kolonagaza7
كان الامر شأنا يستحق الدرس و التحليل ان يصر الرئيس الاميركي علىتنظيم مفاوضات مباشرة بين اسرائيل و السلطة الفلسطنية و يضغط على الفريقالاخير الى حد التهديد بوقف المساعدات في مرحلة اولى و التراجع عنالاعتراف به شريكا في عملية السلام في مرحلة ثانية تعيده الى ما كان عليهوضعه مع اميركا قبل اتقاقيات اوسلو . اما اسرائيل االتي تمعن في خطتها وبتسارع ملفت في القدس و الضفة الغربية ، فانها تبحث مع اميركا عن حل خلاقيحفظ في الجوهر استمرار الخطة المتضمنة الاقرار بيهودية الدولة و تهويدالقدس لتكون العاصمة الموحدة لهذه الدولة ، و اسقاط حق العودة نهائيا ، واخيراً اقامة مجلس بلدي فلسطيني لادارة شؤون ما يتبقى من الضفة الغربيةبعد الاستيطان السريع و المكثف ، مجلس يسمى دولة منزوعة السيادة و السلاحو طبعا العزة و الكرامة.و في البحث عن اجابة للسؤال نرى ان اوباما الذى بات على عتبة النصفالثاني من ولايته يرى ان هذه الولاية تتآكل دون نجاح فعلي جدي في الداخلاو الخارج . حيث ان انجازه الوحيد في الدخل كان في الملف الصحي و كان لهشركاء فيه ، اما في الخارج ، فان شهد انهيار استراتيجته في افغانستان ، وتخفيض قواته في العراق مرغماً رغم انه ابقى ما يعول عليه من قوى لحفظالمصالح الاميركية هناك في السياسة و الاقتصاد خاصة النفط ، لكن المشهدالعام يتجسد في اخفاق اميركي في العراق ايضاً اما عل الاتجاه الايرانيفقد حاول ان يصف القرار 1929 بالعقوبات على ايران بانه انجاز عظيملادارته ، و اذ بايران ترد و قبل انتهاء مهل الثلاثة اشهر المعطاة لهاللعودة الى النقاش و مراجعة الموضوع ترد قولاً برفض الانصياع و عملاًيؤكد التحدي و تفتح مفاعل ابوشهر لانتاج الطاقة الكهربائية بالذرة التيتريد اميركا ان تحرمها من حقها بها ، اما في لبنان ، فان الخطة الاميركيةفي اغراق المقاومة في وحول الداخل اللبناني بفتنة تقود االى حرب اهليةكما تتمنى و تخطط اسرائيل و اميركا من باب اكذوبة ما يسمى القرار الاتهامالصادر عن المحقق بقتل الحريري ، فان هذه الخطة يبددو انها جمدت اواوجلت حاضر – و في التجميد او التأجيل نذير اخفاق ايضاً- كل المشهد اذنيقطع بتلاحق الاخفاقات الاميركية عل مساحة المسرح الاستراتجي الكبيرالمسمى بالمصطلح العسكري الاميركي " المنطقة الوسطى " ، لكل ذلك و علىاعتاب الدخول في انتخابات نصفية للكونغرس الاميركي ، رأى اوباما انهبحاجة لاظهار نجاح ما و اختار الملف الفلسطيني ليحدث فيه الانجاز المأمولاميركيا و صهيونياً . و السبب الرئيسي في اختيار هذا الملف عائد الى 4امور رئيسية هي :- بوجود سلطة ضعيفة فاشلة في رام الله فقد رئيسها الشرعيةالدستورية و القانونية بانتهاء ولايته و استعاض عنها بشرعية ممنوحة له مناميركا و ممن تأمرهم او يلتحقون بقرارها في اروبا و العالم العربي ،- انقسام فلسطيني و معاناة في قطاع غزة بسبب الحصار الاجراميالذي تنفذه اسرائيل ضد القطاع بما يمنع – حسب التصور الاسرائيلي والاميركي – ممارسة الرفض للمفاوضات بالعوة الى عمليات عسكرية لاحياءالعمل المقاوم انطلاقاً من القطاع او انطلاق انتفاضة ثالثة في الضفةرفضاً للمفاوضات ،- دعم عربي واسع للمفاوضات من الجامعة العربية و من معظم البلدانالعربية ( باستثناء ثلاث دول فقط ) يمكن اميركا من تركيب الحل الذي تريدللتخلص من عبء قضية تربك مشروعها منذ عقود، (و اغرب ما في هذا الدعم هوموقف سعد الحرير رئيس حكومة لبنان الذي سيكون ممن يدفعون فواتير كبرى فيتصفية القضية بالتوطين) .- الثقة بان الفريق المعارض للمفاوضات من الانظمة و التنظيماتالاقليمية المقاومة و المواجهة للمشروع ، لن يقدم على افتعال ما يعرقلالمفاوضات بهجوم في الميدان ، كما انه سيكون ملاحقاً و منشغلاً خلال فترةالمفاوضات المقررة لعام واحد ، بملفات تعدها اميركا او بمآزق تحضرهاله .