الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

عودة لمفاوضات معروفة الأهداف والنتائج

kolonagaza7

تتمثل في مخاوف اندلاع انتفاضة جديدة في الأراضي المحتلة
إنه تفاوض مطلوب لكي يغطي عمليات التنسيق الأمني ومشروع "السلام الاقتصادي"

ياسر الزعاترة
لا مفاجأة على الإطلاق، فمن اعتبروا "الحياة مفاوضات" لم يقولوا الحقيقة كاملة، وخلاصتها أن المفاوضات هي الحياة بالنسبة لسلطة لا يمكنها أن تفعل شيئاً غير التفاوض، وما دامت في أمس الحاجة إليها كي تقنع الشارع بأنها تفعل شيئاً من أجل الحصول على الدولة الموعودة بمواصفاتها المعروفة.
تلك هي خلاصة الحكاية التي مللنا من تكرارها، وإن وجدنا حاجة إلى ذلك وسط زفة "البروباغندا" التي لا تتوقف، والتي يشارك فيها مع الأسف أتباع يتوزعون في كل مكان، بما في ذلك مواقع الإنترنت يمارسون الشتائم بحق معارضيهم، ويذكّرون بأخطاء حماس (بالحق والباطل)، مع أنهم يدركون أن أحداً لا يملك عنوان القضية وأوراقها وشرعيتها (مع الأسف بالطبع) غير أصحابهم الذين يبيعونها بثمن بخس "دراهم معدودة" ومكاسب هزيلة ووعود معروفة ليس من بينها الدولة بالمواصفات التي يرددونها بين الحين والآخر كدليل على تمسكهم بالثوابت التي ليس من بينها بالطبع 78 في المئة من أرض فلسطين التاريخية أصبحت حلالاً زلالاً لليهود أمام العالم أجمع.
لا قيمة هنا لحكاية الضغوط "الرهيبة" التي مورست عليهم من أجل العودة للتفاوض، لأن التفاوض يجري كل يوم في مقر المقاطعة ومكاتب التنسيق الأمني، فهذا هو التفاوض الحقيقي الذي يصل إلى نتيجة عملية، أما التفاوض الآخر أمام الشاشات فله أهداف أخرى يعرفها أولو الأمر تمام المعرفة، كما يعرفون أنه لن يصل إلى صفقة نهائية لأن قبول ما يعرضه نتنياهو يعني الانتحار السياسي المعلن.
إنه تفاوض مطلوب لكي يغطي عمليات التنسيق الأمني ومشروع "السلام الاقتصادي" الذي يتحرك على الأرض، وهو ذات الدولة المؤقتة التي ستغدو بمرور الوقت دائمة تعيش مع جارتها نزاعاً حدودياً مثل عشرات النزاعات الحدودية المنتشرة في العالم، وسيكون بوسع السادة الأشاوس أن يقولوا للناس إنهم لم يتنازلوا عن الثوابت لأنهم لا يزالون يطاردونها عبر الضغط على "العدو" من خلال المجتمع الدولي.لقد قبل القوم منذ أوسلو حقيقة أن المرجعية الحقيقية للمفاوضات هي ما يتفق عليه الطرفان وليس القرارات الدولية، ومنذ ذلك الحين لم يعد ثمة قيمة لأي حديث عن المرجعيات حتى لو تكرر بين حين وآخر في رسالة من هنا أو هناك، مع أن الرسائل عادة ما تخدم الطرفين، وإلا فأين يمكن وضع رسالة الضمانات التي قدمها بوش لشارون ربيع العام 2004 وحسمت عملياً الكثير من قضايا ما يسمى الوضع النهائي، وعلى رأسها المستوطنات التي اعتبرت أمراً واقعاً لا يمكن تغييره.
هناك تفسير آخر لذلك الإلحاح على الإسراع في إطلاق مسلسل التفاوض الجديد يتمثل أولاً في مخاوف اندلاع انتفاضة جديدة في الأراضي المحتلة، تحديداً في الضفة الغربية تنسف كل ما بناه الجنرال دايتون والسيد توني بلير خلال سنوات، بينما تهدد مصالح أمريكا في العراق وأفغانستان وعموم المنطقة،
وثانياً ضرورتها (أعني المفاوضات) لاستهداف إيران، وربما حزب الله وحماس أيضاً، بحسب ما يرى القادة الصهاينة، بالتنسيق أو من دون التنسيق المباشر مع واشنطن.
هل ترون كيف يتواطأ هؤلاء من أجل تصفية القضية تحت ستار من الشعارات البائسة حول فشل المقاومة وتدميرها للشعب، وحول غياب الخيارات الأخرى في ظل هزال الوضع العربي، وسوى ذلك من تدليس يعرفه الشرفاء بينما يدافع عنه آخرون أعمتهم الحزبية بشتى تجلياتها؟، لا ننسى هجاءهم للطرف الآخر في الساحة الفلسطينية والتذكير اليومي بتركه للمقاومة، مع أنهم يعرفون أن ساحة المقاومة الحقيقية هي في الضفة الغربية المستباحة (حيث تسحق المقاومة وفكرها وبرنامجها تحت عجلات التنسيق الأمني والاستهداف السياسي)، وليس في القطاع المحرر، وإن على نحو غير كامل.ندري إلى متى يطول هذا الليل، لكننا واثقون من بزوغ فجر جديد يستعيد فيه شعبنا قراره وبوصلته، ويبدأ رحلة جهاد جديدة لا مكان فيها إلا للذين يعرفون معنى الوطن والكرامة والتحرير والمقدسات.
الدستورالاردنية

مشاركة مميزة