الخميس، 5 أغسطس 2010

بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيهَا الذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تفعلون، كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) صدق الله العظيم
kolonagaza7
د. ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي كاتب باحث فلسطيني
لست مبالغاً حين القول أن غالبية أطفال قطاع غزة يعيشون تحت سلم خط الفقر المدقع ، فقر سرق أحلامهم ومتعتهم وسعادتهم ، وسلب حتى أجمل معاني الطفولة ، وحرموا حتى من برامج العاب الصيف المقدمة من قبل مدارس الأنروا ( منظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين ) ، لان غالبيتهم كان ينتظر الإجازة المدرسية ليبحث عن رغيف العيش من تحت الأنقاض ، وتجميع ما تبقى من حصى وحجارة وبعض من قضبان حديدية بالية خلفها القصف والدمار، ليبيعها بدراهم معدودة ليحصل على بضع من الشواقل والآخر يتجول وسط الحر غير المعهود في غزة ليبيع مرطبات للمستجمين من الموظفين على شواطئ غزة المكتظة ..ومع كل هذا وذاك كان ولازال أطفال غزة يحلمون ويحلمون ، ويصدقون أحلامهم جميعها ، ولكن الطفل صامد وزميله في العمل عاصف والطفلة تحرير وصديقتها كفاح ، أيقنت انه خدعت حتى في أحلامها ، لأنها كانت تحلم أن تري طيور الجنة، ووضعت في مخيلتها حلم ملؤه الحب للطفولة البريئة التي رسمها لهم منفذي برامج طيور الجنة ، وحلمت تحرير وصديقتها بالتقاط صورة فوتوغرافية مع من يشابهوهم عمراً من فرقة طيور الجنة ، وارتسمت البسمة الخيالية على شفتاها البريئتان ، وانتظرت اليوم الموعود ، فتحت تحرير مذياع والدها المشحون ببطاريات شبه فارغة بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي عن غزة أكثر من 10 ساعات يومياً، وزف مذياع الأمير بشرى مجيء فريق طيور الجنة إلى غزة مساهمة منهم بتخفيف الحصار والضغوط النفسية عن أطفال غزة ، وهتفت تحرير ضاحكة مستبشرة في وجه أبيها، ونشدت أغنية( بابا تلفون ) المعهودة مع العلم أن أبيها لا يملك تيلفوناً في بيته الواقع في الركن الجنوبي من المخيم ، وسمعت تحرير العشرات من الأطفال ينشدون معها أغاني طيور الجنة تحت شباك منزلها المسقوف بالزينجو ، وجاء الموعد ووصلت فرقة طيور الجنة واعتقد أطفال غزة أن الحصار أوشك على الانتهاء ، ولكنهم فوجئوا بعربات قديمة على رأسها مكبرات صوت مزعجة للسامعين تنادي بكل وقاحة أن تذكرة حضور حفلة طيور الجنة في غزة أوخانيونس في يومين متفرقين تكلفتها 10 شواقل لكل طفل !! يعني أن رب الأسرة المنجب 5 أطفال يتوجب عليه دفع 50 شاقلا ، من هنا أصيبت تحرير وصعق عاصف من هذا النعيق، واعتقدوا أن الأمر مجرد مداعبة، وربما هناك خطأ في التقدير أو السمع، ولكن سرعان ما كشف أصحاب الجيوب الخاوية أنها الحقيقة المرة ، وجفت الدموع من عيون الآلاف من الأطفال، لأنه لم يتبقى في عيونهم حتى الدموع ، وأدركوا بعقلهم وحدسهم أن طيور الجنة تحولت الى غربان الصحراء قد جاءت لتزيد حصارهم ، وتضع فوق الحصار حصار آخر،، حصار الحرمان واللوعة ، فالعشرة شواقل قد يحصل عيها أطفال غزة من نحتهم في الحجارة وتمرغهم بالتراب الملوث !
هذه صورة الأوضاع كما لامسناها وأحسسنا بها ، وكتبناها بمداد ملئناه من عيون الأطفال الحيارى، وستغادر الغربان ، وتغادر معها احلام تحرير وعاصف اللذان شرعا يلعنون الاستغلال والكذب والشعارات الزائفة ، وسيبقى عاصف يسأل عن تلفون طيور الجنة وتكون النتيجة ( مو – هون )

مشاركة مميزة