kolonagaza7
د. فايز أبو شمالة
بعد أكثر من مئة عام على الهجمة اليهودية على الأرض الإسلامية المقدسة، صار اعتراف الأمم المتحدة لفظياً بدولة فلسطينية على حدود سنة 1967، هو غاية المنى السياسي، وجل المقاومة الفلسطينية، ومنتهى النشاط العربي تجاه فلسطين. لقد تخلى الجميع عن أصل الصراع، حتى صار ذكر فلسطين من النهر إلى البحر أكذوبة، ومجال سخرية، بعد أن صدق المجتمع الدولي مقولة: فلسطين أرض الميعاد، وهي الوعد الإلهي القاطع لليهود.
هل من تفسير آخر يمكن أن يقدمه لنا دعاة وطني فلسطين بحدود 67؟ هل من تفسير يغاير ما ذهب إليه البعض من أن قرار الأمم المتحدة الذي سيصدر في أيلول، سيكون بمثابة تنازل فلسطيني رسمي عن وطنهم المغتصب سنة 1948، وبحضور الشهود؟
ألا يعني هذا التنازل أن العرب الذين حاربوا إسرائيل كانوا على باطل، وأن اليهود على حق؟ وبناء على ذلك، فإن كل قائد عربي يعترف بدولة فلسطينية على حدود سنة 1967، يجيز لمحكمه العدل الدولية أن تلقي القبض عليه، وتحاسبه بأثر رجعي على جرائمه بحق اليهود، ويصير من حق إسرائيل أن تجلبه في قفص، وتحاسبه مثلما جرت محاسبة الألماني النازي "أيخمان" و "ديميانيوك" لما قاما فيه من حرب إبادة ضد اليهود؟.
ألا يعني اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية على حدود سنة 67، أن صراع الفلسطينيين مع العصابات اليهودية على أرض فلسطين كان عملاً تخريباً، وعليه يتوجب أن ننبش قبر الشهيد عبد الرحيم محمود، والشيخ عز الدين القسام، والشهيد عبد الرحيم الحاج أحمد، والشهيد عبد القادر الحسيني، والشهيد المصري أحمد عبد العزيز، والسوري فوزي القاوقجي والأردني عبد الله التل، ومحاسبتهم على حروبهم ضد اليهود، وعلى اعتدائهم الآثم بحق المساكين اليهود العائدين إلى وطنهم فلسطين؟.
لقد هزلت فلسطين ونحن نتوجه إلى الأمم المتحدة حتى سامها كل عابر سبيل، وصارت الأرض المقدسة التي ابتلعت ألاف الشهداء كلام هراء، وتخضع لتبريرات البعض الواهية: بأن ليس في يدنا شيء، ولا خيار لنا إلا القبول بإرادة المجتمع الدولي، وبما يطرح علينا، فنحن ممزقون، والعرب مبعثرون، وأمريكا صدر إسرائيل الحنون!
ما سبق من تبرير هو مصدر قوة الفلسطينيين القادرين على كسر الإناء الذي حشروا فيه قضيتهم، على الفلسطينيين الانسحاب من واجهة الصراع مع إسرائيل، وترك القوى العربية وعلى رأسها الأردن القيام بواجبه القومي تجاه القضية الفلسطينية، فمن الخطايا السياسية أن يتخفي الأردن خلف اتفاقية وادي عربة، وأن تختبئ مصر خلف اتفاقية "كامب ديفيد" وينفض الجميع يده من فلسطين، بل يتوجب على القوى الإقليمية أن تتصدر الصراع، وتتحمل مسئوليتها كاملة في المواجهة، لأن الهجمة اليهودية أوسع مدى من حدود فلسطين، والصهاينة أمضى نفوذاً من بعض الفلسطينيين الذي صدقوا أنفسهم بأنهم قادة سياسيين!.
من العجائب؛ أن الفلسطيني الذي وقف خلف مبادرة جنيف سيئة الصيت، هو نفسه الذي يترأس اليوم اللجنة المكلفة بمتابعة الملف الفلسطيني في الأمم المتحدة، فهل يعقل أن يخالف ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية قناعاته الأيديولوجية والسياسية تجاه اليهود؟.