الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

عن الهوية والتدين والشباب المغربي



kolonagaza7

مصطفى الخلفي

يثير البحث الميداني حول شباب اليوم في 2011 أسئلة كثيرة حول تحولات التدين وتفاعلات مكونات الهوية المغربية عند الشباب، ذلك أن هذا البحث الذي نشرت عدد من معطياته التفصيلية من قبل يومية «ليكونوميست» الأسبوع الماضي وقبلها في عدد خاص قدم نتائج استجواب أزيد من ألف شاب بين 15 و29 سنة موزعين على مجموع التراب الوطني ومن مختلف الفئات الاجتماعية، يقتضي وقفة خاصة لما حملته هذه المعطيات من عناصر غائبة عن عدد من الفاعلين في النقاش العمومي وتوجيه السياسات العمومية في المجالات ذات العلاقة بقضايا الهوية والدين والثقافة.بالرغم من أن توجهاته العامة حول حضور معتبر وفي بعض الحالات قوي للإسلام في تحديد الهوية وتوجيه السلوك الديني لم تحمل جديدا بالمقارنة مع البحوث الميدانية التي صدرت في السنوات الأخيرة حيث ساهمت في تأكيدها، إلا أنه في المقابل قدم مؤشرات عن طبيعة التحولات التي شهدها عالم الشباب في خمس سنوات وذلك بالمقارنة مع بحث ميداني أنجز من قبل من قبل نفس الجهة، ويتيح اليوم رصد عناصر التغير والثبات.من الصعب اختزال البحث أو التعامل بانتقائية مع بعض معطياته وتضخيمها كما فعلت اليومية نفسها في عدد الخميس الماضي عندما اقتصرت على موضوع الصلاة في المساجد جماعة أو يوم الجمعة باعتباره المؤشر الأبرز لقياس التدين الشبابي والتدليل على محدوديته رغم أن العودة إلى نتائج البحث التفصيلي تقدم صورة مغايرة كلية. هنا تنبغي الإشارة أن الظاهرة الاجتماعية معقدة ومركبة ومتعددة الأبعاد، وعدم الحرص على التركيب التكاملي بين المعطيات ينتج بناء تصورات مشوهة وإطلاقية غير نسبية. لنقف عند أهم المعطيات ذات الدلالة قبل أن مناقشتها:- بخصوص الهوية فإن 70 في المائة من الشباب المغربي يعتبرون أنفسهم مسلمين أولا ومغاربة ثانيا بنسبة 56 في المائة، وهي نفس النتيجة التي سبق أن خلص إليها بحث جامعي في أوساط التسعينيات لكل من رحمة بورقية وحسن رشيق ومحمد العيادي والمختار الهراس بحسب ما أشار إليه بحث ليكونوميست والذي أضاف أن الانتماء إلى الأمة الإسلامية يمثل ركنا أساسيا في البناء الهوياتي للشباب والذي ازداد قوة مع جيل 2011.- في الوقت الذي دافع فيه 29 في المائة من الشباب عن أن الدين عليه أن يقود الأحزاب السياسية مقابل 37 في المائة عبروا عن اعتراضهم وبقاء 37 في المائة بدون موقف، فإن المثير هو أن البيضاء بكثافتها السكانية الكبيرة ومعها الرباط تبنت العكس أي 43 في المائة من الشباب في البيضاء و50 في المائة في الرباط عبروا عن أن الدين عليه أن يقود الأحزاب، ولم تتغير النسبة إلا بسبب مواقف الشباب في فاس ومكناس وطنجة ووجدة، مع العلم أن هذا المؤشر يبقى نسبي بحكم الفروق بين عدد السكان بين هذه المناطق.- أن الموقف الإيجابي من الحجاب هو في تصاعد حيث أصبحت النسبة 66 في المائة مقابل 4 في المائة ممن عبروا عن موقف معارض له، وقبل خمس سنوات كانت النسبة هي 57 في المائة في صفوف المؤيدين.- أن 52 في المائة من الشباب يقبلون على الصلاة في المسجد مع تفاوت في الدرجة بين من يحرص عل ذلك دائما أو أحيانا أو نادرا مقابل 48 في المائة لا يصلون في المساجد، مع تعبير 49 في المائة عن محافظتهم على الصلاة بانتظام. وبالنسبة للجمعة ف 53 في المائة تحافظ بتفاوت مقابل 47 في المائة. - ثمة معطيات أخرى تهم من أسماهم البحث ب» النيو- مسلمين» حيث وضعت توليفة تجمع التدين بالانفتاح اعتبرتها تمثل أحد المكونات الغالبة عند الشباب المغربي.ما سبق جزء من مؤشرات دالة تقدم عناصر قوة وضعف في تدين الشباب المغربي، وتطرح تحديات على عموم المعنيين بهذا المجال، باعتبارها تقدم عناصر المفارقات القائمة بين نمو التدين في أبعاده التعبدية والعقدية وهشاشته في أبعاده الاجتماعية المرتبطة بالعلاقات والمعاملات، وهي مفارقات تطرح بحدة سؤال فعالية التأطير الديني والأخلاقي الموجه للشباب.

مشاركة مميزة