د. فايز أبو شمالة
التفاتة الكاتب ناصر اللحام لجمود السفراء الفلسطينيين الذين حضورا مؤتمر استانبول، وعدم تصفيقهم وقوفاً واحد وعشرين مرة لطيب أردوغان، التفاتة جديرة بالتقدير، مع ضرورة نشرها كوثيقة إدانة لكل السفراء المشاركين في المؤتمر، والمتهمين بعدم قدرتهم على حب الوطن، والوفاء له، وعدم قدرتهم على الإحساس بوجدان الجماهير الفلسطينية التي تلمست مصداقية العبارات التي قالها "أردوغان". إن السفير الذي ظل صامتاً، ولم ينفعل، ولم يقفز في الهواء لما قاله "أردوغان"، لهو غير قادر على التمييز بين الصديق والعدو، ومن المؤكد أنه لم يضغط على أسنانه غيظاً وغضباً، وهو يرى ويسمع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين يصفقون وقوفاً "لنتانياهو" أكثر من ثلاثين مرة!.
فلماذا لم يصفق السفراء الفلسطينيون لمن نبضت حروفه بوجدان الشعب الفلسطيني؟ الجواب: لأن وجدان الشعب الفلسطيني لا يتلامس مع وجدان السفراء. وهذا أولاً.
ثانياً: لأن السفراء الفلسطينيين ليس إلا موظفين، إنهم غير مبدعين، وهم ينفذون تعليمات سياسية، قد لا تتفق في مناحٍ كثيرةٍ مع نهج أردوغان السياسي، ورؤيته الإستراتيجية.
ثالثاً: السفراء الفلسطينيون بشكل عام ليسوا أصحاب قضيه بقدر ما هم أصحاب وظيفة، ومن يتابع شكوى الجاليات الفلسطينية في دول العالم، يكتشف هشاشة الحضور الدبلوماسي الفلسطيني المؤثر قياساً بالحضور الإسرائيلي الفاعل.
رابعاً: يدرك السفراء الفلسطينيون أنهم أول ضحايا المصالحة الفلسطينية، فكيف سيصفقون "لأردوغان" وهو يستحث الفلسطينيين على تحقيق المصالحة؟
خامساً: سفراء فلسطين لا يوجعهم حصار غزه، ولم يفعلوا من أجلها شيئاً، ويعتبرون حصار غزة موجه ضد خصهم السياسي حركة حماس، بالتالي فإن فك الحصار عن غزة سيعطي لخصمهم قوة! فكيف يصفقون "لأردوغان" الذي يطالب بفك الحصار عن غزة؟.
سادساً: يمثل "اردوغان" خطاً فكرياً وسياسياً يختلف مع ثقافة معظم السفراء، وإذا كان أردوغان قد قال بالعربية: "بسم الله الرحمن الرحيم" فإن هذا يثير لدى السفراء حذراً من عودة ما يعتبرونه "نزاعاً على الحدود مع إسرائيل" إلى أصله، ليصير صراعاً عقائدياً بين المسلمين واليهود الصهاينة. فكيف يصفقون لما هم منه حذرون!؟.
سابعاً: حديث "أردوغان" عن مدينة القدس لا يثير فرح السفراء الفلسطينيين، لأن الحديث عن القدس يكشف عن عجز السفراء، فكيف يصفقون لأعجمي يصفع قصورهم علانية.
ثامناً: . لقد صفق مسئولو هؤلاء السفراء إلى الرئيس الأمريكي "بيل كلنتون" سنة 1998، عشرات المرات وقوفاً، إن من صفق "لبيل كلنتون" يعجز عن تذوق دلالة ألفاظ "أردوغان".
تاسعاً: إن كبير السفراء الفلسطينيين هو رياض المالكي. وما أدراك ما رياض المالكي!.
عاشراً: ما لم يقله ناصر اللحام، وهو يبدي إعجابه بكلمه "أردوغان" الارتجالية: إن كثيراً من السفراء لا يقدرون على ارتجال حديث عن فلسطين بمثل ما ارتجل "أردوغان". فكيف يصفقون وقوفاً لمن أعجزهم في حب الأوطان، وأذاب فوق ثراها قداسة الأديان؟.