الأربعاء، 24 أغسطس 2011

ليبيا وما بعد الثورة




kolonagaza7

التجديد

نقل الإنجاز الليبي التاريخي المنطقة ومعها إلى مرحلة جديدة في مسلسل الحراك الديموقراطي العربي، وذلك بعد مخاض دام أشهرا ونمت أثنائه التوجسات من أن يتكسر هذا الحراك على صخرة الجنون الدموي لنظام القذافي ولاسيما بعد الحديث عن سياسات ابتزاز غربي مزدوج للثوار والنظام، إلا أن حالة الانهيار السريع والمفاجئ لهذا النظام في اليومين الماضيين، أعطت لمسلسل التحولات الديموقراطية ولادة جديدة، ينبغي الانتباه بعمق لدلالاتها وآثارها.لقد فشلت الوصفة الليبية في إيقاف هذا المسلسل وتضاعف الأمل في قدرة الشعوب على استعادة حقها في تقرير مصيرها، وسيكون لما حصل أثره الحاسم على بقية الشعوب المتعثرة في نضالها أو المترقبة لمآلات الثورات الجارية، كما سيفرض على من تبقى من طغاة وعلى رأسهم النظام السوري من أجل البحث عن سياسات أخرى تضمن لهم الخروج الآمن أو البقاء المشرف. قد يكون من الصعب استباق آثار الزلزال الليبي على المحيط المغاربي وخلفه المنطقة العربية ككل، إلا أن المؤكد اليوم أن هذا التحول يفتح الطريق لمسار مختلف في العلاقات المغاربية، محكوم بعوامل متعددة منها أولا :إرادة الشعب الليبي في التحرر وإرساء نظام ديموقراطي حديث، وثانيا ميزان القوى الدولي والإقليمي وحسابات حلف الأطلسي الذي يعتبر نفسه شريكا في التحول، ثم ثالثا تحديات بناء الدولة الليبية الحديثة على أنقاض النظام البائد، وضمن هذه التحديات تصفية مخلفات الماضي، والعلاقات بين المكونات الفاعلة في الساحة الليبية وعلى رأسها الإسلاميون والنظام القبلي، وتدبير الثورة النفطية، وصيانة وحدة ليبيا، وهي تحديات شكلت طيلة الأشهر الماضية محاور سجالات مؤثرة ومصدر مخاوف متنامية، وستفرض على النظام الوليد إعطاء الأولوية للداخل الليبي. عموم هذه العوامل، ستفضي إلى تراجع الدور الليبي السابق في تغذية التوترات الإقليمية وخاصة ذات العلاقة بقضية الصحراء المغربية، بفعل سياسات المحاور الإقليمية، وخاصة بعد أن عبرت قيادات من الثورة الليبية عن إدانتها لتورط عناصر محسوبة على جبهة البوليساريو في دعم نظام القذافي، مما سيحعل من رحيل القذافي خسارة معنوية وكبيرة لكل من الجزائر والبوليساريو.من الواضح أن محورا ديموقراطيا أخد يتشكل في المنطقة المغاربية والعربية، والمطلوب أن يختار المغرب التموقع الريادي في هذا المحور، إلا أن ذلك مشروط بإنجاز مسلسل التحول الديموقراطي، مستثمرا نجاحه في بناء العناصر الأولى من معادلة الاستقرار والإصلاح، والتي ما تزال تحديا ضاغطا بالنسبة للدول الأخرى، وكل إهدار لما تحقق منها سيمثل تضييعها لفرصة تاريخية واستثنائية في مرحلة تحول عميقة لا يمكن لأحد أن يوقف مسيرتها.
مصطفى الخلفي

مشاركة مميزة