بمحاوره( المشرق العربي -الخليج العربي – المغرب العربي - كتف الأحمر العربي) – شريط الدول الإسلامية( الباكستان –أفغانستان-تركيا- إيران)- أفريقيا – أوروبا- روسيا- كومنولث الدول المستقلة- أمريكا اللاتينية- الحروب الخاصة , إضافة الى استراتيجية الاقتراب الغير مباشر عبر الانقلابات والنزاعات الطائفية والعرقية, وقد أشارت إستراتيجية "الأمن القومي 200 " التي أعدها كيسنجر عام 1974 وصادق عليا الكونغرس الأمريكي عام1975إلى عدد من الأهداف الإستراتيجية الطويلة الأمد وبمراحل متداخلة لصناعة بيئة الأحداث وفق تكتيكات وصراعات سياسية وعسكرية مفبركة .
محطات الإستراتيجية العسكرية الأمريكية
تشير الوقائع وملامح السلوك السياسي الامريكي وفق المنحى الاستراتيجي, بتبني نهج استراتيجي (استراتيجية التواجد في منابع النفط),وقد جرى تقسيم استراتيجية التواجد الى ثلاث مراحل أساسية, وقد خصصت قوات التدخل السريع الأمريكية الفرقة83 المحمولة جوا كقوات تمهيدية , وبعد حرب الخليج الأولى"الحرب العراقية الإيرانية" تمكنت من الوصول الى مياه الخليج عام 1981 والتي تعد المرحلة الأولى من الإستراتيجية , وكانت الحرب في أفغانستان قد ساقت الى تفكك الإتحاد السوفيتي مع مخطط تفتيت أوربا الشرقية ,وقد مكنت أمريكا من تسلق سلم القوى الأولى في العالم (قطبية الصراع), وبذلك فعلت المرحلة الثانية من التواجد بصناعة بيئة النزاع بين العراق والكويت, وقد انزلاق البلدين الى الحرب على اثر اجتياح العراق للكويت , ويعد اكبر خطا استراتيجي ارتكبه البلدين , وعلى أثرها شنت حرب الخليج الثانية, وحققت أمريكا التواجد العسكري في المنطقة وخصوصا الكويت[1] ,وأعقبتها سطوة القوة خارج القانون في حرب البلقان , ثم تفعيل نقل الرقعة المتقدمة نحو ممرات نقل الغاز ونفط بحر قزوين والمخدرات لتحقيق الموقع المتقدم في أفغانستان, تحت ذريعة 11 أيلول المثيرة للجدل وبيافطة "الحرب العالمية على الإرهابGWOT"[2]وتمخض عنه غزو واحتلال أفغانستان عام 2001 , وفي عام 2003 شنت العدوان على العراق - المرحلة الثالثة من استراتيجية التواجد .
مرتكزات استراتيجية -النفط -القواعد -الأسواق -إسرائيل
ترتكز المخططات الإستراتيجية الأمريكية ومنظومتها العسكرية على عدد من العناصر الأساسية, وأبرزها احتكار منابع النفط , وتوسيع شبكة القواعد والتسهيلات العسكرية لبسط النفوذ السياسي, وفتح الأسواق بالقوة لشركاتها المختلفة , والتي تصنع القرار الامريكي في الأروقة الخلفية, وديمومة التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل التي تعده قاعدة عسكرية متقدمة ورقعة مصالح غربية أمريكية وسط العالم العربي, وقد وصفها احد الباحثين بمنجم ذهب استراتيجي[3] , وقد استمر تنفيذ مراحل تحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية ما يقارب ثلاثين عام, وترتبط ارتباطا وثيقا بالفكر السياسي والمنهجية السياسية الأمريكية, كون أميركا دولة مصنعة ومصدرة للسلاح بكافة أنواعه , وتبحث باستمرار عن الحروب لإيجاد سوق تصريف السلاح وسوق استهلاك وعمالة عسكرية( مرتزقة), مع وجوب البحث والحصول على الطاقة أينما وجدت لديمومة تجارة الموت وصناعة الإرهاب وتسويق الأمن التجاري, وتسعى الإستراتيجية العسكرية لتامين التفوق النووي والسيطرة على الفضاء حسب إستراتيجية الأمن القومي2000, في دراسة الرؤيا المشتركة2010(JOINT VISION 2010) وتعتبر تقنيات المعلومات أداة لتحقيق السيطرة الكاملة النطاق.[4]
