الاثنين، 29 أغسطس 2011

حصيلة رمضان السوري



kolonagaza7

غالب قنديل

أثبتت أحداث الأسبوع الأخير من شهر رمضان حالة الإفلاس التي تعيشها المعارضات السورية في الخارج والارتباك الذي تعيشه المعارضة في الداخل ، في ظل اتضاح أن جماعة الأخوان المسلمين وتيار التكفير مصممان على أخذ التطورات في سياق عسكري وأمني من خلال العمليات الإرهابية التي نفذت في أكثر من مكان ، واستهدفت مواقع أمنية وعسكرية وتضمنت نصب الكمائن ومهاجمة المقرات وعمليات خطف لرجال الأمن ولجنود الجيش وللعديد من المواطنين في أكثر من محافظة.أولا: تكرس بصورة مباشرة انحسار الاحتجاجات على الرغم من التحايل الفاضح لرسم صورة افتراضية معاكسة عبر مواقع الانترنت والقنوات الفضائية المشاركة في شبكة التحريض والترويج الموجهة إلى سورية وعنها.لم تفلح جميع النداءات على امتداد شهر رمضان في ترجمة تهديد المعارضات بتحويل كل يوم من رمضان إلى يوم جمعة وعلى امتداد أيام الصوم قامت محاولات حثيثة ظلت أبرزها أيام الجمعة التي لم يتمكن فيها المعارضون من تنفيذ أي حشد يعتد به في أي من المدن السورية بينما هربت وسائلهم الإعلامية إلى التعميم فحين يجمعون العشرات في قرية نائية من محافظة يستخدمون اسم المحافظة في الإعلان عن التحرك بينما واصلوا عملية التدوير والتزوير في تداول الأشرطة والتسجيلات المفبركة لتوليد الانطباع باستمرار زخم الاحتجاجات.لقد نزل باراك أوباما ورؤساء الاتحاد الأوروبي ودول الخليج وتركيا معا في الميدان ، ولم يفلحوا في آخر يومي جمعة من رمضان برفع أعداد المشاركين في الاحتجاجات ، الذين لم يتخطوا الآلاف في مجموعهم على الأرض السورية ، وعلى الرغم من مفاخرة متحدثي المعارضة بما يسمونه سقوط حاجز الخوف ، ليصبح الاستنتاج انه في ظل سقوط ذلك الحاجز بات تقلص المشاركة في التحركات بعد صلاة الجمعة ، مؤشرا غلى اقتناع الشعب السوري بغالبيته الساحقة والموصوفة بعدم جدوى هذا النوع من التحركات وبسقوط مصداقية المعارضة بتشكيلاتها الرئيسية ، وهو محق في ذلك إلى حد بعيد، فعلى الأقل يعترف كثير من المعارضين بأن معارضة الخارج والداخل بدت منقسمة مشتتة وبدون برنامج، و فشلت جميع المحاولات لتنظيمها و تجميعها ، بينما الأصح أيضا أن المعارضات السورية بدت خائفة من الحوار ومن الحل السياسي ، فهربت إلى المقاطعة والسلبية ، و انفضح ارتماؤها في أحضان الغرب الاستعماري واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة وأوروبا أمام الرأي العام السوري المميز بحسه الوطني وبوعيه القومي.ثانيا: التدخلات الأجنبية تبطن غايات واضحة ومحددة تقوم على النيل من الاستقلال الوطني لسورية وإذا كان البعض قد اعتبر ما حصل في ليبيا حافزا لبعض المعارضة السورية لرفع صوتها في تبني طلب التدخلات الاستعمارية، فإن التجربة الليبية الدامية نفسها ، ستقدم ما يثبت العكس ، خصوصا بعدما بدأت الشهية الاستعمارية على النهب والهيمنة تثير في أذهان المواطنين السوريين مقارنات عفوية بين التجربتين الليبية والعراقية وقد عايشوا مأساة أخوتهم العراقيين عن قرب ، وتعرفوا إلى النتائج الكارثية لمنطق الرهان على الاحتلال الأجنبي.سورية التي يعتز شعبها بعروبته وبرفضه للهيمنة الاستعمارية يمثل الرئيس بشار الأسد رمزها الذي جمع في مواقفه بين رسائل المقاومة والقوة والتمسك بالمشروع الإصلاحي الذي يحقق مضمون الشراكة الوطنية والشعبية في خيار المقاومة.ثالثا: يتمزق معارضو الخارج ويتفرقون تجمعات مشتتة تستمد قوتها من أموال الحكومات الراعية ومن دعم المخابرات الحاضنة والممتدة من الولايات المتحدة حتى إسرائيل مرورا بتركيا وقطر والسعودية ودول الاتحاد الأوروبي، أما معارضة الداخل فتبدو خائفة مترددة تحت ضغط الابتزاز والاتهام بالتخوين ، بعدما باتت القوانين الإصلاحية قيد التنفيذ وبات الانخراط في العملية السياسية أمرا ميسورا عبر تأسيس الأحزاب الجديدة وفقا للقانون و مباشرة التحضير للمشاركة في الانتخابات المحلية والنيابية القادمة والتحرك للإفادة من قانون الإعلام الجديد في إطلاق منابر إعلامية وطنية متعددة ، وكذلك في تلبية دعوة الحوار المستمرة بشأن الملف الدستوري في عملية الإصلاح والذي أعطاه الرئيس الأسد صفة المراجعة الشاملة للدستور المفتوحة على تعديله او استبداله بدستور جديد.رابعا: المسار الجديد الذي تسلكه سورية بعد تمكن الجيش من إنهاء بؤر التمرد والإرهاب الأساسية في البلاد سيشهد المزيد من ترسيخ الاستقرار ، لكن الضغوط الخارجية التي تصاعدت مؤخرا تهدف إلى تعويض هزيمة خطة التخريب في فصلها السابق ، بينما باشرت بعض الجماعات الانتقال إلى العمل الإرهابي الذي قد يتخذ شكل اغتيالات وتفجيرات في أكثر من منطقة خلال الأسابيع المقبلة خصوصا بعد الحسم المرتقب لآخر مساحة يسعى مخطط التخريب لاستثمارها في إشعال الفتنة الطائفة من محافظة حمص.الحل السياسي الذي أطلقه الرئيس الأسد سوف يترسخ و سورية مقبلة في الأشهر القليلة القادمة ، على مرحلة جديدة بنتيجة التحولات التي يحدثها إقرار قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام والإدارة المحلية عبر تثبيت التعدد السياسي وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية في آليات صنع القرار، لكن استهداف سورية لن يقف عند حد طالما أن إسرائيل تعتبر هذا البلد محور كتلة المقاومة وسر قوتها ، و بالتالي فهي لن تكف مع الولايات المتحدة وحلفائهما الغربيين و الإقليميين و العرب ، عن محاولة تسديد الضربات وإثارة القلاقل .قد تظهر مفاجآت كثيرة في الأشهر القادمة ، أقلها انتفاضة فلسطينية ، و بعضها فصل جديد من أزمة الانهيارات المالية لدول الغرب الاستعماري وعلى رأسها الولايات المتحدة ، وثمة احتمالات نوعية سينتجها خروج سورية المقاومة أقوى وأشد صلابة بعد انتصارها شعبا و قيادة على خطة التخريب.

الأحد 28-08-2011


مشاركة مميزة