kolonagaza7
اليوم برس-كتب محمد خروب..
كان ضرورياً, وليس مجرد خيار مفتوح, أن يَعْقِد معارضو الداخل السوري مؤتمرهم العلني الأول في دمشق, كي يكتشفوا «حجمهم» وكي يسمعوا ويروا ويقرأوا, أنهم مجرد «العوبة» في يد النظام, وأنهم لا يمثلون المعارضة السورية أو مطالب الشعب السوري, بل وايضاً إن «نَبْذّاً» طالهم من قبل المعارضين «الجدد» أو قل معارضو الخارج, الذين لن ينسّقوا - ولم يكونوا ينسقون قبلاً - معهم..
ليس ما ورد سابقاً من عندياتنا, بل هو بعض ردود الفعل التي رافقت وتلت انعقاد مؤتمر سميراميس, ان صح أن ينسب لاسم الفندق الدمشقي الذي عقد فيه معارضو الداخل مؤتمرهم, وضم طيفاً واسعاً وعريضاً من أحزاب وشخصيات مستقلة وحزبية وثقافية وحقوقية ومنظمات مجتمع مدني, لا يجمعها سوى معارضتها للنظام القائم ووقوفاً على مسافة بعيدة عنه, ومعظمهم دفعوا ثمن معارضتهم تجويعاً وسجناً وتنكيلاً, لكنهم واصلوا معارضتهم ولم يسجل عليهم أنهم هادنوا النظام أو انضموا الى صفوفه عند تلويحه بالجزر وغير الجزر.. بل إن الدوائر السياسية والامنية والحزبية الرسمية لم تكن تحسب ذات يوم اي حساب لتشكيلات المعارضة الخارجية على كثرتها وتعدد انتماءاتها وتحالفاتها وتمويلها, خصوصاً تلك الموجودة في العواصم الغربية, بل ركزت كل جهودها وقمعها ضد رموز الداخل الذين هم «ملح» المعارضة وعنوانها الأصيل, وهم على اختلاف توجهاتهم من نالوا اهتمام الدوائر والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان (بصرف النظر عن طبيعة اهداف هذه المنظمات التي لا تعتمد معايير ثابتة ومحددة في مقاربتها لهذه المسألة, بل تكون السياسة هي التي تنظم عملها في غالب الأحيان).
الآن يخرج علينا معارضو الخارج (الذين توضع تحت تصرفهم وبكرم لافت تسهيلات غير مسبوقة اعلامية ولوجستية ومالية مصحوبة بضغوط سياسية ودبلوماسية) بخطاب لا ينكر على معارضي الداخل تمثيلهم بل وايضا حقهم في الاجتماع والمشاركة في النقاش الوطني السوري المفتوح على احتمالات عديدة, ليس اقلها انزلاق البلاد الى حرب اهلية وتعرضها الى تدخل خارجي عسكري, سيكون تدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا مجرد نزهة, لان الحديث هنا يدور حول سوريا, وكل من المنطقة والعالم يعرف حجم ومكانة سوريا عبر العصور في السياسة والجغرافيا والتاريخ وخصوصا في الموقع الجيوسياسي الذي يتحكم بـ«محاور مفصلية» عديدة يصعب انكاره او ابعاد الانظار عنه بهدف تضليل الجمهور والطمس على حقيقة المخطط الجاري, لتحييدها وخصوصا في ظل الحملة متعددة الجنسيات التي تُشن على سوريا والتي لا تأخذ سوى الجانب الامني الذي يتبناه النظام مع اغفال مقصود لعناصر الازمة الاخرى التي لا يمكن الحديث عن حلول او مقاربات سلمية تضع سوريا وشعبها على «سكة السلامة» دون التعاطي معها بشجاعة ومسؤولية، لأن تكريس سوريا دولة مدنية وديمقراطية وتعددية و«موحدة» (كما يجب تذكير من ينفخون في كير الطائفية والمذهبية والعرقية) لا يكون برمي القاذورات تحت السجادة, بل