الاثنين، 15 أغسطس 2011

مقال: هل تجتمع مصر وإيران فى سياق الصراع العربى الإسرائيلى؟



kolonagaza7

المصريون/ القاهرة/ 15/8/2011

السفير د.عبدالله الأشعل
القضية التى يناقشها هذا المقال بالغة الأهمية وهى أنه منذ بداية الصراع العربى الإسرائيلى كانت العلاقة بين مصر وإيران تتحدد بموقع الطرفين فى معسكر العرب أو معسكر إسرائيل وبعد قيام ثورة 25 يناير أصبح وارداً أن تجتمع مصر وإيران فى خندق واحد فى الصراع العربى الإسرائيلى فما هى معادلات الوضع الجديد وتحدياته؟ لكى نفهم دقة هذه المسألة يجب أن ندرس تطور العلاقة بين مصر وإيران فى ضوء تبادل المواقع والمعسكرات .فمنذ قيام إسرائيل التى اعترفت بها إيران اعترافاً رسمياً مع تركيا ضمن الدول الإسلامية التى رفضت حتى الآن أن تمنح إسرائيل هذا الاعتراف وحتى تولى السادات الحكم فى أواخر 1970 كانت إيران تؤيد إسرائيل فى إطار العلاقات مع الولايات المتحدة وعضوية إيران فى شبكة الاحلاف العسكرية الغربية فى المنطقة بينما كانت مصر التى حاولت مع غيرها إعاقة قيام إسرائيل فى فلسطين فى حرب 1948 فى المعسكر الداعم للحقوق العربية والمعادى للاستعمار والمطالب بتحرير العالم العربى منه ومن ربيبته إسرائيل وقد امتدا العداء المصرى إلى إيران لسببين الأول، هو صدقتها لإسرائيل والثانى، هو الصدام بين المد القومى العربى الذى لامس النفوذ الفارسى فى الخليج تحت شعار حماية الخليج من الأطماع الفارسية فكانت مصر فى العهد الناصرى هى الحامى للمصالح العربية ضد الاستعمار الغربى وضد إيران الحليف لهذا الاستعمار. المرحلة الثانية خلال حقبة السادات حتى قيام الثورة الإسلامية فى إيران فى فبراير 1979 كانت مصر وإيران فى معسكر واحد هو المعسكر الغربى وكانت علاقات السادات بالشاه علاقات حميمة ولذلك كان السادات خارج الدائرة العربية ويقترب من الدائرة الإسرائيلية والأمريكية والثابت الآن أن التقارب المصرى الإسرائيلى منذ زيارة القدس عام 1977 اخرجت مصر بالتدريج من العسكر العربى وأدخلتها إلى المعسكر الغربى دون أن تكون طرفاً فيه قبل اتفاقية السلام عام 1979 ولذلك فإن قيام الثورة الإسلامية فى إيران قد أدى إلى الإسراع فى إبرام اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بعد قيام الثورة بأسابيع قليلة فأصبحت إيران بعد الثورة تدعم الفلسطينيين وسوريا وتعادى إسرائيل ومصر قبل أن تحتل إسرائيل بيروت عام 1982 فتأيدها مصر وتعارضها إيران وتساهم فى إنشاء حزب الله الذى قاد المقاومة اللبنانية ضد إسرائيل منذ عام 1982. وكانت مصر قد عزلت فى العالم العربى بينما إيران انضمت إلى جبهة الصمود والتصدى للتطبيع مع إسرائيل ضد مصر فدخلت على خط الصداقة مع سوريا التى تحالفت مع إيران وكأن إيران قد خرجت من التحالف الغربى بثورتها ودخلت إلى الساحة العربية بعد أن هجرتها مصر. أما فى مرحلة مبارك من 1981 حتى 2011 تأرجحت العلاقات بين إيران ومصر وقد لوحظ أنها كانت تتوتر عادة كلما توترت العلاقات بين إيران وإسرائيل أو الولايات المتحدة وقد اختار مبارك أن يقف ضد إيران وأن يقف ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية وأن ينتقد دعم إيران لهذه المقاومة وأن يبرر عدوان إسرائيل على لبنان وغزة وأن يتماهى إلى حد بعيد مع الموقف الإسرائيلى وكان ذلك من أسباب القلق الإيرانى.فى كل هذه التطورات كانت إيران أكثر الاطراف شعوراً بالأمل فى أن تؤدى الثورة المصرية إلى تغيير أوضاع القوة فى المنطقة وخريطة التحالفات فيها وقد ارتفعت الاصوات المطالبة بتطبيع العلاقات مع إيران بل وإنشاء محور مصر إيران تركيا وفى هذه الحالة ليس ضرورياً أن يكون المحور ضد إسرائيل ولكنه لصالح العالم العربى بالضرورة ولهذا السبب فسوف تقاوم إسرائيل والولايات المتحدة كل تقارب مصرى إيرانى ولكن القضية فى مصر ليست التقارب مع إيران ولكن مدى قدرة مصر على أن تتخذ قراراً مستقلاً عن الحسابات الأمريكية والإسرائيلية. ومعنى ذلك أن التقارب المصرى الإيرانى التركى سوف يؤدى بالضرورة إلى تطبيع العلاقات العربية الإيرانية وإلى إزلة الاحتقان بين إيران والخليج العربى ولكنه سيؤدى من ناحية أخرى إلى تقليص الأوراق الأمريكية والإسرائيلية مثلما يؤدى إلى تعظيم الأوراق الفلسطينية وهو بالضرورة طرح من الأطماع الإسرائيلية فما هى التحديات التى تقف دون التقارب المصرى الإيرانى هذه المرة خاصة وأن التقارب المصرى الإيرانى سوف يؤدى إلى وجود مصر وإيران فى معسكر واحد فى الكثير من القضايا وهو وإن لم يكن موجهاً ضد إسرائيل فإن إسرائيل تعتبر هذا التقارب أكبر التحديات لمشروعها. وفى هذه الحالة فإن التقارب المصرى الإيرانى سوف يلامس قضية فلسطين وخاصة ملف المقاومة الذى تدعمه إيران ولذلك يكون دعم مصر للمقاومة مختلفاً عن نقد مصر لسلوك إسرائيل حيث يدخل هذا الدعم فى سياق مختلف. ثم أن وجود مصر وإيران فى معسكر واحد يتطلب استطراق المواقف فى المنطقة العربية.وأخيراً، إذا افترضنا وفق بعض ما قدمناه أن إيران عوضت سوريا بإنسحاب مصر من الساحة العربية فإن علاقة إيران بسوريا لم تدخل إيران إلى الساحة العربية على خلاف العلاقة بين إيران ومصر وفى هذه النقطة لا يجوز أن نغفل عن أن دول الخليج قد تتأثر بسياسات غربية فلاتنسجم مواقفها مع الموقف المصرى وهو بدا فى مصر بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات مع إيران والضغوط الخلجية والغربية التى تحاول إعادة الإعلان إلى مرحلة ما قبل الإعلان.بعبارة أكثر صراحة إذا كان القرن العشرون قد شهد وجود مصر وإيران فى المعسكر الغربى وضد القضية الفلسطينية فهل يشهد القرن الواحد والعشرون وجود مصر وإيران فى معسكر مستقل يقود المنطقة مع تركيا إلى عصر السلام العادل والاستقرار والازدهار الاقتصادى؟ هذا هو التحدى الكبير الذى تسعى إليه الشعوب فى مصر وإيران وفلسطين!.

مشاركة مميزة