الخميس، 25 أغسطس 2011

الثورات العربية , أسباب مبررة ونتائج مدمرة

kolonagaza7

بقلم : جمال قبها
لا شك في أن الأسباب التي أدت لظاهرة الثورات العربية هي أسباب مبررة حسب المنطق , لكن وبحسب الواقع سيكون لنا شرح مختلف في سياق هذا المقال .
وكما أعلن زعماء الثورات العربية من مناضلي الفيس بوك فأن أهم الأسباب التي أدت لقيام تلك الثورات هي :-
1- الأنظمة التي تحكمها أنظمة عميلة .
2- الفقر والجوع وتردي الأوضاع الإقتصادية .
3 - الحريات والقمع والديمقراطية .
4- الفساد المستشري في تلك الأنظمة .
ومن هنا دعونا ننطلق في سماء تلك الثورات لنرى حقيقتها والنتائج التي حققتها تلك الثورات لبلدانها وشعوبها .
إن من أهم النتائج التي حصلت عليه الثورات العربية تكمن في التالي :-
1- الدعم الغربي لتلك الثورات جعل من تلك الثورات ثورات عميلة وبإمتياز , وذلك حسب المعطيات التي أدت لتلك الثورات , فالثورات العربية إنقلبت على أنظمتها بحجة العمالة , لكننا نرى أن جميع تلك الثورات قد إحتضنتها دول إستعمارية هدفها الأوحد السيطرة على الدول العربية والأسلامية بأي شكل من الأشكال .
2- إزدياد حالة الفقر والبطالة وتردي الأوضاع الإقتصادية , وتراكم الديون التي لا تحتمل على البلدان التي نجحت فيها الثورة .
3- الثورات العربية مارست ديكتاتورية مظلمة بحق الطرف الأخر وهي التي قامت بالثورة من أجل الحرية والديمقراطية !!! لكن ما شهدناه أن تلك الثورات تحدثت بلسان واحد ووضعت مطالبها على الطاولة ورفضت مشاركة الطرف المعارض لها بأي شكل من الأشكال , بالإضافة إلى أن تلك الثورات قمعت معارضيها بشكل دموي , وهو السبب التي كانت تتبجح به لإسقاط أنظمتها .
4- الفساد كان أحد أبرز الأوجه لتلك الثورات , فغالبية رموز الثورة "الجياع" أصبحوا أكثر ثراءاً من الفاسدين الذين سقطوا, وبزمن قياسي جداً فاق كل الفاسدين .
5- إنعدام الأمن والأمان في تلك البلدان بحيث أصبحت الجريمة المنظمة تأخذ شكل الثورة وتعفى من العقاب بمبررات ثورية , وهذا بحد ذاته من أبشع أشكال الفساد الذي يعرض حياة المواطن للخطر وعدم الشعور بالأمن والأمان وكله تحت مسمى الثورة .
6- غالبية الثورات التي نجحت لم تعدل على سياستها الخارجية وتحديداً مع العدو الصهيوني والأنظمة الإستعمارية , بل وباشرت التعاون مع تلك الأنظمة الإستعمارية بصورة أكثر إنفتاحاً عمن سبقها , فعلى سبيل المثال فالحكم العسكري في مصر والذي قادها بعد سقوط مبارك أبقى على كافة الإتفاقيات المبرمة مع العدو الصهيوني وبقي الغاز يتدفق لتل أبيب وباسعار رمزية , بالإضافة إلى بقاء إتفاقيات كامب ديفد على حالها , وبقاء الشعب الفلسطيني الذبيح يذبح كل يوم على سمع وبصر المجلس العسكري في مصر والذي لم يحرك ساكناً كنظام مبارك بالشكل والمضمون .
ودعونا نسوق لكم أهم الأسباب التي أدت إلى نجاح الثورات وسقوط الأنظمة :-
1- تعامل الأنظمة والتي كان الثوار يطلقون عليها "الأنظمة العميلة" بأقل وسائل القمع , وإعطاء الثوار مساحة من الحرية للتعبير عن مطالبهم , والتي إستغلتها الثورة بصورة دموية حين أخذت مظاهراتهم تأخذ منحنى دموي من خلال الإشتباك المتعمد مع أجهزة الأمن وهذا ما أدى لسقوط ضحايا من الطرفين , لكن الثوار بالغوا في الخسائر بدعم من قناة الجزيرة والتي سنأتي على ذكرها لاحقاً .
2- دعم عناصر الثورة من قبل أنظمة خارجية فمنهم من تلقى الدعم الأمريكي ومنهم الفرنسي ومنهم البريطاني ومنهم الإيراني ومنهم الصهيوني , بحيث أصبحت الثورة كوكتيل أنظمة وتحمل كل النكهات بإستثناء نكهات شعوبها .