بفتح النوافذ والابواب ووضع كل معضلات البلاد (وهي كثيرة) تحت الاضواء والبحث والنقاش. هدف ارساء نموذج سياسي جديد, ينهض على مبدأ تداول السلطة (سلمياً ونبذ صريح للعنف) وحرية تشكيل الاحزاب واشاعة الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الاعلام وتعدديته, وهي أمور نحسب أن النظام بدأ يدرك ضرورتها في سوريا ما بعد 15 اذار, حيث لا يمكن لعقارب الساعة ان تعود الى الوراء, لكن من الصعب في الآن ذاته, الاعتقاد بأن النظام سيُقْدِم على تنازلات كهذه, فيما معارضو الخارج لا يقبلون بغير «اسقاطه» ويقومون في الآن ذاته بتخوين معارضي الداخل, والتقليل من شأن تضحياتهم والغمز من قناة شخصيات مناضلة بحجم ميشيل كيلو أو عارف دليلة أو لؤي حسين, واعتبار أن قضاء بعضهم عشر سنوات (أكثر أو أقل) لا تمنحهم «حق» الاجتماع أو ابداء الرأي أو حتى الزعم بأنه معارض..
امراض المعارضات العربية تجد نفسها في النموذج السوري الراهن مجسّدة على «أبهى» درجات الانقسام والخواء والادعاء والانانية والفكر الاحادي, الذي يرفض الآخر (المعارض) واحتكار الوطنية, ولعل ما كشفه المعارض السوري الدكتور محي الدين اللاذقاني عن البيان الذي صدر عن تنسيقية لجان الثورة, يكفي للاضاءة على الكيفية التي تدار بها المعارضة الخارجية «... البيان صدر من غرفة واحدة في لندن يديرها الاخوان المسلمون»..
هنا تكمن المشكلة, ليس في حرمان اخوان سوريا من حقهم في المعارضة, بل في السؤال عمّا اذا كانوا يعترفون بحق غيرهم في المعارضة والاختلاف معهم في القراءة والمقاربة, لأن معارضي الداخل هم الذين يدركون حجم الهوة السحيقة التي تنتظر سوريا وشعبها, اذا ما تواصلت الازمة الراهنة فصولاً, دون أفق سياسي ينهض على الحوار الوطني الشامل مع عدم استبعاد أحد.
ليس ما ورد سابقاً من عندياتنا, بل هو بعض ردود الفعل التي رافقت وتلت انعقاد مؤتمر سميراميس, ان صح أن ينسب لاسم الفندق الدمشقي الذي عقد فيه معارضو الداخل مؤتمرهم, وضم طيفاً واسعاً وعريضاً من أحزاب وشخصيات مستقلة وحزبية وثقافية وحقوقية ومنظمات مجتمع مدني, لا يجمعها سوى معارضتها للنظام القائم ووقوفاً على مسافة بعيدة عنه, ومعظمهم دفعوا ثمن معارضتهم تجويعاً وسجناً وتنكيلاً, لكنهم واصلوا معارضتهم ولم يسجل عليهم أنهم هادنوا النظام أو انضموا الى صفوفه عند تلويحه بالجزر وغير الجزر.. بل إن الدوائر السياسية والامنية والحزبية الرسمية لم تكن تحسب ذات يوم اي حساب لتشكيلات المعارضة الخارجية على كثرتها وتعدد انتماءاتها وتحالفاتها وتمويلها, خصوصاً تلك الموجودة في العواصم الغربية, بل ركزت كل جهودها وقمعها ضد رموز الداخل الذين هم «ملح» المعارضة وعنوانها الأصيل, وهم على اختلاف توجهاتهم من نالوا اهتمام الدوائر والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان (بصرف النظر عن طبيعة اهداف هذه المنظمات التي لا تعتمد معايير ثابتة ومحددة في مقاربتها لهذه المسألة, بل تكون السياسة هي التي تنظم عملها في غالب الأحيان).
