الجمعة، 6 أغسطس 2010

غزة أم بتاكل ولا بتطرد أولادها أو شو بيصير

kolonagaza7
مروراً على مقالات أبو شمالة والحاج في وصف غزة
بقلم جاكلين صالح أبو طعيمة
خطوط العرق المتواصلة في سيلانها على كل جبين تمتزج برسمة لعروق الوجه التي شاخت لشاب في العشرين، هو الشاب ابن غزة... آه غزة .. وما أدراك ما غزة، غزة الأم التي تأكل أولادها أو تطرد أولادها لا أعلم بالتحديد ولكن هو تشابه المعنى الطرد والأكل كلاهما واحد وإن اختلفا..
يباغتني اليوم كذلك بموجة الحر المجنون ينهار جسدي بطرد ما لديه من سوائل على هيئة خطوط متعرقة على جبيني وعلى وجنتي وكأن جسدي هو غزة يطرد كل شيء منه، في غزة لا نستفتح الصباح بقرآن يصدح في كل مكان فيعم الأمان والراحة في خلجات النفس ويسكن الحارة برائحة مسك عطرها ذكر الرحمن وكذلك لا نتصبح بصوت فيروز سنرجع يوماً إلى حينا ولا بأنغام موسيقية، بل بانهيار من الشتائم والسب واللغط على شركة الكهرباء وعلى الحرارة وقطع المياه وسخط لا ينتهي إلا بصوت أحد كبار البيت فضحتونا بصوتكم اسكتوا..
الفضحية في كل بيت في غزة، كل بيت يسب ويشتم ويلغط على كل شيء، الكبير يسب والصغير يشتم والشاب يحملق نظره نحو هجرة يصبو إليها وغربة في روحه يسكنها وأملاً في غربة تتحقق يوماً ..
إن كنت من المحظوظين كذلك في غزة تحصل على عمل مدة شهر أو اثنين وتستطع فتح جهاز كمبيوتر ومطالعة أخبار أو إعلانات شواغر أو حتى تمر على الفيس بوك العملاق الذي انتشر ليكون جزءا من ضياعنا.
أول خبر بالأمس فتاة تنتحر في خانيونس تلقي نفسها من الطابق السابع في برج الفرا ولم تعرف ملابسات الحادث بعد، الخبر الساخن الثاني لقي شاب صباح اليوم مصرعه بعد سقوطه من أعلى برج الأندلس قرب منطقة الكرامة شمال غزة، وغيره مجموعة من الشباب يغتصبون طفل صغير ويتقلونه ويدفنوه ...
وناهيك عن هذه الأخبار المؤذية والتي تقشعر البدن انتحار ووقوع في ذنب وعقوبة من الله لماذا كل هذا فيك يا غزة؟ كيف وصلتي إلى هنا يا أمنا الغولة؟ ... ألهذا الحد يسير كل شييء فيك بخطى سريعة حتى الموت أصبح سريعاً . بعد هذه الاصتباحة يرسل لي أحدهم رسالة للتضامن مع أحد الكتاب الذين تم مداهمة منزله قبل يوم ومحاولة اعتقاله على خلفية كتابته مقال رداً على آخر .
الأمر ليس خفي إنه يتعلق بشكوى الكاتب فايز أبو شمالة الذي كتب بكل صراحة عن جمال انقلاب غزة فكتب في غزة انقلاب وأشاد بالوضع في غزة والتقدم والأمان والعمران والبحر ، ولأننا نخاف سكتنا ولم نقل كلمة وأيدنا غزة جميلة، غزة قطعة من الجنة على الأرض، غزة حرية أمان سلام غزة هي المحبة والسلام، سكتنا وشفاهنا تتقطع من فرط ضغطنا عليها من الغيظ والقهر والسأم، وكل منا يتمنى الموت أو الخلاص.
وبالموضوع نفسه رداً على هذا المقال تجرأ أحدنا ورفع صوته وكتب وهو توفيق الحاج الذي تم مداهمة بيته أو اعتقاله رداً على أبو شمالة ليقول بصوت ساخر مذبوح أو سيذبح - لا أحد يعلم مصيرك يا توفيق – ما أقبح انسلابك يا غزة، وهنا يصف توفيق غزة الحقيقية ولكن بمزيد من السخرية والتهكم، كنت قد قرأت هذا المقال منذ وقت مضى، وعرجت على المقالين بمزيد من القراءة والتفصيل ولم أكن أعلم أن الأمور ستصل إلى هنا. توفيق الحاج سيعتقل ويداهم بيته أو دوهم على خلفية شكوى تقدم بها فايز أبو شمالة، وهذا الأمر طبيعي في بلاد ليس فيها شيء طبيعي
