غاظنى جداً هذا التناول الإعلامى والصحفى سواء (الخاص أو القومى) لحادث قتل الشهيد (محمود خالد قطب – 21 عاماً) آخر شهداء ثورة 25 يناير الذى دهسته سيارة السفارة الأمريكية ذات اللوحات الدبلوماسية يوم 28 يناير الماضى أثناء المظاهرات ، ومصدر غيظى، واستغرابى هو تعمد هذه الصحف وتلك الفضائيات ، على تجهيل اسم الجهة صاحبة السيارة التى هى هنا السفارة الأمريكية كما يعلم الثوار وكل الشرفاء في الوطن ، وإصرار هذه الجهات الإعلامية المحترمة على نعتها بـ (السيارة الدبلوماسية) ، لقد تساوت في هذا الوصف ، (الصحافة) التى تنعت نفسها بالمستقلة ، بتلك التى تنتمى للنظام الحاكم الحالى والسابق ، الكل كأن على رأسه بطحة ، يخجل من أن يعلن بشرف وصراحة الجهة صاحبة (السيارة القاتلة) ، التى خلفت عشرات الشهداء والجرحى كان آخرهم (محمود خالد قطب) .. لقد غاظنى الأمر ، وانتظرت بضعة أيام لعل هذه الصحف وتلك الفضائيات المحترمة تراجع موقفها وتصحح خطأها إلا أنها لازالت سادرة فيه ، هنا دفعنى الأمر لمزيد من التأمل والتحليل ، وخرجت ببعض النتائج ، آمل من قارئى العزيز أن يقل لى رأيه فيها :
أولها : أنه ربما تكون هذه الوسائل الإعلامية ، ليس لديها بالفعل معلومات قاطعة ، تؤكد يقيناً أن السيارة تتبع السفارة الأمريكية ، ولذلك جَّهلت الجهة التى تنسب إليها ، ولكن .. يرد على هذه الحجة بالقول ، أن أسرة الشهيد وبعض ائتلافات الثورة ومنظمات حقوق الإنسان المحترمة - وليست الممولة أمريكياً - فضلاً عن محامى جرحى وشهداء هذه السيارة يعلمون جيداً أنها سيارة السفارة الأمريكية ، ولو أن هذه الصحف وتلك الفضائيات ، كانت تريد الحقيقة لسألت ولعلمت، ولكنها لم تفعل واكتفت – كلها وياللغرابة – على تلقى الخبر ونشره بنفس الصيغة، وكأن جهة واحدة هى التى أعدته وكتبته ثم سلمته للمحرر الذى بدوره سلمه لرئيس التحرير ، لينشره كما هو في حالة تجهيل كاملة لا تليق لا بصحفى محترم ولا بصحيفة أو فضائية محترمة ، تحترم قارئها أو مشاهدها ، وكأننا لازلنا في عهد الرئيس المخلوع الذى كان يخشى على مشاعر السفارة الأمريكية في القاهرة أكثر من خشيته من الله سبحانه وتعالى نفسه !! .
* إن ( الحقيقة ) هى ملك القارىء كما تعلمنا أدبيات العمل الصحفى ، وليس من حق وسيلة الاتصال أو الإعلام أن تغيرها ، وإلا عُد هذا تزييفاً ، وتدليساً على القارىء لا يجوز .
ثانياً : ولكن ترى لماذا كل هذه (الحنية) مع سفارة أثبتت عبر سفرائها ودولتها أنها ضد (الثورة) ، بل ضد أى ثورة حقيقية في المنطقة وأنها فقط مع الثورات المزيفة التى تستهدف تقسيم بلادها ونهب النفط أو فك الارتباط مع قوى المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين ؟!
ما هو السبب الذى يجعل بعض صحفيينا وفضائياتنا تتعامل مع هذه الواقعة الهامة للغاية ، واقعة دهش العشرات من أبناء الثورة بسيارة للسفارة الأمريكية برقة شديدة ، وحذر أشد ؟ هل هو التعامل وقنوات الاتصال غير المرئية لهذه السفارة مع نخبتنا الإعلامية والسياسية ، وحسابات الأخيرة وتوازناتها مع تلك السفارة المشبوهة ؟ هل هى أوامر أتت من (أولى الأمر) في بلادنا بألا تغضب مركز الـ C.I.A والـ F.B.I الموجودين في السفارة الأمريكية بالقاهرة (وأكرر الموجودين داخل السفارة الأمريكية يا صناع الرأى العام !) واللذان أشرفا مع السيدة / مارجريت سكوبى السفيرة السابقة على عمليات مقاومة ثورة يناير سواء بعمليات دهس المواطنين أو بتمويل أجهزة الأمن بقنابل ورصاص فاقد الصلاحية حيث يعود تاريخ انتاجه لعام 1987 ؟ أم ماذا ؟ .
ثالثاً : آخر ملاحظة نود ذكرها هنا ، هى دعوتنا لمن يؤيد بعض (ثورات) المنطقة التى تمولها وتدعمها إعلامياً وتسلحها واشنطن والغرب وبعض مشيخيات الخليج التى لا تخفى عمالتها له ؛ أن يتأمل حادث قتل الشهيد / محمود خالد قطب من خلال عملية دهس مقصودة من سفارة العدو الأمريكى بالقاهرة ، هذا هو يا سادة مصير كل من يسير خلف واشنطن ، ويصفق لثورات تصنعها – صناعة – هى والجزيرة ، فهل تقبلون به ؟ مبروك عليهم .