الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

حكم مقاطعة العدو الصهيوني وأمريكا

kolonagaza7
للشيخ يوسف القرضاوي
الحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهداه.(أما بعد)فمما ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة: أن الجهاد لتحرير أرض الإسلام ممنيغزوها ويحتلها من أعداء الإسلام واجب محتم وفريضة مقدسة، على أهل البلادالمغزوة أولاً، ثم على المسلمين من حولهم إذا عجزوا عن مقاومتهم، حتىيشمل المسلمين كافة.فكيف إذا كانت هذه الأرض الإسلامية المغزوة هي القبلة الأولى للمسلمين.وأرض الإسراء والمعراج، وبلد المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله؟ وكيفإذا كان غزاتها هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا؟ وكيف إذا كانت تساندهاأقوى دول الأرض اليوم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، كما يساندهااليهود في أنحاء العالم؟إن الجهاد اليوم لهؤلاء الذين اغتصبوا أرضنا المقدسة، وشردوا أهلها منديارهم، وسفكوا الدماء، وانتهكوا الحرمات، ودمروا البيوت، وأحرقواالمزارع، وعاثوا في الأرض فسادا..هذا الجهاد هو فريضة الفرائض، وأول الواجبات على الأمة المسلمة في المشرقوالمغرب. فالمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، وهم أمةواحدة، جمعتهم وحدة العقيدة، ووحدة الشريعة، ووحدة القبلة، ووحدة الآلاموالآمال كما قال تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة) (إنما المؤمنون إخوة)وفي الحديث الشريف: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله".وهانحن نرى اليوم إخواننا وأبناءنا في القدس الشريف، وفي أرض فلسطينالمباركة، يبذلون الدماء بسخاء، ويقدمون الأرواح بأنفس طيبة، ولا يبالونبما أصابهم في سبيل الله، فعلينا ـ نحن المسلمين في كل مكان ـ أن نعاونهمبكل ما نستطيع من قوة (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) (وتعاونواعلى البر والتقوى).ومن وسائل هذه المعاونة: مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية مقاطعةتامة، فإن كل ريال أو درهم أو قرش أو فلس، نشتري به سلعهم يتحول إلىرصاصة تطلق في صدور إخواننا وأبنائنا في فلسطين.لهذا وجب علينا ألا نعينهم على إخواننا بشراء بضائعهم، لأنها إعانة علىالإثم والعدوان.لما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه، ثم خرج معتمرًا، فلما قدممكة، قالوا: أصبوت يا ثمامة؟ فقال: لا، ولكني اتبعت خير الدين، دين محمد،ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى اللهعليه وسلم. ثم خرج إلى اليمامة، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا، فكتبواإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعتأرحامنا، وقد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فكتب رسول الله صلىالله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل .والبضائع الأمريكية مثل البضائع الإسرائيلية في حرمة شرائها والترويجلها. فأمريكا اليوم هي إسرائيل الثانية. ولولا التأييد المطلق، والانحيازالكامل للكيان الصهيوني الغاصب ما استمرت إسرائيل تمارس عدوانها على أهلالمنطقة، ولكنها تصول وتعربد ما شاءت بالمال الأمريكي، والسلاح الأمريكي،والفيتو الأمريكي.وأمريكا تفعل ذلك منذ عقود من السنين، ولم تر أيَّ أثر لموقفها هذا، ولاأي عقوبة من العالم الإسلامي.وقد آن الأوان لأمتنا الإسلامية أن تقول: لا، لأمريكا. ولبضائعها التيغزت أسواقنا، حتى أصبحنا نأكل ونشرب ونلبس ونركب مما تصنع أمريكا.إن الأمة الإسلامية التي تبلغ اليوم مليارًا وثلث المليار من المسلمين فيأنحاء العالم يستطيعون أن يوجعوا أمريكا وشركائها بمقاطعتها. وهذا مايفرضه عليهم دينهم وشرع ربهم.فكل من اشترى البضائع الإسرائيلية والأمريكية من المسلمين، فقد ارتكبحرامًا، واقترف إثمًا مبينًا، وباء بالوزر عند الله، والخزي عند الناس.إن المقاطعة سلاح فعال من أسلحة الحرب قديمًا وحديثًا، وقد استخدمهالمشركون في محاربة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فآذاهم إيذاءًبليغًا.. وهو سلاح في أيدي الشعوب والجماهير وحدها، لا تستطيع الحكوماتأن تفرض على الناس أن يشتروا بضاعة من مصدر معين.فلنستخدم هذا السلاح لمقاومة أعداء ديننا وأمتنا، حتى يشعروا بأنناأحياء، وأن هذه الأمة لم تمت، ولن تموت بإذن الله.على أن في المقاطعة معاني أخرى غير المعنى الاقتصادي: أنها تربية للأمةمن جديد على التحرر من العبودية لأدوات الآخرين الذين علموها الإدمانلأشياء لا تنفعها، بل كثيرا ما تضرها…. وهي إعلان عن أخوة الإسلام، ووحدةأمته، وأننا لن نخون إخواننا الذين يقدمون الضحايا كل يوم، بالإسهام فيإرباح أعدائهم. وهي لون من المقاومة السلبية، يضاف إلى رصيد المقاومةالإيجابية، التي يقوم بها الإخوة في أرض النبوات، أرض الرباط والجهاد.وإذا كان كل يهودي يعتبر نفسه مجندًا لنصرة إسرائيل بكل ما يقدر عليه.فإن كل مسلم في أنحاء الأرض مجند لتحرير الأقصى، ومساعدة أهله بكل مايمكنه من نفس ومال. وأدناه مقاطعة بضائع الأعداء. وقد قال تعالى: (والذينكفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).وإذا كان شراء المستهلك للبضائع اليهودية والأمريكية حرامًا وإثمًًا، فإنشراء التجار لها ليربحوا من ورائها، وأخذهم توكيلات شركائهم أشد حرمةوأعظم إثمًا، وإن تخفت تحت أسماء يعلمون أنها مزورة، وأنها إسرائيليةالصنع يقينًا.(فلا تهنوا وتدعو إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركمأعمالكم).اللهم بلغت ؛ اللهم فاشهد

مشاركة مميزة