دائماً كنا نعتبر الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية هي البيت الذي نختلف فيه ونتفق ، تباينات في وجهات النظر ، خلافات جانبية ، وأحياناً وصل الخلاف إلى القطيعة ، وكان الإنشقاق الفلسطيني في لبنان من أكثر الظروف صعوبة مررنا بها كشعب فلسطيني .
لكن مدرسة الختيار أبو عمار كانت دائماً تحرص على أن يبقى الجسم الفلسطيني والفتحاوي متماسك ، لإيمانه بأن الإختلاف في وجهات النظر هو حق ، لكن الإختلاف على الوطن والقضية هو نهاية المشروع الوطني الفلسطيني ، لذلك كان دائم الاهتمام بلملمة الشمل الفلسطيني .
وحتى بعد عودة السلطة الوطنية وانتقالها من مرحلة الثورة لمرحلة بناء الدولة ، كان هناك الكثير من الخلافات والاجتهادات ، لكنها ظلت في إطار فلسطيني داخلي ولم تأخذ أكثر من حجمها إعلامياً أو حتى تداولاً ، فكانت دائماً البوصلة تتوجه نحو الاهتمامات الأساسية وهي مرحلة التحرر والبناء .
اليوم حصل خلاف في وجهات النظر بين الأخ الرئيس والأخ محمد دحلان ، هذا الخلاف الذي استغله البعض للوقيعة بينهم وتعميق الفجوة ، وأعطوا القضية اهتمام إعلامي حتى تُشكل حرجاً للأخ دحلان وضغطاً على الأخ الرئيس من أجل اتخاذ قرار يطال الأخ محمد دحلان ، فكان القرار الخاطئ والمفاجئ ، هذا القرار الذي فاجأ وأغضب كُل الفتحاويين ، والذي نقل الصورة للقنوات التنظيمية ممثلة بالمحكمة الحركية للتحرك من أجل وضع النقاط على الحروف وتصحيح الخطأ وإنهاء هذه اللحظات من الخلاف الذي يستغله أعدائنا والمتربصين بفتح من أجل تعميقه .
الآن ارتبط اعتقال بعض الإخوة المناضلين من أبناء غزة بهذا الموضوع ، وبعيداً عن محاولات تجميل الأمور أو إعطائها مسميات فارغة ، فقد كان قرار اعتقالهم خطأ كبير يجب أن يتم تصحيحه لكونهم ليسوا طرفاً في المعادلة ، وليس لهم ذنب في أن يكونوا من أبناء فتح المُخلصين .
من المعيب أن يتم تعميق مثل هذه الإجراءات ، التي تضر بمصلحتنا الفتحاوية والوطنية والفلسطينية بشكل عام ، فهؤلاء أبناء فتح الذين دافعوا عنها في كُل المواقف ، والذين ينتمون للشرعية الفلسطينية التي نحترمها جميعاً ، هذه الشرعية التي يُمثلها الأخ الرئيس أبو مازن .
نتمنى أن يتم إغلاق هذا الملف وبشكل فوري ، لأننا أمام مرحلة حساسة سياسياً وتنظيمياً ، ومهما اختلفنا في الرأي فستبقى فلسطين همنا الأول والأخير ، وستبقى بوصلتنا الوطنية موجهة نحو القدس ، وسيبقى نضالنا ضد الإحتلال ومناصريه وأعوانه ، ولا مكان للمناضلين الفلسطينيين في سجون فلسطينية ، فقد تألمنا ونتألم من ويلات وعذابات أسرانا في السجون الإسرائيلية والذين نتذكرهم ونرسل لهم تحياتنا مع حلول شهر رمضان المبارك .
* صحفي وكاتب فلسطيني