3- قناة الجزيرة : والتي لعبت دوراً صهيونياً بإمتياز في خلق الفتن والتركيز على خسائر بشرية على يد الأنظمة وهي خسائر لم تكن حقيقية , بالإضافة إلى لعب دور الناطق الإعلامي لتلك الثورات , مما أتاح لها فرصة فرض افكارها المستمدة من الشريك الصهيوني على واقع تلك الثورات , وتأجيج وتأزيم الموقف بمبالغتها المتعمدة بما يجري على الأرض , وإستثارة الشعوب بأساليب صهيونية رخيصة مما أدى لمزيد من الإحتقان ومزيداً من الدم الذي سال في شوارع المدن العربية وبتوقيع مشترك بين الصهاينة وقناة الجزيرة التي لم تذكر يوماً أن أمير قطر لا يجرؤ على الإقتراب من قاعدة العديد المقامة على أراضيه , كما لم تذكر العلاقة الوطيدة بين النظام القطري والصهيوني , كما لم تذكر يوماً الإنقلاب الذي قاده إبن عاق على والده , كما ولم تذكر يوماً الفساد الإقتصادي والإجتماعي المستشري في قطر, حتى وصل بالقطريات لتقبيل شمعون بيريز الذي زار قطر وتجول بأسواقها بصحبة القطريات اللواتي تهافتن لمصافحته حيناً وتقبيله حيناً أخر , مما يعكس عروبة ذلك النظام القائم في الدويلة المسخ "قطر".
وفي الختام دعونا نستعرض أوضاع البلدان التي حدثت فيها تلك الثورات :
العراق : وهي الحالة الأولى لقلب نظام الحكم وإن لم يكن بثورة شعبية إلا أنه أخذ نفس شكل الثورات العربية ونفس نتائجها , فالعراق الأن من أكثر البلدان العربية فقراً نظراً لفاتورة الحرب الهائلة التي سيدفعها العراق للمحتل الأمريكي لمدة عقودة من الزمن والتي تقدر بالاف المليارات من الدولارات, بالإضافة إلى أن المحتل الأمريكي إرتكب مجازر وجرائم لم يرتكبها نظام صدام حسين برغم سيئاته, فقد بلغت الخسائر البشرية في العراق ما يقارب 2 مليون قتيل , لكن القادم على الدبابة الأمريكية لا يستطيع أن يعترض أو يبدي رأياً فيما يرتكب بحق شعبه وبلاده من جرائم وهتك أعراض الحرائر , وفقدان حرية التعبير وغياب الديمقراطية .
تونس : وهي أولى الثورات التي أطلق عليها الثورات السلمية فقد خسرت ما يقارب 150 قتيل وهي اقل الخسائر البشرية مقارنة مع الثورات الأخرى , كما وخسرت ما يقارب من 6 مليارات دولار , بالإضافة لخسارة الأمن والأمان بالنسبة للمواطنين , وفقدان حرية التعبير وغياب الديمقراطية .
مصر : 623 قتيل بالإضافة إلى 11 الف جريح وخسائر اقتصادية تقدر بـ 413 مليار جنيه مصري , بالإضافة لعدم شعور المواطن المصري بالأمن والأمان حتى اللحظة , وفقدان حرية التعبير وغياب الديمقراطية .
ليبيا : أكثر من 20 الف قتيل و112 الف جريح وخسائر مادية تقدر بـ 640 مليار دولار حتى تاريخ 14/7/2011 بالإضافة إلى فقدان الأمن والأمان الإجتماعي ناهيك عن تردي الأوضاع المعيشية لليبيين , وفقدان حرية التعبير وغياب الديمقراطية .
الخلاصة :
إن كافة هذه الثورات وإن كانت مبررة في أسبابها إلا أن نتائجها كانت أكثر قساوة من الأنظمة التي كانت تحكمها في السابق , بالإضافة إلى أن من جنى أرباح تلك الثورات هي الدول الإستعمارية بالإضافة إلى رموز الثورة أنفسهم , بينما الشعوب تراجعت أوضاعها الإقتصادية , وفقدت الأمن والأمان , وفقدت حريتها في ظل ديكتاتورية تلك الثورات .
وفي الختام نحن لم ولن نكون مع أي نظام ظالم أينما وجد , لكننا نقول "حرامي شبعان , خير من حرامي جوعان" ونظام من دمنا ولحمنا يحكمنا ويظلمنا خير الف مره من نظام غربي يحكمنا ليقتلنا .

مشاركة مميزة