تؤكد "إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية" على ضرورة الحفاظ على التواجد العسكري ما وراء البحار, وهو جوهر المخطط الاستراتيجي , وأهم عناصر الإستراتيجية العسكرية الأمريكية ,وتعد القواعد العسكرية أداة أساسية لبسط النفوذ الأمريكي, فهي تشكل نقطة الشروع للحملات العسكرية,وتشكل عصا السياسة في الأزمات, إذ تعاني المجتمعات من ضغط التواجد العسكري, وغالبا ما تستخدم مصطلحات "القواعد" أو"التسهيلات العسكرية" أو"استخدام التسهيلات" أو التواجد العسكري أو القوات المتعددة الجنسيات" كمصطلحات عسكرية مترادفة يحل أحداهما محل الآخر, وجميعها تشير الى وجود عسكري محذوراته السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية كثيرة , وهو التنازل عن بقعة ارض وطنية لدولة ما، ومصطلح القاعدة العسكرية الأجنبية[5] يعني منشأة عسكرية تكون السيطرة عليها مطلقة للجانب الأجنبي وينظم بمعاهدة[6], ، ويعني استخدام التسهيلات هو استخدام المنشآت أو أماكن معينة تحت السيادة المطلقة للدولة المضيفة لفترة من الزمن يجري تحديدها ولغرض سياسي - عسكري - اقتصادي، ويعتبر هذا أكثر أنماط القواعد والتسهيلات العسكرية شيوعاً,وهذا النمط الذي يتكون من مجموعة من القواعد المخصصة للتمركز الطويل المدى للقوات والطائرات، وسفن الأسطول, وهذا النمط هو الأقرب إلى الذهن عند الحديث عن 570 من القواعد العسكرية الأمريكية التي انشات في العراق، لبسط وجودها العسكري تحت يافطة الاتفاقية الأمنية.
انزلاق العراق والكويت لفخ الحرب والعداء
تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية عبر منظوماتها المخابراتية, ودوائر العلاقات العامة ,ومؤسساتها الدعائية الضخمة , ومفاصل الحرب النفسية ,ان تسوق بيئة الصراع والحرب بين البلدين(العراق- الكويت) , وكثيرا ما يستفسر العراقيين والعرب عن فخ الكويت وملابسات انزلاق البلدين لهذا الجيب المهلك , رغم سطحية الخلافات والمبررات, وخطورة الدوافع والنتائج, ولغرض الواقعية والابتعاد عن العواطف, لابد من استعراض ومناقشة هذا المتغير الاستراتيجي المحوري , وقد جاء اجتياح العراق الكويت بقرار غير صائب ليعلن شروع المرحلة الثانية لإستراتيجية التواجد الامريكي وخلق الاختلاف العربي الواسع , ويبدوا ان البلدين والعرب قد بلعوا الطعم سواء بعلم او بغير علم , بعد ان تمكنت أمريكا من صناعة بيئة الحرب ومناخ الخلاف العراقي الكويتي[7], لا يمكن القفز على حقيقة ان قرار الاجتياح منافي لحزمة من التحديدات الإستراتيجية ابرزها:-
1. فسح المجال للتدخلات والأطماع الدولية.
2. تعزيز وتوسيع التواجد العسكري الامريكي في المنطقة.
3. غياب قابلية التصور والحدس والتحسب الاستراتيجي للمخططات المشبوهة.
4. بعثرة النسق العربي وخرق معاهدة الدفاع العربي المشترك.
5. سطحية الخلافات الجانبية وإمكانية الحل باستخدام القوة الناعمة والذكية.