لكل ذلك وجد اوباما ان الظرف مناسب للدعوة ، و وجدت اسرائيل و الدولالعربية الملحقة بالقرار الاميركي ان الظروف ملائمة لتصفية االقضيةالفلسطنية ، خاصة و ان هذه لم تعد ملفاً صعب الحل بعد ان فتت و جزئت منذالعام 1987 و حتى الان ، حيث خرجت مصر و الاردن من الصراع و سقط عنهتوصيف الصراع العربي الصهيوني ، ثم فتت الشأن الفلسطيني الى ملفات متنوعة( القدس – غزة – الضفة – اللاجئين – الخ) و بعد الانقسام الحاصل بينالضفة و القطاع ،ما سمح لاسرائيل ان تطلق مشروعها للحل بشكل يقفز فوق حقالعودة و وضع غزة و يعتبر ان منح الضفة الغربية – مع المحافظة علىالمستعمرات المغتصبة ل 23 % من اراضيها بالاضافة الى جدار العزل المعطلاو المقتطع ل 12% من ارض الضفة - منحها ادارة محلية ليس لها حق بالسيادةاو السلاح او العلاقات الخارجية الا من خلال القرار الاسرائيلي المباشر ،و يكون هذا المشروع هوالتصفية التي تريدها اسرائيل ، و تجد في محمود عباسالشخص "النموذجي ذو الخبرة " لتوقيع الاستسلام لها . و لهذا و بعد تشكيلالوفود للتفاوض طرح نتناهو اللقاء مع عباس مرتين في الشهر ليحصل علىموافقته على الجزئيات تباعا و يعطيها للمتفاوضين لاخراج النصوص و لعباسخبرة في التنازل عن الحقوق الفلسطنية على طاولة المفاوضات كما فعل فياسلو التي كانت الخطوة الاولى لتصفية القضية . و الان هل تنجح المفاوضاتفي تحقيق الاهداف الاميركية و الاسرائيلية .ان الحكم النهائي على نجاح المفاوضات يتطلب انصرام المهلة اي سنة كما حددلها ، و هذا ما تريده اميركا بالضبط – شراء وقت بطول سنة تلزمها لترتبما تشاء من ملفاتها سواء في الداخل او الخارج خاصة في العراق و افغانستانو لبنان ، و تحجب خلالها الاخفاق الذي يلاحقها ، و تكون الدعوة و الصورةالاولى لبدء المفاوضات كافية في الحد الادنى لاستثمار مناسب لها و تسميهنجاحاً ، هذا بصرف النظر عما ستؤول المفاوضات اليه . اما اسرائيل ، فهيايضا ستسفيد من هذه المدة لتستثمرها ميدانيا في انفاذ مشروعها استطيانا وتهويداً و متابعة تعزيز القدرات و سد الثغرات في بنيتها العسكرية لتتحضرللحرب المقبلة التي يبدو انها باتت ايضا مستبعدة لفترة سنة اضافية .اما عن المفاوضات ذاتها فاننا نرى لنتائجها احتمالين :-الاول : استسلام محود عباس للضغوط الاميركية و الصهيونية و التسليم بمايفرضه الاسرائيلي وهنا يمكن توقيع اتفاقية حل تشبه اتفاقية اسلو و تكونكما وصفها الرئيس حافظ الاسد يومها ، " كل كلمة فيها بحاجة الى تفاوض واتفاق لاحق " اي يكون الفلسطيني تنازل و لم يأخذ شيئاً في الحقيقة خاصة وان المهل المحددة للتنفيذ بعد الاتفاق تصل الى 10 سنوات هي مهلة كافيةلاسرائيل حسب تقديرها للاجهاز على ما تبقى من معاني للفضية الفلسطنية .- اما الاحتمال الثاني فيتمثل في فشل المفاوضات خاصة اذا استمرتاسرائيل على تصلبها و تعنتها برفضها الاقرار للفلسطنيين باي حق، و امتنععباس عن الاستسلام الكلي لها . و هنا يكون المكسب الاميركي متمثلاً فيالدعوة و الرعاية و بعدها يحمل الجانب الفلسطيني المسؤولية و تبرأاسرائيل من مسؤولياتها و تفك عزلتها الدولية .و هكذا تكون المفاوضات و مهما كانت نتائجهاً مكسبا اميركيا واسرائيليا ، و خسارة فلسطينية ، و يكون محمود عباس قد قدم للصهيونيةالعالمية ، خدمة جليلة اخرى بعد خدماته في اوسلو . اما اهم ما يخشى منفكرة المفاوضات و الدعوة لها فضلا عن محاولة اعطاء الفرص لاسرائيل والمكاسب التي ذكرنا ، هو ما يخطط للجبهة المقابلة من محاولات ارباك واشغال قد تكون الفتن و عمليات القتل و الاغتيال بعضا من وجوهها و من هنانفهم التركيز في لبنان على القرار الاتهامي ضد المقاومة و في ايران علىالعقوبات و في غزة على استمرار الحصار اما سوريا فانهم كما يبدويراقبونها ليشهروا بوجهها ملفات تحضر و هي ليست بغافلة عنها . انها فنرةسنة اخشى ان لا ننعم فيها بالاستقرار الذي نرغب، اما عن التصفية التييرغبون بها فلا اعتقد بانهم قادرون ، و من جميل اللصدف يكون يوم القدسالعالمي الذي يأتي هذا العام في الاسبوع الذ تبدأ فيه المفاوضات ، يكوناول رد على محاولة تصفية القضية .العميد الدكتور امين محمد حطيط