الخميس، 12 أغسطس 2010

سيد المقاومة ... ضمانة الوطن

kolonagaza7
أدهم نصار / حقوقي لبناني/ باحث في شرق المتوسط للدراسات والاعلام
قلة من الرجالات والقيادات والزعامات التي تشكل رافعة لمجتمع او وطن او امة ، وذلك مرده للتقدير الكبير الذي يتكرس في معايير العلاقة السوية بين القائد والجمهور ، في مسيرة خدمة الوطن والتضحية والفداء في سبيله .
والقائد القادر هو الذي يجعل جمهوره يطيعه كامل الطاعة عن تعقل ومعرفة ووعي ، ويجعل من هذا الوعي ضابطة تجعله ملتزما بالضوابط وبالمواطنية والانتماء والخيار الواعي والقويم.
وبناء الجمهور الواعي يحتاج الى القيادة المتصفة بالاخلاص والصدق، والى شخصية مميزة تعتمد الذكاء العقلي والتحصيل المعرفي متلازما مع الذكاء العاطفي الوجداني ، والتي تجعله يحنو ويشفق على جمهوره ويحرص على مصالحه فيبادله الحب والاخلاص .
وابرزالقادة في وطننا وحاضرنا السيد حسن نصرالله ، الذي شكل وعي الجمهور من خلال جملة التصورات المجبولة بالمشاعر والعواطف الجياشة ، والوعي والادراك المنضبط والملتزم والمحكوم بمصلحة الوطن والمواطن وكرامته وسيادته ، فقدم الفهم الحقيقي والموضوعي لاهمية وطنه وامته اللبنانية من خلال تحديده للخصائص اللتي يقوم عليهما هذا الوطن ووجوده وبقاءه واستقراره .
وفي كل مناسبة ، تجده يكرر الحديث عن هذه الخصائص ، التي تتمثل بالعداء للكيان الاسرائيلي المحتل ، والذي يفترض ضرورة وجود المقاومه للتحرير وللدفاع عنه وحمايته الى جانب الجيش اللبناني الوطني . مدعوما بالشعب الذي يتميز بالتنوع الطائفي والمذهبي وبالخصوص الوجود المسيحي كضرورة للشراكة والمنعة . ليؤكد على العيش المشترك والوطن النهائي لجميع اللبنانيين ، وضرورة اجتماع وتالف عائلات الوطن وطوائفه ومذاهبه لبناء الدولة العادلة القادرة ، فاصبح جمهوره طيعا وفاهما ومتفهما للاحداث مهما كانت خطورتها ، ومتوازنا في حكمه عليها او في تقدير ردات فعله امامها ، خلافا للمتزعمين الذين تحكم علاقتهم بجمهورهم ، المصالح والمنافع الفردية والتوريث العائلي للزعامة ، او التي تعبر عن مصالح عشائرية وقبلية وطائفية ومذهبية وانعزالية .
لذلك نشات له علاقة مميزة مع محازبيه وجمهوره في الوطن وخارجه، وفي طائفته والطوائف الاخرى. فكان القدوة في الصدق والتضحية والعطاء والبذل بكل عزيز، وكان رجل قول وفعل في سلوكه وحركته . حتى شهد له بذلك العدو قبل الصديق. واثبت هذا الجمهور وهذا الحزب هذه الطاعة والوعي والتضحية في محطات واحداث كبرى ، كادت تلقي بالوطن في آتون فتنة الصراعات والنزاعات المذهبية والطائفية . ، وكان هذا الجمهور بوعيه وايمانه بحكمة قيادته ، يحبط ويسقط الرهانات على الفتنة . فشكل ضابطة للسلم الاهلي ومانعا من تفكك الكيان اللبناني .، فمن مجزرة جسر المطار في 13 ايلول 1993 التي سقط فيها الشهداء والجرحى وتم استيعابها وضبط ردات فعلها ، وصولا الى عام التحرير وكلامه عن انتصار الوطن ، بقوله في احتفال بنت جبيل عام 2000 م " ..أن هذا انتصار لكل اللبنانيين .. هذا ليس انتصار طائفة وانهزام طائفة. ..هذا انتصار للبنان، وهذه المقاومة كانت قوة للوطن، وستبقى قوة للوطن" ... لبنان الجديد وطن للعيش المشترك الحقيقي، فلن يسمح بعد اليوم مسلم ولا مسيحي للصهاينة بأن يلعبوا بنا.. بأجيالنا.. بشبابنا.. لبنان الجديد هو وطن للشدة في وجه الغزاة، ووطن للرحمة في تعاطي أهله وفئاته وطوائفه بعضهم مع بعض .. ".
