الاثنين، 1 أغسطس 2011

وضع الجاليات المسلمة بعد تفجيرات أوسلو

kolonagaza7

عماد رسن
ثلاثة عمليات إرهابية منسوبة للجماعات الإسلامية في الدول الاسكندنافية. إثنان منهما بائت بالفشل, الأولى في ستوكهولم لتيمور عبد الوهاب والتي كادت أن توقع العشرات من الضحايا, والثانية في كوبنهاكن والتي كانت تستهدف جريدة يالاندز بوستين التي نشرت الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد وكان مخطط لها أن تكون على غرار عمليات بومباي في الهند, أما الثالثة فقد ضربت العاصمة النرويجية أوسلو مستهدفة مبان حكومية منها رئاسة الوزراء إظافة لإستهداف مخيم ضم شباب الحزبالجتماعي الديمقراطي النرويجي من رجل أ طلق النار بشكل عشوائي مخلفا ً عدد من الضحايا وهو متنكر بزي شرطة. كلما ضربت الجماعات الإسلامية ضربة أو تغزو غزوة, على حد تعبير تلك الجماعات, يناقش الإعلام وضع الجاليات المسلمة في تلك البلدان ويطرح فكرة التعايش وإمكانية إندماج المسلمين في المجتمعات الغربية.
أن أول من يتضرر من تلك الأعمال الإرهابية هي الجاليات المسلمة التي تعيش في الغرب وبالخصوص تلك التي تعيش في الدول الاسكندنافية لإنها على إحتكاك مباشر مع اللآخرين بإعتبارها جزء لايتجزء من تلك المجتمعات. إن الإعلام الغربي يصور مايقع من عمليات ارهابية على أنه, في جزئه الأكبر, هجمة ضد الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان الذي يتمتع بها المواطن الذي يعيش في تلك المجتمعات, أما في جزئه الأضغر فهو بسبب إشتراك تلك الدول في حملتها ضد الإرهاب في صف الولايات المتحدة. لقد أصبحت الجاليات المسلمة في تلك الدول شبح يهدد الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بسبب تلك الأعمال الإرهابية وبسبب تلك الصورة التي رسمها الإعلام الغربي عن الإسلام والمسلمين. لكن هذا الحقيقة لاتخلو من شيء من الصحة إذا ما فهمنا بأن قسم كبير من الجاليات المسلمة ترفض الإندماج في تلك المجتمعات لأسباب عديدة, منها إنها تعتبر الثقافة الغربية كتهديد للهوية الإسلامية التي يريدون المحافظة عليها, أو أن الثقافة الغربية ثقافة مسيحية وليس لها جذور في التراث الإسلامي. فهناك مناطق كاملة يعيش فيها المسلمون بشكل منعزل عن باقي المجتمع حيث بائع الخضار مسلم والطبيب مسلم وصاحب المطعم مسلم وكل مايحتاجه المسلم يجده عند مسلم يتحدث العربية. لاأقول إن تلك الفئة لاتستطيع الإندماج بل هي ترفض الإندماج جملة وتفصيلا ً.
ولكن, هناك الكثير أيضا ً من المسلمين من يريد الإندماج لكنه لم يستطع بسبب هويته الإسلامية التي تسبب له الحرج عند الطرف الآخر والذي يرفضه ويتعامل معه بشكل مختلف على ضوء تلك العمليات الإرهابية وإستغلال الإعلام لها في صالح الأطراف المتطرفة ومنها الاحزاب القومية واليمينية العنصرية في تلك البلدان. أن أكثر من يستفيد من تلك الأعمال هي الأطراف المتشددة والتي تشدد في قوانينها ضد المهاجرين في تلك البلدان. حتى أن تلك الأعمال الإرهابية تسد الطريق أمام المجموعات التي تنتهج طريق الإسلام المعتدل والتي تريد أن تتعايش بشكل إيجابي مع الآخرين بإعتبارها جزء لايتجزء من تلك المجتمعات. فقبل أكثر من سنة تقريبا ً أضرب عن العمل أكثر من الف سائق تكسي مسلم في العاصمة النرويجية أوسلو إحتجاجا ً على نشر الرسوم الكاريكيترية في صحيفة نرويجية في ظاهرة فريدة من نوعها. فهو إحتجاج سلمي منظم يعبر عن وعي كامل بشروط اللعبة الديمقراطية من خلال إستخدام ورقة الضغط الاقتصادية والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في بلد رأسمالي. لكن من لايفهم, أو لايريد أن يفهم, قواعد اللعبة يقوم بإعمال إرهابية تقتل الأبرياء العزل وتضر بصورة الإسلام والمسلمين في تلك البلاد قاطعا ً الطريق أمام المجموعات المعتدلة التي تريد أن تندمج وتتعايش مع الآخرين بشكل سلمي ومسالم.
أن وضع الجاليات المسلمة بالتأكيد سيكون أصعب من قبل من خلال إستغلال اليمين المتطرف لتلك الأعمال في صالحه للفوز بمقاعد أكبر في البرلمانات الغربية والتي ستسمح له بتمرير الكثير من القوانين التي تشدد على المهاجرين, كشروط منح الجنسية ولم الشمل العائلي. المشكلة هي أن الهجوم الذي ضرب العاصمة النرويجية وجزيرة اوتويا كان موجها لأكثر الجهات تعاطفا ً مع المهاجرين والمسلمين حين أطلق النار شرطي مزيف على مجموعة شباب الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي يقود الحكومة في أوسلو. يبدو أن الجماعات المتطرفة لايهمها وضع المسلمين في تلك البلدان حين تختار أهدافها وبالخصوص حين تصيب الأبرياء الذين لاناقة لهم ولاجمل بما يحدث, أو حين تستهدف التيارات الوسطية والمعتدله والتي بدأ أنصارها بالإتجاه نحو اليمين حسب إستطلاعات الرأي في بلدان كثيرة كالسويد والدنمارك.
يبقى السؤال المهم والذي لايمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال وهو: لمصلحة من يقوم هؤلاء الارهابيون بإستهداف الأبرياء وهم آمنون في بيوتهم وشوارعهم وأعمالهم. لمصحة من هذا الترويع ويعلم هؤلاء بأن الجاليات المسلمة في وضع لايحسد عليه, حتى أن الكثير من المتشددين يعيشون على بركات هذه البلدان كلاجئين تحميهم من شرور أوطانهم التي لم تسعهم ففرو منها كالملا كيركار والذي رفضت السلطات النرويجية إعادته للعراق على إعتبار أن العراق يشكل تهديدا ً على حياة الملا المتشدد. هل هذا الإسلام الذي تريدون أن تقدموه لبلدان إستضافتكم, وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!!! مالكم كيف تحكمون.

مشاركة مميزة