الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

قد يصير الفلسطيني صينياً


kolonagaza7
د. فايز أبو شمالة
وصلتني مجموعه صور لأطفال صينيين، يتلقون تدريبات رياضيه عنيفة، يبكي خلالها الطفل ابن عامين أو ثلاثة أعوام قسوة التدريب، يبكي، ولكنه يحتمل الوجع، يبكي وهو يجهد لتطوير لياقته، وقدراته، يبكي حتى يصير الأنين عادة، وتصير عضلات الجسد تتشكل وفق مشيئة المدرب. ومن يدقق في منظر الدمع الطافح من عيون الأطفال، وفي منظر الدم النازف من أكفهم، وكيف تنثني أجسادهم إلى الأمام وإلى الخلف بقوة الضغط الجسدي الهائل للمدرب على أجسادهم اللدنة، يدرك أن وراء هذا التدريب العنيف أهدافاً، أقلها؛ تعويد الجسد على التأقلم مع الصعاب، والتحمل إلى أقصى مدى، وإجبار الجسد على شحذ طاقته الكامنة، وكل ذلك الإعداد من أجل تحقيق المعجزات الرياضية، والفوز في المسابقات الدولية.
في تقديري: أن الإنسان معبأ بالطاقة، وهو قادر عند الضرورة على استنهاضها، وتطويرها، وهذه الطاقة قد تغادر الإنسان إن أهملها، ولم يستحثها، لذا ترى الإنسان كتلة ثلجٍ إن طلب منه البقاء في المحيط المتجمد الشمالي، وترى الإنسان جمر الموقدة إن طلب منه التواجد على خط الاستواء، من هنا جاءت قسوة المدرب على الأطفال، كي ينمي لدى أجسادهم ونفوسهم معاً القدرة على استحضار أقصى الطاقات الكامنة لتحقيق الفوز الرياضي.
فإذا كان الفوز بجائزة رياضيه تستحث الصيني لأن ينزف دماً، فما بالكم بالفلسطيني الذي يسعى لأن يفوز بوطن، أليس بحاجه إلى تمارين أقسى من تلك التي يتلقاها أطفال الصين؟ أليس بحاجة إلى التعود على الصبر وتحمل الأهوال، والصمود رغم الحصار ؟!
تذكرت مظاهرة "الطناجر" في شوارع غزة قبل أربعة أعوام؛ عندما خرجت بعض نسوة النرجيلة، يحملن "الطناجر" الفارغة، ويطالبن رئيس الحكومة العاشرة، السيد "إسماعيل هنية" بتوفير الرواتب التي تأخرت عدة أسابيع، وأقارن ذلك السلوك بما سمعته عن تدريبات مقاتلي المقاومة في غزه، حين فرض المدرب على المقاومين السير الشاق من شمال قطاع غزة حتى جنوبه، ودون توقفٍ، حتى عاد المتدرب مهروس العظم! وكيف فرض المدرب على المقاومين الزحف في أنفاق المقاومة تحت الأرض عدة ساعات وهم يحملون الأثقال، وأقول: من يريد الفوز بوطن عليه أن يتحلل في التراب، وأن يغمس الدم بالدمع والعرق، وأن يسلخ جلد الخوف عن عظم التردد، وأن يصم أذنيه عن لغة المشككين بالمقاومة، المتشككين بطاقة شباب فلسطين الأباة، وإبداعاتهم الصينية المذهلة في مواجهة الغزاة.

مشاركة مميزة