لكن في الحقيقة كان لابد لأحد منا أن يتكلم حتى لو كان أنا أو أنت أو هو أو الميت، يعترض يصرخ أو حتى ينام فالنوم سبيل لراحة لا يعلمها إلا من يكابد من أجل أن تغمض عينيه فينسى كل كل غزة، السادة فايز أبو شمالة وتوفيق الحاج استعرضا قدراتهما الأدبية في وصف حالة غزة فكان منها الإيجابي والسلبي، وكانت العواقب الوخيمة لئن ينطلق الأدب من مكان في الأوراق وفي أعين القراء للشرطة والاعتقالات والشكاوى، هل كان يجب أن يسكت توفيق الحاج وينضم إلى أفواهنا المكممة، وهل كان لابد لنا من أن نصفق خلف أبو شمالة فرحاً لنصره الكبير الذي حققه في غزة بانقلابه.. سكتنا كثيرا وسنسكت أكثر ..
ربما توفيق الحاج موظف محترم وكذلك أبو شمالة فلهما أن يصولا ويجولا في الأرض كيفما يشاءا، لا نعترض أن ترقصوا على جراح أو تبتروا أقدام أو تكتبوا عهراً أو تسرقوا خبزاً ولكن اشعروا بنا، نحن نحن الشعب الذي يموت كل لحظة بصمته وبحزنه وبألمه، نحن المخروسون المكممون الذين نموت كل لحظة وقلوبنا لا تطيق أجسادنا من فرط الألم .. ليتها القضية قضية مقال ساخر وآخر أو رد أو قيل وقال، القضية أكبر يا عالم أكبر منا ومن الحاج وشمالة وأكبر من كل شيء إلا فلسطين ... آه يا فلسطين نسيت اسمك إلا في قلبي .
لابد أن تسكت لا تسكت سهلة بل ستخرس اخرس وضع حذاء بنمرة أربعين في فمك باستعراض حتى لا أسمع حتى الانين ، فعلناها وسنفعلها كل يوم ونكررها حتى يأخذنا الله أو يأخذ غزة، اعتقلوا الحاج وهللوا لأبو شمالة ونحن خلفكم سنصفق ونهلل ونزغرد إن استلزم الأمر ، فما أجمل حلاوة الروح وهي تخرج تزغرد في الفضاء خرجت من غزة، خرجت من الضيق إلى البراح، والله إنا ميتون ، ميتون بلا أكفان، مللنا وتعبنا وظلمنا، ونظنها حياة وحين نقابل بعضنا نقول كيف الحياة معاك، وكلنا بيقين أن الحياة هذه مأساة وظلم واستغلال ..
لا أبالغ إن قلت أننا الطبقة المسحوقة كلنا كل الشعب الفلسطيني، نحن المسحوقون المعذبون لا نجد عملاً ولا وظيفة، ولا نجد حقاً ولا نجد باطلاً نعيش أشباه بشر، حتى المتعة الوحيدة في النسيان أمام شاشة التلفزيون أو الاستماع للراديو حرمنا إياها، حتى رشق وجوهنا بالماء في أيام تموز محسوبة علينا، والضحكة من القلب ممنوعة بل محذوفة من قاموسنا .. تعبنا تعبنا تعبنا تعبنا حتى النهاية .
ارحموا موتنا.. ارحمونا اقتلونا بلا تعذيب ، ان احتملنا اليوم في الغد لن نحتمل، لكن الأهم سنظل والخرس يكمم أفواهنا والصمم في آذاننا والعته في عقولنا والعمى في عيوننا ، هكذا نحن جبلنا وسنبقى
ولتموتي يا غزة لانك لست أم أنت الغولة .. يا غزة أنت الغولة .. أنت الغولة التي تأكل أولادها ..وأنت الغولة التي تطرد أولادها ... ألف ألف آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ يا غزة ... وقلتها يا غوار في كاسك يا وطن ، بكتب اسمك يا بلادي عالشمس اللي ما بتغيب إييييييييييييييه يا وطن .

مشاركة مميزة