الاثنين، 8 أكتوبر 2012

ترتيب الأوضاع لمواجهة تداعيات الأزمة السورية

kolonagaza7
جاسر عبد العزيز الجاسر
مع تواصل واستمرار الأزمة السورية التي أخذت تداعياتها تتوسع وتمتد إلى الدول المجاورة، وتوقعات بامتدادها إلى أبعد من ذلك لتشمل الإقليم بل وإلى أبعد من الإقليم، حيث أخذ المحللون الإستراتيجيون يوسعون الأفق الجيوسياسي وبدؤوا يربطون بين إقليم الشرق الأوسط الكبير بمنطقة آسيا الوسطى من خلال ربط ما يحدث في المنطقة العربية برواقات الأمن ذات العلاقة بالأمن الروسي والأمن الأوروبي على حدٍ سواء.
إن امتداد الاضطرابات ووصول تداعيات الأزمة السورية إلى إيران سينقل العدوى إلى جمهوريات آسيا الوسطى ويعرقل جهود ترتيب الأوضاع في أفغانستان، وهذا ما سيشكل ضغطاً أمنياً على روسيا التي يتأثر أمنها بشكل كبير إذا ما امتدت تأثيرات الأزمة السورية إلى دول آسيا الوسطى التي تشكل الرواق الأمني لروسيا فضلاً عن تأثر الأوضاع في القوقاز الخاصرة الأضعف في الأمن الروسي والأكثر تأثراً بما يحدث في الجمهوريات الإسلامية.
في الجانب الآخر امتداد الأزمة السورية نحو الشمال وبالتحديد صوب تركيا سيفرض على الغرب تدخلاً ومشاركة في تبعات هذا التداعي، ليس فقط لأن تركيا عضو في الحلف الأطلسي الذي هو حلف غربي في المقام الأول، بل لأن النيران ستكون قد وصل اشتعالها إلى رواق الأمن الغربي.
أما تأثيرات توسع المناوشات الحدودية على الحدود الأردنية السورية والحدود اللبنانية السورية ما ينطوي ذلك من أخطار بتوريط هذين البلدين مع محاولات جر العراق إلى المشاركة في تداعيات الأزمة سواء من خلال الضغوط الإيرانية على حكومة نوري المالكي بدعم نظام بشار الأسد بالمال وتسهيل مرور الأسلحة والعناصر القتالية الإيرانية للعراق، أو من خلال تدفق مقاتلي القاعدة والجهاديين من العراق إلى سوريا للقتال إلى جانب الثوار السوريين. كل هذا يجعل من المنطقة العربية مرشحة للانضمام إلى مسرح عمليات الأزمة السورية والتي أصبحت منطقة خلفية لهذا المسرح منذ وقت ليس بالقصير.
أمام هذه التخوفات المبنية على دراسات وتوقعات إستراتيجية، بدأت الدول تسعى إلى عقد تحالفات لمواجهة أخطار المرحلة القادمة، ويبرز في هذا السياق الجهد الذي تقوم به إيران لإحياء ما تسميه بـ»جبهة الممانعة» التي تريد تقويتها بضم العراق إلى سوريا وذراعها العسكري في لبنان حزب نصر الله وبوجودها كموجه ومفعل لهذه الجبهة تعمل أيضاًَ على ربط هذه الدول بروسيا كظهر إستراتيجي يوفر الدعم السياسي الدولي والسلاح.
وقد شهدت الأيام الماضية تحركات إيرانية ضاغطة على العراق تمثلت في سلسلة من الزيارات لوزراء مهمين إيرانيين آخرهم وزير الدفاع الإيراني الذي شكلت زيارته تطوراً ملفتاً رافقها الحديث أكثر من مرة عن تفعيل الاتفاقيات الأمنية والعسكرية بين بغداد وطهران، كما لفتت انتباه المتابعين الزيارة التي قام بها وزير الدفاع العراقي بالوكالة سعدون الدليمي إلى موسكو والتي استمرت أكثر من شهر لبحث شراء أسلحة روسية تشمل طائرات وأنظمة دفاع جوي صاروخي ودبابات. ويربط المراقبون بين هذه الزيارة ومحاولات إيران بدمج العراق ضمن منظومة «الممانعة» وتحرير حكومة المالكي من الضغوط الأمريكية وجعل بغداد أقرب إلى موسكو وطهران منها إلى واشنطن.
الطرفان الآخران الغرب والعرب لهم أيضاً محاولاتهم وترتيباتهم التي سنتناولها غداً.

مشاركة مميزة