الأربعاء، 11 أغسطس 2010

إسرائيليات القرن الواحد والعشرين


kolonagaza7
د. فايز أبو شماله
أنا لست واعظاً، ولا ضليعاً في علوم الدين، ولكنني أغار على الإسلام والمسلمين الذين أنتمي إليهم، قرأت القرآن بتمعنٍ، واستمعت إلى تفسيره، وتحليل كثير من آياته، ولكنني اطلعت جيداً على كتاب اليهود "التناخ"، وأكاد أدرك مضمون الوجدان اليهودي، ولاسيما بعد دراستي للشعر العبري بكافه ألوانه؛ سواء الداعي للسلام، أو ذاك المتطرف الذي ينادي بأرض إسرائيل التاريخية، أو التوراتية، وبعد إطلاعي على كافه جوانب الشعر العبري الفنية، والدينية، والتراثية والوطنية والنفسية، كل ذلك كان له الأثر الكبير على طريقه تفكيري، ونظرتي الواعية لإستراتيجية اليهود، وهذا الذي أثار انتباهي لخبر تناقلته وسائل الإعلام يقول: "لأول مرة تقوم مجموعة غربية من المتخصصين في مقارنة الأديان بإثبات نبوءة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ورسالته في التوراة "العهد القديم"، وذلك من خلال فيلم وثائقي باللغة الإنجليزية مصحوبًا بترجمة عربية. كما يتعرض الفيلم من خلال الدلائل، والمتخصصين في التوراة واللغة العبرية إلى ورود اسم النبي "محمد" في إصحاحات تمت ترجمتها بشكل خاطئ في الزمن السابق، وذلك من أجل إنكار رسالة الإسلام".
قد يكون نشر مثل هذا الخير مفرحاً لبعض المسلمين؛ الذين سيتناقلون فيما بينهم الاعتراف اليهودي بصحة الإسلام وكأنه نصر كبير! والصحيح هو: أن اليهود يسعون لتأكيد صحة دينهم هم من خلال تأكيدهم لصحة الإسلام، ويكفي اليهود أن يردد بعض المسلمين مقوله: لقد أكد حاخامات اليهود صحة الدين الإسلامي، ليكتسب اليهود بهذه العبارة المكانة العالية التي تؤهلهم لإعطاء الشرعية للدين الإسلامي، أو عدم إعطائه الشرعية فيما بعد، في حين أن الإسلام قد وصل إلى ما وصل إليه دون حاجه إلى شهادة اليهود.
أما سياسياً؛ فإن تشريع اللقاء الإسلامي اليهودي تحت مسمى "لقاء الأديان" لهو الهدف من وراء نشر مثل هذا الخبر، ففي مثل هكذا لقاءات يتم تغييب أصل الصراع الدائر على الأرض الفلسطينية، وتصير اليهودية المحرفة نداً عقائدياً للإسلام، ويصير صراع الوجود نزاعاً على بعض القضايا الخلافية التي يمكن التغلب عليها وتجاوزها.
أن يبقى اليهود ينكرون حقيقة رسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فيه تأكيد على صحة رسالته، وينسجم مع أحاديث الرسول عن اليهود، ووصفه لهم، وسلوكهم، وتصرفه معهم، وما عدا ذلك فهو إسرائيليات القرن الواحد والعشرين.

مشاركة مميزة