الاثنين، 1 أغسطس 2011

إنذارات الأزمة الداخلية في إسرائيل .. بقلم : طلال عوكل



kolonagaza7

فلسطسننا

لا يزال البعض في الساحة السياسية الفلسطينية يردد بين الفينة والأخرى تقييماً مسبقاً لقرار التوجه إلى الأمم المتحدة، على أنه غير ذي جدوى أو أنه في أحسن الأحوال خطوة رمزية لا تقدم ولا تؤخر.يتمتع بعض هذا البعض بنبرة فوق ثورية، فهو إما أنه اختار موقع المناكفة السياسية مع القيادة التي اتخذت هذا القرار وتصر على التمسك به، أو أنه متجرد من كل معاني الثورة والثورية، ويرغب في توجيه رسائل تطمينية تؤكد التزام روح
البعض الآخر من هذا البعض لا يخفي توجهاته ومقاصده، ورؤيته المغرقة في السلمية، والتي تخشى الصراع، وهذا البعض صادق في توجهاته وغير معروف عند تطرفه أو مغالاته السياسية أو مزايداته على الآخرين. وإذا كان الرئيس محمود عباس معروفا بالتزامه العميق والصريح بخيار المفاوضات والسلام، وانه رغم ذلك، يصرّ على خيار الذهاب إلى الأمم المتحدة ولا يرى في ذلك ما يتناقض مع التزامه، فإن ما نتوقعه ممن هم على يساره سياسياً، هو أن يتشجعوا لهذا الخيار.فبصرف النظر عن النتائج المتوقعة، والصعوبات الهائلة التي تعترض السبيل إلى الأمم المتحدة، فإن هذا الخيار يشير إلى حالة صراع وليس إلى حالة استسلام أو تفريط أو مهادنة، وهذا الذي ينبغي على المعارضة، والقوى المتطرفة سياسياً أو حتى العقلانية أن تتبنّاه، وتدعمه على اعتبار أنه يستجيب لشعاراتها الداعية للتحول عن خيار المفاوضات.وببساطة شديدة، أيضاً، فإذا كان خيار الذهاب إلى الأمم المتحدة، يشكل قلقاً واستفزازاً وتحدياً للإدارتين الأميركية والإسرائيلية فإن هذا يفترض أن يشكل دافعاً للقوى التي تدعي أو تتبنى شعارات جذرية في مواجهة الاحتلال ومؤيديه، كي تدعم كل خيار يؤدي إلى تأجيج روح التحدي لهذه القوى الظالمة.على هذا كان من المفروض موضوعياً أن يشكل قرار وخيار الذهاب إلى الأمم المتحدة، أساساً قوياً لتقارب سياسي بين كافة أطراف وفصائل الأمم المتحدة، أساساً قوياً لتقارب سياسي بين كافة أطراف وفصائل العمل الوطني الفلسطيني، وأن يتوحد الجميع خلف هذا الخيار بما يعزز البيئة الإيجابية المطلوبة لتحقيق المصالحة الفلسطينية.إن تحقيق التقارب السياسي، والمصالحة الفلسطينية في هذه الآونة ينطوي على أهمية بالغة، لا تتصل فقط بضرورة توفير مقومات الصمود والتصدي للهجمة الأميركية الإسرائيلية وتوفير مناخات أفضل لإعادة بناء الوضع الفلسطيني فقط وإنما لتعميق قدرة الشعب الفلسطيني على خوض الصراع، واستثمار العوامل المستجدة في المنطقة.فعدا الوعود المتفائلة التي يطلقها ربيع الثورات العربية، التي يستعجل البعض خطأ أو جهلاً حصادها، فإن ما يجري في إسرائيل منذ أيام من الضروري أن يلفت نظر وانتباه الساسة الفلسطينيين.ربيع الثورات العربية، ينتقل على ما يبدو إلى إسرائيل، التي تتسع فيها دائرة الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة بسبب الارتفاع الفاحش لأسعار السكن والعقارات، وبسبب الغلاء وتدني المداخيل. لقد دخل على خط الاحتجاجات، أول من أمس، قطاع الأطباء والعاملين في الحقل الصحي، ومن المتوقع أن تتبعهم فئات اجتماعية ومهنية أخرى، لترفع في وجه الحكومة تحديات من طبيعة استراتيجية، ربما تؤدي إلى الإطاحة بالائتلاف الحاكم.أولى نتائج هذه الاحتجاجات كانت استقالة مدير عام وزارة المالية، وتراجع شعبية بنيامين نتنياهو، الذي ظل يعتقد أن التركيز على الأمن، وإثارة المخاوف من الفلسطينيين والجيران العرب، سيحميه من جملة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تتفاعل تحت سطح الأحداث منذ وقت.نتنياهو الحائر بين الرضوخ لمطالب المحتجين، وهو خيار مكلف جداً وباهظ الثمن، وبين العناد، تنتظره أزمة قد تؤدي إلى انهيار سوق العقارات، وما يتصل بها، أو انهيار شعبيته لصالح المعارضة التي ظلت تنتظر وتتحين الفرصة، للانقضاض على الحكومة، لكنها لم تنجح في استثمار تطرف نتنياهو السياسي إزاء موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين وذلك بسبب التواطؤ الأميركي معه.أوباما هو الآخر يواجه أزمة صعبة فهو فوق وبعد إخفاقاته المتكررة في موضوع السلام الفلسطيني الإسرائيلي وفي الحروب على أفغانستان والعراق، وبعد فشله في معالجة الأزمة الاقتصادية البنيوية في بلاده، يواجه أزمة رفض الجمهوريين وبعض الديمقراطيين لمقترحاته بشأن رفع سقف الدين الحكومي الذي يساوي تقريباً مجموع الإنتاج القومي الأميركي لمدة عام كامل. على أن هذين الضعيفين نتنياهو وحليفه أوباما، هما أشد خطراً، ذلك أنه من غير المستبعد أن يلجأ رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى إشعال حروب هرباً من أزماته الداخلية، ذلك لأنه ليس الأول الذي يفعلها فقد شنت إسرائيل حروباً كثيرة، كطريق لحل أزماتها الداخلية.يفترض هذا الوضع الناشئ من الفلسطينيين أن يبحثوا عن سبل قوتهم ووحدتهم لمجابهة كل الاحتمالات ولتقوية خياراتهم وقدرتهم على التحدي وخوض الصراع، فالأطراف المعادية تضعفها أزماتها الكبيرة، أما الفلسطينيون فيضعفهم انقسامهم.

مشاركة مميزة