6. حزمة الأخطار والتهديدات الإقليمية التي تعصف بالعراق والمنطقة.
7. غياب فلسفة صيانة القوة العراقية بعد إنهاك وإعياء حرب الخليج الأولى.
8. تفكيك الروابط العربية والإسلامية بين البلدين العربيين.
9. استمرار أنهاك واستنزاف القدرة العراقية.
10. فقدان مبدأ الاقتصاد بالجهد العسكري وتنمية القدرات العربية الشاملة.
11. فقدان الرئة البحرية والبرية الاقتصادية للعراق.
12. التداعيات السياسية والعسكرية والقانونية على العراق والمنطقة.
صناعة الحرب - البرنامج رقم الرمز 1002 / 90 (Tip Fiddle)
خرج العراق بعد حرب الخليج الأولى التي دامت8سنوات منهك اقتصاديا,ومثقل بالة حربية تقليدية كبرى توسعت لضرورات الحرب, ناهيك عن الآثار النفسية والاجتماعية للمجتمع العراقي الذي عانى ضراوة الحرب وإرهاصاتها, وكان العراق يؤمل كثيرا على بعده العربي بصيانة قدرته, وتقدير أهميتها ضمن معادلة التوازن العربي ,كون القدرة العسكرية العراقية حجر الزاوية في القدرة العربية الصلبة, ولا يمكن ان نغفل حقيقة ان أمريكا قوة عالمية تجيد الولوج الى المفاصل اللينة وتهويل الاختلافات العربية وصناعة بيئة الحرب.
أشارت عدد من المصادر العسكرية الأمريكية أن سيناريو حرب على العراق أعد منذ عام 1989م قبل اجتياح العراق الكويت، حيث عكف فريق (بوش الأب) وأقرب مستشاريه على دراسة القيام بعملية عسكرية فـي الخليج تمهيداً للتدخل ضد العراق، وكان الجنرال "كولن باول" و"نورمان شوارزكوف" على علم بهذه الخطة، التي كانت تتضمن حشد آلاف العسكريين الأمريكيين, وقد قام الجنرال "باول" و"شوارزكوف" بمراجعة الخطة الموضوعة، واتخذ الرئيس الأمريكي قراره بزيادة عدد القوات الأمريكية فـي الخليج, حيث يقول "اريك لوران" ((كانت الأجهزة العملاقة تعمل يومياً وعلى مدار الساعة فـي مقر قيادة (شوارزكوف) العامة فـي (ماك ديل) وهي تستلم دون انقطاع المعلومات الجديدة، وكان قيد الإعداد مخطط معلوماتي باسم رمزي غامض (TPFD) ويعني " Deployment Force Phase Time"[8]، وقد تدرب فـيه أكثر من مليون عنصر عسكري أمريكي, وقد وضعت خطط لجميع الاحتمالات منها متطلبات الدفاع الجوي، أجهزة الاتصالات الضرورية,التفاصيل اللوجستية المتعلقة بالأفراد والعتاد والأرزاق والسكن وطرق تسييرها لتنسيق هذه العملية)) وفقاً لطبيعة العمل لصحراوية , وحمل هذا البرنامج رقم الرمز 1002 / 90 وتسمية (Tip Fiddle) وكانت العمليات تجري بسرية تامة باستثناء البنتاغون كان يعرف بوجود هذه الأعداد.