الآن يخرج علينا معارضو الخارج (الذين توضع تحت تصرفهم وبكرم لافت تسهيلات غير مسبوقة اعلامية ولوجستية ومالية مصحوبة بضغوط سياسية ودبلوماسية) بخطاب لا ينكر على معارضي الداخل تمثيلهم بل وايضا حقهم في الاجتماع والمشاركة في النقاش الوطني السوري المفتوح على احتمالات عديدة, ليس اقلها انزلاق البلاد الى حرب اهلية وتعرضها الى تدخل خارجي عسكري, سيكون تدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا مجرد نزهة, لان الحديث هنا يدور حول سوريا, وكل من المنطقة والعالم يعرف حجم ومكانة سوريا عبر العصور في السياسة والجغرافيا والتاريخ وخصوصا في الموقع الجيوسياسي الذي يتحكم بـ«محاور مفصلية» عديدة يصعب انكاره او ابعاد الانظار عنه بهدف تضليل الجمهور والطمس على حقيقة المخطط الجاري, لتحييدها وخصوصا في ظل الحملة متعددة الجنسيات التي تُشن على سوريا والتي لا تأخذ سوى الجانب الامني الذي يتبناه النظام مع اغفال مقصود لعناصر الازمة الاخرى التي لا يمكن الحديث عن حلول او مقاربات سلمية تضع سوريا وشعبها على «سكة السلامة» دون التعاطي معها بشجاعة ومسؤولية، لأن تكريس سوريا دولة مدنية وديمقراطية وتعددية و«موحدة» (كما يجب تذكير من ينفخون في كير الطائفية والمذهبية والعرقية) لا يكون برمي القاذورات تحت السجادة, بل بفتح النوافذ والابواب ووضع كل معضلات البلاد (وهي كثيرة) تحت الاضواء والبحث والنقاش. هدف ارساء نموذج سياسي جديد, ينهض على مبدأ تداول السلطة (سلمياً ونبذ صريح للعنف) وحرية تشكيل الاحزاب واشاعة الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الاعلام وتعدديته, وهي أمور نحسب أن النظام بدأ يدرك ضرورتها في سوريا ما بعد 15 اذار, حيث لا يمكن لعقارب الساعة ان تعود الى الوراء, لكن من الصعب في الآن ذاته, الاعتقاد بأن النظام سيُقْدِم على تنازلات كهذه, فيما معارضو الخارج لا يقبلون بغير «اسقاطه» ويقومون في الآن ذاته بتخوين معارضي الداخل, والتقليل من شأن تضحياتهم والغمز من قناة شخصيات مناضلة بحجم ميشيل كيلو أو عارف دليلة أو لؤي حسين, واعتبار أن قضاء بعضهم عشر سنوات (أكثر أو أقل) لا تمنحهم «حق» الاجتماع أو ابداء الرأي أو حتى الزعم بأنه معارض..
امراض المعارضات العربية تجد نفسها في النموذج السوري الراهن مجسّدة على «أبهى» درجات الانقسام والخواء والادعاء والانانية والفكر الاحادي, الذي يرفض الآخر (المعارض) واحتكار الوطنية, ولعل ما كشفه المعارض السوري الدكتور محي الدين اللاذقاني عن البيان الذي صدر عن تنسيقية لجان الثورة, يكفي للاضاءة على الكيفية التي تدار بها المعارضة الخارجية «... البيان صدر من غرفة واحدة في لندن يديرها الاخوان المسلمون»..
هنا تكمن المشكلة, ليس في حرمان اخوان سوريا من حقهم في المعارضة, بل في السؤال عمّا اذا كانوا يعترفون بحق غيرهم في المعارضة والاختلاف معهم في القراءة والمقاربة, لأن معارضي الداخل هم الذين يدركون حجم الهوة السحيقة التي تنتظر سوريا وشعبها, اذا ما تواصلت الازمة الراهنة فصولاً, دون أفق سياسي ينهض على الحوار الوطني الشامل مع عدم استبعاد أحد.