الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

اعتذار دكتور فياض وتعهده بعدم تكرار ما حصل في البروتستانت

kolonagaza7
رشيد شاهين
قد نختلف أو ربما نتفق كثيرا أو قليلا مع سياسة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، أو مع برنامج حكومته السياسي، إلا أن هذا الاختلاف لن يمنعنا مثلا من القول إننا نؤيد سياسة الرجل المالية، هذه السياسة التي وقف من خلالها في وجه الكثير من الأوضاع التي يمكن القول انها كانت – سائبة وشاذة-، وقد كان لتلك السياسة ألأثر الملموس في تصويب الكثير من الخلل السائد في بعض الوزارات والمؤسسات، وربما يحضرنا في هذا السياق القرارات الأخيرة المتعلقة بسحب السيارات الحكومية التي ربما لم تعجب من تضرروا منها، برغم ان – الناس- كل الناس، تشاهد حالة التسيب والانفلات في استعمال تلك السيارات.
على أية حال، لا بد هنا من القول، ان الدكتور فياض، الذي علم بتفاصيل ما جرى في قاعة البروتستانت، كانت لديه الشجاعة والجرأة لكي يعتذر عما حدث من منع وقمع لاجتماع قوى معارضة، كانت تجتمع بشكل حضاري ملتزم بأصول المعارضة الحضارية والعصرية في تلك القاعة، ولا يتعارض اجتماعها مع القانون، لم يكتف الدكتور فياض بالاعتذار بل أعلن صراحة انه يتحمل كامل المسؤولية عما جرى في ذلك اليوم الأسود في مسيرة الديمقراطية الفلسطينية، علما بأننا نعتقد بأن الرجل لم يكن على علم بما تم تدبيره في الغرف المعتمة من قبل من دبر وخطط ونفذ.
ما حدث في قاعة البروتستانت خلال اجتماع الأربعاء الماضي، والذي دعت إليه بعض قوى المعارضة للعودة إلى المفاوضات،- وبغض النظر عن الموقف الشخصي فيما يتعلق بتلك المعارضة وفيما إذا كانت هي من يمثل الشعب الفلسطيني ومصلحته أم لا- شكل صدمة شديدة لكل الذين راهنوا على مسيرة الديمقراطية الفلسطينية، وكان بمثابة الضربة غير المتوقعة من قبل السلطة لقوى المعارضة التي راهنت على الشعارات التي يتم رفعها بين فينة وأخرى حول الحق المكفول للرأي الآخر.
لقد كشفت تلك الممارسة زيف كل ما يقال عن الديمقراطية الفلسطينية وسعة صدر السلطة، خاصة وان الطريقة التي جرى فيها ما جرى، كانت اقرب إلى البلطجة منها إلى أي شيء آخر، برغم نفي كل من له علاقة بقوى الأمن بما جرى، وهذا ما دفع البعض إلى التساؤل، إذا كان الكل يرفع يده ويتبرأ من هذا المجموعة التي خربت الاجتماع، إذن فمن يكون هؤلاء؟ ومن أين أتوا؟ وإذا كان هؤلاء ليسوا من عناصر الأجهزة الأمنية، وليسوا من أي تنظيم فلسطيني، إذن فمن يكون هؤلاء؟ أم ترى هم من المستعربين، أم هم سكان كوكب آخر نزلوا فجأة واحتلوا قاعة البروتستانت؟
ما حدث في قاعة البروتستانت، كان يمكن أن يشد ويقوي من موقف المفاوض الفلسطيني، استنادا إلى ان هنالك معارضة في الشارع الفلسطيني، وانه لا يستطيع ان يخضع للضغوط التي يمكن ان تمارسها دولة الاحتلال وحليفتها أميركا، أو ليس هذا ما يستند إليه رئيس حكومة دولة الاحتلال عندما يتشبث بمواقفه في الاستمرار في البناء في المستوطنات، وانه لا يمكن ان يوقف ذلك، لان من شانه ان يخلخل ائتلافه الحكومي اليميني المتطرف الذي يقف على رأسه، لماذا إذن لا يأخذ الطرف الفلسطيني العبر من سياسة عدوه، ويلعب اللعبة ذاتها، لماذا يستسهل قمع قوى المعارضة ويستقوي عليها بدلا من ان يستقوي بها، أم ترى هكذا تكون الشراكة في الوطن وفي صفوف المنظمة الواحدة، واحترام الرأي والتعبير والرأي الآخر.
وعودة إلى موقف الدكتور سلام فياض، هذا الموقف الذي نقف له احتراما لما تميز به من شجاعة وجرأة عالية، وبرغم الاعتقاد بأن الرجل مخلص فيما قاله، إلا اننا نعتقد بان الأمور لا يمكن ان تحل بهذا الشكل في –الدول- التي تحترم نفسها، حيث ان ما حدث ليس بالأمر الهين، أو الذي يمكن تجاوزه هكذا بمجرد الاعتذار او الاستعداد لتحمل المسؤولية، لان واقع الحال يقول ان هنالك اعتداءا تم ليس فقط على من اجتمع في تلك القاعة، بل اعتداء وتجاوزا على القانون، وبالتالي لا بد من محاسبة من كان وراء الفاجعة التي جرت في قاعة البروتستانت، ولا نعتقد بأنه يجوز التساهل او التهوين مما حدث. حيث لا بد من تحقيق ومسائلة ومحاسبة كل من تورط او أمر او خطط. في – الدول- التي تحترم شعوبها وفي مثل هذه الحالة – تطير رؤوس، وتستقيل حكومات او على الأقل وزراء ...الخ، نحن هنا لا نطالب باستقالة الحكومة، لكن لا بد من ان يدفع احدهم الثمن، وإلا فان ما جرى يمكن ان يتكرر ببساطة شديدة لكن بشكل أكثر قبحا وربما دموية.
أقرار السيد رئيس الوزراء بالقصور ووجود الخلل جيد ومحل احترام، إلا ان هذا لا يكفي لكي يتم طي الصفحة، كذلك فان تعهده بعدم تكرار ما حدث قد يكون بعيدا عن الواقع، ليس لأنه لا توجد لديه النية، بل لأنه لا يملك الأداة ولا الوسيلة التي من خلالها يستطيع ان ينفذ هذه الرغبة، فلقد أصبح الوطن ميدانا للعشيرة وحجمها وللفصيل وإمكانياته وقدراته وما لديه من أموال، ولمن لديه ظهر يستند إليه ويمكنه ان يقوم بما يشاء، أما من انعدمت لديه تلك الوسائل فلن تترجم نواياه إلى واقع، وستبقى أمنيات وآمال صعبة التحقيق، لكن وبرغم ذلك سيظل موقف دكتور فياض محل ترحيب واحترام.

31-آب 2010

مشاركة مميزة