كان السيد نصرالله الضابطة والضمانة وسحب فتائل التفجير الداخلي ابان الاحداث التي حصلت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، حيث حاول العالم ولا يزال يحاول ضمن الاستراتيجية الاسرائيلية - الاميركية للفوضى ، ان يثير الفتن الطائفية و المذهبية في لبنان والمنطقة ، وحتى الآن السيد وحزبه وجمهوره نجحوا في افشال هذه الفتن . من خلال ضبط النفس و التاكيد على الحوار والعيش المشترك في الوطن الواحد والدولة المركزية . وتوصل الى صياغة توقيع وثيقة تفاهم مع زعيم التيار الوطني الحر في كنيسة مار مخايل . منعا للانقسام والتهميش بين اطراف التركيبة اللبنانية ، وتاكيدا على الشراكة بين مكوناته.وحرب تموز 2006 وما جرى فيها ومن تآمر فيها وتمنى حصولها على المقاومة، وما صدر من كلام ومواقف مخجلة من بعض القادة العرب والزعماء المحليين ، كظم السيد نصرالله وجمهوره غيظهم وواجه بعزم وصمود وتضحية وارادة مطمئنة بان النصر آت. ولم يعترف المتضررون من نصر المقاومة بهذا النصر رغم اعتراف العدو بالهزيمة ، ورغم ذلك لم يتغير الخطاب والموقف السياسي للسيد نصرالله وحزبه ، بل كرر ان الانتصار هو انتصار الوطن بجميع شرائحه ومذاهبه وطوائفه ، دون اي ردة فعل اتجاه المتهجمين والمنتقصين من النصر الذي بشر به .واصرت المجموعة الحاكمة على سياسة التهميش والاستفراد يوم استقال وزراء المقاومة بعد تهميش موقع تمثيل المسيحيين الصحيح في الحكومة ، وبدعم خارجي عربي واجنبي جرى تهميش جمهور المقاومة المضحي، وحامي الحدود الجنوبية في مواجهة الإعتداءات الإسرائيلية ،وشريحة اساسية من التركيبة الفريدة للكيان اللبناني ، ومع ذلك استمرت عملية المحافظة على الوطن ووحدته ، ومنع الصدام والانجرار الى الفتنة التي تنقلت ، ابان الاعتصام السلمي . من اعتداءات راس النبع - شاتيلا وصولا الى اعتداءات. الجامعة العربية وطريق الجديدة والمدينة الرياضية، وصولا الى ضحايا مارمخايل - عين الرمانة ، وحفاظا على السلم الاهلي والعيش المشترك ، ضبط السيد نصرالله جمهوره رغم كل الآلام والمعاناة بصبر القادر والقوي ومنع ان تفلت الامورعلى غاربها .وحبل الفتن ملقى والمحاولات للفتنة لم تتوقف ، فحين لم تفلح المؤامرة بضرب السلم الاهلي وايقاع الفتنة الطائفية والمذهبية ، جاءت الفتنة بقرار مشؤوم صدر عن الحكومة اللبنانية غير الميثاقية في الخامس من ايار 2008، وهذا القرار اراد ان يضرب الخاصية الاولى والاهم في تشكل الكيان اللبناني وهي خاصية المقاومة حامية الوطن والحدود بالتعرض لاهم اسلحتها وهو سلاح الاتصالات ، فكان قرارا لا يمكن السكوت عليه لانه قرار لا يحتمله الواقع اللبناني كونه يفقد الوطن اهميته واحد اهم اسباب وجوده وهو مقاومة العدو المحتل واعتداءاته .وكأن من اصدر القرار نسي او تناسى كافة الرسائل والتحذيرات ، التي جاءت في خطابات السيد على مدى سنوات بقوله "...ان اي يد تمتد الى سلاح المقاومة هي يد اسرائيلية .. سنقطعها ..." لذلك كان قرارا مشؤوما سبب احداثا اليمة في السابع من ايار 2008 ، ، ليعود اللبنانيون الى منطق الشراكة ، بعد اتفاق الدوحة ، فكان بذلك ضابطا للعيش المشترك وبقاء اللبنانيين متمسكين بالسلم الاهلي .