أطلق "شوارزكوف" فـي بداية شهر شباط 1990 م، عملية صورية واسعة بواسطة المعلوماتية( لعبة حرب)[9]، ليقيِّم فاعلية المعطيات التي تجمعت بهذا الشكل وإمكانية اشتغالها وكان السيناريو المختار C. P. E والمسمى بتمرين مركز قيادة- Exercises Command Post, بنفس الوقت باشرت الدوائر السياسية والأستخبارتية والإعلامية الأمريكية لتهيئة بيئة الحرب ومناخ الصراع ومبرراته المفبركة والمنحوتة بعناية ,وبأقل من ثلاثة أسابيع لاحقة أصبحت هذه اللعبة واقعاً حقيقياً, وكانت أمام العراق هواجس ومخاوف وحقائق من وجود تلك القوات والتمارين التي نفذت , ولعل ابرز تهديد يفكر به هو غزوه واحتلاله من قبل قوة عظمى, واعتقد أن الرئيس العراقي قد اختار الضربة الأجهاضية أو الحرب الاستباقية الدفاعية, وهو قرار يشوبه الكثير من التسرع وقلة الاستعداد وحساب العواقب الإستراتيجية, وقد استدرج الى الفخ الاستراتيجي الذي أعدته الإدارة الأمريكية "منطقة القتل" , وغاب عن متخذ القرار العراقي ان تلك المناورات والتمارين العسكرية تدخل ضمن "حافة الحرب" للضغط السياسي العسكري لتحقيق أهداف وغايات استراتيجية, ورافقتها مطالبة الكويت بتسديد الديون العراقية من جراء الحرب العراقية الإيرانية, والعراق كان يعتقد أنها منح لا تستحق التسديد على الأقل في الوقت القريب- وبرزت فضيحة سرقة النفط من حقول جنوب العراق – ورافقتها خفض أسعار النفط العالمية – تلك الحوادث كانت استفزازية شكلت مناخ عداء مركب ومباغت, ولكنها لا تسوق لاتخاذ قرار مصيري يقود الى جيب مهلك, هذا ما حاولت صنعه أمريكا سياسيا لاستدراج العراق للحرب ضد دولة عربية , وبذلك تعزل العراق عن محيطه العربي , وتشرعن عمل عسكري حربي ضده دوليا , وكانت سفـيرة الولايات المتحدة فـي بغداد "ابريل غلاسبي" التي قابلت الرئيس الراحل "صدام حسين" فـي "بغداد" قد أعطته ضوءاً اخضراً لتنفيذ عمل عسكري ضد الكويت وقالت "هذا شان عربي داخلي ليس للولايات المتحدة دخل فيه"؟, سارت الأمور كما رسمتها الإدارة الأمريكية وفـي 2 أب 1990م اجتاح العراق الكويت ليبدأ تطبيق المرحلة الثالثة من إستراتيجية التواجد, كما خطط لها .
تمكنت أمريكا وباستخدام سطوتها الأممية من فرض خطوط حضر الطيران وتقسيم العراق الى ثلاث مناطق شمال ووسط وجنوب , مع الحصار الاقتصادي الذي استنزف قدرته الشاملة, وكانت الجو العراقي وفضائه تحت المظلة الأمريكية الجوية والفضائية طيلة 12 عام, وشهد العراق ضربات مركزة وهجمات جوية متواصلة تؤكد ان العراق تحت الضربات الجوية والصاروخية, تمهيدا لغزوه وفق مبررات كاذبة ومضللة, وارتكبت أمريكا جريمة حرب بحق العراق وشعبه, وقد حطمت دولته ومؤسساته , ونسفت قدرته البشرية, وقسمت العراق الى طوائف واثنيات وأعراق, وسعت بقوة لإلغاء هويته الحضارية العربية الإسلامية, وبددت أموال العراق, وجعلته اكبر ميدان للنهب الحر في هذا الكوكب,ويعصف به الفساد الإداري والمالي والسياسي, وسعت لإبادة شعبه بين مهجر ومقتول ومعتقل وعاطل وجائع ومريض, هكذا خططت أمريكا لتحطيم العراق, وتصفير القدرة العربية وفق فلسفة اللعبة الصفرية , وقد نسفت معادلة التوازن العربي والإقليمي والنسق الدولي, بعد ان صنعت بيئة الحرب وتحولت اليوم من الحرب التقليدية الى الحرب المركبة وفق متطلبات تجارة الأمن ومكافحة الإرهاب والتي تدر أرباح خيالية تفوق أرباح النفط والذهب, وخسر العراق والكويت والعرب نسقهم الموحد.