وتستمر ابواق الفتنة بوجهها الاسود ورجالها الاقزام ، محاولة استغلال المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الحريري، وبايعاز اميركي – اسرائيلي ، يتم توجيه المحكمة الدولية لاستصدار قرار ظني بحق حزبيين من حزب الله ، تساعده جوقة صبية كورس السفارة الاميركية في بيروت بقيادة الميسترو فيلتمان ، محاولة النيل من المقاومة واثارة الفتنة في لبنان والمنطقة ، متطاولة على المقاومة وسيدها ساعية للنيل من كلامه ومواقفه لتنزل به الى مستواها بتصريحات اقصى علو قد تصله لايكاد يصل شأو ركاب السيد ، وكان اولى بها ان تصمت ولا تضع نفسها موضع التهم بدفاعها عن محكمة ، لم تكتسب يوما مصداقية ، ولا قضاتها مارسوا ادنى حرفية العمل القضائي، من رفض محاكمة شهود الزور الى اتهام سوريا ثم تبراتها الى اعتقال الضباط الاربع ثم تبراتهم ، وربط ادلة اتهام بقاعدة معلومات محطة اتصالات الخليوي التي كشف مؤخرا انها تحت سيطرة العدو الاسرائيلي من خلال انكشاف شبكات عملائه في شركة الفا الخليوية ، فكيف باحقاق الحق والعدالة .مثلت قيادة السيد وحزبه لجمهور المعارضة ضابط ايقاع ، وضمان لاستمرار لبنان في حدود التفاهمات بين مكوناته ، وتواصله مع محيطه العربي والاسلامي ، واتصاله بقضية الامة قضية الشعب الفلسطيني وارضه . وتقديم الولاء للبنان على الاملاءات الاجنبية ، التي تريد ان يدفع اللبنانيون ابناءهم ثمنا لمصالحهم في حرب مقنّعة طائفية مذهبية تمزق الوطن اشلاء .ان قيادته للمقاومين ظاهرة ليست عادية ولا من كثرة في مثيلاتها ، لانها موضوعية وبعيدة عن العاطفة والمغالاة . و نموذجا جديدا للقيادة المنتصرة في البيئة الاقليمية والمحلية ، مقابل نموذج الزعماء والقادة والحكام المهزومين وصغار المتعاملين مع العدو، محليين وعرب ونموذجا للتجربة السياسية المقاومة برمتها في أوطانهم. ويبقى السيد نصرالله كالنخيل يعطي اطيب الثمر بتواضعه وحياءه ، يقف امام جمهوره قائدا صادقا ، يحيي جمهوره ويمازحه ويشد في عزيمته ويعطيه الامل والتوجيه .. ليقوده من نصر الى نصر بصدق وعزيمة .
فكل التحية للمقاومة وسيدها في عيد النصر والمقاومة في الذكرى الرابعة لعملية الوعد الصادق .

مشاركة مميزة